حسين طائب.. استخباراتي إيراني تسلم "ملف العراق" من قائد فيلق القدس

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بوصول رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني حسين طائب، إلى العاصمة بغداد، شنت المليشيات الشيعية هجوما غير مسبوق على الوجود الأميركي في العراق، بقصف قاعدة "عين الأسد" غربي البلاد بنحو 30 صاروخا، وتفجير طائرة مسيرة في المنطقة الخضراء ببغداد.

"طائب" زار العراق بشكل غير معلن في 6 يوليو/تموز 2021، والتقى بقادة المليشيات والسياسيين الموالين لإيران، إضافة إلى عقده "اجتماعا سريا" مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الذي لم يصدر عنه أي تفاصيل رسمية، سوى ما سربته تقارير إعلامية.

دور جديد

زيارة طائب إلى العراق هي الأولى منذ تأسيس "الحرس الثوري الإيراني" عام 1979، الأمر الذي يشير إلى تسلمه دورا جديدا بالمنطقة، لا سيما بعد لقائه المسؤول الأول في العراق وبحثه ملف الانسحاب الأميركي، على عكس ما جرت عليه العادة، إذ كان يتولى ذلك قائد فيلق القدس، إسماعيل قاآني.

ونقل تقرير صحفي في 7 يوليو/ تموز 2021 عن مصدر مقرب من رئيس الحكومة العراقية (لم يسمه)، أن "الكاظمي أوصل رسالة لطائب بشأن دور الفصائل المسلحة المقربة من طهران، وما تقوم به من عمليات استهداف للبعثات الدبلوماسية وقوات التحالف الدولي في العراق".

وأشار المصدر نقلا عن الكاظمي قوله: إن "ما يحدث من عمليات قصف واستهداف، يؤثر على مجرى المفاوضات الأميركية الإيرانية، ويؤثر على جدول انسحاب القوات الأميركية من العراق".

وتابع: أن "رئيس الحكومة العراقية أبلغ رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني بضرورة التوقف عن عمليات القصف إذا ما كانت بتنسيق بين الحرس وهذه الفصائل، كما قال له: إن هذه العمليات هي عمليات إرهابية وليست مقاومة".

ووفقا للمصدر، فإن "طائب أبلغ الكاظمي بأن عمليات القصف التي تجري لا علاقة لها بالحرس الثوري والفصائل التي تنسق معه".

وحسب قوله، فإن "رئيس استخبارات الحرس الثوري، أكد للكاظمي أن طهران ليست مع هذا التصعيد، وتعتقد أنه سيكون سببا في ذهاب المفاوضات بين طهران وواشنطن إلى طريق مسدود".

لكن تقريرا آخر في 8 يوليو/تموز 2021، كشف أن لقاء طائب بالكاظمي جرى خارج مقر إقامة الأخير داخل المنطقة الخضراء، إذ طلب الأول مقابلة الكاظمي خارج "الخضراء" لأسباب أمنية بحتة، ولكن لم يجر الإفصاح عن مقر الاجتماع.

وجرى الاجتماع بحضور رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، ورئيس منظمة بدر، هادي العامري، إضافة إلى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، وجميعهم مقربون من إيران، حسبما أفاد به التقرير.

وكان الاجتماع في مجمله يدور حول إخراج القوات الأميركية من العراق، ومحاولة الضغط على الكاظمي لطلب انسحاب الأميركيين، وضرورة استقرار الأمور في العراق وإجراء انتخابات برلمانية.

ونقل التقرير عن مصدر استخباراتي إيراني، رافق طائب خلال اجتماعه مع الكاظمي، قائلا "أبلغ طائب، الكاظمي، بأنه مسؤول عن إخراج القوات الأميركية من العراق، ويجب عليه الضغط على واشنطن لسحب قواتها من العراق بصفته رئيس الحكومة".

"قاتل القساوسة"

طائب المولود عام 1963 في طهران، تتهمه المعارضة الإيرانية، بأنه مصمم خطط القتل ومؤامرات المافيا في نظام ولاية "الفقيه"، وكذلك هو صاحب خطط قتل القساوسة المسيحيين وانفجار مرقد "الإمام الرضا".

وقالت منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: إن طائب هو مفبرك ملف قتل القساوسة عام 1988، إذ يقف وراء مقتل القس هائيك هوسبيان مهر، والقس مهدي ديباج، والأسقف ميكائيليان، وبعد ذلك إطلاق سيناريو، تلفزيوني وهمي لاتهام "مجاهدي خلق".

وذكرت المنظمة أنه في 26 أغسطس/ آب 2016، اعترف مهدي، نجل الملا خزعلي، والذي تولى مسؤوليات عدة لسنوات طويلة في النظام الإيراني، بأن قتل القساوسة المسيحيين، جرى تصميمه وتنفيذه على يد وزارة المخابرات التابعة للنظام.

ونقلت المنظمة في 23 يناير/كانون الثاني 2019، تصريحا عن مساعد وزير الداخلية الإيراني الأسبق، مصطفى تاج زادة، قال فيه إن "دائرة جهاز المخابرات يقف وراء تنفيذ السيناريوهات القذرة من قتل القساوسة وتفجير مرقد الإمام الرضا".

طائب كان قائدا سابقا لقوات "البسيج" (قوات شعبية شبه عسكرية)، وكذلك نائب وزير المخابرات في الحرس الثوري، منذ عام 2009، وحتى عام 2019، تمت ترقيته من نائب وزير المخابرات إلى رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري.

بالتزامن مع تشكيل جهاز المخابرات، تم تشكيل جهاز استخباراتي آخر في الحرس الثوري الإيراني أطلق عليه "نائب المخابرات الإستراتيجية" برئاسة العميد الركن حسن مهاغي.

لكن مع تعيين حسين سلامي في منصب القائد العام للحرس الثوري الإيراني عام 2019، جرى دمج منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني ونائب وزير المخابرات الإستراتيجية، وجرى تعيين طائب كرئيس للمخابرات في الحرس الثوري.

قامع الاحتجاجات

طائب أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس حي شهريور بالعاصمة، وتلقى دورات دراسية في المدارس الدينية في طهران وقم، وقد حضر دورات خارج الفقه ومبادئ الآيات العظيمة لجواد التبريزي وفاضل لنكراني والمرشد الأعلى للثورة علي خامنئي.

طائب حمل صفة "حجة الإسلام والمسلمين" (درجة علمية عند الشيعة)، والتحق بالحرس الثوري عام 1982 وبدأ نشاطه في الحرس الثوري للحي العاشر بطهران، وفي حرس محافظتي قم وخراسان رضوي، كما شغل لبعض الوقت منصب نائب منسق بيت القادة.

وبعدها تولى ولأكثر من ثلاث سنوات منصب نائب وزير الثقافة في هيئة الأركان المشتركة للحرس الثوري، وقائد كلية الثقافة بجامعة الإمام الحسين.

كما شغل طائب منصب قائد حماية المعلومات في الحرس الثوري الإيراني ونائب وزير مكافحة التجسس في عهد علي فلاحيان.

ورد ذكره كأحد مسؤولي جهاز المخابرات الموازي وكان أحد المرشحين لمنصب وزارة المخابرات في الحكومة العاشرة.

تعرض أداء قوات "البسيج" التي كانت تحت قيادة طائب، خلال الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية عام 2009 لانتقادات واسعة النطاق.

واتهمه السياسي مهدي كروبي بإخراج أغنية موسوي على قناة (RFE/RL)، وكذلك استخدم قريبة له تدعى تارانه موسوي لنفي أنباء مقتل فتاة تحمل نفس الاسم أثناء الاحتجاجات.

في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2010، فرضت وزارة الخزانة الأميركية أيضا عقوبات على طائب لارتكابه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وكذلك أيضا، لن يكون لمواطني الولايات المتحدة الحق في التعامل معه.

وبحسب بيان صادر أيضا عن الاتحاد الأوروبي، فقد شاركت القوات بقيادة طائب في "ضرب" و"قتل" و"اعتقال" و"تعذيب" للمتظاهرين خلال الحملة الرئاسية لعام 2009.

وقال بيان لوزارة الخزانة الأميركية إن "طائب يشغل حاليا منصب نائب رئيس الأركان للمخابرات". بصفته "قائدا لقوات البسيج شبه العسكرية أثناء الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009، حيث شاركت القوات الخاضعة لقيادته في عمليات الضرب والقتل والاعتقال التعسفي وسجن المتظاهرين الذين كانوا يحتجون سلميا".