سلطة عباس تتهم حماس بـ"التخابر".. وناشطون: ماذا عن التعاون مع الاحتلال؟

هاجمت الرئاسة الفلسطينية اتصالات حركة حماس مع "جهات أجنبية"
في مشهد يعكس تناقضا صارخا، تتهم السلطة الفلسطينية حركة المقاومة الإسلامية حماس بالتخابر مع جهات أجنبية بسبب لقاءات أجرتها مع مبعوث أميركي بشأن الأسرى، بينما تغضّ الطرف عن تنسيقها وتعاونها المستمر مع الاحتلال الإسرائيلي.
هذا الاتهام أثار موجة واسعة من الاستنكار؛ إذ استعاد ناشطون مشاهد من الماضي القريب، حيث استخدمت الأنظمة المستبدة ذات التهمة لتصفية خصومها السياسيين، كما حدث مع الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.
فهل أصبح الحوار لمصلحة الشعب الفلسطيني وإنهاء العدوان عليه والإفراج عن أسراه “خيانة”، بينما التنسيق مع الاحتلال والتعاون معه وتسليمه المقاومين "مصلحة وطنية"؟
وهاجمت الرئاسة الفلسطينية في 11 مارس/آذار اتصالات حركة حماس مع "جهات أجنبية وإجراء مفاوضات دون تفويض وطني"، وذلك بعد أيام من لقاءات قادة الحركة مع آدم بولر مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الأسرى.
وكان بولر التقى مسؤولين كبارا من حماس في العاصمة القطرية الدوحة “دون علم إسرائيل”؛ لإجراء مباحثات حول إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة وبينهم 5 أميركيين.
وأوضح المتحدث باسم "حماس" عبد اللطيف القانوع، في بيان، أن المفاوضات التي جرت مع الوسطاء المصريين والقطريين وبولر ارتكزت على إنهاء حرب الإبادة الجماعية والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وعملية إعادة الإعمار.
وفي أعقاب الاتهامات الموجهة لحماس، انتقد القيادي في الحركة عبد الرحمن شديد دور السلطة الفلسطينية وتنسيقها مع الاحتلال، وطالبها بـ"التوقف الفوري" عن سياسات التنسيق وملاحقة المواطنين في الضفة الغربية.
وقال في كلمة مصورة: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول تنفيذ مخططاته في الضم والتهجير، بينما "تواصل أجهزة السلطة التنسيق الأمني". لافتا إلى أنها قتلت 20 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في "سلوك غير وطني".
وذكر ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس" و"فيسبوك"، بالمحاكمات الهزلية التي تعرض لها محمد مرسي عقب الانقلاب عليه والإطاحة به في يوليو/تموز 2013 بنفس التهمة المختلقة، وكان منها التخابر مع حماس ومع قطر.
وصبَّ ناشطون جام غضبهم على السلطة ورئيسها محمود عباس، واتهموها بالسير على ذات النهج الذي يسير عليه النظام المصري في الخلاص من خصومه، باستحضار شماعة يتذرع بها لتقديمهم لمحاكمات قضائية.
تهمة مرسي
ورصدا لأوجه التشابه بين النظام المصري والسلطة الفلسطينية، قال جمال البسيوني: "تشابهت قلوبهم.. يبدو أنهم إخوة في الرضاعة.. ارتضعوا عفنا وقذرا.. ففي مصر كانت تهمة التخابر مع حماس يتحاكم بها الدكتور محمد مرسي.. وهي تهمة تدعو إلى الضحك باشمئزاز وقرف".
وأضاف معلقا على اتهام الرئاسة الفلسطينية لحماس بالتخابر مع جهات أجنبية: "من واقع ناس بلغ بهم الانحطاط والإفلاس مبلغا شديدا.. ولديهم من الوقاحة والسماجة ما يجعلهم يستمرون في هذه السفالات والاشتغالات الواطية والحقيرة".
وتساءل البسيوني: “لماذا لا نسمع في أميركا عن أحد يتهم الرئيس الأميركي بالتخابر مع حماس .. علما بأنها مصنفة عندهم بأنها منظمة إرهابية؟!!”
واستنكر لخضر رزاق بعرة، اتهام سلطة أبو مازن (محمود عباس) لحماس بالتخابر مع جهات أجنبية بسبب لقاءاتها مع مسؤولين أميركيين، متعجبا من أن عرّابي التنسيق الأمني يتّهمون الشرفاء بالتخابر.
وتساءل: أليست هذه نفس السلطة التي لا تتوقف عن التنسيق الأمني مع الاحتلال لملاحقة الم جاه دين واعتقالهم وتصفيتهم؟
وأردف: “أليست هي من تفتح أبوابها لذات المسؤولين الأميركيين الذين يرعون الكيان الصهيوني؟”
وذكر محمد طايبي أن تهمة مرسي، الرئيس الشرعي لمصر، المغتال (توفي في محبسه) من طرف رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، كانت التخابر مع حماس.
وأردف: “اليوم العميل الفاسد محمود عباس يتهم حماس بالتخابر مع جهات أجنبية”. وأضاف: "التنسيق المصري واضح جدا مع الشركاء لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا وبيعها!!".
فيما رأت المغردة بيان، أن التهمة التي وجهتها الرئاسة الفلسطينية لحماس، إثبات أن من نصح السيسي بإلصاق تهمة التخابر للرئيس الشهيد مرسي هو عباس.
تهكم وسخرية
وفي تهكم وسخرية من بيان الرئاسة، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، خليل العناني: "امنعوا الضحك.. خبر جاد وليس هزليا".
وسخر المحلل السياسي أحمد مازن، قائلا: "عندنا في فلسطين التخابر والتنسيق الأمني الوحيد المسموح به هو مع الاحتلال، غير هذا يعد جريمة في القانون الفلسطيني.. الله يا زمن وصلنا لليوم يلي نشوف فيه السلطة توزع صكوكا وطنية واتهامات بالتخابر هنا وهناك!".
وقال عمر حجازي: "التخابر هذه أين سمعتها قبل ذلك.. رحم الله الشهيد البطل محمد مرسي".
واستنكر السياسي فايز أبو شمالة، أن الرئاسة تتواصل مع المخابرات الإسرائيلية، وتقدم لهم المعلومات الأمنية عن المقاومين، وتبوس أقدام أميركا، وتصلي ركعتين تودد في محراب ترامب، وحين تواصلت أميركا مع حماس صارت خيانة وعيبا وعارا وعملا غير قانوني ومخزيا.
وقال: "أخزاكم الله من قيادة فقدت عرق الحياء بعد أن خلعت سروالها الوطني".
وكتب المحلل السياسي ياسر الزعاترة: "ألا لعنة الله على قانون يجرّم التفاوض مع رُعاة العدو (يقصد الأميركان)، ولا يجرّم "التنسيق الأمني" مع العدو ذاته، فضلا عن مطاردة المقاومين، بل حتى قتلهم، كما حصل مع الشهيد عبد الرحمن أبو المنى الليلة الماضية.
وأضاف: "هؤلاء القوم عارٌ على شعبنا العظيم الذي عرفهم حق المعرفة، وإن لم يتمكّن من معالجة كوارثهم بسبب ظروف موضوعية، هُم أكثر من يعرفها.. شاهت الوجوه".
تحليلات وتفسيرات
وفي تحليل لموقف السلطة وتذكيرها بسجلها الإجرامي وخيانتها وعمالتها للاحتلال، ذكر خبير الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات مراد علي، بأن الرئاسة الفلسطينية لم تُبْدِ أي اعتراض على استقبال حركة حماس للوفود المختلفة في غزة منذ عام 2006.
وأشار إلى أن الرئاسة الفلسطينية لم تُبدِ تحفظًا على اتصالات الحركة مع الدول والرؤساء حول العالم، بل لم تعترض حتى على مفاوضات حماس (غير المباشرة) مع إسرائيل طوال السنوات الماضية.
وتابع: "لكن بمجرد أن بدأت حماس في التواصل مع الولايات المتحدة، انزعجت الرئاسة الفلسطينية واتهمتها بالتخابر".
وأوضح علي أن السبب الحقيقي لانزعاجها هو أن تؤدي هذه الاتصالات، على المدى المتوسط أو البعيد، إلى تحقيق حماس تفاهمات مع الولايات المتحدة، مما قد يشكّل تهديدا للمناصب والمكاسب التي يتمتع بها محمود عباس ومَن يحيطون به.
وأكد أن أعضاء الرئاسة يرون في حماس خطرا على مصالحهم الشخصية ونفوذهم السياسي، وليس بالضرورة خطرا على القضية الفلسطينية.
ورصد ماهر عبدالرحمن جرائم السلطة، ومنها الذهاب إلى أوسلو دون تفويض شعبي ولا فصائلي، والاعتراف بدولة الاحتلال الصهيوني، مقابل أن ينالوا منها الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.
وكذلك التنازل عن 78 بالمئة من أرض فلسطين، والدخول في مفاوضات عبثية لـ35 سنة؛ دون أي نتيجة.
وتساءل أحد المغردين: “إذا كان القانون الفلسطيني يجرّم التخابر مع جهات أجنبية، فهل ينطبق ذلك على التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي يضر بالمقاومة الفلسطينية ويُستخدم أحيانا لاستهداف النشطاء والمقاومين؟”
وواصل التساؤل: “من الأولى بالمحاسبة؟ من يبحث عن دعم سياسي لقضية شعبه؟ أم من يتعاون مع المحتل ضد أبناء شعبه؟”
التنسيق الأمني
وتعجب الطبيب المصري يحيى غنيم من أن "في دولة الخلافة العباسية: اتصالات حماس مع جهات أجنبية -أميركا- دون تفويض وطني تشتيت للموقف الفلسطيني، وتتعارض مع أحكام القانون الذي يجرم التخابر مع جهات أجنبية!".
وأضاف: "أما التنسيق الأمني مع المحتل، ومطاردة المقاومين المطلوبين للاحتلال وقتلهم، ومحاصرة المخيمات تمهيدا لعمليات الاحتلال، وتسول اللقاء مع المحتل، ورفض أي مبادرة لتوحيد الصف الوطني الفلسطيني؛ فهو من الأعمال البطولية لدولة الخلافة العباسية!".
ووصف غنيم محمود عباس بأنه "وقحٌ لا يستحيي"، مشيرا إلى أنه يقف عريانا بغير لباس يوارى سوءته!.
واستنكر صدام البدري، أن يتحدث من قضى عمره متخابرا مع الاحتلال، وسلم رقاب المقاومين له، عن "التخابر مع جهات أجنبية"!.
وقال: "لقد حوّل السلطة إلى مقاول أمني لدى العدو، ومنع رصاصة من أن تُطلق إلا بإذن التنسيق الأمني، صار اليوم وصيًا على الوطنية؟ أنتم آخر من يتكلم عن القانون، لأن وجودكم نفسه خيانة مكتملة الأركان!".
واستهزأ أبو أحمد سمور، بالسلطة الفلسطينية قائلا: "التخابر مع الاحتلال والتنسيق الأمني ضد الشعب والمقاومة؛ حلال على فتحية وأولادها.. أما المفاوضات مع أميركا لعقد صفقة وقف الحرب، تخابر وخروج عن الصف الوطني.. مش عارف شو نوع العصير إلي بتشربوه".
وكتب علي حمدادو: "عندما تبلغ الخيانة مداها تختلط المفاهيم على الخائن حتى تتحول الرذيلة عنده إلى فضيلة.. عباس يعمل حركي عند الكيان وجاي يدرس لنا على التخابر! لو كنت عندنا في زمن جبهة التحرير الوطني أيام الثورة المباركة لما أبقى الرجال لك أثرا".
وعرض الصبحي مزيد، مقطع فيديو لعباس، يعلن فيه رغبته في التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن هذه السلطة التي أساس وجودها التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني وملاحقة الشباب الفلسطيني قتلا واعتقالا وترهيبا.