ناشطة سعودية: إصلاحات ابن سلمان شكلية وهذا حال المرأة في عهده (حوار)

لندن - الاستقلال | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

من مواليد الرياض، درست وعاشت في الخبر بالمملكة العربية السعودية، قدمت إلى بريطانيا في عام 2004، تخصصت في الطب الوراثي وعملت في معامل كشف وعلاج السرطان، لها نشاطات عدة طلابية واجتماعية وسياسية، قادت عدة حملات للمطالبة بالمساواة، والحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية وأيضا محاربة رهاب الإسلام "الإسلاموفوبيا".

بعد تولي محمد ابن سلمان ولاية العهد في المملكة العربية السعودية وما رأته من تطبيع مع إسرائيل والاعتقالات التي طالت شرفاء شعبها أصبحت أكثر تصريحا بمواقفها الرافضة لسياسة ولي العهد السعودي.

"الاستقلال" التقت الناشطة السعودية د. سحر الفيفي مديرة إحدى جماعات الضغط من أجل حماية حقوق الأقلية المسلمة في بريطانيا ومواجهة اليمين المتطرف، وأجرت معها هذا الحوار بعد اختيارها كشخصية العام في مجال النشاط المجتمعي في ويلز.

شخصية ويلز

  • بداية نهنئك باختيارك كشخصية العام في مجال النشاط المجتمعي في ويلز، هل تخبرينا عن كواليس حصولك على الجائزة وما هي مؤسسة Chwaraeteg؟

شكرا جزيلا على التهنئة، مؤسسة Chwaraeteg وهي كلمة باللغة الولزية تعني الملهمات، تهتم بشؤون المرأة في ويلز والاحتفاء بهن والاحتفال بإنجازاتهن، تم ترشيحي للجائزة مع 42 امرأة من ويلز، أغلبهن من السكان الأصليين. 

رغم عملي المستمر في النشاط الاجتماعي من قيادة حملات عدالة اجتماعية كحملات ضد العنصرية، والعناية بالنشء وتوفير الوظائف لهم، وتعزيز الثقة في النساء وتدريبهن ليكن قائدات رائدات في مجتمعاتهن، لم أتوقع أبدا أن أرشح فضلا عن الفوز، لكني سعدت بذلك وشجعتني الجائزة على أن أقدم المزيد.

  • كيف يمكن لسيدة سعودية مسلمة وعلاوة على ذلك ترتدي النقاب أن تحصل على جائزة مجتمعية من مؤسسة بريطانية في مجتمع ترتفع فيه نسبة الإسلاموفوبيا بدرجة كبيرة؟

المشكلة أن هناك صورا نمطية سلبية ضد المرأة المسلمة في الغرب، الكثير حيث يعتقد أن المرأة المسلمة المحجبة أو المنقبة لا علم لها وأنها مجبرة على دينها وأنها فاشلة لا تستطيع الاندماج. بينما حقيقة الأمر غير ذلك. استطعت تغيير هذه الصور في كثير من محادثاتي وخطاباتي ومقابلاتي.

دعني أقول لك إن هناك الكثيرين يتفاجؤون عندما أقول لهم أن ديني هو هويتي ولم يكن عائقا قط بل محفزا ومعززا لأهدافي، والكثير أيضا يتفاجأ عندما يعلمون أني أتحدث اللغتين العربية والإنجليزية بطلاقة وأني متخصصة في علم الجينات وأني أستمتع بالقفز المظلي في أوقات فراغي. 

مجرد الحديث عن هذه الأمور وتسليط الأضواء عليها يؤدي إلى تغيير الصور النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمات، لا يعني ذلك أن المحادثات بحد ذاتها ستحل مشكلة الإسلاموفوبيا  في الغرب لكن من المؤكد أنها تساهم في ذلك. 

  • مع وجود رئيس حكومة مثل بوريس جونسون وقيادات في حزب المحافظين لهم تصريحات عنصرية وتحريضية ضد النساء المحجبات، كيف يمكن مواجهة مثل هذه الحكومة؟

يمكن مواجهة هذه الحكومة المتطرفة بطرق مختلفة منها المواجهة الإعلامية والمطالبة بآليات محاسبة للإعلام البريطاني المطبوع والصحف الصفراء التي تنمي من مشاعر الكراهية ضد الأقليات المسلمة والتي تُستغل من قبل سياسيين كأمثال بوريس جونسن للحصول على أصوات الناخبين المعدومين والذين يظنون أن قوانين الهجرة هي التي أدت إلى قلة الوظائف وما غير ذلك من معلومات مشوهة يتم نشرها في تلك الصحف.

الطريقة الأخرى والتي أركز عليها كثيرا في عملي هو تعريف الأقليات المسلمة بحقوقهم المدنية وتحفيزهم على المشاركة السياسية لتحقيق تمثيل أفضل لهم في البرلمان البريطاني حيث تصنع القرارات.

أيضا سن قوانين جديدة للحد من الكراهية وعدم خلط معنيي حرية التعبير بحرية الكراهية. الكثير من السياسيين والإعلاميين يبث أفكار غير واقعية عن الإسلام  والمسلمين كأن يقول أحدهم أن الاسلام هو منبع الإرهاب وأن المنقبات ماهن إلى سارقات بنوك متخفيات، وكل هذا بدون أدلة وتحت مسمى حرية التعبير ولا يمكن للقضاء ملاحقتهم بسبب وجود ثغرات قانونية تتيح ذلك.

نقطة التحول

  • لماذا قررت التحول من عالمة في علم الجزيئات الوراثية إلى ناشطة حقوقية ومدافعة عن قضايا المرأة السعودية؟ ما هي نقطة التحول ومتى كانت؟

لطالما كنت أطالب بالحقوق المدنية للنساء والرجال معا، لكن لم أكن معروفة ولم يذع صيتي كما هو الآن، فلم يكن هناك اهتمام دولي أو عربي بالقضايا الحقوقية في السعودية وتم التكتم عليها بشكل منظم على إثر صفقات الأسلحة والنفط بين السعودية ودول عظمى لتكميم الأفواه.

لكن بعد تولي محمد بن سلمان السلطة وما رأيته من تطبيع بجح مع العدو الصهيوني والاعتقالات التي طالت شرفاء شعبنا وأكثرهم إخلاصا ووفاء من أمثال الدكتور عبدالله الحامد، وليد أبو الخير، محمد القحطاني ونهى البلوي وغيرهم الكثير أصبحت أكثر تصريحا بمواقفي الرافضة لكل هذا.

وعلى كل من يتهمني بأني مدفوعة من قطر أن ينظر إلى تغريداتي القديمة قبل الحصار على قطر وبعده، موقفي لم يتغير أبدا ولا أعبر عن مواقفي لمصلحة دولة على أخرى وإنما لمصلحة شعبي المقهور. 

  • ما هو التحدي الأكبر لك، هل مواجهة تنامي الإسلاموفوبيا في بريطانيا أم الدفاع عن حقوق المرأة السعودية في ظل حكم ابن سلمان؟

التحدي الأكبر في مواجهة الإسلاموفوبيا، هو تعزيز الهوية الإسلامية لدى النشء في الغرب الذي برمته يعاني من أزمة الهوية ومن موقعه ودوره في المجتمع بسبب هجوم الإعلام البريطاني على الإسلام وسياسة المحافظين الجدد التي تنامت في السنوات الأخيرة.

أركز في الكثير من أعمالي ونشاطاتي على أن ليس هناك تناقضا بين الهوية الإسلامية والمشاركة الشعبية ويمكن لأي منا الاعتزاز بهويته الإسلامية ومشاركتها مع الكل لطالما اجتنب المحرمات، واحترم الحريات والحقوق ولم يجبر غيره على رأيه. 

أما التحدي الأكبر في ظل حكم محمد بن سلمان هو تجاوز الانقسامات الشعبية التي يعتاش النظام عليها، وتجاوز السلطات الدينية الرسمية التي تبرر جرائم النظام وتجاوز التيار الليبرالي المتطرف المتنكر لهويته الإسلامية والعربية، لذا أنا مؤمنة بكفالة حق الجميع من أي التوجهات في حرية التعبير والحركة والتجمع.

المرأة السعودية

  • ما هي أبرز التحديات التي تواجه المرأة السعودية الآن في الداخل؟ 

التحديات التي تواجه المرأة هي نفسها التي تواجه الرجل، ربما المرأة السعودية تواجه هذه التحديات بشكل أكبر لكن هي التحديات نفسها من انعدام الحريات، الحرمان من السفر، وعدم محاسبة الحاكم، وانعدام التمثيل الشعبي، وانعدام الدستور، وتسلط الحاكم على المحكومين، وعدم فصل السلطات ومنع أي من الحركات المدنية بالتشكل. 

تخيل مثلا لو كانت هناك نقابة للمعلمات لما رأيت الكثير من المعلمات السعوديات يعين في قرى نائية يسافرن لها من 3 إلى 6 ساعات يوميا ويمت نصفهن في الطريق بسبب حوادث السيارات. تخيل مثلا لو كانت هناك نقابة لعمال النفط في السعودية لما تنمر علينا ترامب وأمثاله ولملكنا اقتصاد العالم برمته.

  • لكن ولي العهد والسلطة السعودية الحالية سمحت للمرأة بقيادة السيارة ونزعت الكثير من القيود التي كانت مفروضة على حرية التنقل والترقي في الوظائف، أليست هذه إيجابيات تحسب له؟ 

كلا ليست إيجابيات تحسب للنظام وإنما إيجابيات تحسب للناشطات النسويات السعوديات كأمثال العظيمات لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النجفان وسمر بدوي، هؤلاء النسوة اللاتي قدن تلك الحملات وضحين بالكثير لتحقيق تلك المطالب، ومازلن حتى اليوم قابعات في سجني الحاير وذهبان. 

كما أن هذه التغيرات هي تغيرات سطحية تجميلية لإرضاء الغرب ليس إلا، تحت مسمى الانفتاح، ولو لم يكن ذلك لما سجن ابن سلمان هؤلاء النساء عاليات الشأن والاحترام، ولأعطى الشعب حقوقه المدنية المنصوص عليها شعبيا ودوليا. 

  • برأيك ما أسباب ظاهرة ارتفاع أعداد النساء والفتيات السعوديات الهاربات من السعودية مؤخرا؟ وما نصيب بريطانيا من هذا العدد الكبير؟

الهاربات ينقسمن إلى قسمين، منهن من هرب بسبب القمع السياسي والحقوقي وأجبرن على إثر ذلك لمغادرة البلاد، ومنهن أيضا صاحبات قضايا ومشاريع تربوية وتعليمية لم يستطعن تنفيذها بسبب انعدام الحريات، من أمثال هؤلاء د. حصة الماضي، ود. هالة الدوسري ويستحقن التجبيل والاحتفاء. 

أما القسم الآخر من النساء هن اللاتي أجبرن على الإسلام الاجتماعي، أي يمارسن دينهن إرضاء لمجتمعاتهن لا إرضاء لله، وانعدام التربية وتشويه السلطات الدينية الرسمية لكثير من معاني الإسلام الجليلة أدت إلى نفور هذه النساء والهرب إلى من يستضيفهن، فيتلقفهن الغرب كالضباع، إذ يرى الغرب هؤلاء الهاربات فرصة ليتم استغلالهن لتوطيد الصور النمطية السلبية عن الإسلام، ورأينا ذلك في قضية رهف القنون.

العدالة المعطلة

  • خلال مشاركتك في مؤتمر المهجر الثاني للمعارضة السعودية في بريطانيا حذرتي المعارضة من التحرك وفق الأجندات الشخصية حتى لا تتكرر مأساة مقتل خاشقجي، كيف تقيمين أوضاع المعارضة السعودية في بريطانيا الآن؟

أرى أن هناك جهودا جبارة لرأب الصدع بين المعارضة، وهناك رغبة كبيرة من الكثير من المعارضين والناشطين على التعاون والتوافق وهذا أخشى ما يخشاه النظام هو أن تنظم المعارضة بكافة أطيافها وتنوعاتها.

المعارضة تدرك ذلك، لذا حذرت من أن يقع أحدنا في فخ الأجندات الشخصية ودعوت أن تكون مصلحة الشعب والمطالبة بحقوقه هي العليا وأن تركز جهودنا على مواجهة النظام وحسب، بدلا من العراكات التاريخية أو الطائفية وبدلا من إجبار الآخر على آراء معينة. 

  • مع الذكرى الأولى لجريمة اغتيال خاشقجي هل اقتربتم من تحقيق العدالة والقصاص من القتلة أم أن القضية انتهت واستقرت الأوضاع لولي العهد؟

لا أبدا لم تنته قضية الشهيد جمال، بل هي الآن نبراس تضيء طريق السالكين من المعارضين والنشطاء، قتل جمال غيلة زاد إلا من عزيمتنا وإصرارنا على تحقيق أهدافنا، فلا تراجع بعد الآن وسنستمر في تسليط الأضواء عليها والعمل على تحريك المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية حتى يتم جلب المتورطين إلى العدالة رغما عن أنوفهم.

المجتمع الدولي سأم من النظام ومل من التبرير له وأصبح يدرك أن مصالحه في خطر طالما بقي الحكم في السعودية مستبدا أحاديا، وأن مصلحة المجتمع الدولي تكمن في حصول الشعوب لحقه التمثيلي وحقوقه المدنية.