الشرعية اليمنية.. انقسام أم خلق خيارات خارج مظلة التحالف؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بيان مشترك أصدره 3 من قيادات حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي باليمن، لخص الأزمة التي تحياها الشرعية مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات.

المسؤولون الثلاثة وهم وزيري الداخلية أحمد الميسري، والنقل صالح الجبواني، ونائب رئيس مجلس النواب، مستشار رئيس الجمهورية عبدالعزيز جباري، دعوا صراحة في بيانهم المشترك، إلى إنهاء دور الإمارات في اليمن، بسبب انحراف أهدافها ودعمها مشاريع تسعى لتمزيق وتفتيت بلادهم.

المسؤولون الأبرز في الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليا)، أكدوا أن بلدهم يتعرض لمؤامرة تستهدف نظامه الجمهوري ووحدته واستقراره، جراء استمرار سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على صنعاء، وكذلك سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على عدن.

البيان أدان الاعتداء على الجيش اليمني، من قبل الطائرات الإماراتية، التي استهدفت كتائب من الجيش الوطني في المدخل الجنوبي لمدينة عدن، وأسفرت عن مقتل وإصابة نحو 300 جندي.

وطالب البيان الحكومة الشرعية بمقاضاة الإمارات في المحاكم الدولية، وفتح ملفات الجرائم التي تم ارتكابها بحق الشعب اليمني، في المحافظات الجنوبية خلال السنوات الماضية.

هذا البيان، حسب حديث الباحث في العلاقات الدولية عامر أبو اليسر لـ"الاستقلال": "يعد من أهم البيانات الصادرة في سياق علاقة الشرعية بالتحالف، والإمارات على وجه الخصوص، حيث مثل قفزة للأمام، بشكل تجاوز أدبيات الشرعية في تعاملها مع هذه القضية، وشكل للشرعية إحراجا في الوقت ذاته". 

خيانة الصمت

في مقابلة تلفزيونية حديثة، شن مستشار رئيس الجمهورية نائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري هجوما هو الأشد حتى الآن على كل من الرئيس هادي والتحالف العربي، قائلا: "صمت الرئيس هادي والقيادات الحكومية والحزبية في الحكومة الشرعية عن ممارسات التحالف العربي في اليمن يعد خيانة"، وحمل جباري الرئيس هادي مسؤولية هذا الصمت.

وأكد جباري في تصريحه المتلفز أن الإمارات تمارس اعتداء على اليمن، وتتحكم بالمطارات والموانئ، وتمنع سلطات الدولة من القيام بمهامها، كما تدعم مليشيات مسلحة ضد الدولة، ولها مشاريع تشطيرية في اليمن لا يمكن قبولها أو السكوت عنها، حد قوله. 

وحمل جباري السعودية مسؤولية انحراف التحالف عن أهدافه في اليمن، باعتبارها من تقود التحالف العربي، وأشار جباري إلى أن السعوديين صرحوا بأنهم لا يستطيعون الاستغناء عن دور الإمارات ولا وقف عبثها باليمن. "لا نريد من السعوديين التحول لوسيط، وعليهم الالتزام بالقرارات الدولية ودعم الشرعية".

إقامة جبرية

جباري أشار إلى أن المسؤولين في الحكومة الشرعية لم يتمكنوا من لقاء هادي منذ أحداث عدن الأخيرة، وتعد هذه المعلومة هي الأخطر حتى الآن في هذا السياق، حيث ترجح فرضية عزل الرئيس هادي عن مستشاريه، وفرض القيادة السعودية الإقامة الجبرية عليه، خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها عدن.

وأضاف جباري: أن رئيس مجلس النواب سلطان البركاني عرقل صدور أي موقف من البرلمان إزاء قصف الطيران الإماراتي لقوات الجيش في عدن وأبين، وحمّل رئيس البرلمان مسؤولية ذلك، كما طالب أعضاء هيئة الرئاسة والبرلمان بالقيام بواجبهم الوطني إزاء ما يتعرض له الوطن مما سماه اعتداء ومخاطر.

وكان البركاني قد أجرى زيارة في يوليو/تموز الماضي، من أجل إقناع الإمارات بعقد جلسات مجلس النواب في العاصمة المؤقتة عند، غير أن زيارته باءت بالفشل.

خطوة ضرورية

رأى البعض أن الموقف الذي اتخذه المسؤولون الحكوميون يفاقم من انقسام صف الشرعية، ويزيدها ضعفا إلى ضعفها، في حين رأى آخرون أنها كانت خطوة ضرورية رمت حجرا في المياه الراكدة، مقللين من الحديث عن تمثيلها خطورة حقيقية على صف الشرعية.

يقول الكاتب والصحفي شاكر خالد: "لا يمثل البيان الثلاثي، على أهميته، انقساما حادا في صف الشرعية، بل هو نتاج للدبلوماسية اليمنية التي تنتهجها الشرعية، لعدم رغبتها في الاصطدام بشكل مباشر مع كل من الرياض أو أبوظبي".

يضيف خالد لـ"الاستقلال": "في تقديري، يمثل هذا الخط الذي انتهجه المسؤولون الثلاثة جناحا يعمل تحت صف الشرعية، ويتحدث باسمها ويعبر عن سياستها الحقيقية في علاقتها بالتحالف، والإمارات على وجه الخصوص، وهو موقف لم يستطع هادي اتخاذه بشكل واضح، بسبب الضغوطات التي تمارس عليه من قبل المسؤولين في الرياض".

يتابع خالد: "يمثل هذا الجناح خيارا مضافا سوف ينعكس، بشكل مؤكد، على نحو إيجابي في تقوية موقف الشرعية، التي تقلصت خياراتها وغدت في موقف غير قادرة على اتخاذ قرارات مهمة".

زيارة عمان

عقب إصدار البيان الذي مثل اختراقا جزئيا لعلاقة الشرعية بالتحالف التي اتسمت بالركود منذ تدخل التحالف في اليمن، قام المسؤولون الثلاثة (الميسري، والجبواني، وجباري) بإجراء زيارة للعاصمة مسقط، ونقل موقع وزارة الداخلية اليمنية، أن وفدا رسميا برئاسة الميسري سيجري لقاءت هامة مع القيادة العمانية في عدد من الملفات الهامة، للتباحث ومناقشة الأوضاع وبحث السبل الممكنة لتحقيق السلام باليمن.

كان المسؤولون الثلاثة قد غادروا السعودية مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، وتوجهوا إلى مصر، إلا أن مصادر صحفية تحدثت عن عدم سماح السلطات المصرية لهم بممارسة أي نشاط سياسي من أراضيها، وذلك بعد إصدار البيان أثناء إقامتهم بالقاهرة.

بعيدا عن خبر ترحيل القاهرة للمسؤولين الثلاثة، فإن الملفت في الأمر هو دخول مسقط على خط أزمة العلاقة بين الشرعية والإمارات، وهي التي عرفت دوما بالحياد.

مراقبون قالوا عمان تسعى لأداء دور يتجاوز الحياد، وهو دور تلتقي فيه مصالح الشرعية مع المصالح العمانية، لاسيما ومسقط تعيش أزمة سياسية غير معلنة مع الإمارات التي اتهمتها في وقت سابق بزرع خلايا في عمان للانقلاب على النظام الحاكم، وتخشى مسقط في الوقت  نفسه من الوجود السعودي في المهرة حيث يمثل سيطرة السعودية على محافظة المهرة الحدودية تهديدا لمجال مسقط الحيوي وأمنها القومي.

الكاتب والصحفي محمد الأحمدي قال لـ"الاستقلال": "يجب على الحكومة الشرعية بحث خيارات أخرى خارج مظلة التحالف، وفي تقديري، خطوة إدخال عمان على خط الأزمة يعدد من خيارات الشرعية وينعكس عليها بشكل إيجابي، خصوصا أن عمان تجمعها مصالح إستراتيجية بالحكومة الشرعية".

يضيف الأحمدي: "ترغب عمان بحماية مصالحها الإستراتيجية عبر القيام بحراك يتجاوز دبلوماسية الحياد التي عرفت بها، لكنه أيضا حراك يتسم بالهدوء ويبتعد عن الطيش الذي تمارسه أبوظبي والرياض".

حسب تقرير لمعهد واشنطن، فإن عمان تتحرك بعدة اتجاهات وتعمل على تعزيز مكانتها في الخليج والحفاظ على استقلالها الإقليمي، ووفقا للإيكونوميست البريطانية فإن مسقط تعمل على "تشكيل خريطة تحالفات جديدة، بعيدة عن القوى المهيمنة على مجلس التعاون الخليجي"، في إشارة للسعودية.

تقارب مع الحوثي

في خضم الحديث الذي يدور عن تقارب مسؤولي الشرعية الثلاثة مع جماعة الحوثي التي تربطها بمسقط علاقة جيدة، نفى وزير النقل الجبواني أن يكون هناك أي تقارب أو حتى لقاءات مع الحوثيين أو مع المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.

وقال الجبواني في تغريدة على تويتر: "من يروجون عن لقاءات بيننا وبين الحوثي يهدفون من ذلك إحداث بلبلة يمررون أثناءها أهدافهم المشبوهة". 

وأضاف: أن هذه الاشاعات جاءت بعد "أن تم محاصرة مشروعهم في زاوية ضيقة سيتم تنظيفها منهم قريباً". ونفى الجبواني لقاءهم بجماعة الحوثي قائلا، "لن نلتقي بالحوثي ونرفض رفضاً قاطعاً التفاوض مع مرتزقة الإمارات. لن نكافئ الانقلابيين مطلقاً سواء كانوا في صنعاء أو عدن".