إبراهيم رئيسي.. مرشح لخلافة روحاني ارتبط اسمه بإعدام آلاف الإيرانيين

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تكهنات سياسية كثيرة تشير إلى أن رئيس السلطة القضائية في إيران إبراهيم رئيسي، سيكون أقوى وأبرز مرشح للتيار المحافظ الذي يوصف بـ"المتشدد"، وذلك بعد إعلان ترشحه لخوض سباق الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 18 يونيو/ حزيران 2021.

يأتي ترشح رئيسي بعد أربعة أعوام من خسارته أمام حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية عام 2017، حيث حصل على نحو 16 مليون صوت، فيما أشار إلى أن النضال المستمر ضد الفقر والفساد، والإذلال والتمييز" ستكون العناوين العريضة لولايته الرئاسية في حال انتخابه.

رجل خامنئي

يعتبر رئيسي الذي يحمل درجة "حجة الإسلام" من الشخصيات المقربة من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي البالغ من العمر 81 عاما.

علاقات رئيسي بـ"الحرس الثوري"، ووكالات الاستخبارات، ودائرة خامنئي المقربة، بما في ذلك ابنه مجتبى، تجعله الأوفر حظا ليكون المرشد الأعلى المقبل.

في أعقاب مظاهرات عام 2009 في إيران، وصف رئيسي المتظاهرين في مقابلة مع التلفزيون الحكومي في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2009، بأنهم "محاربون" (أعداء الله) الذين يستحقون الإعدام.

عام 2019، عينه علي خامنئي رئيسا للسلطة القضائية، داعيا إياه لمواجهة "الفساد". ولدى ترشحه في 2017، كان رئيسي يتولى شؤون مؤسسة "الإمام الرضا" الخيرية، التي يبلغ حجم إيراداتها أكثر من 200 مليار دولار، ويعمل فيها أكثر من 19 ألف شخص.

وتدير المؤسسة مجموعة كبيرة من الشركات والأوقاف في إيران، فهي واحدة من العديد من الجمعيات الخيرية التي تغذيها التبرعات أو الأصول التي تمت مصادرتها بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.

لا تقدم هذه المؤسسات أي محاسبة عامة على إنفاقها، ولا تخضع إلا للمرشد الأعلى لإيران.

يعتقد أن جمعية الإمام الرضا الخيرية، المعروفة باسم "أستان قدس رضوي" باللغة الفارسية، هي واحدة من أكبر المؤسسات الخيرية في البلاد، لأنها تمتلك ما يقرب من نصف أراضي مشهد، ثاني أكبر مدينة في إيران.

عند تعيين رئيسي في المؤسسة عام 2016، وصفه خامنئي بأنه "شخص جدير بالثقة يتمتع بخبرة رفيعة المستوى"، وأدى ذلك إلى تكهنات المحللين بأن المرشد يمكن أن يهيئ الرجل كمرشح محتمل ليكون المرشد الأعلى الثالث لإيران.

مجرم تاريخي

ارتبط اسم إبراهيم رئيسي بلجنة ضالعة في عمليات إعدام جماعي لآلاف السجناء من المعارضين الإيرانيين، في عام 1988 في نهاية حرب إيران الطويلة مع العراق.

وذكرت تقارير إعلامية أنه بعيد موافقة المرشد الأعلى الإيراني آنذاك روح الله الخميني على وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، اقتحم أعضاء من جماعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، المدججين بالسلاح من قبل صدام حسين، الحدود الإيرانية في هجوم مفاجئ.

وتقدر جماعات حقوق الإنسان الدولية أن ما يصل إلى 5 آلاف شخص قد أعدموا، في حين أن منظمة مجاهدي خلق قدرت العدد بـ 30 ألفا.

أوقفت إيران هجومها في نهاية المطاف، لكن الأمر مهد الطريق لإعادة المحاكمة الصورية لسجناء سياسيين ومسلحين وغيرهم ممن يعرفون باسم "لجان الموت". وبحسب ما ورد خدم رئيسي في لجنة معنية بالحكم على السجناء بالإعدام.

لم تعترف إيران مطلقا بعمليات الإعدام التي نفذت على ما يبدو بناء على أوامر الخميني، على الرغم من أن البعض يجادل بأن كبار المسؤولين الآخرين كانوا مسؤولين فعليا في الأشهر التي سبقت وفاته عام 1989.

عام 2016، قام أفراد من عائلة الراحل حسين علي منتظري، خليفة خميني المعين، أحد قادة الثورة الإيرانية بتسجيل صوتي له ينتقد عمليات الإعدام باعتبارها "أكبر جريمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية"، وذلك بعدما استدعى في 15 أغسطس/آب 1988، أربعة أعضاء من لجنة الموت في طهران إلى منزله في قم.

جاء في التسجيل الصوتي لهذا الاجتماع، قوله: "لقد كان بداية شهر محرم؛ طلبت الحضور من حسين علي نيري (قاضي الشرع)، ومرتضى إشراقي (المدعي العام) وإبراهيم رئيسي (نائب المدعي العام آنذاك) ومصطفى بور محمدي (ممثل وزارة المخابرات) وقلت لهم: "إنه شهر محرم الآن، على الأقل أوقفوا الإعدامات في محرم".

وأضاف منتظري: لقد ارتكبتم أعظم جريمة في الجمهورية الإسلامية، والتي سيديننا التاريخ بسببها وستسجل أسماؤكم كـ "مجرمي التاريخ".

بعد مذبحة السجناء السياسيين، أشاد الخميني بإبراهيم رئيسي وكلفه بعدة مهام، عبر مرسوم صدر في الأول من يناير/كانون الثاني 1989.

جاء في المرسوم:"بما أنني تلقيت العديد من التقارير عن الضعف القضائي، ويتوقع شعب إيران نهجا أكثر جدية في مختلف القضايا، فسيتم تكليف سعادتكم (نيري) والسيد رئيسي في مهمة قضائية لمراجعة تقارير مدن سمنان وسيرجان وإسلام آباد ودورود، وبغض النظر عن التعقيدات الإدارية، يجب تنفيذ أمر الله بدقة وسرعة في هذه القضايا".

بعد 20 يوما من تكليف رئيسي، قال عبد الكريم موسوي أردبيلي، رئيس مجلس القضاء الأعلى للنظام آنذاك، في صلاة الجمعة 20 يناير/كانون الثاني 1989 في تقريره عن نتائج "المهمة القضائية": إنه "صدرت الأحكام في غضون 24 ساعة. جرى إعدام 4 أشخاص، وبتر يدين وسجن ثلاثة أشخاص ".

في رسالة إلى مجلس القضاء الأعلى في 21 يناير/كانون الثاني 1989، كتب خميني: "يجب أن تعطى جميع القضايا التي ظل فيها المجلس راكدا حتى يومنا هذا ونحن نستغرب من ذلك وتأخر تنفيذ حكم الله، إلى حجج الإسلام نيري ورئيسي لتنفيذ أمر الله في أسرع وقت ممكن. ولا يجوز المزيد من التأخير".

شخضية نافذة

في 13 أبريل/ نيسان 2017، نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا، قالت فيه إن الكثير من الإيرانيين يجهلون الهوية الحقيقية لإبراهيم رئيسي، إلا أنه يعد ذا نفوذ بليغ في إيران، فضلا عن أنه يملك علاقات وطيدة بشخصيات تحتل مناصب في أعلى هرم السلطة الإيرانية.

وأكدت الصحيفة أن إبراهيم رئيسي اقتحم، مذ كان يبلغ من العمر 56 سنة، الساحة السياسية في إيران وتمكن من تسلق هرم السلطة وتقلد مناصب بارزة. وفي صيف سنة 1988، كان واحدا من بين أربعة قضاة أمروا بتنفيذ إعدامات جماعية في حق مجموعة من الناشطين اليساريين، والمعارضين.

وبينت "لاكروا" أنه ولأول مرة في إيران، تمكن رئيسي من الفوز في انتخابات 2017 التمهيدية التي تنظم داخل المعسكر المحافظ، بأكبر عدد من الأصوات. وقد تفوق الرجل على عمدة طهران السابق، محمد باقر قاليباف.

إبراهيم رئيسي هاجم، منذ البداية، السجل الاقتصادي للرئيس الإيراني الحالي وفريقه.

فخلال بيان نشره على موقعه الرسمي، أقر بأنه على أهبة الاستعداد للتعامل مع مشاكل بلاده، وقال: "لا يمكننا مجابهة المشاكل التي تواجه البلاد؛ مثل الركود، والبطالة، والعقبات التي تعرقل عمل الشركات الإيرانية، إلا من خلال إحداث تغيير جوهري في قلب النظام".

عند حدوث الثورة الإسلامية في 1979، كان رئيسي بالكاد قد بلغ مرحلة الرشد لكنه تدرج بسرعة في المواقع الرسمية، وأصبح واحدا من بين أربعة قضاة شرعيين يتهمون بالوقوف خلف الإعدامات الجماعية لليساريين والمعارضين في الثمانينيات.

إبراهيم رئيسي المولود في مشهد، عام 1960 لأسرة متدينة، بدأ دراسته الابتدائية في "الحوزة العلمية" في مشهد، وبعد أن أتم مرحلة المقدمات توجه إلى مدينة قم ليواصل دراسته في الفقه في مدرسة حقاني.

واصل أيضا دراسته الأكاديمية الجامعية في جامعة "الشهيد مطهري"، ونال شهادة الدكتوراه في فرع الفقه والحقوق. وأصبح في عام 1980 المدعي العام لمدينة كرج غرب طهران، وبعد خمس سنوات، تولى منصب نائب المدعي العام في هران.

وفي عام 1989، تولى منصب نائب المدعي العام في طهران حتى عام 1994 ليقفز فيما بعد إلى موقع المدعي بالعاصمة، كما أنه شغل منصب نائب رئيس السلطة القضائية، من عام 2004 وحتى عام 2014.