لوموند: هذه أسباب خسارة الإمارات المتجددة في اليمن وليبيا

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على ما وصفتها بـ "الخسارة القاسية" للإمارات العربية المتحدة، بعد أكثر من خمس سنوات على الحروب التي خاضتها في اليمن وليبيا.

وفي مقال بالصحيفة قال أستاذ تاريخ الشرق الأوسط جان بيير فيلو: "الإمارات التي يصل عدد سكانها إلى 9 ملايين نسمة، أصبحت أداة عسكرية مثيرة، حيث صعدت إلى مرتبة رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة من 2011 إلى 2015".

وأوضح فيلو أن الرجل القوي في البلاد هو ولي العهد محمد بن زايد، وغالبا ما يطلق عليه MBZ، على غرار نظيره السعودي محمد بن سلمان، المعروف أيضا باسم MBS. 

وأكد أن "الاثنين من أقوى الزعماء في الخليج، لكن غالبا ما تكون لابن زايد (59 عاما) اليد العليا على نظيره السعودي، الذي يصغره بـ 25 سنة، حيث يتبنى سيد أبوظبي سياسة عدوانية تجاه إيران من جهة، والإخوان المسلمين من جهة أخرى، لكن الانتكاسات التي منيت بها بلاده على المسرح اليمني والليبي تؤكد فشل هذا الخط العسكري".

اعتراف بالفشل

فعلى صعيد اليمن، نوه فيلو بأنه في مارس/ آذار 2015، شنت السعودية والإمارات حربا ضد الحوثيين، "هؤلاء المتمردين الموالين لإيران الذين أطاحوا بالحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ثم سيطروا على البلاد".

وتابع: "على عكس السعوديين ،انخرطت القوات الإماراتية على الأرض، إذ كان لها دور رئيسي في طرد الحوثيين من عدن في صيف 2015، ثم عناصر تنظيم القاعدة من المكلا في ربيع 2016".

وبين أن أبوظبي دفعت ثمنا باهظا في هذه الاشتباكات، حيث قتل 45 من جنودها بإطلاق صاروخ في سبتمبر/أيلول 2015، لكنها فرضت إستراتيجيتها الخاصة على حليفتها السعودية.

وجرى ذلك من خلال رفض التعاون مع الإخوان المسلمين المتمثلين بحزب الإصلاح، الموجود بكثافة في المعسكر الحكومي؛ ثم من خلال دعم الانفصاليين الجنوبيين في الحراك، الذين يريدون إعادة تأسيس جنوب اليمن المستقل، من عام 1967 إلى عام 1990.

وبحسب "فيلو"، قوضت هذه الإستراتيجية الإماراتية بشكل دائم من سلطة عبد ربه منصور هادي، الرئيس المنتخب لليمن في اقتراع 2012 تحت إشراف الأمم المتحدة وأجبره الحوثيون على الذهاب إلى المنفى في الرياض بعد ذلك بثلاث سنوات. 

ومع ذلك، باسم الرئيس الشرعي لليمن، جرى شن الحملة العسكرية ضد الحوثيين رسميا، بيد أن هادي لا يستطيع إعادة الاستقرار في عدن بسبب دعم الإمارات للانفصاليين الجنوبيين، والأخطر من ذلك، فضلت أبوظبي التحالف مع المليشيات لمواجهة الإخوان المسلمين، وفق الكاتب.

وأخيرا، قرر محمد بن زايد تركيز الهجوم المشترك، اعتبارا من يونيو/حزيران 2018، على ميناء الحديدة الإستراتيجي والضروري لإمداد العاصمة صنعاء وشمال البلاد.

 لكن رغم أشهر من القتال العنيف، فإن الإمارات غير قادرة على اختراق خطوط العدو وقبلت وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة. 

وأكد الكاتب أن القادة في أبوظبي استخلصوا دروسا من هذا الفشل، وأعلنوا خفض مشاركتهم العسكرية في اليمن، بيد أن انسحاب القوات الإماراتية، الذي اكتمل في فبراير/ شباط 2020، لم يمنع الدولة الخليجية من الاستمرار في التأثير على الأزمة، لا سيما من خلال الرعاة الجنوبيين. 

وبين أن الانسحاب الإماراتي ترك شبه الجزيرة العربية تواجه تحدي إنهاء مشرف للنزاع اليمني، بينما لا تزال حكومة هادي عرضة للتظاهر الانفصالي.

حرب أهلية

أما عن ليبيا، فقال أستاذ تاريخ الشرق الأوسط/ إن هذا البلد عرف ثلاثة حروب أهلية منذ عام 2011، أولها أدى في غضون بضعة أشهر إلى الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي، أما الحربان التاليتان فكانتا في 2014 و2019 من قبل المشير خليفة حفتر. 

وتابع: "على رأس أفضل المليشيات المسلحة في البلاد، التي أطلقت على نفسها الجيش الوطني الليبي (ANL)، يريد حفتر إنشاء قوة بدون انقسام، بدلا من سلطة حكومة طرابلس". 

وأردف: "انضم محمد بن زايد بشكل تام إلى حفتر، واعتبره أفضل حصن في ليبيا ضد نفوذ الإخوان المسلمين، وكذلك رعاتهم الإقليميين في تركيا وقطر". 

وفي أغسطس/ آب 2014، قصفت طائرة إماراتية من طراز ميراج F1 طرابلس، دون نتيجة، حيث وقعت العاصمة في أيدي العناصر المناهضة لحفتر، كما أنه في تحد لحظر الأمم المتحدة على توريد الأسلحة إلى ليبيا، ظلت أبوظبي تدعمه بمروحيات من أصل بيلاروسي وتمول بسخاء اقتناءه للأسلحة الثقيلة.

وأوضح الكاتب أن حفتر المحبط من النصر العسكري لغرمائه في 2014-2015 ، استأنف الأعمال العدائية في أبريل/ نيسان 2019، من أجل نسف تسوية النزاع التي ترعاها الأمم المتحدة. وهنا تدخلت الإمارات بقوة في هذه الحرب الأهلية الجديدة، حتى أكثر من الحلفاء الآخرين لحفتر: مصر وروسيا والسعودية. 

وأضاف: "وكما هو الحال في اليمن، اتخذ محمد بن زايد الخيار الخطير للغاية المتمثل في دعم المليشيات السلفية، التي تتمتع بميزة رائعة وهي معاداة جماعة الإخوان المسلمين، لكن التصعيد العسكري ألقى بحكومة طرابلس في أحضان تركيا، التي أضعفت مشاركتها المتزايدة في ليبيا حفتر على عدة جبهات".

وبينما أصبح غير قادر على تحقيق نجاح عسكري حاسم، ساهم ابن زايد في استقالة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، ثم أقنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراض على تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة في المنصب، معتبرا أنه غير داعم بما فيه الكفاية لحفتر، ولا يزال المنصب شاغرا بسبب السياسة السيئة لأبوظبي، يقول الكاتب.

وخلص إلى أنه في كل من اليمن وليبيا، وجه التصعيد العسكري الإماراتي ضربة قوية لوساطة الأمم المتحدة للسلام وسلطة الحكومات المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، وقد برزت المليشيات في هذين البلدين المعرضين بالفعل للتفتت. 

بالإضافة إلى ذلك، شجع ابن زايد، من خلال سياسته، على إشراك خصومه الإقليميين، إيران في اليمن وتركيا في ليبيا، وبالتالي فإن الاختيار العسكري يؤدي إلى النتيجة المعاكسة لما يرغب به، في ظل غياب انتصار واضح في ساحة المعركة. 

وبعيدا عن تأثير هذه الهجمات على السكان المعنيين، فإن نتائج أكثر من خمس سنوات من المغامرة تبدو قاتمة بالنسبة لـ "إسبرطة الشرق الأوسط" (الإمارات). وإسبرطة كما عرفتها الصحيفة تعني "قوة عسكرية مخصصة لإعادة رسم توازن القوة الدقيق في المنطقة".

من ناحية أخرى قالت الصحيفة في تقرير آخر لها: إن ميزان القوى في الصراع الليبي تغير منذ بداية العام بعد أن وضعت تركيا جيلا جديدا من الطائرات بدون طيار في خدمة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

وقالت الصحيفة: إن الحرب الليبية مستمرة على الرغم من الدعوات الدولية لإنهاء الأعمال العسكرية من أجل مكافحة فيروس كورونا بشكل أفضل، لكن التصعيد في غرب العاصمة طرابلس خلال الأيام الأخيرة يكرس انعكاسا لتوازن القوى على حساب القوات الموالية للمشير حفتر والتي عانت نكسات شديدة وفقدت السيطرة على المدن الساحلية على غرار مدينة صبراتة وصرمان، على بعد أقل من 70 كم غرب العاصمة طرابلس.

وأوضحت أن استعادة هاتين المدينتين من قبل القوات الموالية لحكومة الوفاق والمدعومة عسكريا من قبل تركيا هو جزء من الهجوم المضاد الذي سيقوض إنجازات المشير بالرغم من أنه لا يزال يحتفظ بمدينة سرت.