وكالة إيرانية: فرنسا "الشرطي السيئ" لواشنطن في الملف النووي

12

طباعة

مشاركة

وصفت وكالة أنباء مهر الإيرانية، فرنسا بأنها "غير مفيدة" لطهران، بل وتؤثر بالسلب على اقتصادها، في ظل توتر العلاقات مع الولايات المتحدة فيما يخص الملف النووي.

جاء هذا في خلاصة استنتجها حسين حاجيلو الخبير في الشؤون الدبلوماسية الاقتصادية، في حديثه مع الصحيفة حول العلاقات الفرنسية الإيرانية منذ انعقاد الاتفاق النووي وحتى خروج واشنطن منه.

وبين الخبير أنه "ليس لإيران تعاملات اقتصادية كبيرة مع فرنسا في الوقت الراهن، والتعاملات البسيطة نفسها قابلة للتبديل كذلك مع الدول الأخرى، ولكن ينبغي علينا الحذر في العلاقات الاقتصادية المستقبلية".

وأضاف: "كان الفرنسيون أحد الداعمين الحقيقيين لصدام حسين خلال الحرب المفروضة أو حرب الدفاع المقدس -كما يسميها الإيرانيون- في المجال العسكري، في القوات الجوية على وجه الخصوص، وشن صدام ضربات قوية على موانئ البترول خاصتنا بواسطة المقاتلين الفرنسيين".

وبعد انتهاء الحرب، جرى استكمال الإجراءات المعادية من قبل باريس "في صورة إيوائها لجماعة المنافقين الإرهابية (منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة) والمستمرة حتى وقتنا الحالي، في الوقت الذي تلطخت فيه يد هذه الجماعة بدماء آلاف الإيرانيين كما يعقدون اجتماعاتهم الأخرى على أرض فرنسا".

استكمل حاجيلو حديثه قائلا: "كانت ذكرى دخول الدماء الملوثة بالإيدز من قبل فرنسا خلال عهد (لوران) فابيوس وزير الخارجية الحالي، ذكرى مريرة لهذه الدولة خلال تعاملها مع إيران، حيث ضغطت باريس على طهران خلال المحادثات الانتقالية التي حدثت في فترة التسعينيات واستمرت حتى وصلنا إلى الاتفاقات النووية".

وذكر أنه "كان لدينا مباحثات واتفاقيات نووية مع الطرف الأوروبي منذ عام 2013 حتى عام 2015، وأثناء هذه الفترة لم تقم فرنسا بنقض تعهداتها فقط بل كانت صاحبة بيان مجلس الأمم المتحدة ضد إيران".

الشرطي السيئ

في الأثناء، تحدث حاجيلو عن تقدم فرنسا في صناعة السيارات بالقول: "احتل الفرنسيون سوق السيارات الخاص بنا، دخلت بيجو سيتروين وكذلك رينو إلى صناعة السيارات الإيرانية، وأنفقنا لسنوات عدة على تطوير صناعة السيارات الفرنسية، وسلمنا زمام أمور سوق السيارات لهذه الدولة".

لكن لم يؤد هذا التعاون إلى النمو والتجانس التكنولوجي، ونرى نتيجته في الوضع المضطرب لصناعة السيارات في بلادنا، يقول الخبير.

وتابع: "بدأت إيران وكوريا الجنوبية صناعة السيارات في نفس الوقت تقريبا، لكن الفجوة بيننا وبين سيئول في هذا المجال لافتة للنظر لأقصى حد، وهذا التراجع ما هو إلا نتيجة للتعاون في صناعة السيارات مع الفرنسيين".

وأردف الخبير: تحولت فرنسا خلال المباحثات بشأن الاتفاق النووي إلى "الشرطة السيئة" لدرجة أنها اتخذت مواقف أسرع من واشنطن، وكانت ترفض عقد المفاوضات أحيانا من أجل الحصول على امتيازات أكثر، واستكملت ضغوطاتها.

وتطرق إلى سلوك فرنسا تجاه إيران عقب الاتفاق النووي: في المعاملات بعد 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2015، تحولت باريس إلى وكيلة للتأثير بالسلب على الاقتصاد الإيراني.

وأضاف: "للأسف، معظم تعاملات الدولة الأساسية كانت تتم معها في المجالات الجوية، البترولية، مجال السيارات، الزراعة، بناء الطرق، الفنادق والسياحة، تربية الأحياء المائية، استيراد الدواء وحتى في مجال استيراد الخراف، في الوقت الذي كنا نستطيع أن نوسع تعاملاتنا مع شركات العالم المختلفة، ولكن حوصر الاقتصاد الإيراني من قبل الولايات المتحدة".

ومن الشركات التي دخلت إيران في هذا الوقت: توتال، إيرباس، بيجو سيتروين، رينو، سانوفي وغيرها. 

النقطة التي لها أهمية كبيرة هي أنه عند طلب الشركة الإيطالية "ENI" الدخول إلى الاقتصاد الإيراني والتي لها نشاط في مجال البترول، لم يسمح لها الأميركان ولكنهم وافقوا على طلب شركة توتال.

استخدام أميركا لفرنسا

وأوضح حاجيلو أن فرنسا خلال انعقاد الاتفاق النووي تحولت إلى أهم شريك اقتصادي لإيران بعد هذا الاتفاق، حيث أنهى الأميركان هذا التعامل أثناء الخروج من الاتفاق.

 خرج الممثلون الاقتصاديون الفرنسيون بشكل تام من إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.

وعلى الرغم من وجود فرصة خمسة شهور للخروج من الدولة أمام شركة توتال فإنها لم تستغل هذه الفرصة، ورحلت عن إيران منذ البداية في يونيو/حزيران عام 2018. وبناء على ذلك استغل الأميركان دخول باريس إلى إيران أفضل استغلال.

كما انتقد الخبير الدبلوماسي نظرة مسؤولي الحكومة إزاء فرنسا، حيث قال: كان يعتقد رجال دولتنا أن باريس بإمكانها الوقوف مقابل واشنطن في الوقت الذي كانت رؤية الفرنسيين منسجمة كامل الانسجام مع الأميركان.

 وبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، لم يلتزم الأوروبيون بالوعود التي أعطوها مثل: شراء البترول، والدعم المالي لاينستكس (آلية أسستها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لتسهيل التبادل التجاري مع إيران بعملة غير الدولار)، لدرجة أن ربط الفرنسيون بين اينستكس وبين FATF (مجموعة العمل المالي التي تهدف إلى محاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب).

وأردف حاجيلو: "للفرنسيين نفس الآراء ووجهات النظر الأميركية فيما يتعلق بسياسة الضغط لأقصى حد، والصواريخ، وقضايا المنطقة، لذا أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون بشكل رسمي أن إيران ليست حليفة لفرنسا، ويجب إعادة النظر في مجال الصواريخ الباليستية والدور غير المستقر في المنطقة".

وأصدرت فرنسا في النهاية بيانا جديدا في مجلس المحافظين على الرغم من تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبدأت بالضغط على إيران فيما يتعلق بالملف النووي بالتزامن مع ضغط الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

يجب الحذر!

أضاف الخبير: "ليس لدينا معاملات خاصة مع فرنسا في الوقت الحالي، لكن الخطر لا يزال موجودا وهو التوجه مرة أخرى إلى التعامل مع ياريس وتكرار الهزيمة ثانية".

وأوضح أن فرنسا أمسكت بزمام السوق الإيراني في عهد ما، "وشاهدنا نتيجته عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي".

وتابع في السياق: "منحوا حكومتنا أمل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين ثم أصابونا بخيبة الأمل، كما تنم التهامسات في الدولة عن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، ولكن يجب علينا أن نحذر من وضع السوق خاصتنا تحت حكم الفرنسيين، وألا نلدغ من نفس الجحر مرتين".

وتطرق إلى "هتك حرمة نبينا المعظم رسول الإسلام" من قبل الفرنسيين وصمت مسؤولي هذه الدولة على هذه الإهانة، مبينا أنها كانت خطوة ضد هوية سائر المسلمين.

وقال: "يجب الحذر من التعاملات المقبلة بين إيران وفرنسا، لا يجب على إيران أن تقبل باريس كممثل لأوروبا في المفاوضات كرد على هذه الخطوة".

واختتم حاجيلو حديثه قائلا: "علاقتنا مع فرنسا لم تجلب الخير حتى الآن، كما كانت مليئة بالخصومة. كل شركاتهم التي دخلت كانت برفقة أميركا بشكل تام، وتركوا إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي".

هذا يؤكد وجود الخداع في سلوك الفرنسيين "الجميل"، بحسب الكاتب الذي يواصل: "يجب إعادة قراءة سلوك فرنسا عبر سجلات التاريخ".