خليفة المهندس بالحشد الشعبي.. لهذا اعترضت عليه "حوزة النجف"

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

توصلت قيادة الحشد الشعبي في العراق إلى اختيار شخصية، تشغل منصب  رئيس أركان الهيئة، خلفا لأبو مهدي المهندس الذي قتل بغارة جوية مع قائد فيلق القدس الإيراني في 3 يناير/كانون الثاني 2020، وذلك بعدما حظيت بموافقة قادة المليشيات الشيعية.

فرغم قرار البرلمان العراقي عام 2016، إدراج "الحشد الشعبي" ضمن القوات الأمنية وربطه مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة، إلا أن اختيار قائد يخلف المهندس في منصبه، ليس بالأمر الهين، ولا يعتمد على أمر يصدره رئيس المؤسسة.

لذلك، فإن تأخر إيجاد البديل كان يعود إلى البحث عن شخصية ملائمة تسد مكان المهندس، لأنه "لم يكن إداريا وقياديا فحسب، وإنما كان له دور روحي مؤثر في الفصائل وتعقيداتها وضبط انفعالاتها"، حسبما كشف المتحدث السابق باسم "الحشد" كريم النوري، في حديث سابق لـ"الاستقلال".

"أبوفدك"

في 20 فبراير/ شباط 2020، اتفق الحشد الشعبي خلال اجتماع للهيئة القيادية على تعيين عبدالعزيز "أبوفدك" في منصب رئيس هيئة الأركان خلفا لأبو مهدي المهندس، حسبما أعلن معاون رئيس الهيئة أبو علي البصري.

وأكد البصري في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن "الأمر الديواني بتعيين أبو فدك، سيتم من القائد العام للقوات المسلحة بعدما تم الاتفاق عليه من هيئة الحشد"، دون ذكر تفاصيل عن اختياره.

لكن الخبير العراقي في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، غرد على تويتر قائلا: "قيادات سياسية شيعية وفصائلية رحبت باختياره وإنه إداري جيد وبإمكانه قيادة الحشد بنفس إمكانيات المهندس، ولديه علاقات حسنة مع الأكراد والسنة".

بعد إعلان اختيار "أبوفدك" رئيسا لأركان الحشد الشعبي، تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا له، رغم قلة المعلومات المتوفرة عنه كونه لا يظهر في وسائل الإعلام.

الصور التي نشرت عبر مواقع التواصل أظهرت قربه من قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، ففي إحدى الصور ظهر الأخير وهو يقبل رأس "أبو فدك"، كما أنه ظهر يصلي خلفه في صورة أخرى.

وتربط "أبوفدك" صحبة طويلة مع قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، وفقا للخبير العراقي، هشام الهاشمي، الذي نشر صورتين تجمعان الشخصين معا.

من هو؟

يملك "أبوفدك"، أسماء حركية عدة، لكن اسمه الحقيقي عبدالعزيز المحمداوي، وعمل مع منظمة بدر عام 1983، وكُلف بمهام الاستخبارات للمنظمة كمساعد لزعيمها هادي العامري.

وفي عام 2004 رفض التخلي عن السلاح، وشكل مجموعات خاصة لمقاتلة الأمريكان كانت مرتبطة ماليا بمنظمة بدر، لكنه عاد للعمل في عام 2006 مع أبو مهدي المهندس وارتبطت مجموعاته مع مكتب الجنرال سليماني.

وشكل "أبو فدك" مليشيات "كتائب حزب الله" وكان أول أمين عام لها، بمباركة القيادي السابق في حزب الله اللبناني عماد مغنية، وسليماني والمهندس، كمجموعات خاصة عالية التدريب والتجهيز لقتال الأمريكان.

وحسب النائب العراقي أحمد الأسدي، فإن "أبو فدك هو أحد المجاهدين العاملين في فيلق بدر قبل سقوط النظام (صدام حسين في 2003)، انخرط في مقاومة الاحتلال بعد سقوط النظام ضمن صفوف كتائب حزب الله، وكان أحد قيادات الحشد العسكرية في الحرب ضد تنظيم الدولة".

وأضاف: أن "أبو فدك ترك العمل في الكتائب منذ أكثر من عام، وتفرغ للعمل في هيئة الحشد الشعبي"، مؤكدا أن "أبو فدك هو أحد أركان هيئة الحشد، ومن الطبيعي أن يرشح كرئيس للأركان، وهو شخصية محترمة وصاحب خلق عالي ومخلص في عمله ومحب لوطنه".

وفي عام 2015 مع حادثة اختطاف الصيادين القطريين، التي سببت مشاكل مع أصدقائه السابقين، خرج من تنظيم "كتائب حزب الله" في العراق، وفقا للخبير بشؤون الجماعات المسلحة.

وقاد "أبو فدك" الكثير من المعارك في سوريا، منها السيطرة على تل شعيب ومليحة ودوار الحجيرة والغوطة، كما كان القائد العسكري للقوة العراقية الحليفة في السيطرة على كفر نبل والزهراء في ريف إدلب.

وفي المعارك ضد تنظيم الدولة بالعراق (2014 – 2017)، كان "أبو فدك" القائد الميداني العسكري الذي أشرف على محور سليمان بيك، باتجاه عمليات السيطرة على ناحية آمرلي شرق مدينة صلاح الدين العراقية.

"الخال"

ومع انطلاق الاحتجاجات الشعبية بالعراق في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول، والتي تنادي بإنهاء الهيمنة الإيرانية على البلد، عاد "أبو فدك" إلى "كتائب حزب الله" بتوجيه مباشر من الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

وفي 6 ديسمبر/ كانون الثاني 2020، ظهر لقب "الخال" على جدران مرآب السيارات في منطقة السنك وسط بغداد، الذي كان يسيطر عليه محتجون عراقيون، وذلك بعد ارتكاب مليشيات "كتائب حزب الله" مجزرة بحق المتظاهرين.

وقتل خلال "مجزرة السنك" نحو 24 متظاهرا وإصابة أكثر من 100 آخرين كانوا جميعهم يبيتون في المرآب (الكراج) الذي أطلقوا عليه "جبل الشهداء" في إشارة إلى قتلى الاحتجاجات الشعبية.

وبعد الهجوم على السفارة الأمريكية ببغداد، في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2019، انتشرت صور لشعارات كتبت على سور المبنى، بينها صورة لشعار "الخال مر من هنا" على أحد جدران السفارة، في إشارة إلى أنه أشرف على العملية.

الخبير هشام الهاشمي أكد في إحدى تغريداته أيضا، بالقول: إنه وفق المعطيات الإعلامية، فإن لقب "الخال" المقصود به نفسه عبدالعزيز المحمداوي "أبو فدك"، وهي ذات العبارة التي كتبت على جدار السفارة الأمريكية.

ويعود لقب "الخال" الذي اشتهر به "أبو فدك" إلى مرحلة سجنه في أحد سجون القوات الأمريكية بالعراق، حسبما ذكرت تقارير إعلامية.

خلافات حادة

ولم يمرّ قرار تعيين "أبو فدك" مرور الكرام، ففي حين أعلنت مليشيات موالية لإيران منضوية تحت مظلة الحشد الشعبي مباركتها، أعلنت أخرى محسوبة على الحوزة الشيعية في النجف استهجانها اختيار "الخال" رئيسا لأركان "الحشد".

وكانت "كتائب حزب الله العراق" على رأس المباركين لاختيار أبو فدك لهذا المنصب، إذ اعتبرت في بيان لها تعيينه "رسالة تحد إلى الولايات المتحدة في العراق".

وفي الوقت ذاته، أكد بيان صادر عن "فصائل العتبات" التابعة لمرجعية النجف، (والتي تضم فرقة الإمام علي القتالية، فرقة العباس القتالية، لواء علي الأكبر، لواء أنصار المرجعية) استهجانها لقرار تعيين "أبو فدك" دون علمها أو أخذ رأيها.

لكن الخلاف بين الطرفين على "أبوفدك" يبدو ليس بالجديد، إذ أنه مقرب جدا من مليشيا "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، على العكس تماما من الفصيلين التابعين للعتبتين الحسينية والعباسية (لواء علي الأكبر – فرقة العباس القتالية)، حيث تسود أجواء من التوتر، بحسب تقارير.

وأوضحت هذه التقارير، أن حادثة وقعت بين "الخال" و"لواء علي الأكبر" كادت أن تتطور إلى نزاع مسلح، لولا تدخل ممثل المرجع السيستاني، عبدالمهدي الكربلائي حينها، حيث "اندلع النزاع بسبب أسلحة تعود لتنظيم الدولة استولى عليها لواء العتبة الحسينية، لكن المحمداوي أصر على استلام السلاح".

ولفتت إلى أن عبدالعزيز المحمداوي، كان يستخدم كنية "أبو حميد" خلال قيادته عمليات "كتائب حزب الله العراق" ضد تنظيم الدولة، في جرف الصخر شمال مدينة بابل العراقية.

وأكدت التقارير أن "أبو حميد" كان أول من يستقبل الجنرال سليماني، خلال تلك المعارك، في مقر إقامته بمنطقة جرف الصخر، وأن "المقر كان ضخما جدا وكان يطل على سجن خاص بكتائب حزب الله، تجري التحقيقات فيه مع المعتقلين بإشراف المحمداوي شخصيا".

ولا تزال القوى السياسية السنية في العراق، تطالب الحكومة بكشف مصير أكثر من 12 ألف مختطف سني، يعتقد وجودهم في سجون سرية بمنطقة "جرف الصخر" التي تخضع لإدارة "كتائب حزب الله" منذ عام 2014 وحتى الآن، و"لا يستطيع أي مسؤول عراقي دخولها حتى رئيس الحكومة"، وفقا لنواب عراقيين.

كما أن سكان "جرف الصخر" وغالبيتهم من السنة، يقدر عددهم بنحو 150 ألف شخص لا يزالون في مخيمات النزوح، إذ تمنع المليشيات الشيعية عودتهم إلى المدينة التي أطلقوا عليها اسم "جرف النصر" بعد استعادتها من سيطرة تنظيم الدولة عام 2014.