انتهاكاته أغضبت والده.. "جارديان": خلاف بين الملك سلمان وولي عهده

12

طباعة

مشاركة

علمت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية بـ "وجود خلاف محتمل بين ملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ووريثه ولي العهد محمد بن سلمان".

وقالت الصحيفة في تقرير لها، إن "خلاف الملك وولي العهد ليس جديداً، إذ اختلفا حول عدد من قضايا السياسة الهامة، بما في ذلك الحرب في اليمن".

ويقال، بحسب التقرير الذي ترجمته صحيفة "الاستقلال": "إن الخلاف أخذ في النمو والتراكم منذ مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، الذي أكّدت وكالة المخابرات المركزية أنه كان نتيجة أوامر من ولي العهد".

خطر أثناء زيارة الملك إلى مصر

غير أن هذه التوترات تفاقمت بشكل كبير في أواخر فبراير/ شباط المنقضي عندما زار الملك، البالغ من العمر 83 عاما، مصر ولقي تحذيرات من قبل مستشاريه بأنه معرض لخطر تحرك محتمل ضده"، وفقا لأنباء نقلتها الصحيفة عن مصدرها.

وتابعت الصحيفة: "شعرت حاشية الملك بقلق شديد من التهديد المحتمل لسلطته إلى الحد الذي دفعهم إلى طلب فريق أمني موثوق من الموالين للملك في وزارة الداخلية، يتألف من أكثر من ثلاثين جنديًا، وتم نقلهم إلى مصر ليحلوا مكان الفريق الأول".

ونقلا عن مصدرها، قالت الصحيفة البريطانية: "إن هذه الخطوة جاءت كاستجابة سريعة عكست مخاوف الحاشية من أن يكون بعض موظفي الأمن المرافقين للملك موالين لولي العهد".

وأضافت الصحيفة، بحسب المصدر ذاته: إن "مستشاري الملك أعفوا أفرادًا من الأمن المصري الذين كانوا يتولون حراسة الملك أثناء وجوده في مصر". كما أشار المصدر إلى أن "الخلاف في العلاقات بين الأب وابنه ظهر في غياب بن سلمان من استقبال الملك عند عودته".

"وأكد بيان صحفي رسمي ذكر أسماء الضيوف في مطار الرياض أن محمد بن سلمان لم يكن من بينهم، مضيفًا أن التكهنات تفيد أن المقصود من البيان توجيه ضربة إلى ولي العهد"، بحسب "ذا جارديان".

بن سلمان يصدر قرارات في غياب الملك

وأفادت الصحيفة أن "ولي العهد، الذي تم تعيينه "نائبًا للملك" خلال رحلة الملك إلى مصر، -كما هو معتاد في غياب الملك عن البلاد- وقّع على قرارين مهمين يتعلقان بتعيينات رئيسية في الحكومة، بينما كان الملك بعيدا. وتضمّن القراران تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للولايات المتحدة الأمريكية، وتعيين أخيه خالد بن سلمان في وزارة الدفاع، والتعيين الأخير يصب في تكريس السلطة وحصرها في فرع واحد من العائلة الحاكمة".

أشار التقرير إلى أن "هذه التغييرات طُرحت في وقت سابق، إلا أن الإعلان تم دون علم الملك، الذي استشاط غضبًا بسبب تولي خالد بن سلمان هذا المنصب الكبير؛ لاعتقاده أنه قرار سابق لأوانه"، بحسب مصدر الصحيفة.

وأوضحت "ذا جارديان" أن "الإعلان عن التعيينات الملكية يتم دائمًا باسم الملك، ولكن مراسيم 23 فبراير/ شباط جاءت بتوقيع من قبل "نائب الملك"، وأشار أحد الخبراء أن لقب نائب الملك لم يستخدم في مثل هذه الحالة لعقود".

وعلمت الصحيفة البريطانية أن "الملك وفريقه لم يعلموا عن التعديلات إلا عبر شاشة التلفاز".

خلافات بين الملك وولي عهده بشأن قتل خاشقجي

وأفاد التقرير أن "هذه الحادثة أتت في الوقت الذي يحاول فيه الملك إصلاح بعض الأضرار التي لحقت بالمملكة من جراء الجريمة التي وقعت في أكتوبر/ تشرين الأول بقتل جمال خاشقجي. وقد استجاب الملك لرغبة أنصاره في المشاركة بشكل أكبر في صنع القرار؛ لمنع ولي العهد من الحصول على مزيد من السلطة".

الصحيفة البريطانية، طلبت من السلطات السعودية التعليق على الأمر، وقال المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن يوم الاثنين الماضي: إنه "من المعتاد أن يصدر ملك المملكة العربية السعودية أمرًا ملكيًا يفوض سلطة إدارة شؤون الدولة إلى نائبه، ولي العهد، كلما سافر إلى الخارج، وهذا ماحصل خلال زيارة الملك سلمان الأخيرة لمصر".

وأضاف المتحدث لـ"ذا جارديان": "التعديلات التي تمت، كانت صادرة من الأمير محمد بصفته نائب الملك وباسم الملك، وأي تلميح إلى خلاف ذلك هو أمر لا أساس له من الصحة".

وأكدت الصحيفة أن المتحدث "لم يجب على الأسئلة المتكررة حول التغييرات التي طرأت على حرس الملك السعودي أثناء وجوده في مصر. كما أنه لم يعلق على إعفاء الكثير من الأمن المصري؛ والذي قيل إنه يعكس علاقة الملك المضطربة مع رئيس البلاد عبد الفتاح السيسي".

المتحدث باسم السفارة لم يكن الوحيد الذي رفض الإجابة عن أسئلة الصحيفة، فقد أفاد تقريرها أن "المسؤول في وزارة الخارجية المصرية هو الآخر رفض التعليق، وأيضا المتحدث باسم مركز الاتصالات الدولية في المملكة العربية السعودية".

وأفاد التقرير أن "الملك نُصِحَ بالتريّث، وعدم مناقشة الأمر مع ابنه أو قيادات الحكومة إلى حين عودته إلى البلاد".

بن سلمان يسير على سطح الكعبة

وعادت الصحيفة إلى حادثة أخرى لابن سلمان، قائلة: "كان ولي العهد قد أغضب الناس الشهر الماضي عندما سار على سطح الكعبة، وهو من الأماكن المقدسة في الإسلام. ما جعل بعض علماء الدين يشتكون إلى الملك بالفعل غير اللائق"، وفقا لمصادر الصحيفة المطّلعة.

مصادر "ذا جارديان" أكدت أن "ولي العهد والملك اختلفا أيضا حول السياسة الخارجية، بما في ذلك التعامل مع أسرى الحرب في اليمن، ورد السعودية على الاحتجاجات في السودان والجزائر. واعتبر الملك أن نهج وريثه متشدد في قمع الاحتجاجات". "ومع أنه لا يمكن القول إن الملك إصلاحي، إلا أنه أيد تغطية أكثر حرية للاحتجاجات في الجزائر في الصحافة السعودية"، على حد تعبير الصحيفة.

ونقل التقرير تصريح مدير مشروع بروكينغز للمخابرات وأحد مخضرمي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية،بروس ريدل: "هناك بعض الإشارات الخفية والهامة لشيء ما يحدث في القصر الملكي، فالمتعارف عليه أن يرحب ولي العهد مادام في صحة جيدة بعودة الملك من رحلة خارجية، إنها علامة على الاحترام واستمرارية الحكومة، ولا بد أن يلفت هذا الغياب انتباه العائلة المالكة، ويدفعهم إلى البحث لفهم مضامينه".

كما قال أحد المحللين للصحيفة البريطانية: "إنه من الممكن أن يكون الوضع قد فُهِمَ بصورة خاطئة" فيما أضاف زميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شاتام هاوس، نيل كيليام: "حتى لو اتخذ بن سلمان قرار تعيين الموظفين خلال فترة غياب والده، فإن ذلك يتماشى مع السياسة المتفق عليها بين السعودية والولايات المتحدة؛ لإحداث تغييرات في سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن".

وقال كيليام للصحيفة: "ومع ذلك، إن هذه القرارات تشير إلى رغبة بن سلمان في المضي قدمًا في التغيير وتأكيد سلطته، لقد رأينا اختلافات بين الاثنين من قبل، لا سيما حول قضية القدس، ولكن من غير المرجح أن يواجه ولي العهد والده بشكل مباشر، أو يصعّد الخلاف معه؛ لأنه لا يزال يعتمد على دعمه لمنحه الشرعية".

وأضاف: "في حين أن غياب الأمير عن المطار خرقٌ للبروتوكول؛ فقد تكون هناك أسباب أخرى وراء غيابه".