صحيفة إيطالية: المواجهة السياسية بين الحكومة والمعارضة في كينيا تهدد بانفجار اجتماعي

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إيطالية الضوء على الأزمة السياسية المتصاعدة في كينيا إثر لجوء المعارضة إلى الشوارع للضغط على الحكومة للوصول إلى تسوية بشأن انتخابات الرئاسة المشكوك في نتائجها والتي عقدت في أغسطس/آب 2022.

وأشارت صحيفة نيغريسيا إلى أن "زعيم المعارضة المهزوم رايلا أودينغا لازال يدعي فوزه في الانتخابات الرئاسية، بينما لا تهتم الحكومة بما يثيره من قلق في المجتمع. 

وبينت أن ارتفاع تكلفة المعيشة التي أصبحت الآن بالنسبة للكثيرين خارج المقدرة، يعد أكثر ما يثير غضب السكان، محذرة بالقول إن "الأشهر الأخيرة لم تكن سهلة، ويمكن أن تكون الأشهر المقبلة أسوأ".

القادم أسوأ

وقالت الصحيفة الإيطالية، إن "المواجهة بين النظام الحاكم والمعارضة تحتدم في الوقت الحالي لذلك لا يوجد بصيص أمل يشير إلى تسوية الخلافات على المدى القصير". 

وعلى حد تعبيرها، خرجت الخلافات من قاعات البرلمان ومن صفحات الجرائد  لتنتقل إلى الساحات.

وذكرت أنه في 20 مارس، نجحت المظاهرة الأولى التي دعا إليها زعيم الائتلاف المعارض، رايلا أودينغا، في شل وسط نيروبي وبعض الأحياء مثل حي كيبيرا الفقير، بالإضافة إلى عدة مناطق أخرى من البلاد.

وخلال المظاهرات، استخدمت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع بكثافة وقامت بتشتيت المتظاهرين الذين قام بعضهم بأعمال نهب وتخريب. 

وأسفرت الاشتباكات في نهاية اليوم عن قتيل واحد والعديد من الجرحى وأضرار لا حصر لها.

من جانبه، قال أودينغا إن التعبئة الشعبية ما زالت في بدايتها لذلك من المنتظر أن تستمر المظاهرات يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع إلى أن تستجيب الحكومة لمطالب المعارضة. 

في غضون ذلك، حظرت الشرطة الاحتجاجات في خطوة قد تؤدي إلى مزيد الاشتباكات والإحباط، وفق الصحيفة.

وتشرح الصحيفة الإيطالية أن المشاكل المطروحة على الطاولة هي في الأساس ذات طبيعة سياسية وتتعلق بشكل خاص بشرعية انتخابات أغسطس 2022 والطبيعة الديمقراطية للانتخابات المستقبلية.

ورغم صدور حكم المحكمة العليا برفض الطعون، لم يقبل الائتلاف المعارض وزعيمه حكم اللجنة المستقلة لشؤون الانتخابات والحدود بانتصار الائتلاف الذي يقوده الرئيس الحالي ويليام روتو.

وكانت اللجنة قد أعلنت في أغسطس فوز روتو بحوالى 7,18 ملايين صوت (50,49 في المئة) مقابل 6,94 ملايين صوت (48,85 في المئة) لمنافسه أودينغا في الانتخابات التي جرت في 9 من نفس الشهر.

ويدعي أودينغا أنه فاز بهامش كبير ويستند  في ذلك إلى اتهامات بالعبث بنتائج الإنتخابات لذلك يطلب فتح الخادم الذي استخدم أثناء الانتخابات للتحقق من النتائج الرسمية. 

من جانبها، تبدو الحكومة غير مستعدة للقيام بذلك مستندة إلى أحكام اللجنة والمحكمة العليا.

ولفتت الصحيفة إلى أن وجود انقسامات داخل لجنة الانتخابات أيضًا، وهو ما دفع بعض أعضائها إلى الاستقالة نتيجة لما تعرضت له خلال الانتخابات الأخيرة.

فيما أنهى آخرون، بمن فيهم الرئيس وافولا شيبوكاتي، ولايتهم التي استمرت ست سنوات والتي لا يمكن تمديدها إذ تحتاج اللجنة إلى تجديد أعضائها بالكامل تقريبا.

تختلف الأغلبية والمعارضة حول كيفية اختيار أعضاء جدد، فبينما ينوي الرئيس روتو المضي قدما على أساس الصلاحيات التي يمتلكها في الحكم، ترى المعارضة أن هذه الطريقة قد تشكك في حيادية اللجنة.

بدورها، رأت مارثا كاروا، التي ترشحت لمنصب نائب الرئيس مع رايلا أودينغا، باختصار، أن الديمقراطية في خطر وطالبت الكينيين بالنزول إلى الشوارع للدفاع عن حقوقهم الديمقراطية.

أزمة مستفحلة

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن المشاكل الاقتصادية المتزايدة تجعل من الصعب على الكينيين الحفاظ على مستوى المعيشة الذي اعتادوا عليه.

وتثقل كاهل الطبقات الاجتماعية الأضعف على وجه الخصوص، وتلعب دورا كبيرا في تواصل الاحتجاجات وزيادة حدتها. 

وتشرح بأن تكلفة الضروريات الأساسية  في إرتفاع مستمر ولأسباب لا تُعزى مباشرة إلى سياسات الحكومة.

في هذا الصدد، تذكر أن الجفاف الذي دمر جزءًا كبيرًا من البلاد لعدة مواسم، أدى إلى الحد من الإنتاج الزراعي لمنتجات مثل الذرة، التي تشكل أساس النظام الغذائي للسكان في البلاد. 

كما بات من الصعب توريد الذرة وغيرها من الحبوب وزيوت البذور والأسمدة بسبب الصراع الروسي في أوكرانيا الذي تسبب أيضا في ارتفاع تكلفة وقود النقل والغاز للطهي في السوق الدولية.

ولفتت الصحيفة كذلك إلى الإعلان عن زيادات مهمة في الكهرباء لتجديد الأنظمة المتقادمة والتي غالبًا ما تتسبب في انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة من البلاد. 

وهذا من شأنه أن يزيد من تكلفة المعيشة و من عدم ارتياح السكان، تضيف الصحيفة.

بينما بلغ معدل التضخم في فبراير/ شباط 9.2 بالمئة، وفقا لتقديرات محللين موثوقين ومن غير المنتظر أن يسجل انخفاضًا هذا العام.

وتعيد الصحيفة التذكير في هذا السياق بأن الرئيس روتو كان قد أجرى حملة انتخابية تركزت على الوعد بتخفيض أسعار الضروريات الأساسية في الأيام المائة الأولى من حكمه. 

إلا أنه بدلا من ذلك، قام في الأسابيع القليلة الأولى بإلغاء الدعم الذي كانت الحكومة السابقة تهدئ به السوق. فيما تطالب الآن المعارضة بإلغاء القرار وإعادة منح الدعم للسكان المحتاجين.

أدت الأزمة أيضا إلى إنخفاض كبير في قيمة العملة، إذ في الربع الثالث من العام الماضي، تم صرف اليورو بحوالي 120 شلن كيني وبلغ في الشهر الماضي حوالي 140.

على ضوء هذه الوضعية الحرجة، تشير نيغريسيا إلى أن التوتر بين الأغلبية والمعارضة يتزايد يومًا بعد يوم وهوما يثير قلق السكان بشكل كبير. 

ونقلت عن استطلاعات رأي أوردتها صحيفة ديلي نيشن، أكبر صحيفة في البلاد، في 25 مارس، أن 48 بالمئة من الكينيين يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، مقارنة بـ37 بالمئة يعتقدون عكس ذلك. 

فيما يعتقد مواطن واحد من ثلاثة أن التعبئة المستمرة التي تنظمها المعارضة بمقدورها تغيير الوضع.

الكلمات المفتاحية