حازم الببلاوي.. رئيس حكومة "المذبحة" يتنصل به السيسي من دماء المصريين

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث".. وصف حقوقي لمجزرة "رابعة"، التي تكشف عن كيفية تحول الأكاديمي والسياسي المصري حازم الببلاوي، إلى قاتل محترف، لآلاف المصريين، أو على الأقل آمر بالقتل، أو مقنن لجريمة الفض.

ونكأ رئيس الوزراء المصري الأسبق حازم الببلاوي الجراح، عندما أعلن مسؤوليته الكاملة عن مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، الذي سقط فيهما أكثر من ألف إنسان بحسب التقارير الحقوقية الصادرة عن ذلك اليوم العصيب في التاريخ المصري. 

الببلاوي، قال نصا في حديثه مع صحيفة الأهرام المصرية "حكومية" 25 يونيو/ حزيران 2021، مبررا جريمة فض اعتصام أنصار الرئيس المصري الراحل محمد مرسي منتصف العام 2013: "لم يكن أمامي خيار آخر". 

وتم وضع الببلاوي، ضمن الرؤوس المدبرة والمخططة لتنفيذ مذبحة رابعة، وهو من ضمن المستهدفين بالملاحقات القضائية على الصعيد الدولي بتهم التعذيب والقتل الجماعي الممنهج. 

ويمتلك الببلاوي، مسيرة طويلة في الحياة السياسية المصرية، تولى خلالها العديد من المناصب الأكاديمية، والإدارية، في عهود مختلفة، إلى أن اختتمها برئاسة الوزراء عام 2013،  بعد الانقلاب العسكري، وشارك مع قادة الجيش في تصفية عدد كبير من المعارضين المدنيين. 

مسيرة الببلاوي 

حازم عبد العزيز الببلاوي، ولد يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1937، ودرس القانون في جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1957، ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي من الجامعة نفسها، واستمر فيها حتى حصل على دبلوم الدراسات العليا للقانون العام. 

ترك القاهرة وسافر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه، وهناك التحق بجامعة "غرونوبل" الفرنسية، حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا، ما أهله للالتحاق عام 1964 بجامعة "بانتيون سوربون"، ليحوز درجة الدكتوراه في الاقتصاد. 

في عام 1965، رجع الببلاوي إلى مصر، وبدأ حياته المهنية محاضرا في جامعة الإسكندرية، ومدرسا للاقتصاد في العديد من الجامعات الحكومية حتى عام 1980،.

جرت إعارته كاقتصادي مصري، في أول صندوق عربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

وشغل منصب مستشار وزير المالية الكويتي، ومدير إدارة البحوث الاقتصادية لوزارة المالية الكويتية.

ترأس الببلاوي، أيضا الوحدة الاقتصادية في "مركز الدراسات الإستراتيجية" بمؤسسة الأهرام الحكومية، وعمل أستاذا زائرا عام 1979 في جامعة كاليفورنيا، بـ"لوس أنجلوس" في أميركا. 

الرجل العسكري

إثر ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، ودخول مصر في مرحلة انتقالية صعبة، تولى زمامها المجلس العسكري، ظهر الوجه الآخر لحازم الببلاوي، إذ تلاشى سمة الأكاديمي، وبرز كسياسي متمرس، عندما أصبح عضوا مؤسسا للحزب "الديمقراطي الاشتراكي".

المجلس العسكري، بقيادة المشير طنطاوي (آنذاك)، عين الببلاوي، بمنصب نائب رئيس الوزراء عصام شرف، للشؤون الاقتصادية، ووزيرا للمالية في نفس الوزارة، في 17 يوليو/ تموز 2011، خلفا للوزير سمير رضوان.

لكن بعد 4 أشهر استقال الببلاوي، احتجاجا على "مجزرة ماسبيرو" التي راح ضحيتها عشرات الأقباط على يد قوات المجلس الأعلى للقوات المسلحة. 

اللحظة الفارقة في مسيرة الاقتصادي المصري حازم الببلاوي العريضة (85 سنة)، جاءت مع الانقلاب العسكري على النظام المنتخب للرئيس الراحل محمد مرسي وحكومته يوم 3 يوليو/ تموز 2013.

الببلاوي، كان في طليعة المؤيدين والمشاركين للجنرالات، والذين وافقوا قائد الانقلاب وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي، إطاحته بالشرعية الشعبية، وإسقاط الحكم القائم. 

ومع إصدار الإعلان الدستوري، وكان بمثابة خارطة حكم المرحلة الأولى للانقلاب، والتي وضع الجيش على رأسها المستشار عدلي منصور كرئيس مؤقت، جرى تعيين الببلاوي يوم 9 يوليو/ تموز 2013، كرئيس للوزراء بالإنابة. 

 

الوجه الدموي

في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري، ظهر الوجه الدموي للساسة المتحكمين في مسار الدولة، لا سيما رئيس الوزراء حازم الببلاوي.

وهو ما ظهر في 31 يوليو/ تموز 2013، مع تفويضه بصفته الرسمية، وزير الداخلية بإعداد الخطط اللازمة لفض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة"، بشرق وغرب القاهرة، مهددا حياة عشرات الآلاف من المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال. 

وفي 30 يوليو/ تموز 2013، وقبل فض الاعتصام بأيام معدودة، منح الرئيس المؤقت عدلي منصور، لرئيس الوزراء حازم الببلاوي، صلاحيات أمنية واسعة، فوضه بموجبها ببعض الاختصاصات المسندة للرئيس في قانون الطوارئ.

بمقتضى هذا التفويض، تمتع الببلاوي بحق إصدار أوامر لقوات الأمن والقوات المسلحة ومنح سلطة تنفيذ هذه الأوامر لضباط القوات المسلحة (الضبطية القضائية).

اعتبر حينها أن هذه الصلاحيات بمثابة نذير خطر ومقدمة لحملة تستهدف اعتصام أنصار الرئيس مرسي، وأنها بداية لسيل بحر من دماء المدنيين. 

14 أغسطس/ آب 2013، يوم لن يمحى من ذاكرة المصريين والذي بدأت أحداثه الدموية مع إصدار مجلس الوزراء برئاسة الببلاوي قرار فض اعتصامي مؤيدي الرئيس محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة، باستخدام القوة المفرطة.

الفض الدموي أسفر عن كثير من القتلى المدنيين، ما أثار حملة انتقادات دولية وحقوقية واسعة، وصدمة بأرجاء العالم.

اتبع الببلاوي، فض الاعتصامات بفرض حظر للتجول في القاهرة والعديد من المحافظات، إثر أعمال الاحتجاج التي اندلعت عقب الفض الدموي، ما أسفر عن سقوط مزيد من الضحايا المدنيين.

حكومته، أقرت كذلك قانون التظاهر المثير للجدل في 24 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، والذي ألزم منظمي أي مظاهرة بإخطار الشرطة قبل ثلاثة أيام من موعد انطلاقها، ويسمح لقوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه لمواجهة أي مسيرة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2013، صنفت حكومة الببلاوي جماعة الإخوان المسلمين التي حكم حزبها "الحرية والعدالة"، مصر لمدة عام (2012- 2013) بأنها "تنظيم إرهابي".

ذلك بعد اعتقال معظم قادتها، وتصفية عدد كبير من أبنائها في فض الاعتصامات، وفي عمليات القتل خارج نطاق القانون التي مارستها الأجهزة الأمنية خلال تلك الفترة.

ملاحقته دوليا

في 12 أغسطس/ آب 2014، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، تقريرها بعنوان "حسب الخطة.. مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، وأفردت خلاله الضالعين الأساسيين في جريمة فض الاعتصام، وكان الببلاوي، من رؤوس تلك القائمة.

إذ حل رابعا بعد "عبد الفتاح السيسي (قائد الانقلاب)، ومحمد إبراهيم (وزير الداخلية)، وعدلي منصور (الرئيس المؤقت)" ثم الببلاوي باعتباره رئيسا للوزراء، ومن المخططين الرئيسيين في عملية الفض.

المنظمة الحقوقية، قالت: "اختارت الحكومة في النهاية المضي قدما في فض عنيف بالقوة، عالمة بأنه سيؤدي إلى حصيلة شديدة الارتفاع من الوفيات".

ونقلت عن أحد المدافعين عن حقوق الإنسان، قوله: إن مسؤولي وزارة الداخلية، في اجتماع مع منظمات حقوقية قبل الفض بتسعة أيام، كشفوا عن توقعهم لحصيلة وفيات تبلغ 3500".

وأضافت المنظمة: "وفي الأيام السابقة على الفض استشهدت صحيفتان بارزتان بمصادر أمنية تشير إلى أن خطة وزارة الداخلية للفض تتوقع معدل خسائر تقدر بعدة آلاف من الموجودين في الاعتصام". 

وفي يونيو/ حزيران 2020، أقام الناشط الحقوقي المصري محمد سلطان، دعوى قضائية في أميركا بموجب القانون الأمريكي لضحايا التعذيب يتهم فيها السلطات المصرية بتعذيبه حين كان مسجونا لديها في العامين (2013 و2014)، واللذين تولى الببلاوي، خلالهما منصب رئاسة الوزراء في بلاده. 

سلطان، اضطر للتخلي عن جنسيته المصرية قهرا تحت وطأة التعذيب، ثم رحل إلى أميركا عام 2015.

ورغم أن واشنطن أعلنت في 7 أبريل/ نيسان 2021، أن الحصانة التي يتمتع بها رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي، تمنع مثوله أمام القضاء الأميركي في قضية التعذيب؛ إلا أنها قالت إنها ستواصل ضغطها على مصر في ملف حقوق الإنسان.

رئيس لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور "باتريك ليهي"، علق على القرار قائلا: إنه "يشعر بخيبة الأمل لأن الببلاوي، محصن من الإجراءات القضائية الأميركية، وفي القضية المتهم بها وهي إصدار أوامر تعذيب ضد مواطن أميركي". 

وأضاف: "كان يمكن للحكومة المصرية التنازل عن الحصانة، ولكنها بدلا من ذلك اختارت الحصانة من العقاب للببلاوي".