"قمع وإجرام".. صورة أكاديمي ليبرالي بارز تثير القلق على المعتقلين بمصر

12

طباعة

مشاركة

تعاطف كبير في مصر وخارجها، مع أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة المفرج عنه مؤخرا، الأكاديمي البارز الدكتور حازم حسني، بعد نشر صورة له عبر حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك" عقب ساعات من إطلاق سراحه، والتي يظهر فيها بـ"لحية بيضاء وملامح شاحبة".

واستنكر ناشطون في "تويتر" عبر مشاركتهم في وسم #حازم_حسني، تعامل النظام المصري مع العلماء والمفكرين داخل المعتقلات بطريقة توصلهم إلى هذه المرحلة من الإنهاك والإعياء، متسائلين عن حال باقي المعتقلين في سجون نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأشاروا إلى أن حسني، الذي كان متحدثا رسميا باسم رئيس أركان الجيش السابق الفريق سامي عنان أثناء الانتخابات الرئاسية 2018، كان معتقلا في سجون السيسي منذ 17 شهرا، في سبتمبر/ أيلول 2019.

ووجهت له النيابة "تهما معلبة" مثل "مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، وبث أخبار كاذبة، وتكدير الأمن العام، وإساءة استخدام إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك على خلفية تأييده للمقاول المعارض محمد علي، ودعواته للتظاهر ضد السيسي".

ولفت ناشطون إلى أن نظام السيسي يحاول من خلال سياسته القمعية والتشريعات التى تهدر حق الشعب في التعبير عن الرأي، "تثبيت فكرة أن المعارضة تعني الهلاك، وذلك بإخراج المعارضين إما مرضى أو قتلى أو في أحسن الظروف عازفين عن ممارسة حياتهم الطبيعية".

في المقابل، يفرج عن المجرمين والمتهمين في قضايا فساد وأخرى مخلة بالشرف، بصحة جيدة، وتظهر صورهم إقبالهم على الحياة وإكرامهم داخل السجون، إذ قارن ناشطون صورة حسني، بـ"صبري نخنوخ" أحد موردي البلطجية وتجار المخدرات في مصر المفرج عنه بعفو رئاسي.

وأجمع ناشطون على أن نظام السيسي يحمي البلطجية بينما ينكل بالعلماء والسياسيين المخالفين أيا كان انتماؤهم، مؤكدين أن ما تعرض له الأكاديمي السبعيني طوال فترة سجنه دون تهمة "ظلم وإجرام وفجور في الخصومة".

حسني نموذجا

الناشطون تداولوا صورة للأكاديمي والسياسي المصري قبل اعتقاله والثانية التي أرفقها مع مقاله الذي نشره على حسابه بـفيسبوك بعنوان "قبل المطر أم بعده"، والذي صور فيه جزء من معاناته خلال فترة اعتقاله، مؤكدين أن "حسني مجرد نموذج للقمع والإجرام الذي يتعرض له المعتقلون في سجون السيسي".

حسني أوضح في مقاله أن هذه الصورة التقطت له بعد سويعات فقط من وصوله إلى بيت العائلة ليقضي فترة الإقامة الجبرية التي قررتها النيابة بديلا عن استمرار الحبس، وهي فترة قدرتها النيابة بـ15 يوما قابلة للتجديد.

وقال: "قد يبدو إجراء الإقامة الجبرية بعد إخلاء السبيل قاسيا، لكنه في نظري أقل قسوة بكثير من إجراءات احترازية أخرى مهينة للكرامة ومرهقة للنفس وللجسد؛ فعلى مدى 17 شهرا من الحبس لم أكن أحمل هموم السجن بقدر ما كنت أحمل هموم ما سيتبع مغادرتي إياه من إجراءات".

الإعلامي محمد جمال هلال نشر صورة تجمع الدكتور حسني والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمود عزت، معقبا عليها بالقول إنها "صورة لإثنين من الأساتذة الجامعيين وعلماء مصر المعارضين للسيسي أحدهم ليبرالي والآخر إسلامي لا يمكن أن تميز بينهما مع تلك الملامح التى ساوى نظام السيسي المجرم بينهما في القمع والقهر".

وتساءل: "هل هذا مصير كل معارض من العلماء والمثقفين؟".

ونشر الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، صورتين لحسني قبل الاعتقال وبعده، ساخرا بالقول إن "هذا ما تفعله معتقلات الخمس نجوم ووجبات المشاوي والأسماك وبيض النعام خلال 17 شهرا فقط في قامات مصر السياسية والوطنية".

وأضاف أن "الدكتور حسني نموذجا"، متسائلا: "فما بالكم بما تفعله مع باقي المعتقلين منذ 7سنوات ونصف في سجن العقرب وغيرها من المقابر المسماة ظلما وزورا سجون!؟".

ونشر رئيس تحرير صحيفة "المصريون"، جمال سلطان الصورتين أيضا مكتفيا بالإشارة إلى أنها "صورة للدكتور حسني قبل الاعتقال وبعده".

قمع المفكرين

واستنكر ناشطون تعرض المفكرين والأكاديمين للقمع والتنكيل بالمعتقلات، متسائلين عن حال المعتقلين الإسلاميين المناهضين للسيسي في المعتقلات.

وكانت منظمة العفو الدولية قد وصفت مصر في عهد السيسي بأنها "سجن مفتوح للمنتقدين"، موضحة أن النظام بات يستخدم أسبابا تبعث على السخرية من أجل سجن المنتقدين بحجة "مكافحة الإرهاب".

وقالت في تقرير لها قبل عامين، إن "حملة قمع حرية التعبير في عهد السيسي وصلت إلى أسوأ مستوى لها في تاريخ البلاد الحديث بشدتها غير المسبوقة"، مؤكدة أن المصريين "يعيشون تحت حكم السيسي كمجرمين لمجرد التعبير عن آرائهم بصورة سلمية".

بدوره، قال عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، محمد الصغير: "هكذا تدار مصر وهذه طريقة التعامل مع أهل العلم والفكر فيها، وإن أثر السجن في الشكل والبدن فلن ينل من الروح والعزيمة".

وأشار الكاتب والباحث سعيد الحاج، إلى أن "حسني كان كل جرمه أنه انضم لحملة انتخابية لشخص آخر غير السيسي"، مؤكدا أنه "شخص مدني، أكاديمي، لا مجرم ولا إرهابي ولا يعرف بمعارضته للنظام فضلا عن الدولة".

وتساءل الحاج عن "ما يحصل للمعارضين والناشطين وخصوصا الإسلاميين منهم؟".

فيما قالت الصحفية إيمان الطويل: "إذا كان هذا شكل الدكتور حسني بعد خروجه من السجن  والذي لم يتم تصنيفه كمعارض من قبل و لا ينتمي لأي تيار ديني.. فما بالكم بما يُفعل بشباب وقادة سياسيين ينتمون لتيارات دينية وسياسية معروفة بمعارضتها الجلية لنظام السيسي"، مشيرة إلى أن "مجرد تخيل ما يعانوه في المعتقلات مرعب".
ولفت عضو الاتحاد الدولي لرجال الأعمال، جمال شعيب، إلى أن "18 شهرا تحول فيها الدكتور المحترم حازم حسني"، متسائلا عن "حال معتقلي الإخوان وغيرهم في سجن العقرب سيء الذكر؟". يشار إلى أن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية وصفت مصر بأنها "جمهورية الخوف"، حيث يقبع في سجونها 60 ألف معتقل سياسي في عهد السيسي، بحسب تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش.

وبحسب تقديرات حقوقية نقلت عن مسؤولين بارزين في حكومة نظام السيسي فإن إجمالي عدد السجناء 114 ألفا، وهذا يعني أن السجناء السياسيين يشكلون أكثر من نصف السجناء في مصر.