انتخابات مرفوضة.. ما نهاية الصراع بين النظام والمحتجين بالجزائر؟

12

طباعة

مشاركة

بعد نحو سبعة أشهر على تنحي الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن الحكم يزداد الوضع تعقيدا في الجزائر، فيما يريد النظام الحاكم الحالي إجراء الانتخابات في موعدها، يصر الشارع الذي خرج بمظاهرات شعبية عارمة على تغيير السلطة بالكامل.

وجوه من جميع الأعمار، وجميع الطبقات الاجتماعية، تنزل إلى الشوارع باستمرار تلوح بالأعلام واللافتات الجزائرية، شعاراتهم لا تتغير، مطالبين بتنحي قائد الجيش قايد صلاح وتأجيل الانتخابات الرئاسية.

توترات قائمة

وتقول صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية: إنه على الرغم من سقوط الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في 2 أبريل/نيسان الماضي، لا تزال التوترات قائمة، يتواجد الجزائريون في الشوارع يومي الثلاثاء والجمعة منذ 34 أسبوعا.

وأضافت: أثناء سيرهم في المدينة الأسبوع الماضي، ردد المحتجون الشعارات نفسها ضد الرجل القوي في الجيش وضد رغبته في الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وأوضحت الصحيفة: أن هذه القضية هي الأزمة الأساسية بين النظام والحراك المستمرة منذ عدة أسابيع، فالأول يريد إجراء الانتخابات في موعدها، والثاني يرفض هذا الأمر ما دام النظام قائما.

من جهتهم، يرى المتظاهرون أن كل ما يصدر عن حكومة نور الدين بدوي، وزير الداخلية السابق في عهد عبد العزيز بوتفليقة وآخر رئيس وزراء معين من قبل الرئيس السابق، مرفوض نظرا لعدم مصداقية الرجل لدى العديد من الجزائريين، بحسب الصحيفة.

ووفقا لهم هذه الحكومة هي من سيشرف على انتخابات 12 ديسمبر التي فرضها الجيش الذي يحكم البلد بحكم الأمر الواقع، وفي ظل قرار جميع الأحزاب المعارضة تقريبا مقاطعتها، ستكون المنافسة بالتالي بين وزراء سابقين للرئيس السابق.

مقامرة غير آمنة

وتعليقا على موقف الجيش، نقلت الصحيفة عن داليا غانم، الباحثة المقيمة في "كارنيجي ميدل إيست" قولها: " انتخاب الرئيس سيكون وسيلة للجيش لإنهاء هذه المظاهرات الأسبوعية، المستمرة منذ فبراير/ شباط 2019، أما بالنسبة لغالبية الجزائريين، فإن قبول هذه الانتخابات يعني قبول مقامرة غير آمنة، حيث يفرض صناع القرار مرشحا ويذهب الناس إلى صناديق الاقتراع لمنحهم بعض الشرعية".

وذكرت الصحيفة، أنه: "بعد فشل إقامة انتخابات في أبريل/ نيسان، ثم يوليو/تموز، بسبب عدم وجود مرشحين، ليس هناك ما يضمن إجراء انتخابات في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل".

ونقلت عن دنيا، طالبة في الهندسة المعمارية في الجزائر العاصمة، تتظاهر منذ فبراير/ شباط، قولها: "نحن لسنا ضد هذه الانتخابات كمفهوم، في مرحلة ما سيكون هناك حل، لكن لا يمكننا اختيار انتخابات رئاسية حتى يحدث التغيير الذي كنا نأمله منذ فبراير/شباط، ما دام رفاقنا في السجن".

وأضافت: "ما الفائدة من كل هذا الحراك الذي يعود إلى ثمانية أشهر، الاقتراع كان من الممكن إجراؤه في 18 أبريل/نيسان"، في إشارة الى الانتخابات الرئاسية التي يسعى من خلالها الرئيس السابق بوتفليقة الحصول على ولاية خامسة".

وبينت الصحيفة: أن عدة شخصيات عامة، مثل السياسي أحمد طالب الإبراهيمي، وعلي يحيى عبد النور، وهو محام وناشط في مجال حقوق الإنسان، وقعت يوم الثلاثاء على بيان مفتوح للحكومة الحالية بشأن الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة.

ووصف الموقعون على هذه المبادرة بأنها "محاكاة ساخرة انتخابية" ويجادلون بأن "السلطة لم تجد طريقا آخر للخروج من أزمتها المزمنة سوى محاولة (...) المرور بقوة نحو الانتخابات، والاستمرار في فرض قبضتها الحديدية، لتعزيز الوصاية الدائمة على الشعب"، حسبما ذكرت الصحيفة.

وأشارت إلى أن اللواء صلاح اتهم قاد بعض المتظاهرين بأنهم يتلقون "أموالا قذرة"، مع التشديد على "استعداد" الشعب الجزائري "للمشاركة بكثافة في الانتخابات الرئاسية"، مؤكدة أنه يمكن أن يكون الرجل القوي الحالي في البلاد الخاسر الأكبر حال تأجيل جديد للاقتراع.

وتشير داليا غانم في حديث للصحيفة إلى أنه: "إذا تم إلغاء الانتخابات مرة أخرى، فسيبدو أنه من الممكن التضحية بقايد صلاح، لأنه لن يكون قادرا على النجاة من خلال تأجيل آخر، بالإضافة إلى كونه إحدى الشخصيات التي لا يرغب الحراك في بقائها منذ 22 فبراير/شباط الماضي".

"ثورة الابتسامة"

في غضون ذلك، بحسب الصحيفة: تطالب شخصيات المعارضة بتدابير للتهدئة، خاصة إطلاق سراح سجناء الرأي، فمنذ سبتمبر/ أيلول، يتعرض الصحفيون والناشطون وكذلك الطلاب، لاعتقالات تعسفية، إذ أحصت اللجنة الوطنية للإفراج عن المحتجزين (CNLD)، أنه يوجد حاليا 81 شخصا محتجزون في السجون الجزائرية.

وبينت "لوريان لو جور": أن في يوم الثلاثاء، 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فرقت قوات الأمن مظاهرة للطلاب بالعنف، وهي الأولى منذ بداية الاحتجاج السلمي في فبراير.

ونقلت عن داليا غانم، قولها: "من خلال مشاهدة الفرق بين ما تشهده المظاهرات الحالية والمظاهرات الأولى، يمكنني القول إن القمع أصبح اليوم أكثر وضوحا وبشكل مباشر".

إزدواجية السلطة

وترى الصحيفة: أن القمع يعكس إزدواجية السلطة في مواجهة هذه الأحداث، ونقلت عن حسينة أوسيدك، مديرة منظمة العفو الدولية في الجزائر: "ما يثير الدهشة هو أن بعض المعتقلين قد أطلق سراحهم في بعض المناطق، وللسبب نفسه، لا يزال هناك أشخاص رهن الاحتجاز".

ونقلت أيضا عن نبيل، طالب بجامعة جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين في الجزائر العاصمة، تأكيده أن: "بعض المظاهرات التي تخرج، الثلاثاء، تشهد عشرات الاعتقالات العنيفة والعشوائية، التي تخفي فعلا الاعتقال المستهدف لبعض الأفراد الذين يعتبرون قادة ومحفز للمحتجين، وهذا مجنون لأن هذه المسيرات عفوية".

وأشارت الصحيفة إلى: يبدو أن "الوقت في صالح الشارع، فعلى الرغم من القمع الأكثر عنفا، المظاهرات مستمرة على قدم وساق، حتى بعد ضرب ضباط الشرطة الطلاب بالهراوات".

وتوضح دنيا للصحيفة: "ليس من السهل التزام الهدوء والابتسام حيال ذلك، لكنها ثورة الابتسامة، وهذا ما نسميه ثورتنا. هذا هو ما يزعج معظم الشرطة، على ما أعتقد".

يوم الأحد الماضي، خرج الجزائريون إلى الشوارع، خارج المظاهرات المعتادة، للاحتجاج على قانون أصدره البرلمان بشأن المحروقات. والثلاثاء، لم يتردد الطلاب وغير الطلاب في زيارة ميدان الشهداء، على الرغم من القمع العنيف في الأسبوع السابق.

بالنسبة إلى حسينة أوسيدك قالت للصحيفة: إذا لم يكن القمع في الجزائر جديدا، فإن "تعبئة وتضامن جزء كبير من الرأي العام، للدفاع عن الحريات الأساسية، لم يسبق له مثيل".

وتضيف دنيا للصحيفة: "بصفتي شابة جزائرية إنها لحظتنا. نريد نسخة أفضل من الجزائر"، منوهة لتطور الحراك منذ فبراير، والذي أصبح الآن أكثر تنظيما وأكثر عفوية، ويظهر "شعبا متحدا وموحدا"، إذ يشارك المواطنون من جميع الأعمار بانتظام في المظاهرات الطلابية يوم الثلاثاء، ويحمون الشباب من عنف الشرطة "لقد تغيرت الأمور مع هذا الحراك، وهذا يغيرنا أيضا".