الإمارات تدعم اقتحام الجنجويد للفاشر.. وسودانيون: دويلة الشر شريكة في الحرب

الإمارات تستغل "العمل الإغاثي" في السودان متخفية تحت راية الهلال الأحمر
للأسبوع الثاني على التوالي، تشهد مدينة الفاشر في إقليم دارفور غربي السودان التي تعد آخر معقل للجيش في الإقليم، حرب شوارع شرسة، نتيجة اقتحامها من قبل قوات الدعم السريع.
وجاء اقتحام الدعم السريع المعروفة سابقا باسم “الجنجويد” عقب حصار المدينة لعدة أشهر، ونشوب مواجهات مع الجيش، ما أسفر عن وقوع قتلى ومصابين.
وأعلنت شبكة أطباء السودان في 21 سبتمبر/أيلول 2024، أن المعارك أسفرت عن مقتل 11 شخصا على الأقل بينهم 3 أطفال، وإصابة 17 آخرين، بينهم 5 نساء بجروح متفاوتة.
وحذرت من أن استمرار الاشتباكات وارتفاع وتيرة الهجمات على المدينة المأهولة بالسكان قد يؤدي إلى كارثة إنسانية حتمية.
وأفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بسقوط 13 شخصا من المدنيين بينهم نساء، إثر قصف سوق المدينة من قبل الدعم السريع؛ حيث سقطت قذيفة أمام دكاكين مدرسة الفاشر الأهلية.
وبدوره، قال الجيش السوداني إن قواته، بالتعاون مع القوة المشتركة من الفصائل المسلحة ومجموعات مدنية أخرى تقاتل إلى جانبها، صدت هجوما لمليشيات الدعم السريع الإرهابية، ما أدى إلى مقتل المئات منهم بينهم قياديان، وتدمير آليات ومعدات عسكرية.
فيما قال والي إقليم دارفور ميني أركو ميناوي الذي يقود "حركة تحرير الجيش السوداني" ويقاتل إلى جانب القوات النظامية، إن الفاشر تدافع عن الحياة والعرض والأرض من دنس مليشيا الدقلو المتمردة، في إشارة إلى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
ومدينة الفاشر "فاشر السلطان" هي عاصمة ولاية شمال دارفور، تقع غربي السودان وتبلغ مساحتها حوالي 24 ألف كيلومتر مربع، وتتميز بتنوعها الجغرافي والعرقي.
وتضم قبائل من أصول إفريقية وعربية، ومرَّت بها بعض أشهر السلطنات في التاريخ، واشتهرت تاريخيا بدورها في كسوة الكعبة المشرفة.
وتنقسم إلى 4 وحدات إدارية، هي الفاشر وريفي الفاشر ودار السلام وكروما، وتتنوع جغرافيتها بين أراضٍ صحراوية وشبه صحراوية وبها تلال منخفضة وكُثْبان رملية.
ويعتمد سكانها في اقتصادهم على زراعة حبوب الدخن والفول والسمسم، وتجارة المحاصيل الزراعية والمواشي ورعي الأغنام والأبقار والإبل.
وتٌقدر الأمم المتحدة عدد سكانها بحوالي 1.5 مليون نسمة، بينهم 800 ألف نازح من باقي مدن ولاية شمال دارفور بسبب النزاع المسلح الدائر في الإقليم منذ 2003، بحسب تصريحات نائب منسق الشؤون الإنسانية في السودان توبي هاروارد في مايو/أيار 2024.
دور إماراتي
وجاء الاقتحام تزامنا مع تقرير تحليلي أميركي بصحيفة نيويورك تايمز، خلص إلى أن الإمارات تستغل "العمل الإغاثي" في السودان متخفية تحت راية الهلال الأحمر، لتهريب الأسلحة ونشر الطائرات بدون طيار لصالح الدعم السريع، التي تحارب الجيش وترتكب الفظائع في البلاد.
وأوضح التقرير أن الإمارات تعمل على تعزيز دورها كقوة إقليمية وتلعب لعبة مزدوجة مميتة في السودان، البلد الذي مزقته واحدة من أكثر الحروب الأهلية كارثية في العالم.
كما توسع حملتها السرية لدعم المنتصر في السودان، وفي الوقت نفسه تقدم نفسها كبطل للسلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية.
وأشار التقرير إلى أن الإماراتيين يعملون على تضخيم حملتهم السرية؛ حيث يتم إطلاق طائرات بدون طيار صينية الصنع، وهي الأكبر من نوعها على الإطلاق في حرب السودان، من مطار عبر الحدود في تشاد وسعته الإمارات إلى مطار عسكري مجهز تجهيزا جيدا.
ونقل عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الإماراتيين يستخدمون المطار الآن لتسيير طائرات عسكرية بدون طيار متقدمة لتزويد قوات الدعم السريع بمعلومات استخباراتية عن ساحة المعركة، ومرافقة شحنات الأسلحة إلى المقاتلين في السودان لمراقبة الكمائن.
ومن خلال تحليل صور الأقمار الاصطناعية، كشفت نيويورك تايمز في تقريرها التحليلي عن مخبأ ذخيرة واضح في المطار ومحطة تحكم أرضية لطائرة "وينغ لونغ" الصينية بجانب المدرج، على بُعد حوالي 750 ياردة فقط من مستشفى تديره الإمارات والذي عالج مقاتلي قوات الدعم السريع الجرحى.
وأوضحت أنه جرى أخيرا رصد الطائرات بدون طيار التي يتم توجيهها عن بُعد من الأراضي الإماراتية وهي تنفذ دوريات في السماء فوق مدينة الفاشر السودانية المحاصرة؛ حيث يتضور الناس جوعا وتحاصرهم قوات الدعم السريع.
وكان البيت الأبيض قد دعا في 15 سبتمبر/أيلول 2024، قوات الدعم السريع في السودان إلى وقف فوري لهجماتها على مدينة الفاشر.
وأوضح أنّ حصارها المستمر منذ أشهر "تصاعد أخيرا ويهدد حياة مئات آلاف السودانيين"، وأن هجماتها على مخيمات النازحين والمستشفيات هناك "مروعة".
وندد ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي إكس وفيسبوك، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الفاشر، #الدعم_السريع، #الجيش_السوداني #الفاشر_مقبرة_الجنجويد وغيرها، بالتدخل الإماراتي الدموي في الحرب.
واستنكروا إصرار الدعم السريع على شن هجمات شرسة على الفاشر وتجدد الاشتباكات بوتيرة عنيفة في مختلف محاور المدينة، معربين عن سعادتهم بتصدي القوات المشتركة والجيش السوداني للجنجويد وتكبيده خسائر فادحة على الأصعدة كافة.
حفاوة وإشادة
واحتفى ناشطون بما أعلنه الناطق باسم القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح، بشأن النجاح في إلحاق هزيمة ساحقة بالمليشيات الإرهابية وطرد بقاياها خارج المدينة، وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، والقضاء على المئات من جنود المليشيا.
وعرض الصحفي أحمد البلال الطيب، تفاصيل البيان الذي اختتم بالتأكيد على جاهزية القوات لأي محاولة جديدة من قبل العدو، واعتزام دحرهم وتطهير أرض السودان من هذه المليشيا.
وقال الناشط ياسين أحمد: "انتهت معركة الفاشر والنتيجة هلاك عدد كبير من المرتزقة".
وعرض الناشط ياسر مصطفى، قائمة بأسماء قيادات الجنجويد القتلى في الفاشر على سبيل المثال لا الحصر، متسائلا: “عن أي انتصارات يتحدثون؟”
وقال مكاوي الملك، إن الفاشر مقبرة الجنجويد، فيما لفت عبدالرحمن حامد، إلى أن شوارع الفاشر مليئة بجثث عناصر المليشيا.
ثبات وانتصار
وعن وضع القوة المشتركة والجيش داخل الفاشر، أوضحت المغردة سلمى، أن معنوياتهم تعانق السماء صباح اليوم، لافتة إلى أن هدوءا تاما عمَّ المدينة ولا يوجد أي معارك في 22 سبتمبر.
وأشاد الشريف محمد سوداني، بالثبات الأسطوري للقوات المشتركة بمعارك الفاشر صبيحة اليوم، لافتة إلى أن مصادر عسكرية ميدانية قالت إنه خلال يومين فقط فقدت المليشيا أهم أركانها بالفاشر وهذا يشير إلي ضعف مخططي العمليات العسكرية للمليشيا بوضوح.
ولفت المغرد مصطفى، إلى أن القوات المسلحة بالفرقة السادسة مشاه والمشتركة والقوات المساندة لها بميدان الكرامة يسجلون انتصارات كبيرة على المليشيا في المحور الجنوبي والجنوبي الشرقي وتتقدم في كل المحاور وتدحر المتمردين.
صمود الفاشر
وإشادة بصمود الفاشر وأهلها واتحادهم وعزيمتهم على دحر مليشيا الجنجويد، قال عبدالعزيز إبراهيم عضو الحركة الوطنية للبناء والتنمية -ولاية البحر الأحمر، إن الدفاع عن المدينة هو في جوهره دفاع عن شكل الدولة السودانية.
وأضاف أن شكل الدولة الحالي هو السبب الأول والأعمق لما نعيشه من تحديات منذ 15 أبريل، مؤكدا أن الفاشر عَصِيّة بدعوات الصادقين، وموجودة في حاضنة الوطن بجنود المخلصين الذين كذبوا ادعاءات المرتعشين أصحاب مقولة "ما من مدينة محاصرة تصمد".
وأكدت عزيزة مصطفى، أن الفاشر صامدة صمود الجبال وتصد هجوم الجنجويد من أربعة محاور وترسل معظم المهاجمين إلى السماء ذات البروج، قائلة إن القيادة الفاسدة والضعيفة تهدر انتصارات الجنود في الميدان، وذلك بالسماح للمنظمات لإدخال التشوين للمليشيا عبر شندي.
وأكد المغرد ياسر، أن جميع مكونات شعب الفاشر والفارين من باقي ولايات دارفور حينما اتحدت ضد الجنجويد وحملوا السلاح وقالوا إن المدينة مقبرة الجنجويد كانوا يعرفون سلوك المليشيات وتعامله تجاه الأطفال والنساء منذ 2003.
وأشار أحد المغردين إلى أن عناصر الدعم السريع سيحاولون مرارا وتكرارا إسقاط الفاشر التي لن تسقط أبدا، مؤكدا أن الجنجويد إلى الزوال وفي نهايته ما لم تتدخل تلك الأيدي ألتي عملت على إطالة عمر الحرب وسحبت القوات من الجزيرة وسنجة وغرب كردفان.
الإمارات شريكة
وتداول ناشطون تقرير صحيفة نيويورك تايمز حول دور الإمارات في دعم قوات الدعم السريع، مستنكرين رفض الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، وفرنسا التي لا تزال لها دور حاسم في سياسة تشاد، إدانة هذا التواطؤ في الجرائم ضد الإنسانية، في نفاق وازدواجية مروّعة.
وقال بسيوني كامل بسيوني، إن هذا التحقيق الذي نشرته الصحيفة الأميركية الأشهر يوضح أن الإمارات لم تكتف بإرسال السلاح الي مليشيا الجنجويد الإرهابية في السودان فحسب.
بل تعدّت ذلك إلى إرسال مسيّرات من الأراضي التشادية يتم التحكم بها أيضا من الإمارات لمراقبة شحنات الأسلحة أثناء نقلها للسودان وأيضا لمراقبة ميدان المعركة والتجسس على تحركات الجيش السوداني؛ حيث بينت الصحيفة أن الإمارات استخدمتها لمراقبة الفاشر من السماء.
ورأى أن هذا التقرير يضع الإمارات كشريك مباشر في الحرب وليس مجرد ممول لمليشيا الجنجويد، مؤكدا أنها صارت شريكا عسكريا مباشرا في الحرب ضد السودان وشعبه، وتشن حربا معلنة على السودانيين.
ورأى إدريس محمد، أن نيويورك تايمز فضحت الدور المزدوج الذي تنفذه دولة الإمارات في حرب السودان، إذ مازالت ترسل شحنات السلاح والطائرات بدون طيار إلى مليشيا الدعم السريع عبر تشاد، بينما تقدم نفسها كبطل للسلام وتدعي حرصها على أرواح السودانيين من خلال تحالف جنيف.
وقال: "إذا كانت واشنطن جادة في وقف الحرب بالسودان، فعليها أن تأمر أبو ظبي برفع يدها عن التمرد، لا أن تتحالف معها في كيان استفزازي يحمل لافتة (إنقاذ حياة السودانيين)!!".
وطالب جهاد حسين الهندي، القوى السياسية التي وصفها بـ"الجبانة" التي تعلق على أبسط الأمور أن “تسمعنا صوتها حول أخطر تقرير جاءت به نيويورك تايمز”.
وقال إن التقرير “يشرح بوضوح طبيعة الأسلحة وأنواعها المقدمة من الإمارات وبشهادة مسؤولين أميركيين ومشاركة أكثر من 200 ألف مرتزق من دول الجوار والطائرات بدون طيار التي تقوم بتوجيه الجنود نحو الفاشر ويتم إطلاقها من منصات بمطار أم جرس”.
واستنكرت سونا عمر، أن رئيس الإمارات محمد بن زايد الذي وصفته بحاكم دويلة الشر مازال يروج لادعاءاته الكاذبة بأن دعمه المليشيا هو من أجل أبعاد الإسلام السياسي من المشهد.