الطبع غلاب.. هكذا شوه برلمانيو أخنوش إنجازات المغرب في مونديال قطر

سلمان الراشدي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

إنجاز رياضي تاريخي لـ"أسود الأطلس" شوهه فساد سياسي مغربي في مونديال قطر 2022، هكذا وصف مغاربة "العادة السيئة" لمسؤوليهم الذين نقلوها من المملكة إلى دوحة العرب.

وفي وقت سجل المنتخب المغربي إنجازات تاريخية في مونديال قطر بوصوله إلى نصف نهاية كأس العالم، كانت هناك شخصيات وجهت لها الجماهير اتهامات بـ"الفساد" إثر تلاعبها بتذاكر مباريات الربع والمربع الذهبي.

هذه الشخصيات محسوبة على زعيم الائتلاف الحكومي حزب "التجمع الوطني للأحرار" برئاسة عزيز أخنوش، وفي الوقت نفسه ضمن وفد اتحاد الكرة المحلي.

وبعد تأهل "أسود الأطلس" المفاجئ من دور المجموعات، تفاجأت الجماهير بنفاد التذاكر من منصة "فيفا"، ما دفع الاتحاد المغربي لكرة القدم لتوزيع المئات من التذاكر على الجماهير.

ونجح المغرب في كتابة تاريخ جديد للكرة العربية والإفريقية بعد تأهله للدور نصف النهائي بالمونديال عقب الفوز على البرتغال، بهدف دون رد في 10 ديسمبر/كانون الأول 2022.

وبات المغرب ثالث منتخب من خارج أوروبا وأميركا الجنوبية يتأهل إلى المربع الذهبي في نهائيات كأس العالم بعد الولايات المتحدة عام 1930، وكوريا الجنوبية في 2002.

خدش الصورة

وفي 16 ديسمبر 2022، أعلن "التجمع الوطني للأحرار"، إحالة البرلماني التابع للحزب محمد الحيداوي، إلى لجنة التأديب بشأن تسجيل صوتي يكشف عن بيعه تذاكر المونديال في الدوحة، بعد اتهامات مواطنين له بذلك.

وجاء في البيان أنه "تداول رواد التواصل الاجتماعي تسجيلا صوتيا من المحتمل أنه منسوب للحيداوي، ومضمونه بيع تذاكر كرة القدم".

وبين أن الإحالة جاءت "نظرا لما لهذا السلوك في حالة ثبوته من إساءة للصورة الباهرة التي بصم عليها منتخبنا الوطني، حتى يتمكن الحزب من الإحاطة بكل المعطيات المتعلقة بهذا الملف وترتيب كل الجزاءات".

وتظهر المكالمة الهاتفية أن هناك مفاوضات بين الحيداوي، وهو رئيس نادي لكرة القدم بمدينة آسفي، وشخص يظهر أنه سجل المكالمة لشراء تذكرتين، وأن البرلماني حدد الثمن بـ12 ألف درهم (1200 دولار) لكلتيهما.

البرلماني المعني لم ينف صحة التسجيل الصوتي، ولكنه نفى أن يكون قد تاجر في التذاكر التي وزعها اتحاد الكرة مجانا.

في معرض دعم وجهة نظره بشأن براءته من هذه القضية، قال لموقع "هسبريس" إنه "صرف 60 مليون سنتيم (60 ألف دولار) من جيبه للإقامة في قطر".

بيد أن تصريح البرلماني يشكل انتهاكا للحد الأقصى المحدد من "مكتب الصرف بالمغرب" (رسمي) للمخصصات المالية المسموح للمسافرين نقلها إلى الخارج في 100 ألف درهم (10 آلاف دولار) كل عام.

وحسب مصادر موقع "اليوم 24" (محلي)، فإن "اتحاد الكرة فتح تحقيقا في الموضوع، لكن ينتظر أن تتحرك النيابة العامة للاستماع للبرلماني الحيداوي، في هذه القضية التي أثارت جدلا ومست صورة المغرب".

"الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب"، دخلت على خط قضية التسريبات الصوتية المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي والمتعلقة بالتلاعب والسمسرة في بيع تذاكر مباريات المنتخب الوطني خلال كأس العالم.

وذكرت الجمعية عبر بلاغ في 19 ديسمبر، أن "البرلماني الحيداوي، عرض على أحد المشجعين تذكرتين لولوج الملعب مقابل 1200 دولار، وهو تصرف منحط وغير أخلاقي كانت له تداعيات مضرة بسمعة الوطن على خلاف السمعة الطيبة التي خلفها الفريق الوطني".

وأضافت أن "هذا الفعل المشين للمسؤول الرياضي والمنتخب البرلماني المشار إليه يتطلب المساءلة والمتابعة القانونية، ونعلن استنكاره لهذا الفعل الانتهازي الحقير والجبان".

ونددت الجمعية بـ"استغلال بعض السماسرة مأساة المشجعين المغاربة بمونديال قطر لمراكمة الأموال على حساب معاناة مواطنين بسطاء من كان شغلهم الشاغل تشجيع الفريق الوطني".

اغتصاب المال العام

وقال موقع "مدار 21" المحلي، إن "المنتخب المغربي لامس سماء المجد في أول كأس عالمية تقام في أرض عربية، وقدم صورة مثالية عن كرة القدم الوطنية، لكن بعض مسؤولينا أبوا إلا أن يمرغوا ذلك في التراب".

وأضاف في مقال له أن "الأسود ضربوا المثل لكل المنتخبات العالمية، وكسّروا كل الحواجز التي أعجزت السياسية ووحدوا الشعوب العربية والإفريقية بـ(نِيّة) وليد الركراكي (مدرب المنتخب) وأولاده، فيما غرّد مسؤولون محسوبون على (أسرة) كرة القدم خارج السرب، وخدشوا صورة المغرب غير عابئين بصورة المغرب التي مُرّغت في التراب".

صفحة شهيرة على فيسبوك تدعى "لفرشة" (الفضيحة) كانت سباقة لكشف معطيات كثيرة وبالتفصيل بأسماء المشاركين في بيع تذاكر مباريات المنتخب.

ومن بين أبرز الأسماء، عضو اتحاد الكرة، رئيس نادي الرجاء الأسبق، محمد بودريقة، الذي وجهت له الجماهير اتهامات، خاصة على قناة "بي إن سبورتس" القطرية على الهواء مباشرة، في 14 ديسمبر.

وهتفت الجماهير: "بودريقة وايا الشفار (السارق) أوهو هو .. هلا هلا هلا والورقة (التذكرة) فيناهيا (أين هي؟)".

وقالت صفحة "لفرشة" إن "فضيحة بيع بودريقة التذاكر، قليل من كثير لعصابة مصت دم المغاربة بمباركة الجامعة (الجميع)، وبودريقة المتسبب في فضيحة وكارثة بكل المقاييس في مونديال قطر تخص بيع وإهداء التذاكر لحاشيته وأقاربه، والمتاجرة بشغف وحب المغاربة الراغبين في تشجيع المنتخب ببيعهم التذاكر بالسوق السوداء عن طريق مساعديه".

وأوضحت في 17 ديسمبر، أنه "كان هناك 13 ألف تذكرة للتوزيع في ملعب الجنوب، تفرقت منها مجانا 2500 على النساء، و2500 على الرجال، وتقريبا 800 تذكرة في المطار، أين البقية؟"

واستطردت: "اسألوا عليها المسمى لطفي بنيس، المقرب من فوزي لقجع (رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم) وبودريقة، تاجر بلاستيك في الدار البيضاء، بعيد عن عالم كرة القدم لكنه موجود في قطر منذ بداية المونديال، دوره يبيع التذاكر التي خصصتها الجامعة للمشجعين المغاربة،

وتابعت: "صديق وسمسار بودريقة، يبيع التذاكر مقابل 1100 يورو، وحتى اليوم لمباراة التصنيف بين المغرب وكرواتيا، كاين التذاكر باعهم بـ1300 دولار".

وأفادت "لفرشة" بأن "هناك ضحايا مغاربة على استعداد للإدلاء بشهادتهم، اشتروا منه الكثير من التذاكر وسيضعون الحجج التي عندهم لدى السلطات".

ودعت الصفحة "أصحاب الضمائر في وطننا إلى تسليط الضوء على هذه القضية التي سببت للجماهير المغربية الكثير من الضرر والغبن، كما تسببت في تلطيخ صورتنا لدى السلطات القطرية والعالمية ناهيك عن اغتصاب المال العام".

جوانب مظلمة

موقع "الصحيفة" المغربي، قال إن "مونديال قطر لم يكشف عن القتالية التي يتمتع بها اللاعبون حين يجدون قائدا قادرا على إبعاد الخلافات وترتيب الصفوف فحسب".

بل كشفت أيضا عن أكثر الجوانب المظلمة داخل أروقة اتحاد الكرة، التي تحولت داخليا إلى منجم للمصالح لأشخاص خلطوا الرياضة بالسياسة، وجعلوا مواقعهم فرصة لاقتناص الغنائم، كما قال.

ولفت في مقال نشره في 15 ديسمبر إلى أن "لقجع أوكل لبودريقة مهمة توزيع التذاكر في مباراتي إسبانيا والبرتغال، على أن تذهب لمستحقيها ممن تكبدوا عناء السفر إلى قطر".

إلا أن الكثير من الملاحظات والانتقادات رافقت طريقة استغلال الرئيس الأسبق بفريق الرجاء البيضاوي، إلى أن وقعت الكارثة قُبيل مباراة نصف النهائي بين المغرب وفرنسا.

ويرى أن "بودريقة أظهر الوجه المصلحي المفرط في الاستغلال، فالرجل الذي انتُخب في مجلس النواب عن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي هو أيضا حزب رئيس الحكومة وصاحب أكبر فريق في البرلمان، وزع التذاكر بناء على أهوائه ووفق ما يخدم مصالحه السياسية وطموحه في البروز مجددا كمُسير رياضي معروف".

وقال الموقع إنه "كان من المفروض أن يُسلم بودريقة التذاكر إلى المشجعين فور وصولهم إلى مطار الدوحة عبر طائرتين، لكنه كان قد وزعها بالفعل، على المقربين منه".

وهو ما أدى إلى منع المشجعين من دخول البلاد، ثم إعلان الخطوط المغربية عن إلغاء باقي الرحلات، الأمر الذي أثار احتجاجات كبيرة في مطار الدار البيضاء.

وبين أن "هذه الواقعة فتحت باب التساؤلات الغاضبة والحارقة على مصراعيها تجاه الجامعة، خاصة أن الأمر يتعلق بفضيحة من العيار الثقيل أضرت كثيرا بسمعة المغرب في بلد كسب فيه الكثير من التعاطف بفضل أداء لاعبيه في المونديال".

وقال الكاتب مصطفى الفن: "نعم كان من الممكن جدا أن نذهب بعيدا في هذه المحطة الكروية العالمية.. لكن (النية) و(قلة النية) لا تجتمعان في جامعة واحدة".

وأوضح في تدوينة 15 ديسمبر، "حصل هذا عندما حاول (البعض) أن يجعل من لحظة فيها سمعة الوطن كما لو أنها همزة (فرصة) من الهموز (الفرص) المدرة لـ"الكاش" (الأموال) السهل".