مركز دراسات تركي: هذه أهداف اتفاق النفط بين أميركا و"قسد" بسوريا

12

طباعة

مشاركة

تطرق مركز سيتا التركي للأبحاث والدراسات، إلى الاتفاقية النفطية الأخيرة الموقعة بين الولايات المتحدة الأميركية ومليشيات كردية في شمال شرق سوريا.

وفي 3 أغسطس/آب 2020، قالت وزارة الخارجية التركية: إن الاتفاق النفطي الذي وقع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وشركة "Delta Crescent Energy LLC" الأميركية، مرفوض تماما.

وينص الاتفاق على استخراج النفط ومعالجته والاتجار به في شمال شرق سوريا. واعتبرت تركيا أن الاتفاق يساهم في "تمويل الإرهاب"، وقد يذكي التوتر في منطقة شرق الفرات بين أنقرة وواشنطن.

وسلط المركز التركي الضوء على هذا الاتفاق في 5 أسئلة كالتالي:

  • ما هي صفقة النفط بين الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب الكردية؟

لم يكن الاتفاق المعلن بين شركة "دلتا كريسنت إنيرجي" الأميركية ووحدات حماية الشعب تطورا غير متوقع لمتابعي هذه القضية وقد تم التوصل لهذه الاتفاقية، التي كانت قيد التفاوض منذ عام 2019، عند تأسيس الشركة، بعد أن قررت وزارة الخزانة إعفاءها من العمل في المنطقة.

وتشمل الاتفاقية تجديد الحقول النفطية شمال شرقي الحسكة وزيادة الطاقة الإنتاجية وكفاءة الإنتاج والنقل. ومن النقاط اللافتة للنظر أن حقول النفط في دير الزور لا تتضمنها  الاتفاقية.

  • من هم مؤسسو شركة دلتا كريسنت للطاقة؟

أحد الجوانب الأكثر لفتا للانتباه في الاتفاقية هو بلا شك مؤسسو الشركة الذين هم طرف في الاتفاقية.

بالنظر إلى المؤسسين، هناك جيمس كاين السفير الأميركي السابق في الدنمارك، وجيمس ريس الجندي السابق في دلتا فورس بالجيش الأميركي، وجون دورير المدير السابق لشركة غلف ساندز ومقرها المملكة المتحدة، والذي عمل في حقول النفط في سوريا.

وعند التركيز على خصائص هؤلاء الشركاء الثلاثة وعلاقاتهم، من اللافت للنظر أن الاتفاقية بين الشركة ووحدات حماية الشعب سياسية وليست تجارية.

وفي واقع الأمر، فإن إحدى المعلومات التي ترددها وسائل الإعلام أن هؤلاء الشركاء لديهم علاقات وثيقة مع حكومة إقليم كردستان العراق؛ إذ سيكون طريق التصدير المحتمل بواسطة هذه الحكومة، بعد زيادة الطاقة الإنتاجية للشركة.

  • هل النفط السوري مسألة تجارية أم سياسية؟

من الصعب جدا التعامل مع النفط السوري على أنه مسألة تجارية، وإذا عدنا للوراء قليلا يجب أن نعرف أن هذا النفط الذي بلغت طاقته الإنتاجية اليومية 380-410 ألف برميل قبل عام 2011، يتخلف كثيرا عن دول المنطقة من حيث الاحتياطيات.

وفي حين أن السعودية لديها 268 مليار برميل من الاحتياطي، والعراق لديها 148 مليار برميل، والنظام السوري 2.5 مليار برميل فقط من الاحتياطيات، وبالنظر إلى إجمالي الاحتياطيات في العالم في بيانات 2018، لم يتم تضمين النفط السوري حتى في النسبة المئوية البالغة 1.7 تريليون برميل.

هذا فضلا عن أن جودته أقل بكثير من المعايير العالمية. لذلك، من الصعب للغاية الاستثمار في النفط بسوريا تجاريا، وبالتالي؛ من الواضح أن الاتفاق المعني جاء بدوافع سياسية.

  • ما هو هدف الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية؟

من الواضح أن الاتفاق وقرار الاستثمار المعني تم اتخاذه لدوافع سياسية. وفي هذه الحالة، يمكن القول: إن البيروقراطية الأميركية الراسخة قدمت ورقة النفط من أجل إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ففي واقع الأمر، تم تقنين قرار ترامب بمغادرة سوريا بالكامل إلى بُعد تدريجي من قبل البيروقراطية، ثم جرى الإعلان عن استمرار وجوده العسكري في المنطقة من أجل الحفاظ على النفط.

إذا ما تأملنا هذه النقطة، ليس من العسير التوصل إلى أن الولايات المتحدة تهدف إلى إقامة نظام مستقر في المنطقة خاصة وأنها وسيط بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي / وحدات حماية الشعب.

ومع ذلك، يبدو أن هذا الأمر يعتمد على فرضية إقناع تركيا، وهو أمر في شدة التعقيد.

ففي هذا الصدد، الفصل بين حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، وكسر الوجود المهيمن لحزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب مع المجلس الوطني الكردي ،والاندماج الكامل للعرب، كلها أمور مطلوبة لبناء نظام جديد، وهذا قد يدفع تركيا لأن تكون طرفا في هذه المعادلة أو على الأقل هكذا تراهن واشنطن.

  • ما مدى دقة مقاربة التجربة العراقية شمالا مع مثيلاتها شمال سوريا، وماذا سيكون موقف تركيا تجاهها؟

عند المقارنة بين السكان الأكراد في سوريا والعراق، يظهر الضعف الديموغرافي للأكراد السوريين.

أضف إلى ذلك، لا يزال عدد السكان الأكراد عند مستوى 10-15٪ في المنطقة التي تدار تحت اسم قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة.

بالإضافة إلى الاختلاف النسبي، فإن الاختلاف العددي مرتفع أيضا؛ ففي كل سوريا لا يوجد أكراد ربع ما هو متوافر راهنا في العراق والحقيقة أيضا أنه وحتى في المنطقة الممتدة من منبج إلى دير الزور في الجنوب والقامشلي في الشمال، فإن السكان الأكراد هم أقلية.

وبناء على ذلك كله، لا يمكن أن تنظر تركيا لهذه المسألة بعين المتهاون أو المتساهل، وهي مسألة أمن قوي لا هوادة فيها البتة.

وعليه، لا شبهة أنه وفي حال لم تفض الجهود الدبلوماسية والسياسية لنتيجة مقنعة بالنسبة لأنقرة فإن السيناريو الأكثر واقعية هو شنها عملية عسكرية جديدة شمالي شرق سوريا وقد يسبق ذلك خطوات وقائية تقوم بها. 

والرؤية عند تركيا واضحة في هذا الصدد، فهي من أجل بناء نظام عادل ومستقيم في سوريا، ولعدم إنشاء حزب بعث آخر، من الممكن أن تعزز وجود الحكومة السورية المؤقتة وتعمل على تقوية الوجود العسكري الراهن للمعارضة هناك (الجيش الوطني السوري) بل وقد يكون إدراج الجالية العربية، التي تدار تحت اسم قسد، في هذه الهيئات بمثابة البداية.