صراع بين فرنسا وألمانيا في شرق البحر المتوسط.. ما القصة؟

12

طباعة

مشاركة

مع انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا في عام 2017، تصاعدت مرة أخرى صيحات تطالب باريس بتولي القيادة السياسية في الاتحاد الأوروبي وأن تصبح قوة عالمية فاعلة.

وفي هذا السياق يمكن اختصار المشهد، بأن روسيا هي المنافس الشرس للولايات المتحدة على المستوى العالمي، فيما تفكر باريس ليل نهار في التخلص من نفوذ ألمانيا داخل الاتحاد الأوروبي والذي أصبح مهيمنا.

ويقول الكاتب التركي إسماعيل شاهين: في واقع الأمر، من الضروري إجراء تقييم دقيق لانتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن "ألمانيا تستسلم لقوة روسيا" وانتقادات السياسة اليمينية الفرنسية "بأن باريس تقع تحت تأثير برلين".

وفي نهاية يوليو/تموز، قال ترامب: "لماذا يجب على الولايات المتحدة الدفاع عن ألمانيا من روسيا عندما تشتري برلين حوامل الطاقة من موسكو".

وتماشيا مع هذه الانتقادات، من المهم قراءة سياسة فرنسا التدخلية العدوانية التي تصعد التوتر نحو شرق البحر المتوسط، وفق ما يقول شاهين في مقال بصحيفة  ديرليش بوسطاسي التركية.

ويرى أنه "في هذه المرحلة، تحاول باريس تحقيق جملة من الأهداف لتعزيز قدرتها مثل العمل على توجيه الاتحاد الأوروبي، وتفعيل قدراته العسكرية وإيجاد رؤية مشتركة له في مسائل الشرق الأوسط وخاصة غربي البحر والمسألة الليبية لاسيما التنقيب عن النفط والغاز والسيطرة على الموارد هناك، وإحباط انتقاد اليمين الفرنسي اضافة إلى إرهاب الدول الإفريقية لتبقى في بيت الطاعة".

استغلال فرنسا

ومع ذلك، فإن استغلال فرنسا للاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق مصالحها الوطنية يزعج العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد، وخاصة ألمانيا وهذا الانزعاج بالنسبة لتركيا يشكل أهمية كبيرة، وفق الكاتب.

ويقول: "تتعارض سياسة فرنسا (مع الاتحاد الأوروبي) في السيطرة على موارد الطاقة الغنية في إفريقيا وشرق المتوسط​​، والتي تهدد الاتحاد وحلف شمال الأطلسي (الناتو) من الداخل كما تتعارض مع مبادئ السياسة الخارجية لألمانيا، لأن برلين تعطي الأولوية للوحدة والأمن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لأوروبا".

ومن خلال الحركة الدبلوماسية المعروفة باسم "عملية برلين"، أظهرت ألمانيا أنها تدعم حل جميع المشاكل في شرق البحر المتوسط ​​من خلال الحوار.

وتؤيد ألمانيا الاستقرار والسلام الدائم ليس فقط في شرق البحر الأبيض المتوسط​​، ولكن أيضا في كامل المتوسط بأسره، "لأنه؛ وفقا لحسابات برلين، يعتمد مستقبل الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير على السيطرة على موجات المهاجرين واللاجئين التي توجهها أوروبا".

وعليه، يلعب البحر الأبيض المتوسط ​​دورا رئيسيا في هذا السياق. وضمن هذه المعادلة، لا تدعم ألمانيا التي تساوي استقرار أوروبا باستقرار المتوسط​، الوجود العسكري الفرنسي وموقفها العدواني في شرق الأبيض المتوسط، بحسب الكاتب.

ويتابع: "هناك شيء واحد واضح للغاية وهو أن تحقيق أهداف سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة باللاجئين مرتبط بدرجة وثيقة بالتفاهم مع تركيا، وهنا وبدلا من ذلك، تحرض كل من اليونان وقبرص الرومية على تركيا وتفرض عقوبات ضمن سياسات الاتحاد".

ويعتقد أن الطريقة الوحيدة لتقليل جرعة التوتر في شرق البحر المتوسط ​​هي إضافة الحياة إلى الدبلوماسية "وهذا يقع بالمجمل على عاتق ألمانيا".

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن السياسات الخاطئة التي نفذتها فرنسا، والتي تسعى إلى تحقيق نجاح جيوسياسي في شرق البحر الأبيض المتوسط، تفتح المجال لروسيا في هذه المناطق.

ويوضح الكاتب: "لا شك أن هذا الوضع يقلق العديد من دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة ألمانيا وحلف شمال الأطلسي، لذلك يجب على تركيا في هذه العملية الدقيقة، أن تستمر في شرح المخاطر المحتملة من الدبلوماسية الفرنسية النشطة في سياسة التهديد والعدوانية للاتحاد والناتو".