أحمد الميسري.. وزير يمني كشف انقلاب الإمارات وكذب السعودية

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"لقد خرجنا لنعود"، كلمة شهيرة نطق بها وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري مع تصاعد الأزمة في جنوب اليمن، إثر قيام المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، بعملية انقلاب على الحكومة الشرعية في أغسطس/آب 2019.

كلمة الميسري جاءت ضمن مقطع مصور أقر خلاله بهزيمة قوات الحكومة الشرعية، لكنه أكد أنها لن تكون المعركة الأخيرة، ما أزعج الإمارات، إلى الحد الذي دفع الميلشيا المسلحة التابعة لها إلى اقتحام منزل الميسري في عدن والاستيلاء عليه.

فمع تصاعد الأزمة في جنوب اليمن، برز اسم الميسري، كمسؤول يمني لم يرق للتحالف، والإمارات على وجه الخصوص، حيث كان أول مسؤول تابع للشرعية يصدر تصريحات ضد التحالف وممارساته في اليمن.

أثناء الانقلاب غابت الشرعية تماما، ولم تصدر أي تصريحات لكشف حقيقة ما يجري، وكان الميسري هو الوحيد الذي ظهر في تسجيل مصور من كاميرا هاتفه المحمول قائلا: "الحرب الحاصلة يمنية إماراتية، والميلشيات المسلحة التي تقود الانقلاب حاليا ما هي إلا أدوات تعمل بالأجرة اليومية لصالح أبوظبي، وبعتاد عسكري إماراتي".

الميسري أضاف: "المواجهات قوبلت بالصمت المريب والتجاهل من قبل الرياض، في وقت كان الجيش اليمني بأسلحة محدودة يجابه جيشا معدا بأحدث الأسلحة الإماراتية، من بينها 400 عربة عسكرية، توزعت على جميع مربعات عدن".

واختتم الميسري كلمته مخاطبا التحالف: "عن أي شرعية تتحدثون وقد ذبحتم الشرعية من الوريد إلى الوريد؟"، كاشفا كل الأوراق، ومهنئا الإمارات بنجاح الانقلاب على الشرعية التي ادعت أنها أتت لمساعدتها على إنهاء انقلاب الحوثي.

ابن "المياسرة"

أحمد بن أحمد الميسري، من مواليد مدينة "مودية" في محافظة أبين، جنوبي اليمن، وينتمي إلى قبيلة "المياسرة" أشهر قبائل "دُثينة" في أبين، تخرج من كلية الهندسة في جامعة صنعاء عام 1996، وحصل على دبلوم إدارة من السودان.

في 2008 عين الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الميسري محافظا لأبين (جنوب)، وفي 2011 تم إقالته وتعيينه نائبا لوزير الزراعة والري، ورئيسا للجنة صرف مرتبات الجيش والأمن.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 تم تعيينه وزيرا للزراعة من قبل الرئيس هادي، في حكومة أحمد بن دغر واستمر في منصبه حتى تم تعيينه في ديسمبر/كانون الأول 2017 وزيرا للداخلية، نائبا لرئيس الوزراء، خلفا للواء حسين عرب، ويعد أول شخصية مدنية شغلت منصب وزير الداخلية في الجمهورية اليمنية.

المؤتمر الشعبي

التحق الميسري مبكرا بحزب المؤتمر الشعبي العام، وعُد منذ التحاقه بالحزب، من قيادات الصف الثاني الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وكان أحد المقربين من "صالح" منذ سنوات طويلة.

لكنه أعلن تأييده للرئيس هادي إبان الثورة، والتحق بجناح هادي الذي ينتمي بدوره لحزب المؤتمر، الذي كان يشغل نائبا لرئيس الجمهورية، وتم التوافق عليه  رئيسا لفترة انتقالية بموجب المبادرة الخليجية عام 2012.

شغل الميسري عدة مناصب في حزب "المؤتمر" فقد كان عضوا في المكتب التنفيذي لاتحاد شباب الميثاق بين عامي 1995-1999، وعضو هيئة الرقابة التنظيمية العليا في المؤتمر العام الخامس، وعضو اللجنة الدائمة بانتخاب من المؤتمر العام السادس، ومشرف تنظيمي للمؤتمر الشعبي العام في السودان من 2000-2005، ورئيس دائرة الشباب والطلاب  في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام، ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام الجنوبي وعضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام.

وبعد تشظي حزب المؤتمر وانقسامه إلى 3 أجنحة، جناح هادي المقيم في الرياض، وجناح أحمد علي نجل صالح الذي يتنقل بين القاهرة وأبوظبي، والجناح الموالي للحوثيين المقيم في صنعاء، كان الميسري ملتحقا بجناح هادي.

ضد التحالف

لاقت تصريحات الميسري ارتياحا من قبل كثير من اليمنيين، حيث كان الصوت الوحيد الذي يطلق تصريحات ضد التحالف من بين كل مسؤولي الشرعية، في وقت أصيب الكثيرون بالخذلان من الشرعية والتحالف. 

وفي تصويت برنامج "سباق الأخبار" على قناة الجزيرة، منح جمهور القناة لقب "شخصية الأسبوع" للمسيري، متقدما على الرئيس  البرازيلي جايير بولسونار الذي حل في المركز الثاني، حيث حصل على 66% من إجمالي الأصوات المشاركة.

ودون الدكتور مروان الغفوري في أحد منشوراته على فيسبوك، عقب خطاب شهير للميسري في مايو/آيار 2019 "أدّعي أنني استمعت إلى أفضل كلمة/ خطاب في السياسة منذ 2014". مضيفا: "في الخطاب قدم الميسري نفسه كقائد مؤتمري، قال ذلك وهو يبتسم ويضع يده على صدره".

وأضاف الغفوري: "أكتب هذه الملاحظة لأقول للميسري إن الشجعان لن يدفعوا ثمن شجاعتهم، بل سيجنون الكثير من ورائها، وأنهم يموتون بعد الجبناء بزمن طويل.. وأنه ليس وحده".

في المؤتمر التشاوري بعدن تحدث الميسري ساعتها عن نقاط جوهرية مثلت مشكلات رئيسية في القضية اليمنية، قائلا: "اشتركنا مع التحالف في الحرب على الحوثيين، وليست الشراكة في إدارة المناطق المحررة. نحن نعتقد أننا دولة، وما زلنا دولة، ولذلك لا بد أن يناط بمؤسسات هذه الدولة إدارة كل المناطق المحررة".

وأضاف الميسري: "أعتقد أن اتفاقنا مع التحالف العربي هو الزحف على الحوثيين باتجاه الشمال، وليس الزحف باتجاه الشرق. يجب أن يعلم الأشقاء في التحالف العربي أن هناك من رجالات الدولة من لديه الجرأة ليقول لهم إن السير معوج، ويجب أن يستقيم الحال".

وتابع: "الخجل في مصير الأمم لا يصنع دولا. والأيادي المرتجفة لا تعمل مسودة استقلال دول. سيقرر أبناء الجنوب بالصناديق الحرة في ظروف طبيعية ماذا يريدون".

انقلاب الإمارات

تناول الميسري في تصريحات نارية ممارسات الإمارات في اليمن، وتحدث بما كان يفترض أن تتحدث به الشرعية، وفي الفترات الأخيرة طالت تصريحاته الرياض وموقفها من الانقلاب في عدن.

عقب معركة شبوة، التي انتصرت فيها الشرعية اليمنية وتمكنت من إخراج الميلشيات المسلحة التابعة للإمارات من شبوة، أطلق الميسري تصريحات في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019.

الميسري قال: "مشروع الإمارات سقط، ولن نقبل بأي اتفاق مذل ولن نعود إلى عدن إلا بحدنا وحديدنا". وأضاف الميسري في كلمته: "أن معركة شبوة لم تكن في حسبان أحد، لكنها كانت مفصلية وحاسمة، وأعادت ألق الجمهورية لليمنيين. لدينا جيش أوله في شقرة وآخره في سيئون".

ودعا الميسري الرئيس هادي "إلى التمسك بالثوابت الوطنية وعدم مكافأة الانقلابيين والمتمردين"، في إشارة الى اتفاق الرياض الذي تم توقيعه بين الحكومة الشرعية والانتقالي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

وتابع الميسري: "نحن في اليمن ابتلينا بالتفويض الإلهي للحوثيين والتفويض الجنوبي للانتقالي وكلاهما مشاريع ساقطة".

المملكة تكذب

وفي ذلك الخطاب، شن الميسري، هجوما كان  الأعنف ضد السعودية، حيث اتهمها بممارسة الكذب على الحكومة الشرعية.

وقال الميسري في كلمة خلال لقائه قيادات أمنية وعسكرية وقبلية في محافظة شبوة: المملكة كذبت علينا أكثر من مرة.. والرائد لا يكذب أهله.، وأضاف: "طُلب منا السكوت إزاء ذلك". وهاجم  الميسري وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، واتهمه بالكذب.

وتابع الميسري: "خرج الجبير متحدثا في محفل دولي للأمم المتحدة عقب قصف الطيران الإماراتي قوات الجيش في منطقة العلم -مدخل مدينة عدن الشرقي- وأحدث مجزرة شهدها القاصي والداني، قائلا إن الإمارات انسحبت، وإن الانتقالي استغل فرصة غياب الدولة.ووصف الميسري تصريح الجبير بأنه "فرية كبيرة".

وذكر الوزير الميسري في معرض هجومه على الجبير "هل هناك باطل أكثر من هذا؟ 300 شهيد يضربهم الطيران، بينما ظهر من يمثل الخارجية السعودية في محفل دولي ويتحدث بالكذب".

وتساءل الميسري قائلا: "الجبير يقول إن الامارات انسحبت من اليمن والسؤال من قصف الجيش الوطني في العلم على مشارف عدن؟ إن لم تكن الإمارات التي قصفت الجيش اليمني، فلم تقصفه إذن إلا السعودية، لأن أجواءنا لا تحلق فيها إلا الطائرات الإماراتية والسعودية".

وانتقد الميسري صمت وزارة الخارجية اليمنية على تصريح الجبير، وقال إنه طلب من الوزارة أن تصمت وألا ترد على هذه الكذبة. وأضاف: "مثل هذه التصريحات لممثلي القيادة السعودية يجعلنا نتوجس من الأشقاء في المملكة، وتهز الثقة فيما بيننا".