ازدهار الطبقة المتوسطة عام 2025.. كيف يخدع نظام السيسي المصريين؟

طارق الشال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم تراجع القطاع الخاص في مصر، والظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم أجمع نتيجة جائحة كورونا، دون أن يعلم أحد متى ستنتهي وبخاصة مع ظهور سلالات جديدة، ما يعني ضبابية المشهد المستقبلي للاقتصاد عالميا، ظهرت بعض المؤشرات التي تتحدث عن نمو الطبقة المتوسطة في مصر إلى 58 بالمئة بحلول عام 2025.

ونشر مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرا من وكالة "فيتش سولوشنز" بشأن توقعات خصائص الأسرة المصرية حتى عام 2025، في صورة إنفوجراف تحت عنوان "انتعاش دخل الأسر بحلول عام 2025: فيتش تتوقع".

وذكر مركز معلومات الوزراء في تقريره بالإنفوجراف أن الوكالة توقعت نمو دخل الأسر المصرية مدفوعا بالنمو الاقتصادي واستقرار معدل التضخم، وانخفاض معدل زيادة الأسر حتى عام 2025 عن السنوات السابقة، لتصبح 29 مليون أسرة في عام 2025، مقارنة بنحو 27 مليون أسرة في 2021.

وأضاف أن الوكالة توقعت أيضا نموا في حجم الطبقة المتوسطة المصرية التي يتراوح دخلها السنوي بين 78 ألف جنيه و156 ألف جنيه، مما يجعلها من أسرع الطبقات نموا على مستوى العالم، لتكون بنسبة 58.2 بالمئة في عام 2025، مقارنة بنحو 34.3 بالمئة في عام 2021.

وأشار إلى أن نسبة الأسر التي يزيد دخلها السنوي على 390 ألف جنيه (24.8 ألف دولار) سوف تزداد إلى 11 بالمئة في عام 2025، مقارنة بنحو 4.6 بالمئة في عام 2021.

غير منطقي

تأتي تلك المؤشرات في وقت تتحسس فيه الاقتصادات الكبرى وضعها الاقتصادي ومدى قدرتها على التعافي في ظل جائحة كورونا، بالإضافة إلى توقعات صندوق النقد الدولي التي تتحدث عن الخسائر التراكمية في الإنتاج العالمي بين عامي 2020 و2025، والتي من المتوقع حاليا أن تبلغ 22 تريليون دولار.

وحسب الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي، فإن القرار الخاص بانتعاش الطبقة المتوسطة يقوم على فرضية أن هذه الأسر للطبقه المتوسطه ستستفيد من ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات التضخم.

مشيرا إلى أن هذه الفرضية تتسم بالسطحيه لأن الناتج المحلي الإنتاجي في مصر في هيكله يعتمد على الحركة الكبيرة التي تمارسها مؤسسة الجيش في إنشاء الطرق والكباري والأنفاق، وبالتالي المستفيد الأول من هذه الأعمال من حيث الناحية الاقتصادية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي هي طبقة المؤسسة العسكرية.

وأضاف الصاوي، لـ"لاستقلال"، أن من يأتي أيضا في دائرة المستفيدين هم  الدائرة المحيطة بالمؤسسة العسكرية مثل رجال الأعمال الذين يقبلون بالعمل كمقاولي الباطن في هذه المشروعات.

وأوضح أن باقي الشعب المصري يعاني الفقر بالفعل، "ولعل مجموعة الحوادث التي شهدتها مصر الفترة الماضية في قطاع السكك الحديدية يعكس هذه البنية الأساسية المهترئه، وكيف تعيش الطبقة الفقيرة والمتوسطة في البلاد، وكيف تتعرض حياتها لكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية".

يشهد القطاع الخاص (الذي يعمل به قطاع واسع من الطبقة الوسطى) تراجعا ملحوظا، خاصة في النشاط غير النفطي، نتيجة مزاحمة المؤسسة العسكرية لها، وفق مؤسسة "آي اتش اس" ماركت العالمية للأبحاث.

وقال البنك الدولي، في تقريره لشهر ديسمبر/ كانون الأول 2020، إن مصر لم تجذب الاستثمار الخاص القوي الذي من شأنه أن يساعد في خفض معدلات الفقر واستيعاب ما يقدر بنحو 800 ألف عامل يدخلون إلى سوق العمل كل عام.

وأكد البنك الدولي، "أن الوجود الواسع للشركات المملوكة للدولة في جميع مناحي الاقتصاد يؤثر على المنافسة، كما ينتج عنه تشوهات في الأسواق".

وعلى مدار 3 سنوات، زادت إيرادات 17 شركة قابضة غير نفطية تديرها الدولة إلى 60.64 مليار جنيه مصري (3.88 مليار دولار) أي أكثر من المثلين في السنة المالية 2018-2019، وفق حسابات رويترز.

واستندت رويترز في حسابتها إلى أحدث النتائج المتاحة للشركات، والتي نشرت على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية أواخر عام 2020.

مسح حديث: القطاع الخاص المصري يقترب من الانهيار

من جانبة، شكك الخبير الاقتصادي، أحمد ذكرالله، في صحة الرقم المذكور بأن حجم الطبقة المتوسطة الآن يصل إلى نحو 34 بالمئة، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى تقرير البنك الدولي الذي يشير إلى أن عدد الفقراء في مصر بلغ نحو 60 بالمئة، ما يعني أنه بإضافة 34 بالمئة طبقة متوسطة يتبقى 6 بالمئة للطبقة الغنية، "وبالتالي هذا الرقم غير منطقي".

وأوضح ذكرالله، لـ"الاستقلال"، أن تعويم الجنيه وتوغل الجيش في الاقتصاد ومنافسته الشديدة للقطاع الخاص، أدى إلى انخفاض قيمة الثروات المصرية وتآكل القطاع الخاص لاسيما الطبقة المتوسطة منه في الأعمال سواء الاستثمار العام أو الخاص، ما أحدث حالة من الركود.

مشيرا إلى أن المبادرات الحكومية المختلفة سواء مبادرة القطاع العقاري أو المشروعات الصغيرة وغيرها لم تفلح في حلحلة هذه المواقف المتعلقة بالركود حتى الآن بصورة كبيرة، نتيجة تآكل جزء كبير من الطبقة المتوسطة التي يمكنها دفع أقساط ولو بسيطة بدون فوائد أو بفوائد ولو مخفضة لمبادرة التمويل العقاري وغير ذلك من الأمور.

وفي عام 2019، أصدر البنك المركزي مجموعة من الضوابط الجديدة، التي تستهدف تنشيط القطاع العقاري، وضخ سيولة للمطورين العقاريين، خاصة بعد حالة الركود التي أصابت القطاع.

 

تركيبة النمو

وفي خضم تلك الأرقام غير المنطقية التي تستند على معدلات النمو وتراجع التضخم، يتسائل المواطن عن معايير النمو والتضخم في مصر.

ويرى ذكر الله أن الحديث عن زيادة معدلات النمو لا يعني زيادة الطبقة المتوسطة، مشيرا إلى عدم وجود عدل في توزيع الدخل نتيجة ذهاب أغلبها إلى الطبقة الغنية فقط من أي معدلات نمو.

وأوضح، أن نحو 4 ملايين عامل من الطبقة المتوسطة يعملون في الجهاز الإداري أصبح كلهم الآن تحت خط الفقر، وبالتالي في حال زاد معدل النمو بنحو 5 بالمئة وفق المؤشرات في عامي 2022 أو 2023، فلن تستفيد منها الطبقة المتوسطة.

التركيبة الأساسية لمعدل النمو في مصر تعتمد على القطاعات الخدمية المتعلقة بالحكومة، فعلى سبيل المثال قطاع التجزئه يشكل حوالي 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لمعدل النمو.

بالإضافة إلى الأنشطة الحكوميه المختلفه، علاوة على الجزء الكبير المتعلق بالقطاع العقاري والقطاع السياحي الذي لا يصب في صالح الطبقة المتوسطة، بالإضافة إلى قطاع التعدين الذي يعود بأكمله إلى الشركات الأجنبية في الخارج.

وبالتالي في حال حققت تقديرات معدل النمو النسب المرجوة خلال الأعوام القادمة، فيرى ذكر الله، أنها لن تصب في مصلحة الطبقة الوسطى ولن تعود إلى طبيعتها في عام 2010.

وحول ثبات معدل التضخم، أوضح ذكر الله، أن هذا الثبات نسبي نتيجة قدرة البنك المركزي في السيطرة على سعر صرف الجنيه خلال الفترة الماضية، وذلك من خلال موازنة احتياجات الدولة من النقد الأجنبي عبر الاقتراض الخارجي، وبالتالي لا يوجد ما يضمن استمرار هذا الاقتراض.

مستقبل "المتوسطة"

ووفقا لآخر المعطيات الاقتصادية من رفع لأسعار البنزين، وبداية الحديث عن تراجع حجم المياه في مصر، مع اقتراب بدء إثيوبيا في عملية الملء الثاني لسد النهضة، فمن المتوقع أن يواجه الاقتصاد المصري بعض المتغيرات السلبية، وبالتالي زيادة معدل الفقر وتراجع في الطبقة المتوسطة.

ويتوقع الصاوي، خلال الفترة القادمة، أن تتأثر مصر بأداء الاقتصاد العالمي نتيجة جائحة كورونا من خلال تراجع التجارة العالمية وتدفقات السياحة في مصر وغيرها، وبالتالي ستنعكس تلك المعطيات بالسلب على الطبقات الوسطى والفقيرة.

كيف تطور معدل النمو الاقتصادي في مصر خلال 10 سنوات؟ | الشرْقُ الأوسَط

بدروه، قال ذكر الله إنه لا يوجد ما يضمن خلال الخمس سنوات القادمة استمرار دعم المؤسسات الدولية للاقتراض، خاصة مع فشل الإدارة المصرية في تهيئة الأجواء للنشاط الإنتاجي التي تساهم في القدرة على سداد أقساط الديون والقروض، "فيمكن القول أننا أمام معضلة كبرى".

وتوقع أن تحدث تغيرات بعد عام 2021 في سعر الصرف كانخفاض قيمة الجنيه، مشيرا إلى أن هناك نوعا ما من أنواع التضخم المكبوت في مصر نتيجة عوامل سواء مستوردة أو داخلية ستنفجر بمجرد تخلي المؤسسات الدولية عن النظام المصري في الملف الاقتصادي، ما ينذر بتداعيات سلبية على الطبقتين الدنيا والمتوسطة من الشعب.