أحمد علي عبدالله صالح.. لهذه الأسباب تخلت الإمارات عنه وتسعى حاليا لإعادته

فهد سلطان | منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بالتنسيق مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والإمارات، طالب العميد أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس اليمني السابق، برفع اسمه من قائمة العقوبات الدولية التي مضى عليها أكثر من تسع سنوات.

وفي رسالة موجهة إلى لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن، نشرها في 15 مايو/ أيار 2024، انتقد "صالح" (51 عاما) ما وصفه بتحيز المجتمع الدولي ضده، وعدم إنصافه عبر إعادة النظر في قرار العقوبات الظالم بحقه المفروض في عام 2014.

وقال، في الرسالة إنه "يتلقى رسائل العتاب واللوم لأنه جنح إلى الخيار السلمي منذ اللحظة الأولى لنشوب الأزمة اليمنية، برغم وجود العديد من الفرص والمبررات التي أتاحت له خيار استخدام القوة والعنف لحسم الوضع، مع امتلاكه كل عناصر القوة والتأييد السياسي والشعبي والمبرر الأخلاقي في حينه".

ونجحت ثورة 11 فبراير/ شباط 2011 في اليمن في القضاء على أحلام التوريث التي كانت تلازم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي كان اتخذ عددا من الخطوات الممهدة لتوريث الحكم لنجله أحمد، أهمها تعيينه قائدا للحرس الجمهوري في عام 2004.

وفي عام 2013، عُيّن سفيرا لليمن لدى الإمارات التي يقيم فيها حتى الآن، واستمر في منصب السفير حتى 2015.

وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على الرئيس صالح ونجله أحمد واثنين من كبار القادة العسكريين للحوثيين، بتهمة تهديد السلام والاستقرار في اليمن، تشمل وضعهم في قائمة المنع من السفر، وتجميد أصولهم. 

وبقدر ما تمنع العقوبات الدولية أي نشاط سياسي للمشمولين بالقرار، فهي أيضا تضع حجرا على ثروة طائلة لعائلة "صالح" تقدر بأكثر من 60 مليار دولار، نهبت من أموال اليمنيين خلال ثلاثة عقود من البقاء في السلطة، وفق مراقبين.  

قرار العقوبات

بعد شهر ونصف من الانقلاب على السلطة من قبل مليشيا الحوثي، فرض مجلس الأمن الدولي في 7 نوفمبر 2014 عقوبات دولية على الرئيس المخلوع "صالح"، واثنين من قيادة مليشيا الحوثي، هم "عبدالخالق الحوثي" و"أبو علي الحاكم" في قرار عرُف بـ(2216). 

وبعد ستة أشهر فقط من القرار الأول، أي في 14 أبريل/ نيسان 2015، أدرج مجلس الأمن الدولي العميد "أحمد علي عبدالله صالح" نجل الرئيس المخلوع وقائد الحرس الجمهوري، على قوائم الحظر والعقوبات كملحق بالقرار السابق (2216) لعام 2014.  

ومع انطلاق عاصفة الحزم (بقيادة السعودية والإمارات) في 26 مارس/ آذار 2015، أي بعد 18 يوما من قرار مجلس الأمن، فرضت أبوظبي الإقامة الجبرية على "أحمد علي"، رغم تسريبات عن زيارات خاطفة قام بها لكل من السعودية وسلطنة عُمان. 

برر مجلس الأمن الدولي إدراج "أحمد علي" على قائمة العقوبات لقيامه بأعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن، وذلك عبر نسف سلطة الرئيس هادي، وإفشال محاولاته الرامية إلى إصلاح الجيش، وعرقلة انتقال اليمن السلمي. 

وحسب حيثيات القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة،  قام قائد الحرس الجمهوري "أحمد علي" في منتصف فبراير/ شباط 2013، بتوزيع الآلاف من البنادق الجديدة (أسلحة الكلاشنكوف وأسلحة أميركية) على ألوية الحرس الجمهوري، وشيوخ قبائل لم تحدد هويتهم.

كما يتهم ناشطون ومنظمات كتائب من الحرس الجمهوري، بالتورط في جرائم قتل بحق المتظاهرين السلميين في ثورة فبراير/شباط 2011، إضافة إلى تسليم قيادة وسلاح وأفراد الحرس الجمهوري لمليشيا الحوثي في انقلاب 2014م، ساعدها ذلك في السيطرة على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية. 

مشروع التوريث

بدأ النظام السياسي في اليمن يتجه نحو توريث السلطة منذ العام 2004، ضمن ظاهرة وجدت في عدد من دول الوطن العربي، فقد بدأ صالح بتهيئة الأجواء فعليا من أجل تأهيل نجله الأكبر "أحمد" ليكون رئيسا مستقبليا للبلاد. 

لكن الأوضاع السياسية المتسارعة لم تسر كما كان يشتهي، فقد أطاحت الثورة الشبابية السلمية عام 2011، بذلك الحلم وعصفت بكل الترتيبات التي كانت قد قطعت أشواطا كبيرة داخليا وخارجيا، وحولت الحلم إلى كابوس. 

ورغم تنحي والده شكليا عن السلطة فقد بقي "أحمد علي" في منصبه كقائد لقوات الحرس الجمهوري كبرى التشكيلات العسكرية في البلاد والتابعة فعليا للنظام السابق، ينتظر أي فرصة للعودة إلى قيادة البلاد، حتى جاء قرار الإقالة من الرئيس هادي له في أبريل/ نيسان 2013م ليطوي ملفه من الجيش نهائيا.

مع خروج نائب الرئيس الأسبق "علي سالم البيض" من المعادلة السياسية بعد حرب الانفصال عام 1994م، لم يستطع العودة للحياة السياسية رغم كل ما قيل عن إمكانية عودته وبخاصة في ذروة نشاط الحراك الجنوبي الذي انطلق 2007م. 

وقبل ذلك كان الرئيس "علي ناصر محمد" قد خرج بعد أحداث 86م من اليمن الجنوبي مؤقتا إلى الشمال رغبة في العودة بعد أن تستقر البلاد، ثم خرج من الحياة السياسية بعد نفيه إلى دمشق، رغم محاولات الحراك الجنوبي ومناصريه المؤيدة لعودته للبلاد. 

يتكرر الأمر ذاته مع "أحمد علي" في هذه الأثناء، وحتى على افتراض أنه لا يزال يحلم بالعودة إلى السلطة كما يرى البعض، لكن الإمارات قد احتالت على هذا الحلم وجندت بدلا عنه ابن عمه العميد "طارق" الذي يحظى بدعم لا محدود منها ليكون الوريث القادم لتركة "صالح".  

أحمد علي وطارق

مع مقتل "صالح" في ديسمبر/ كانون أول 2017، نشأ تنافس بدأ ينمو ببطء بين "أحمد علي" وابن عمه "طارق" على مجموعة من القضايا أبرزها وراثة حزب المؤتمر، وملف الأموال المجمدة في الخارج وفي الإمارات على وجه خاص. 

ورغم ذلك فقد بقيت مواقف "أحمد علي" ضبابية خلال السنوات الماضية، فلم يحدد موقفا واضحا من الشرعية، أو من طموحه المستقبلي تجاه البلاد، أو من مليشيا الحوثي المتورطة في قتل والده، على النقيض من ذلك بالنسبة للعميد "طارق" الذي كان موقفه واضحا فتحول إلى رمز وبطل في نظر قواعد المؤتمر ومحبي "صالح". 

ورغم جهود "طارق" التي فشلت في العمل من داخل حزب المؤتمر بسبب وضع "أحمد علي" خاصة بعد تأسيس المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، فقد عمد على تأسيس مكتب سياسي مستقل، استقطب فيه أكثر كوادر المؤتمر مقدما دعما سخيا في ذلك. 

العلاقة مع الإمارات 

المتتبع لعلاقة الإمارات بالرئيس المخلوع "علي عبدالله صالح" أثناء فترة حكمة يجد أنها كانت غامضة، لكن تسليم ميناء عدن للإمارات في 2008، مثّل أحد مظاهر تلك العلاقة التي برزت إلى السطح، خاصة مع الكشف عن تفاصيل تلك الاتفاقية سبتمبر/ أيلول 2012. 

وتعززت تلك العلاقة أكثر بعد أحداث 2011، فقد عمد صالح لنقل جزء من أمواله إلى أبوظبي، وبرزت أكثر مع موجة الثورات المضادة، لكن الإمارات ومع انطلاق عاصفة الحزم 2015، انحنت قليلا لضغوط السعودية لوضع "أحمد علي" تحت الإقامة الجبرية. 

وضغطت الإمارات على الرئيس هادي قبل إصدار قرار الإقالة 2013، من الحرس الجمهوري، بتعيينه سفيرا لليمن في أبوظبي، وهي الخطوة التي تم بموجبها نقل أسرة الرئيس المخلوع "صالح" وكل مقتنياتهم الشخصية، غير أن شخصية "أحمد علي" لم تكن لتلامس الطموح الإماراتي الكبير للعب دور مستقبلي في اليمن. 

بحسب الناشط أكرم الصعدي، فإن برود الإمارات خلال السنوات الماضية في ملف "رفع العقوبات" عن "أحمد علي" رغم أنها من دول الرباعية الممسكة بالملف اليمن، مرتبط ذلك بالدور الذي يقوم به "طارق" في الساحل الغربي بدرجة أساسية. 

ويقول الصعدي لـ"الاستقلال" إن الإمارات لا تريد لـ "أحمد علي" أن يلعب أي دور سياسي بعد أن غرست طارق مكانه وبنت له دويلة في الساحل الغربي، يؤدي دورا جيدا بالنسبة لها بعكس "أحمد علي" الذي كانت حياته في الظل. 

وحول مستقبل "أحمد علي" السياسي فيما لو رفعت العقوبات، يرى الصعدي أن المصالح الإماراتية نمت في اليمن خلال سنوات الحرب سيكون من الصعب السماح بعودة أحمد علي صالح للحياة السياسية أو حتى السماح باستثمار أموال العائلة الضخمة والتحكم والسبب أن البديل في طارق.

دور قادم

من جانبه، يرى الصحفي عبدالباسط الشاجع، أن الحملة الإعلامية التي يقودها تيار "أحمد علي"، عبر حزب المؤتمر المتشظي، للمطالبة برفع العقوبات عنه تحمل دلالات كثيرة أبرزها التوقيت. 

وأشار الشاجع إلى أن هناك بُعدين لهذه الحملة، الأول: محاولة استثمار المتغيرات التي تشهدها الساحة اليمنية، بعد توقف العمليات العسكرية، والحديث عن تسوية سياسية قادمة يجرى التحضير لها من قبل السعودية. 

والثاني: حسب الشاجع فأن الرجل مازال يحلم بلعب دور سياسي في المرحلة القادمة ويتكئ على إرث والده الذي بعثرته الحرب فيه، بالإضافة إلى رئاسته لحزب المؤتمر جناح صنعاء وعلاقاته مع قيادات الحزب في الرياض والقاهرة.