في ظل الاحتجاجات.. ثورة تطال شعر المراهقين بالعراق

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

بينما تغطي مختلف وسائل الإعلام الاحتجاجات المندلعة في العاصمة بغداد طوال الوقت وتعطيها الاهتمام الذي تستحقه، لا يمكن للمرء أن يفوّت ظاهرة أخرى مثيرة للإعجاب بين الشباب العراقي، لكن هذا الأمر لا يتعلق بما يدور في عقولهم بل على رؤوسهم.

تحت هذه الكلمات سلطت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية الضوء على ظاهرة انتشرت في العراق خلال الفترة الماضية والتي وصفتها بمثابة "ثورة" كالمظاهرات التي انطلقت مطلع أكتوبر / تشرين الأول، داعية إلى القضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين.

تسريحات مجنونة

"إنها تسريحات الشعر المجنونة، أو بالأحرى الفنون التي تقف على رؤوس المراهقين والشباب، بمجرد أن نبتعد قليلا عن المتظاهرين وشعارات ميدان التحرير، مركز الاحتجاج في العاصمة  بغداد"، بحسب الصحيفة الفرنسية.

وأضافت: "في هذا البلد الذي لا يملك منافذ كثيرة إلى البحر ومعظم أراضيه خالية من الجبال، تُطلق العنان للأمواج وتتصاعد التلال على رؤوس الشباب  في مناطق عدة".

وتابعت الصحيفة: "نراهم في كل مكان، في الشوارع، أو مراكز التسوق أو المقاهي، يسيرون بفخر بتسريحات سبايكي الخاصة بهم، كما يطلق عليها السكان، وهي كلمة مأخوذة من اللغة الإنجليزية وتعني الشعر الخشن".

وأوضحت: "يمكن أن يصل ارتفاع الشعر على الرأس إلى 15 سم، وهي تسريحة ثمينة، للأولاد الصغار أو المراهقين، بجانب نماذج أخرى من التسريحات".

هذه "الثورة"، تقول الصحيفة، قادرة على إسعاد صالونات تصفيف الشعر للرجال في العراق، بشكل أكبر وأكثر حظا من تلك المخصصة للنساء حيث يرتدي 90 بالمئة منهن الحجاب، فأشهر مصممي التسريحات ينشرون دروسا على موقع "يوتيوب" ويعرضون التصاميم والتخفيضات الخاصة بهم.

وبحسب "ليبراسيون"، فإن التسريحات تشمل جانبي الرأس والجزء العلوي، إذ يتم تشكيلها بعد ذلك من خلال نقوش رائعة، وكلما كان الشعر أطول، كلما زادت أشكال الأناقة والإبداع. فللقصات المركبة، يتم استخدام منتج أو أكثر من الأساليب والطرق، اعتمادا على طبيعة الشعر، في حين أن البخاخات والمواد المثبتة أصبحت لا غنى عنها للجميع.

وأكدت أنه من الصعب معرفة أصل هذا الموضة فنادرا ما تشاهد في أماكن أخرى، بما في ذلك الدول العربية، لكن هذا الإلهام يأتي من بعض نجوم كرة القدم الدوليين، بمن فيهم اللاعب البريطاني السابق ديفيد بيكهام.

لكن الغلو في هذا التقليد جعله تخصصا محليا عراقيا، وتساءلت الصحيفة: هل سينجو من الأحداث المجنونة التي تهز البلاد منذ أسابيع؟، وأجابت "يمكننا التشكيك في ذلك لأن شباب العراق المحتجين يبرزون بطريقة بناءة أكثر بكثير من تسريحاتهم".

صورة أخرى

من ناحية أخرى، تطرقت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى العودة الصعبة للحياة في مدينة الموصل المدمرة بالكامل بعد ثلاث سنوات من القتال مع تنظيم الدولة، لافتة إلى أنه بعد استقبال السكان نبأ وفاة أبي بكر البغدادي، زعيم التنظيم، بالارتياح يطمح الكثير من أهلها إلى إعادة بناء مدينتهم وأيضا أنفسهم.

وقالت "لوفيجارو": إن "المنازل والمباني المهدمة، وأكوام الأنقاض، والخردة المعدنية، والسيارات المحترقة، تشير إلى أن الموصل كانت مسرحا لمعركة رهيبة".

وذكرت الصحيفة الفرنسية، أن ثاني أكبر مدن العراق، التي سقطت في أيدي الإرهابيين خلال يونيو/جزيران 2014، وأصبحت العاصمة المعلنة لما يسمى بـ"دولة الخلافة" في العراق، عاشت ثلاث سنوات من "الإرهاب والظلام"، حيث استعادت السلطات العراقية السيطرة عليها في يوليو/تموز 2017، بعد تسعة أشهر من القتال العنيف والمميت ضد عدو شرس وعنيد.

وأوضحت أنه من خلال قصفها من قوات التحالف، دفعت المدينة القديمة ذات التراث التاريخي الذي لا يقدر بثمن، وحيث سقط التنظيم، ثمنا باهظا لهذه الحرب، فالموصل أصبحت مدمرة بالكامل تقريبا.

وأشارت الصحيفة إلى أن "منزل (م. و. ر) لم يفلت من الدمار، إذ تعلم هذا الطفل ذا الأحد عشر عاما كيف يتعامل مع هذا المشهد الموحش الذي أصبح ملعبه".

وأكدت أن (م. و. ر) يتذكر الأماكن التي توجد فيها بقايا المتفجرات أو القنابل اليدوية، وكيفية تجنبها بشكل أفضل، وأيضا مكان وجود الجثث المتعفنة لمقاتلي تنظيم الدولة تحت الأنقاض.

وقال الصبي لـ"لوفيجارو": لم يعد من المهم بالنسبة لي رؤية الموتى"، مضيفا: "لقد رهبنا الجهاديون لمدة ثلاث سنوات تقريبا". وأكد أنه كانت هناك عمليات إعدام والكثير من الجثث في الشوارع، عشنا محبوسين، وخلال الشهرين الأخيرين من المعركة، لم يتبق شيء للأكل.

وبعد معاناة الجوع والرعب، تعيش عائلة (م. و. ر) اليوم في حالة فقر وسط الأنقاض وهو يحاول دون وسائل مساعدة كبيرة لإعادة بناء المنزل، ومع موت البغدادي يبتسم الصبي مستحضرا حريته الجديدة.

لكن في ظل هذه الأنقاض وبعد مرور أكثر من عامين على انتهاء الحرب، يدين المهندس إسماعيل، وهو من مواليد 1990، بطء وتيرة العمل، وتقاعس الحكومة بسبب الفساد المستشري.

ونقلت الصحيفة عن المهندس قوله: إن "الموصل تعج بالمشاريع، لكن غالبا ما تتوقف لأن الأموال تضيع في متاهة الفساد"، مضيفا: "أعمل كثيرا، لكن ليس لدي أمل كبير في أن تتحسن الأمور هنا، تنظيم الدولة وحش، لكنه عدو معروف، أما الفساد فعدو متنكر يقتلنا من الداخل".

وتشهد العديد من المدن العراقية مظاهرات حاشدة خاصة ساحة التحرير في العاصمة بغداد التي باتت معقل المتظاهرين الذي يحتجون ضد سياسة الحكومة العراقية وفساد السياسيين والطائفية اللذين التهما العراق منذ عام 2003 عقب الغزو الأمريكي للبلاد وسقوط نظام صدام حسين. هذه الاحتجاجات المطالبة بـ"إسقاط النظام" وإجراء إصلاحات واسعة، أسفرت عن مقتل أكثر من 340 شخصا، غالبيتهم متظاهرون.

وقال هؤلاء إنهم يريدون بلدا حقيقيا وليس ملكا للصوص والقتلة  ومع دخول الاحتجاجات في البلاد أسبوعها الرابع مازال التحدي في العراق يكتسب الدعم والتصميم، لاسيما أن الإضراب العام الذي دعا إليه المحتجون شارك فيه على نطاق واسع الموظفون المدنيون والطلاب والمدرسون وعمال المهن الحرة ببغداد وكذلك في مدن أخرى جنوب البلاد، بحسب الصحيفة.