بعد 10 سنوات حرب وتدمير.. هكذا تتنصل روسيا من إعادة إعمار سوريا

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية الضوء على مآلات الثورة في سوريا بعد 10 سنوات، خاصة التدخل الروسي ووقوفه بجانب نظام بشار الأسد، لكن موسكو بعد انتهاء المرحلة النشطة من الحرب، اعتبرت أن ملف إعادة إعمار سوريا "ليس من مهامها".

وأكدت صحيفة "فزغلاد"، في مقال للمختصين بالشأن السوري، ألكساندر ريبين ونتاليا ماكاروفا وإيرينا ياروفايا، أنه "بفضل التدخل الروسي تمكن النظام السوري من استعادة السيطرة على جزء كبير من أراضي الجمهورية وهزيمة تنظيم الدولة، ومع ذلك، يتعين الآن على دمشق وحلفائها مواجهة مهام وتحديات جديدة للخروج من الأزمة".

إحصائيات كارثية

وأشارت الصحيفة إلى أنه "في 15 مارس/آذار 2011 شهدت دمشق أولى المظاهرات الكبيرة التي تحركت كامتداد لثورات الربيع العربي، التي اجتاحت العديد من البلدان في الشرق الأوسط".

وأضافت أن "استقالة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك، اللذين حكم كل منهما بلاده لعدة عقود، ألهمت العديد السوريين للتحرك للإطاحة بالنظام الذي حكم بلادهم فترة لا تقل عن مثيلاتها في تونس ومصر".

ويرى الكتاب كذلك أنه بالمقارنة مع بن علي ومبارك فإن فترة حكم رئيس النظام السوري الأسد والذي حكم البلاد لمدة 11 عاما فقط، تعد أكثر "تواضعا".

ومع ذلك، فإن شعار "دورك يا دكتور" (درس طب العيون)، الذي عبر عنه المتظاهرون لأول مرة في "مهد الثورة السورية"، أي محافظة درعا، امتد إلى مناطق أخرى وألمح بشكل لا لبس فيه أن الهدف الرئيس في هذه المظاهرات هو استقالة الأسد نفسه.

بالإضافة إلى مطالب أخرى نادى بها السوريون كرفع حالة الطوارئ التي كانت سارية منذ عام 1963، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والقضاء على الفساد، وفق الصحيفة. 

وأكد المقال أنه "رغم الوعود التي قدمها النظام السوري بإجراء تعديلات وإصلاحات اجتماعية، إلا أن ذلك لم ينقذ سوريا من حرب أهلية دموية، مصحوبة بحرب على الإرهاب، وأزمة هجرة، وتدخل أجنبي".

وفي الوقت نفسه، يسلط الكتاب الضوء على إحصائيات الأمم المتحدة حول الوضع في سوريا والتي تشير إلى اعتماد "ما يصل إلى 80 بالمائة من سكان سوريا بشكل عام و9 بالمائة من الأطفال بشكل خاص على المساعدات الإنسانية كما تعيش أعداد كبيرة تحت خط الفقر".

أما على صعيد الناتج المحلي فتشير تلك الإحصائيات إلى هبوطه الحاد في الفترة من 2011 إلى 2018، من 55 إلى 20 مليار دولار، وأن الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية يعتبر "القضية الأكثر إلحاحا لكل من النظام والشعب على حد سواء".

واستطرد الكتاب الثلاثة في عرض تلك العوائق فيذكرون ما قاله أستاذ العلوم السياسية بجامعة الاقتصاد الروسية، غيفورغ ميرزايان: "المشكلة الأولى هي إحجام النظام في دمشق عن السعي لتسوية بين المعارضة المفترضة والقوات الموالية للنظام".

كما يذكر الكتاب أن الانتخابات الرئاسية من المفترض أن تجري في سوريا خلال 2021، ورغم عدم تحديد موعدها الدقيق بعد إلا أن واشنطن كانت قد دعت بالفعل المجتمع الدولي بما فيه روسيا، إلى عدم الاعتراف بشرعية العملية الانتخابية.

تنصل روسي

من جانبه، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -الذي يصفه المقال باللاعب المهم الآخر في الصراع السوري- في مقاله لمجلة "بلومبيرغ" الغرب إلى مساعدة أنقرة في "إنهاء الحرب الأهلية في سوريا".

كما أشار في تصريحات للإدارة الأميركية الجديدة بالقول: "يجب أن تظل إدارة جو بايدن وفية للوعود التي قطعتها أثناء حملتها الانتخابية في العمل معنا لإنهاء المأساة في سوريا وحماية الديمقراطية".

في الوقت نفسه، فإن القضية السورية -كما يقول الخبراء- "ستكون أساسية للسياسة الخارجية الروسية في الفترة القادمة وعلى المدى الطويل، فمنطقة الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا، ليست شرقا بقدر ما هي منطقة محاذية لحدودها الجنوبية.

لذلك فإن "غياب السلام في سوريا يشكل تهديدا وجوديا لنا"، كما قال كبير المحاضرين في معهد الاستشراق التابع للمعهد العالي للاقتصاد بروسيا، أندريه تشوبريجين.

وأضاف تشوبريجين: "نقطة أخرى مهمة هي الحفاظ على القاعدة في طرطوس، فمنذ عهد كاترين الثانية، سعت روسيا جاهدة لإيجاد موطئ قدم في البحر الأبيض المتوسط، لأنه بدون وجودنا في المنطقة، لا يمكننا ضمان القضايا الأمنية أو تنظيم التجارة الدولية".

وتابع: "الآن وبعد انتهاء المرحلة النشطة من الحرب، تواجه روسيا تحديا آخرا لا يقل صعوبة عن الحرب وهو ملف إعادة إعمار سوريا".

واستدرك تشوبريحين قائلا: "للأسف نحن لا نملك الإمكانات الاقتصادية للوفاء بالتزامات كهذه لذلك، تواجه موسكو تحديا صعبا في الحفاظ على السلام في المنطقة وجمع نادي الأصدقاء وإيجاد حلفاء قادرين ومستعدين في نفس الوقت على تمويل إعمار سوريا وترميم بنيتها التحتية، بالإضافة إلى عمليات إزالة الذخائر غير المنفجرة وحل مشكلة إمدادات المياه". 

وخلص المقال إلى أن "مشكلة إعمار سوريا ليست قضية موسكو وحدها"، فبحسب المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية، أندريه كورتونوف، فإن "مهمة موسكو الأساسية في الوقت الراهن منع التصعيد والمواجهة بين الأطراف المتنازعة في سوريا".

وأكد أن "أقصى ما يمكن أن تقدمه موسكو هو تحفيز دمشق للبدء في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، فموسكو كما طهران كلتاهما مهتمتان بتخفيض تكلفة وجودهما في سوريا غير أن هذا سيكون مستحيلا ما لم تتم إصلاحات جذرية في المجال الاقتصادي وفي ملف محاربة الفساد وبناء النظام القضائي".

وختم كورتونوف قوله: "يمكن أن يتبع الإصلاحات الاقتصادية تحول ديموقراطي للعملية السياسية، فالغرب بدوره يمكن أن يساهم في ذلك من خلال تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق، لذلك، أتمنى أن تتطور الظروف المواتية لهذه العمليات بعد الانتخابات الرئاسية المتوقعة هذا العام".