يفرضها عباس منذ سنوات.. ماذا وراء الترويج لقرب إنهاء عقوبات غزة؟

خالد كريزم | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

خلال 4 سنوات، لم يحصل الفلسطينيون في قطاع غزة سوى على آمال نادرة بشأن إنهاء عقوبات السلطة في رام الله، لكنها سرعان ما تتبخر في كل مرة من قبل رأس الهرم السياسي.

آخر تلك الآمال جاءت من قبل قيادات في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، بشرت فيها قطاع غزة بقرب إنهاء العقوبات المفروضة عليه، في ضوء الاتفاق على إجراء الانتخابات العامة وأجواء المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وفي 15 يناير/كانون الثاني 2021، أصدر الرئيس محمود عباس مرسوما حدد فيه مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار والرئاسية في 31 يوليو/تموز والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) في 31 أغسطس/ آب (من نفس العام)".

وأُجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع 2006، وأسفرت عن فوز "حماس" بالأغلبية، فيما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها عباس.

ضخ إعلامي

ووقفت قيادات فتحاوية وراء حالة ضخ إعلامي نادرة بشأن العقوبات، حيث صرح أكثر من مسؤول عن "بشريات قادمة" لغزة قبل ساعات قليلة من اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح في 24 يناير/كانون الثاني 2021، قبل أن يصدر بيان اللجنة الرسمي الذي يقول البعض إنه أجهض تلك الآمال.

وبدأت السلطة الوطنية الفلسطينية في مارس/آذار 2017 بفرض عقوبات على قطاع غزة، إثر تشكيل حركة حماس لجنة لإدارة القطاع، ورهنت رفع العقوبات بحل اللجنة، وسيطرة حكومة رام الله على غزة.

أثرت هذه العقوبات على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، كونها أتت في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على القطاع منذ عام 2007، ومست العصب الأساسي للسكان (الرواتب).

ورغم أن "حماس" حلت اللجنة الإدارية في سبتمبر/أيلول 2017، إلا أن العقوبات لم ترفع، بل فُرِض المزيد منها بعد تعثر الجهود المصرية لتنفيذ اتفاق القاهرة 2017، وإصرار الرئيس عباس على "تمكين" حكومة رام الله على القطاع "من الألف إلى الياء".

ويسود الانقسام السياسي أراضي السلطة الفلسطينية منذ منتصف يونيو/ حزيران 2007، عقب سيطرة "حماس" على غزة، بعد فوزها بالانتخابات البرلمانية، في حين تدير حركة "فتح" التي يتزعمها عباس الضفة الغربية.

قرارات أم فقاعات؟

وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح إياد نصر، على صفحته بفيسبوك إن "جهات قيادية موثوقة أكدت أن الرئيس، سيقرر (في تلك الليلة) حلّ كل قضايا أبناء فتح في غزة فورًا، التقاعد المالي، وعودة الراتب 100 بالمئة وتفريغات 2005".

جهات قيادية موثوقة أكدت أن الرئيس الليلة سيقرر حل كل قضايا أبناء فتح في غزة فورا التقاعد المالي وعودة الراتب ١٠٠٪؜ وموضوع ٢٠٠٥

Posted by ‎Iyad Nasser - إياد نصر‎ on Sunday, January 24, 2021 

وتفريغات 2005 هو مصطلح يطلق على نحو 8 آلاف شخص من أبناء وكوادر حركة فتح الذين عينتهم السلطة في الأجهزة الأمنية في غزة أعوام 2005 و2006 و2007 ولم يُعاملوا كموظفين ويستلمون راتبا شهريا مقطوعا (غير كامل)، حيث وضعوا على لائحة الوعود بالتثبيت.

ومنذ أكثر من 3 سنوات لا يتلقى موظفو السلطة في القطاع رواتبهم كاملة، إذ تراوحت بين 50 و75 بالمئة، كما أحالت آلاف الموظفين للتقاعد المبكر، وهي قرارات اتخذت في سياق الضغط على حركة حماس لـ"تسليم" غزة، وسُميت بالعقوبات.

وفي السياق، قطعت السلطة رواتب مئات الأسرى وعائلات الشهداء في قطاع غزة والسجون الإسرائيلية، وخرجت بوعود متكررة لإرجاعها دون جدوى.

وسبق إياد نصر ذلك المنشور بآخر قال فيه: "غزة الحبيبة، تأهبي وتهيّئي بعد طول سنوات العذاب، فما صبرك إلا صدق انتماء لهذا الوطن، وهذا المشروع، والتزاما بالقيادة وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس.. فبإذن الله لن تبيتين الليلة إلا هادئة مطمئنة البال". 

يا غزة الحبيبة .. تأهبي و تهيئي بعد طول سنوات العذاب فما صبرك إلا صدق انتماء لهذا الوطن و هذا المشروع و التزاما بقيادة...

Posted by ‎Iyad Nasser - إياد نصر‎ on Sunday, January 24, 2021

بدوره، قال المتحدث باسم حركة فتح منير الجاغوب، عبر صفحته بفيسبوك " الرئيس أصدر تعليمات واضحة بحلّ كل القضايا خلال أيام، وأعطى تعليماته لرئيس الوزراء (محمد اشتية)، وأبرزها تفريغات 2005 والتقاعد المالي، والمقطوعة رواتبهم".

"الرئيس أصدر تعليمات واضحة بحل كل القضايا خلال أيام، وأعطى تعليماته لرئيس الوزراء، وأبرزها تفريغات 2005 والتقاعد المالي والمقطوعة رواتبهم".

Posted by ‎منير الجاغوب‎ on Sunday, January 24, 2021

بينما اكتفى المتحدث باسم فتح أسامة القواسمي بالقول على صفحته في فيسبوك: "أخبار جيدة تنتظرها غزة العزّة".

أخبار جيده تنتظرها غزة العزة

Posted by ‎أسامة القواسمي‎ on Sunday, January 24, 2021

لكن، جاء بيان اللجنة المركزية لحركة فتح أقل من التوقعات، حيث اكتفى بالقول: "السيد الرئيس سيتعامل مع كافة مشاكل قطاع غزة ومعالجة قضاياه بكل إيجابية"، ما دفع البعض لاعتبار تصريحات المسؤولين في الحركة على أنها فقاعات إعلامية.

وبعد حدوث حالة من البلبلة والإشاعات، صرح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، في 26 يناير/كانون الثاني 2021 بالقول إن الرئيس عباس اتخذ "سلسلة قرارات تجاه موظفي السلطة قطاع غزة كانت عالقة منذ سنوات طويلة"، دون توضيح ماهيتها.

وذكر الشيخ عبر حسابه بتويتر، أن القرارات "تهدف إلى خلق مناخ وطني إيجابي يمهد لمرحلة جديدة في أعقاب التفاهمات الوطنية". وأشار إلى أنها تأتي أيضًا "تمهيدًا لإجراء العملية الديمقراطية الفلسطينية في أجواء مريحة".

دعاية انتخابية

تحمل توقعات المحللين الفلسطينيين نظرة تشاؤمية بشأن إمكانية رفع السلطة العقوبات عن غزة قبل إجراء الانتخابات العامة، ويرون أن هذه الخطوة تمثل الاختبار الحقيقي لنجاح المصالحة الفلسطينية.

ويرى المحلل السياسي إياد جبر في تغريدة على تويتر أن "رفع العقوبات (عن غزة) يدخل ضمن الدعاية الانتخابية، لكن هذا السيناريو يحتاج لبيئة صالحة للانتخابات، فالتنافس الحقيقي بحاجة لمصالحة مسبقة".

فيما يقول المحلل السياسي فايز أبو شمالة في تغريدة على تويتر: "لا رفع للعقوبات، ولا رواتب قبل التوصل لاتفاق خلال اجتماع التنظيمات في القاهرة" (يرجح عقده أواخر يناير/كانون الثاني 2021، أو أوائل فبراير/شباط 2021، حسب تصريحات فلسطينية ويهدف إلى إنجاح الانتخابات).

بدوره، وصف الكاتب الفلسطيني مصطفى إبراهيم ما يجري بالقول: "في قطاع غزة والحالة السرويالية والبؤس والشقاء الذي يعيشه الناس، نستذكر الراحل غسان كنفاني ومقولته الشهيرة: يسرقون رغيفك ثم يعطونك منه كسرة، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم، يا لوقاحتهم".

وتابع في مقال نشره على مدونته الخاصة في 25 يناير/كانون الثاني 2021: "في موسم الانتخابات تصبح الحقوق عطايا وهبات ومنح من السلطان، للإبقاء على سياسات الإفقار الممنهجة منذ بداية سنوات الانقسام، وعقاب غزة جماعيًا وممارسة الضغط الاقتصادي عليهم".

وأردف: "عانى ولا يزال يعاني أهل غزة ظلم السلطة للموظفين العموميين وغالبيتهم من أبناء حركة فتح، بتجويعهم وتجريدهم من كرامتهم وإنسانيتهم وحقوقهم، بقطع آلاف الرواتب وفصلهم من الخدمة، وتقليص الرواتب إلى النصف، وفرض التقاعد المالي، وحرمانهم من الحقوق الاجتماعية التي يقرها القانون، وابتزازهم من قبل الأجهزة الأمنية واعتقالهم".

ورأى إبراهيم أن التصريحات الصادرة عن مسؤولي فتح "جاءت بسياسة الفزعة لتؤكد مسؤولية الحركة عن فرض العقوبات. انتهى اجتماع اللجنة المركزية ولم يصدر أي بيان عما ذكره الناطق باسمها، وكل ما رشح من معلومات أنه تم تحويل الملف للحكومة، وضجت الناس، وفتح المجال أمام الشائعات والتضليل الإعلامي والسياسي وخداع الموظفين".

ويعتقد الكاتب أحمد أبو زهري أن "عباس يبدو أنه معني بإبقائها (العقوبات) لإضعاف خصومه السياسيين لأن الغرض منها جاء بالأساس لتركيع حركة حماس، لكن أثرها كان مباشرًا على حياة الناس والجميع تضرر من هذه الإجراءات الانتقامية حتى الموالون وأنصار حركة فتح لم يكونوا بعيدين عن هذه المعاناة".

ووفق مقال نشره أبو زهري في صحيفة "فلسطين" المحلية 9 يناير/كانون الثاني 2021، فإن "هذا الإجراء تسبب في انهيار الكثير من المرافق، ورفع حجم المعاناة وجعل واقع وظروف غزة كارثية، في وقت لم يعط عباس ذلك أي اهتمام، وكأنه يريد من غزة أن تذهب للانتخابات والمصالحة منكسرة ومقيدة دون أن يبادر بخطوات عملية تثبت حسن نيته".

ويواجه عباس تحدي توحيد حركة فتح المنقسمة بين الموالين له وبين ما يسمى "التيار الإصلاحي" الذي يتبع للعضو المفصول من الحركة محمد دحلان.

وفي 20 يناير/كانون الثاني 2021، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن الرئيس عباس، هو مرشح حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، في انتخابات الرئاسة.

ويرى كثير من المراقبين أن الإعلان عن خطوة رفع العقوبات عن غزة تأتي في إطار دغدغة عواطف الناس من أجل إعادة انتخابه وضم أكبر عدد ممكن من المعارضين إلى صفه، وهو أمر عبر عنه مغردون بالقول: "الانتخابات ليست بحاجة إلى دعاية انتخابية، فالدعاية كانت مسبقة طوال فترة السنوات الماضية".