صحيفة إسبانية: إسرائيل تشعل "خلافات خطيرة" داخل القصر الملكي السعودي

12

طباعة

مشاركة

بعد الانزلاق في سلسلة طويلة من المشاكل في السنوات الخمس الماضية، يشعر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالقلق إزاء تغيير مستأجر البيت الأبيض. 

وعلق ابن سلمان كل آماله على الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن الأول سقط في الانتخابات، لذا تبقّى له الثاني فقط.

وتقول صحيفة "بوبليكو الإسبانية": إن مستقبل ابن سلمان أصبح اليوم معتمدا بالأساس على رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ وهو ما قد يكلفه غاليا إذا لم يصحح أخطاءه قريبا.  

وأوضحت الصحيفة أن التغيير الوشيك في الإدارة الأميركية والذي سيحدث بالفعل في 20 يناير/كانون الثاني 2021، يجلب غيوما مظلمة للأمير السعودي الذي كافح خلال الأسابيع الأخيرة من أجل البقاء بعيدا عن الأنظار، مثلما كشفت قمة مجموعة العشرين التي نظمتها الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني.

ولفتت إلى أن مستقبل ابن سلمان محل تساؤل بسبب المشاكل التي أقحم نفسه فيها عن طواعية تحت حماية بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب؛ والتي يكافح الآن من أجل الخروج منها. 

وعموما، تعد الحرب في اليمن والحصار المفروض على قطر خير مثالين عن المشاكل التي تسبب فيها ابن سلمان. 

يضاف إليهما، الوضع الكارثي والصعب لحقوق الإنسان في السعودية، دون أن ننسى مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، حسب ما تقول الصحيفة.

عدم يقين

ونقلت الصحيفة أنه منذ وقت ليس ببعيد، قال ترمب: "إن النظام السعودي لن يصمد حتى أسبوعين دون دعمه". ومؤخرا، تفاقمت حالة عدم اليقين التي خلقتها هذه الكلمات، وتحديدا، منذ فوز "جو بايدن" بالرئاسة الأميركية.

وفي المقام الأول، أعلن الرئيس المنتخب بالفعل أنه سيعود إلى سياسة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وسيتوقف عن تزويد السعودية بالسلاح في حربها على اليمن.

في هذا السياق، نشرت صحيفة "هآرتس" مقالا ينذر بالسوء كتبه الأستاذ في الجامعة العبرية في القدس "إيلي بوده"، والذي لا يتنبأ بتطورات إيجابية تتعلق بمحمد بن سلمان. 

ويشير المقال إلى أن هناك خلافات خطيرة داخل العائلة المالكة لم تعد خاصة، بل أصبحت عامة وعلى مرأى الجميع؛ في إشارة إلى التصريحات المفاجئة التي أدلى بها الأمير تركي الفيصل في 6 ديسمبر/كانون الأول 2020.

وفي قمة أمنية افتراضية نظمتها البحرين، وشارك فيها وزير الخارجية الإسرائيلي، "غابي أشكنازي"، وصف "الفيصل" إسرائيل بأنها قوة استعمارية واتهمها بسجن الفلسطينيين في "معسكرات اعتقال". 

لم تكن هذه الكلمات متوقعة في إسرائيل من شخص مثل هذا الأمير البارز والمرتبط بالقيادة في الرياض، والسفير السابق في لندن وواشنطن، ورئيس جهاز المخابرات لأكثر من عقدين، وهي مكانة خولت له الالتقاء سرا بعدد كبير من الإسرائيليين. 

وقدم "الفيصل" أمثلة مختلفة على المعاملة الوحشية التي يواجهها الفلسطينيون ومظاهر وأشكال الاحتلال، وقال: "لا يمكنكم معالجة جرح مفتوح بالمهدئات ومسكنات الألم". 

كما ذكر أن إسرائيل سجنت الفلسطينيين في معسكرات الاعتقال وتركتهم يتعفنون فيها، سواء كانوا صغارا أو كبارا أو رجالا أو نساء، مذكرا بأنها أيضا تهدم المنازل كما يحلو لها وتغتال من تريد بلا رادع.

وعموما، يعترف كثير من العرب والغربيين بهذه الحقيقة، لكن إسرائيل ليست معتادة على سماعها من شخصيات أجنبية. 

ونوهت الصحيفة بأن بعض المحللين يرون أن الملك سلمان بن عبد العزيز يتفق مع تصريحات الفيصل، على عكس نجله. وتظِهر هذه التصريحات الأخيرة مدى التوترات داخل العائلة الملكية السعودية. 

مغامرات مشبوهة

ودخل محمد بن سلمان في مغامرات مشبوهة لا نهاية لها بدعم من إسرائيل وواشنطن، ووصل إلى وضع تعتمد فيه بلاده كليا على "تل أبيب". وأشارت الصحيفة إلى أنه يجب على محمد بن سلمان إظهار الولاء المطلق لإسرائيل ومصالحها.

وعلى الرغم من ذلك، لا يرى ابن سلمان الأمر بنفس عيون والده، مثلما يتضح من خلال اعتراضات الملك الثمانيني التي حالت حتى الآن دون التطبيع مع إسرائيل. وفي هذا السياق الأخير تحديدا يجب أن توضع التصريحات غير المتوقعة لتركي الفيصل.  

ونوهت الصحيفة بأن تصريحات "الفيصل" جاءت بعد أيام فقط من لقاء محمد بن سلمان سرا برئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، وهو اجتماع تم تسريبه بعد ساعات إلى وسائل الإعلام العبرية. 

وعلى الرغم من أنه لم يكن أمام السعوديين خيار سوى إنكار الخبر، إلا أن الاجتماع كان موجودا فعلا ويشكل مؤشرا آخرا على الاعتماد المتزايد للأمير ابن سلمان على "إسرائيل".  

في هذا الصدد، يتذكر البروفيسور "بوده" أن أميرا بارزا آخر، هو بندر بن سلطان، هاجم الفلسطينيين بشدة، ووبخهم لمعارضتهم تطبيع العلاقات بين الدول العربية والدولة اليهودية حتى يتم حل النزاع وتتخلى إسرائيل عن الأراضي المحتلة عام 1967، بما في ذلك شرق القدس.

ونقلت الصحيفة أن تعارض مواقف أميرين بارزين، الفيصل وابن سلطان، فيما يتعلق بإسرائيل يمثل في الحقيقة تيارين يعكسان مواقف الملك سلمان ونجله المتناقضين.

وعلى وجه الخصوص، يريد الأول حل الصراع العربي الإسرائيلي، بينما يتخطى الثاني الفلسطينيين ويتسامح مع النقد المرير ضدهم. في المقابل، يتحد الملك والأمير ابن سلمان في كرههما لإيران، وهو موقف عدائي يشاركه نتنياهو. 

ويمثل هذا الموقف "القاسم المشترك الرئيسي" بين الثلاثة، وخاصة الآن بالتزامن مع تغيير "مستأجر البيت الأبيض" الذي يريد التوصل إلى حل وسط مع طهران، وهو أمر لا يريد نتنياهو ولا محمد بن سلمان سماع الحديث عنه.  

وبينت الصحيفة أن "نتنياهو" يقف ضد المبادرة العربية التي قادها في 2002، ولي العهد السعودي آنذاك، "الأمير عبد الله"، الذي أصبح ملكا فيما بعد.

تنص المبادرة بشكل أساسي على أن الدول العربية ستعترف بإسرائيل إذا غادرت الدولة اليهودية الأراضي المحتلة. وعلى الرغم من وفاء الملك سلمان لهذه المبادرة اليوم، إلا أن نجله لا يعيرها أي أهمية.

وذكرت الصحيفة أن وجود ابن سلمان في محور إسرائيل يشكل خطرا جسيما على الاستقرار في الشرق الأوسط، وليس فقط بسبب إيران. 

وفي الواقع، يُعتبر الأمير الشاب شخصية خطيرة تقريبا مثل ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، الذي يمكن القول: إنه أخطر رجل في الشرق الأوسط، ويأتي في المرتبة الثانية بعد نتنياهو.

وأوضحت الصحيفة أن الثلاثة، ابن سلمان وابن زايد ونتنياهو، شرعوا في مغامرات مشكوك فيها للغاية ويعملون أساسا لإنشاء شرق أوسط مصمم خصيصا لمصالح إسرائيل. وعموما، كلما زاد الاعتماد على إسرائيل من قبل ابن سلمان وابن زايد، زادت المشاكل في المنطقة؛ حيث ستطوع تحركات الأميرين لخدمة طموحات نتنياهو، وفق تقدير الصحيفة الإسبانية.

في ظل هذا الوضع، ترى أنه "يجب أن يعمل الرئيس الأميركي الجديد على تصحيح الأخطاء السابقة، وإلا فإن مستقبلا أسود ينتظر محمد بن سلمان".