مجلة أمريكية: 4 تحديات تواجه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "إنترناشيونال بوليسي دايجست" الأمريكية، مقالا للكاتب حسام الدين بجاس، سلط فيه الضوء على مهمة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، التي وصفها بأنها "صعبة" كونه تولى مهام منصبه في أوقات عصيبة، حيث كانت أول مهمة له كرئيس للبلاد إعلان الحداد الرسمي، في أعقاب وفاة صديقه اللواء أحمد قايد صالح في 23 ديسمبر/كانون الثاني 2019.

وقال الكاتب في مقاله: إن "تبون تولى زمام الأمور خلال فترة يمكن القول إنها الأكثر اضطرابا في تاريخ الجزائر الحديث، فالرئيس الجديد مكلف بتحديد المسار للجمهورية الجزائرية الجديدة التي وعد بها في خطاب تنصيبه في ديسمبر/كانون الثاني 2019".

أربعة تحديات

وأوضح أن "أول التحديات التي يواجهها تبون، هي أن التوقعات المنتظرة منه عالية جدا رغم انتخابه بنسبة مشاركة 20 بالمئة من الناخبين الجزائريين، التي تعتبر أقل نسبة مشاركة في تاريخ الجزائر".

ولفت الكاتب إلى أن "أوراق اعتماد تبون كعضو مخلص في النظام منذ التسعينيات وكمرشح الجيش للرئاسة تجعل من الصعب تصديق أنه وجه التغيير الذي طالب به ملايين المحتجين في جميع أنحاء الجزائر".

ومضى يقول: "على الرغم من أنه كان رئيسا للوزراء لفترة قصيرة في عام 2017، إلا أنه كان منتقدا صريحا لفساد بعض دوائر النظام، لكنه أيضا ظل مؤيدا قويا لولاية بوتفليقة الخامسة حتى النهاية المريرة".

وأشار الكاتب إلى أنه رغم تصريحات تبون بأنه يتمنى أن يكون رئيسا لجميع الجزائريين وإبداء رغبته في الاجتماع بممثلي الحراك الشعبي، لكن 300 متظاهرا لا يزال في السجن عقب احتجازهم في موجات من الاعتقالات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واتهام المتظاهرين في الشوارع الذين يتحدون الانتخابات التي أوصلت تبون إلى السلطة بـ"التحريض على تجمع غير مسلح" أو "العصيان المدني" أو "الإضرار بالأمن القومي".

ولفت إلى أنه مع إطلاق سراح 76 من قادة الحراك كغصن زيتون، إلا أن المصير الغامض للقادة الرئيسيين ومئات السجناء الباقين يطرح السؤال عما إذا كانت هذه إستراتيجية "فرّق تسد".

وأضاف الكاتب: "علاوة على ذلك، فإن اختيارات تبون الأولية لوزراء الحكومة يجري انتقادها بالفعل باعتبارها نفس الوجوه القديمة، مع عدم وجود تمثيل للقوى السياسية التي ظهرت في العام الماضي".

وأردف: "على الرغم من أن الوقت لا يزال مبكرا لمعرفة ذلك، فإن تصرفات الرئيس تبون تجاه هذه القوى، والتي من المرجح أن تتحداه في كل خطوة على الطريق، ستكون ضرورية لنجاح رئاسته"، مشيرا إلى أن "ثاني التحديات بالنسبة للرئيس الجزائري الجديد هي علاقته بالجيش".

ونوه الكاتب إلى "أن الجيش الذي يحظى بالاحترام والهيبة لا يزال يتمتع بدعم من شرائح واسعة من الشعب الجزائري، الذي رحب بتدخله للحفاظ على السلام وسط مظاهرات جماهيرية".

وأكد أنه "بتوجيه خطوات الجيش الجزائري خلال كل مرحلة من مراحل الأزمة السياسية في الجزائر، كان الجنرال قايد صالح حاكما وضامنا أمنيا"، مضيفا: "في النهاية، كان الجيش هو مصدر الضغط على الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة ودائرته الداخلية حتى يستجيبوا لمطالب الحراك وترك السلطة بعد 20 عاما من الحكم".

واستطرد الكاتب قائلا: "كان الهدف المعلن للجيش الجزائري هو ملء الفراغ السياسي الناجم عن استقالة الرئيس بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019، والآن بعد أن أدى تبون اليمين، هل سيتراجع الجيش في ظل نائب وزير الدفاع المعيّن حديثا شنقريحة إلى الخلفية والسماح لتبون بالقيادة والوفاء بوعوده؟".

وأجاب الكاتب: "كانت هناك شائعات بأن شنقريحة هو اليد اليمنى لقايد صالح والمهندس الرئيسي لإستراتيجية الجيش تجاه الحراك، مما يجعل من المرجح للغاية اتباع نهج قائم على الاستمرارية".

وأشار إلى أن الشيء المؤكد، هو أن "من سيتم تصعيده في التعديلات العسكري الجارية حاليا بعد قايد صالح هو من سيشكل النهج الأمني ​​الجزائري تجاه الحراك، وأي إصلاحات اقتصادية أو سياسية أو أمنية سيسعى إليها الرئيس تبون".

ولفت الكاتب إلى أن "ثالث التحديات هو الاقتصاد الجزائري"، مبينا "أدى فراغ السلطة السياسية المطول طوال عام 2019، وسجن العديد من أبرز رجال الأعمال في الجزائر بتهم الفساد، إلى خلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي العميق".

وتابع: "تلاشت الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث يحاول أصحاب المصلحة الرئيسيون فك شفرة القواعد الجديدة لممارسة الأعمال التجارية في الجزائر".

وواصل الكاتب، قائلا: "إضافة إلى تغيير ثقافة الممارسات التجارية الفاسدة، سيحتاج الرئيس الجديد إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن الإعانات وضوابط الاستيراد وإدارة عجز الموازنة، والتي لم تكن تحظى تاريخيا بشعبية لدى الجمهور".

وتساءل بجاس: "هل سيتبع تبون خطوات جميع أسلافه في محاولة شراء سلام اجتماعي بثروة نفطية بدلا من مضاعفة الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها؟".

وأوضح الكاتب، أن "رابع التحديات هو القدرة على تجاوز حالة عدم الاستقرار الإقليمي والتدخل الأجنبي".

الأزمة الليبية

ومضى يقول: "في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تصاعدا في الاحتجاجات التي تطالب بالتغيير، فمن المرجح أن يلعب تبون دورا في تفضيل المجتمع الدولي للاستقرار، وسيظهر نفسه كزعيم سينهي الأزمة".

ورأى الكاتب أنه "بالنظر إلى الصراع المتصاعد في ليبيا المجاورة، قد يبدو مريحا لمن هم في الخارج رؤية الأمور تتوصل إلى حل في الجزائر بين السلطة والشارع".

ولفت إلى أن هذه التحديات ليست سوى غيض من فيض ينتظر تبون، مضيفا: "بينما هو رئيس الجزائر الذي لا جدال فيه من الناحية القانونية، إلا أنه أمامه طريق صعب لإثبات نفسه كزعيم شرعي للنظام السياسي الجزائري الجديد النشط والمحتشد للغاية".

وتابع الكاتب، قائلا: "يشعر الكثير من الجزائريين بالقلق من أنه عندما ينقشع الغبار، فإن أولئك الذين وضعوا حياتهم على المحك لتحدي النظام سوف يجري تشويههم، وفي الوقت نفسه، سيتم إطلاق سراح أصدقاء النظام والمديرين التنفيذيين الموجودين حاليا في السجن، وسيعود الفساد إلى العمل كالمعتاد".

واختتم بجاس مقاله بالقول: "في الواقع، عندما تم إطلاق سراح قطب الأعمال البارز  أسعد ربراب، مجرد تذكير بذلك أشبه بصفعة على المعصم".