ظاهرة "الإسلاموفوبيا".. كيف كافحتها دول إسلامية ورسختها أنظمة عربية؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان: إن بلاده وتركيا وماليزيا أبرمت اتفاقا لتأسيس قناة فضائية ناطقة باللغة الإنجليزية، لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا.

وكتب خان في تغريدة على تويتر: "اتخذنا أنا والرئيس أردوغان ورئيس الوزراء مهاتير قرارا مشتركا في اجتماعنا اليوم ينص على تأسيس قناة تلفزيونية ناطقة بالإنجليزية من أجل مكافحة المصاعب الناجمة عن الإسلاموفوبيا، وتصحيح المفاهيم الخاطئة المأخوذة عن الإسلام ديننا الحنيف".

ونشر خان صورة على تويتر جمعته برئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، وعلق عليها: "في اجتماعنا الذي اتفقنا أن تكون القناة شبيهة بهيئة الإذاعة البريطانية، سوف نحارب الإسلاموفوبيا".

اجتمع القادة الثلاثة الأسبوع الماضي على هامش لقاءات الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة في نيويورك، ليؤكد خان أنه: "سيتم عن طريق القناة توضيح مسألة إهانة القيم الدينية، وإنتاج أفلام ومسلسلات تروي تاريخ المسلمين من أجل توعية الآخرين، وإنشاء إعلام خاص بالمسلمين".

تغذي الإسلاموفوبيا

لاقت تلك الخطوة ترحيبا كبيرا من قبل عرب ومسلمين، لكنها أصابتهم أيضا بخيبة أمل، حيث توقعوا أن تكون السعودية (أرض الحرمين) التي تُصدّر نفسها كحامي حمى الإسلام، والمدافع الأول عنه، هي المنوطة بهذا الأمر، وهي من يفترض أن تكون الأولى في القيام بهذا الدور.  

يأتي حجم الخيبة بتنصل السعودية من المسؤولية الأخلاقية والدينية في محاربة الإسلاموفوبيا، في وقت تقول تقارير صحفية غربية إن حكومات عربية، من بينها السعودية والإمارات ومصر من أشد الأنظمة العربية التي تعزز وترسخ ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم.

تقرير فورين بوليسي ذكر أن حكومات عربية من بينها السعودية ومصر والإمارات أنشأت تحالفات يمينية في الغرب، مكرسة التعصب المعادي للإسلام. مضيفا: "إزاء الضغوط الدولية المتزايدة على تلك الدول، فإنها تتعمد نشر مخاوف من التطرف والإرهاب، وذلك للحصول على التأييد والدعم الدولي".

وأوضح التقرير أن السعودية، وإزاء الضغط التي واجهته جراء مقتل خاشقجي وسجن الناشطات وارتفاع الضحايا في حرب اليمن، لجأت إلى أجنحة اليمين في أوروبا والولايات المتحدة لطلب دعمها، وذكر التقرير مثالا بإرسال وفد مكون من نساء سعوديات للقاء كتلة اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي.

مشغولة بالمراقص

تأتي جهود الدول الثلاث (باكستان وتركيا وماليزيا) في مكافحة الإسلاموفوبيا، والدفاع عن القيم الدينية، في وقت قررت السعودية الانصراف إلى تطوير قطاع الترفيه ضمن رؤية 2030، وكتب مدير هيئة الترفيه تركي آل الشيخ تغريدة قال فيها: "إن شاء الله سيكون التركيز في الترفيه، خلال الفترة القادمة، على الفعاليات والسيرك والملاهي المتنقلة والمسرحيات وعلى برامج تطور الشباب والشابات، وعلى دعم الشركات الوطنية في مجال الترفيه".

وتشير بيانات لهيئة الترفيه، أن القطاع يحتاج إلى 267 مليار ريال (الدولار يساوي 3.75 ريال)، من إجمالي الاستثمارات لبناء البنية التحتية الترفيهية في عموم السعودية.

تضمنت الأنشطة الترفيهية في السعودية دعوة عدد من المغنين والراقصين العالميين، منهم ماريا كاري، وإنريكي إغليسياس، وبلاك آيد بيز، وشون بول، وديفيد جيتا، وتيستو.

كانت هيئة الترفيه قد وجهت دعوة للمغنية والراقصة نيكي ميناج، لإقامة عرض في جدة، وكان من المقرر إقامة الحفل في 18 يوليو/تموز الماضي بمدينة جدة، في ظل تجهيزات نوعية عالية.

قال المنظمون السعوديون: إن الحفل سيبث على مستوى العالم، وسيتم منح تأشيرات إلكترونية سريعة للزائرين الدوليين الذين يرغبون في الحضور، غير أن المغنية الأمريكية ألغت عرضها، وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن المغنية ألغت حفلها احتجاجا على اعتقال السلطات السعودية لناشطات سعوديات، ودعما لحقوق الإنسان في السعودية.

ديسكو حلال

كانت وسائل إعلام قد تداولت مقطعا مصورا لنادي ليلي في مدينة جدة، يتبع سلسلة نوادي "وايت" الشهيرة، التي تمتلك فروعا في عدة عواصم عربية من بينها دبي وبيروت، وتم وصف النادي من قبل المصور الذي استعرض النادي بأنه "ديسكو حلال" لا يقدم المشروبات الكحولية، ولا يسمح بدخول من هم أقل من 18 سنة، كما أنه لن يسمح بلبس الملابس القصيرة.

ونقلت "بي بي سي" عن مدير الاتصالات الإقليمي لشركة "وايت" سيرج قوله: "هذا الملهى يتوافق مع جميع الضوابط الشرعية السعودية وسيفتح أبوابه مؤقتا ضمن مهرجان جدة السنوي"، وأشار إلى أنه لن يسمى "ملهى" بل "مقهى".

ورغم تناول وتداول المقطع المصور في أكثر من وسيلة إعلامية لم يأت نفي رسمي من قبل السلطات السعودية، إلا أنه بعد تزايد الضغط الشعبي المحتج والمندد بما سمي "ديسكو  حلال" قالت الأناضول: إن الهيئة العامة للترفيه، "فتحت تحقيقا فوريا في مقاطع فيديو جرى تداولها عبر مواقع التواصل لإحدى الفعاليات بمدينة جدة".

وأضافت: "بحسب المعلومات التي تبينت للهيئة، فإن الفعالية مخالفة للإجراءات القانونية والنظامية المعمول بها، ولم يتم ترخيصها من قبل الهيئة". وهو الأمر الذي شكك به كثيرون قالوا إن الهيئة التي دعت مغنية وراقصة أمريكية لتقديم عروض جريئة، مستعدة للترخيص للمراقص تحت مسمى "مقاهٍ شرعية".

تحذيرات لأوروبا

في ندوة عامة نظمها منتدى مغردون في الرياض عام 2017، حذر وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد دولا أوربية من تزايد أعداد المسلمين، وقال: إن أوروبا غدت حاضنة لنحو 50 مليون مسلم، وأن تلك الدول الأوروبية لا تشعر بذلك الخطر، في كونها غدت حاضنة للإرهاب، ولام الدول الأوروبية على التسامح مع المسلمين بدعوى الديمقراطية وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان. 

تأتي تحذيرات الوزير الإماراتي من انتشار الإسلام في أوروبا و التسامح مع المسلمين في وقت قامت الإمارات بدعم الديانة اليهودية وإنشاء معبد يهودي رسمي على أرضها، بالإضافة إلى نصب تمثال ضخم لبوذا على طريق الشيخ زايد بين أبوظبي ودبي، بحجة التسامح  والتعايش مع الديانات الأخرى.

وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" أن المعبد اليهودي سيقع ضمن نطاق مجمع للأديان يطلق عليه "بيت العائلة الإبراهيمية" الذي تم تدشينه بحضور إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب، وبابا الفاتيكان فرانسيس، في أبوظبي.

ورحب حساب "إسرائيل في الخليج"- أحد حسابات وزارة الخارجية بدولة الاحتلال على "تويتر"- بخطوة الإمارات، مؤكدا أن حكومتها توجت "احترامها للأديان" بوجود كنيس بمدينة دبي. 

وتعمل الإمارات على الظهور كدولة راعية لـ"التسامح" و"التعايش"، لكن ذلك التعايش والتسامح كان من نصيب الديانات اليهودية والمسيحية والبوذية، أما الديانة الإسلامية فقد كان من نصيبها التضييق على معتنقيها والتحذير من تزايدهم في أوروبا.

تضييق الخناق

في مؤتمر ميونخ الذي عقد في فبراير/شباط الماضي، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأوروبيين إلى مراقبة المساجد ودور العبادة، وطالب زعماء أوروبا إلى تعزيز التعاون التنموي لمكافحة الإرهاب.

وشدد السيسي على ضرورة "تضييق الخناق على الجماعات والتنظيمات التي تمارس الإرهاب، أو الدول التي ترى في غض الطرف عنه وسيلة لتحقيق أهداف سياسية ومطامع إقليمية". حد قوله. 

وفي وقت سابق حذر السيسي، الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند من مخاطر ما سماها النزعات الإسلامية المتطرفة في أوروبا، خاصة دول شمال المتوسط.

تأتي تلك الدعوات التي وصفتها مجلة فورين بوليسي بأنها كرست ظاهرة الإسلاموفوبيا ورسخت مشاعر الكراهية للمسلمين، في وقت يسعى السيسي إلى تقديم نفسه كمحارب للتطرف والإرهاب من أجل الحد من الضغوط الدولية التي تمارس عليه جراء انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وللحصول على دعم دولي بعد عملية الانقلاب التي قادها في مصر ضد الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.