طالبان أجنبيان: انتهاكات السيسي في حراك سبتمبر فاقت الخيال (حوار)

لندن - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أصدرت جامعة إدنبره في المملكة المتحدة بيانا على لسان متحدثها الرسمي قالت فيه: إن اثنين من طلابها في مصر تم توقيفهما من قبل السلطات دون إبداء أسباب واضحة.

الجامعة طالبت جميع طلابها في مصر بمغادرة البلاد فورا، وفي وقت لاحق أعلنت خروجهم جميعا من مصر، مشددة أنها لن تتوقف عن حماية طلابها في الخارج.

بدأت القصة في الانتشار ونشرت المواقع الإخبارية المحلية في إدنبره خبر توقيف اثنين من طلاب الجامعة أحدهما بريطاني والآخر أمريكي ثم أفردت المواقع الإخبارية الكبرى في بريطانيا مثل "بي بي سي" و"الجارديان" و"الميرور"، مساحة كبيرة لتغطية هذه الأخبار القادمة من مصر.

رالف شيلكوك طالب بريطاني يدرس في جامعة أدنبرة ذهب برفقة زميله آرون بويم الطالب الأمريكي في نفس الجامعة لدراسة اللغة العربية في الجامعة الأمريكية بمصر حيث تتعاون جامعة إدنبره مع جامعات في بلدان مختلفة في برامج تعليمية مختلفة ولكن مصيرا مشابها لمصير ريجيني كان في انتظارهما.

"الاستقلال" حاورت طالبي جامعة إدنبره بعد الإفراج عنهما من قبل السلطات المصرية ونجاتهما من مصير ريجيني.

  • ما سبب تواجدكما في القاهرة وقت التظاهرات التي خرجت ضد السيسي في 20 سبتمبر/أيلول الماضي؟

رالف شيلكوك: في ليلة السابع والعشرين من سبتمبر كنا نقيم معا قريبا من ميدان التحرير، وقضينا تلك الليلة هناك، خرجنا من المنزل حوالي الساعة الحادية عشر ظهرا وظننا أن الوضع سيكون آمنا في النهار ولم تكن هناك مظاهرات بعد، ذهبنا لإحضار الماء والطعام اللازم لذلك اليوم، وفي طريق عودتنا تم توقيفنا من قبل عناصر الشرطة الذين قاموا بتفتيش حقائبنا وهواتفنا المحمولة ومتابعة كل تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي على هاتفي الخاص واستمر هذا التحقيق لمدة ساعتين ثم أمروني بالذهاب إلى حيث أسكن وألا أخرج من هناك.

  • بالنسبة إليك رالف هل أخبرتك الشرطة لماذا تم توقيفك؟ وهل انتهت المشكلة بعد ذهابك؟

رالف شيلكوك: لا لم يخبروني أبدا لماذا تم توقيفي كنت أسمعهم يتحدثون عن محمد علي وإرسال أخبار كاذبة، لكنهم أبدا لم يوجهوا لي أي تهمة، أخبروني أن أذهب إلى المنزل الذي كنا نقيم به وبعد ساعتين فقط اتصلت بالسفارة الأمريكية في القاهرة لأخبرهم عما حصل لزميل أرون حيث أنه أمريكي الجنسية.

وفجأة دخل علينا 10 أشخاص كلهم يعملون مع الشرطة. كانوا يلبسون ملابس سوداء واحتجزوني في غرفة على انفراد وهددوا بالاعتداء على جميع من في المكان إن قاموا بفعل شيء. بعد ذلك قاموا بالتحقيق معي لساعتين إضافيتين فيما يخص زملائي الطلاب الآخرين في جامعة إدنبرة وعن أماكن سكنهم ومعلوماتهم الشخصية وأمور مشابهة.

  • أرون يبدو أن الأمر كان مختلفا معك عن رالف، أخبرنا ما الذي حدث معك؟ 

آرون بويم: عندما تم توقيفنا كانت المشكلة لديهم هي بعض المقالات التي وجدوها على هاتفي الخاص أخبروني أنهم يريدون الاستمرار في استجوابي لمدة ساعة أخرى، وعندما عصبوا عينيي وضعوني في سيارة وأخذوني، لكنهم لم يخبروني أبدا ما سبب اعتقالي أو ما المشكلة التي أدت إلى ذلك. لم يكن هناك أي مبرر.

في النهاية وبعد 3 ساعات من التحقيق. صرخوا في وجهي. وكرروا القول بأنني جاسوس وأعمل لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأني أعمل لدى جهاز  الاستخبارات البريطاني MI6 وأن إعادة إرسال المقالات من ميدل إيست آي وواشنطن بوست وصحيفة نيويورك تايمز لأصدقائي شكلت معلومات استخبارية.

  • لكن ما السبب؟ هل لأنهم وجدوا شيئا على هاتفك؟

آرون بويم: نعم كانت بسبب المقالات. لم يكن لدي سوى مقالات حيث لا أقوم بنشر أي شيء آخر على وسائل التواصل الاجتماعي. كنت أناقش الوضع السياسي في مصر مع صديقتي في المملكة المتحدة وهي طالبة معي في قسم اللغة العربية وكانت مهتمة بما يحدث وكنت أخبرها بآرائي، وبالوضع الذي أدى إلى الاحتجاجات وأخبرتها عن محمد علي من مصادر قرأتها إلا أن الاستخبارات المصرية التي تحقق معي لم يعجبها ذلك.

  • هل تعرضتما لأي نوع من أنواع الإهانة اللفظية أو التعذيب أثناء التحقيق معكما؟

رالف شيلكوك: لا لم أتعرض لأي نوع من أنواع التعذيب البدني ولكنهم كانوا يصرخون في وجهي ويهددوني بأنهم لن يسمحوا لي بمغادرة البلاد وعندما استمروا بذلك شعرت بالقلق على صديقي آرون لأنه لا زال محتجزا لديهم فاتصلت فورا بالسفارة الأمريكية وأبلغتهم بخطورة الوضع.

آرون بويم: الوضع كان مختلفا معي بعض الشيء فقد كنت معصوب العينين. وتم استجوابي لمدة 16 ساعة وأنا في هذه الحالة، حتى أن السفارة الأمريكية واجهت صعوبة في العثور علي رغم أنهم عرفوا بمكاني على عكس الكثير من الذين قابلتهم في السجن.

سفارتي علمت بمكاني لأنني كنت محظوظا جدا حيث أخبرهم رالف بذلك. ورغم ذلك وجدوا مشقة في تحديد موقعي، المخابرات المصرية على ما يبدو لم تخبرهم أبدا بمكاني حتى اليوم الثالث من احتجازي.

  • كم كانت مدة اعتقالك آرون؟ وما الذي فعلته قوات الأمن معك؟ 

آرون بويم: مكثت في هذا المكان البشع 4 أيام لم يُسمح لي مطلقا بالاتصال بأصدقائي أو بعائلتي في أي وقت من الأوقات، ولم يُسمح لأي شخص في السجن بالاتصال بأي جهة. عندما كنا نطلب منهم إجراء مكالمة هاتفية وإخطار سفارتنا وعائلاتنا يضحكون ويقولون بعد 10 دقائق ثم يعودون بعد مضي ذلك الوقت ويقولون بعد 10 دقائق أخرى وهم يضحكون ولا يسمحوا بذلك أبدا.

لابد أن أعترف أني محظوظ جدا. حيث لم يعتد أحد علي جسديا. أنا أعرف قضية جوليو ريجيني وأعرف كيف يعاملون المصريين والعرب الآخرين في السجن، وقلبي مع إسراء عبد الفتاح وكل الرجال والنساء الشجعان الذين عانوا الكثير على يد حكومتهم، وأنا أدعو لهم أن يتم إطلاق سراحهم.

بالنسبة للاعتداء اللفظي بالتأكيد، هم يلعبون بعقلك أثناء التحقيق. هذا هو بيت القصيد لتعصيب عينيك طوال الوقت. أحيانا كنت أسترق النظرات من جوانب عصابة العينين وأرى محيطي بقدر ما أستطيع، ويمكنني أن أقول إنه لم يكن هناك أية نوافذ، ثم رأيت أنبوب بلاستيك عليه دماء وفي الغرفة الرئيسية التي كان يتم فيها استجوابي هددوا بأن يرسلوني إلى سجن العزولي في سيناء، وكانوا يهددونني بأنني لن أترك مصر أبدا.

  • ماذا عن المعتقلين الآخرين الذين كانوا معك، ذكرت أنهم كانوا مصريين وأجانب، هل تعرضوا لأي اعتداء جسدي أو لفظي؟

آرون بويم: على حد علمي، أحد السجناء الذين كنت معهم أخبرني أنه تعرض للصعق بالكهرباء وكان يبدو عليه بالتأكيد آثار الضرب. وأخبرني رجل آخر كنت في الزنزانة معه إنه كان يسير بجوار غرفة حيث رأى 6 أردنيين معلقين بالأصفاد بأنبوب في السقف ويمكنك سماع الصراخ في المساء عندما تبدأ الحركة بين الرابعة والخامسة مساء وهو الوقت الذي يخرجون فيه المعتقلين من سجونهم للاستجواب. كان الوقت في المساء هو وقت الاستجواب.

كفن من النفاق

  • إذاً اتصال صديقك رالف بسفارتك في القاهرة ووجود حكومة قوية تدعمك أجبرت النظام المصري على إطلاق سراحك فورا وإعادتك إلى وطنك، لكن أخبرني عن شعورك بالنسبة للمعتقلين الآخرين من المصريين والأجانب الذين مازالوا في السجون؟

آرون بويم: لقد تم إطلاق سراح الأجانب الذين كانوا معي. لكن كما قلت من قبل، قلبي مع كل الشجعان الذين يواصلون اتخاذ موقف ضد الفساد والدفاع عن حقوقهم رغم العواقب وبغض النظر عن السياسات كما هو الحال بالنسبة لحازم حسني، خالد داود، إسراء عبد الفتاح والصحفيين والمواطنين القابعين في السجون لأنهم تجرؤوا على الحديث وانتقاد النظام. إنهم أفراد يتسمون بالجرأة والشجاعة وأتمنى لو كنت في مكانكم أن أمتلك القوة التي لديكم.

النظام يلفه كفن من النفاق، وهناك من يطالبون بالإذعان الكامل وادعاء أن الاحتجاجات حالة من الفوضى. أنا آمل أن يستمر المتظاهرون في اعتماد أسس أخلاقية عالية في مظاهراتهم.

  • رسالتك لرئيسك دونالد ترامب الذي يدعم السيسي.

آرون بويم: رسالتي إلى رئيسي هي أن هذه ليست مزحة، هذه أرواح ناس بينما تعلن أنه ديكتاتورك المفضل. هذه ليست مسألة تثير الضحك. هذه نقطة تحول حقيقية في تاريخ السياسة العالمية من منظور أمريكي. لا يمكن للغرب أن يرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبها في عام 2011 بتهميش إرادة الناس. لدينا خيار، إما أن نبقى صامتين ونصبح متواطئين في مقتل الآلاف أو أن نتحدث علانية ضد هذه الأنظمة الفاسدة وأنا أعرف جيدا في أي جانب أريد أن أكون.

  • رسالتك الى البريطانيين والذين يقومون بزيارة مصر كل عام.

رالف شيلكوك: أقول لهم يجب عليكم توخي الحذر الشديد في تجنب أية مظاهرة قد تسمع عنها وأن تبتعدوا تماما عن أي تجمع لعناصر الشرطة وتأكد كذلك من خلو هاتفك المحمول من أي مواد سياسية وابق بعيدا قدر الإمكان عن الميادين الرئيسية في مصر.

  • هل لديكما خطط مستقبلية لزيارة مصر مرة أخرى؟

رالف شيلكوك وآرون بويم: لا، لكن ربما مستقبلا. لكننا نظن أنه سيمر وقت طويل قبل أن نعود الى مصر مرة ثانية ونحن الآن بصدد ترتيب مكان آخر في بلدان عربية لاستكمال دراستنا للغة العربية.