عصر ما بعد النفط.. مركز تركي: السعودية تراهن على هذه الاستثمارات

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أكد مركز دراسات تركي أنه مع تقلص أهمية النفط والغاز الطبيعي في المستقبل تسعى دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية إلى تنويع استثماراتها في مجالات مختلفة، لعل أهمها المعادن.

وأوضح مركز دراسات الشرق الأوسط "أورسام"، أن السعودية تتمتع باحتياطات ضخمة من معادن متنوعة قد تغنيها مستقبلا عن الارتباط بالمحروقات، لذا تضخ بها استثمارات هائلة في الوقت الراهن.

استثمارات نوعية

وذكر المركز التركي أن السعودية ودول الخليج الأخرى تتخذ خطوات جديدة لتحويل وإعادة هيكلة نماذجها الاقتصادية المعتمدة على النفط. 

حيث أصبح شراء الفرق الرياضية، واستضافة المنظمات المشهورة عالميا، والاستثمار في مجالات مثل الخدمات اللوجستية والصحة والتعليم في البلدان ذات الأهمية الإستراتيجية اتجاها في دول الخليج. 

على سبيل المثال، الاستحواذ على أندية بريطانية مثل مانشستر سيتي ونيوكاسل يونايتد، وأندية فرنسية مثل باريس سان جيرمان من قبل الإمارات والسعودية وقطر.

إضافة إلى استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم 2022، والفورمولا 1 من قبل السعودية والإمارات والبحرين.

فضلا عن زيادة استثمارات دول الخليج في دول مثل تركيا وإندونيسيا، وكل هذه الأمور تطورات مهمة في هذا الإطار. 

وهذه الخطوات جزء من خطة لتغيير بنية الاقتصاد المعتمد على النفط، والذي سيتم تخفيض احتياطاته بشكل كبير في المستقبل القريب. ويتمثل جزء آخر من هذه الخطة في زيادة الميزانية المخصصة لقطاع التعدين.

ومن المحتمل جدا أن تزيد السعودية ودول الخليج استثماراتها في القطاعات غير النفطية مثل التعدين في المستقبل.

ووفقا لموقع "استثمر في السعودية" الحكومي، تساهم صناعة التعدين بمبلغ 17 مليار دولار سنويا في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية.

وتقدر استثمارات السعودية في قطاع التعدين بما يتراوح بين 45.3 و47.96 مليار دولار. 

وقال نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي لشؤون التعدين المهندس خالد بن صالح المديفر إنه من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 150 بالمئة في العقود المقبلة. 

وفي الواقع، بدأت المملكة في اتخاذ مبادرات لزيادة إنتاج المعادن وتنويع الاقتصاد في إطار رؤية 2030.

ووفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية، وكالة الأنباء السعودية، فإن عدد شركات التعدين في المملكة يقترب من 1300 شركة. 

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أعلنت وزارة التعدين السعودية أنها ستصدر ثلاثة تراخيص جديدة، ما يعني زيادة عمليات التعدين في المملكة. 

وهذه الاستثمارات ستوفر 200 ألف وظيفة جديدة بالإضافة إلى 250 ألفا من القوى العاملة التي يوفرها قطاع التعدين بالفعل.

معادن السعودية

ويمكن أن تؤدي زيادة الاستثمار في قطاع التعدين إلى إعادة تشكيل التخطيط القائم على الهيدروكربونات في السعودية وتقليل اعتماد الصناعة الثقيلة على المحروقات. 

لذلك، يمكن استخدام المكاسب التي تم الحصول عليها من قطاع التعدين في مجالات جديدة مثل السيارات والأسمدة الصناعية وإنتاج البطاريات. 

ويقتصر قطاع التعدين في السعودية في الغالب على الفوسفات والذهب والبوكسيت، والمملكة بحاجة إلى تعاون دولي في هذا المجال. 

وافتتحت المملكة هيئة المسح الجيولوجي في عام 1999، ويمكن للسعودية، التي ركزت على الهيدروكربونات والوقود الأحفوري لسنوات عديدة، تفعيل هذه المؤسسة في مجال التعدين على المدى القصير وإحراز تقدم في هذا المجال بالتعاون الدولي.

وقد جرى شراء أكثر من 5300 منجم، معظمها من الكوبالت والليثيوم والتيتانيوم، من 48 منطقة مختلفة من المملكة. ومع إصدار التراخيص الجديدة، من المتوقع أن يزداد عدد المناجم. 

وهذه العملية هي جزء من رؤية 2030، التي أعلنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عام 2016، ويتوقع أن تغير التخطيط الاقتصادي  للسعودية. 

وفي إطار هذا التخطيط الجديد، تريد السعودية زيادة توجهها نحو التعدين وربط المكاسب في هذا المجال بالصناعة. 

وكخطة طويلة الأجل، تهدف إدارة الرياض إلى بنية اقتصادية ذات مصادر متنوعة بدلا من اقتصاد ريعي يعتمد على صناعة النفط ويتعرض لتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية. 

كما يتم إعطاء قطاع التعدين أهمية كبيرة في هذه الهيكلة. على وجه الخصوص، يهدف إلى استخراج منجم البوكسيت وتحويله إلى ألومنيوم في المصافي والمساهمة في صناعة السيارات. 

ويمكن النظر إلى هذا الوضع على أنه إسهام مباشر في تنويع اقتصاد البلد على المدى الطويل. 

اليورانيوم والنووي

ولفت المركز التركي إلى أن هنالك معدنا آخر تريد السعودية الاستفادة منه وهو اليورانيوم.

ويتمثل أحد أهداف المملكة في تخصيب اليورانيوم في قطاع الطاقة من خلال بناء مفاعلين نوويين، أحدهما بسعة 1 والآخر بسعة 1.6 جيجا واط، وتصديره وتوفير مدخلات غير نفطية للاقتصاد. 

وتتعاون السعودية مع عديد من الدول، وخاصة الشركة النووية الوطنية الصينية، فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم وتنويع الموارد. 

وعلى الرغم من عدم وجود بيانات رسمية، إلا أن ثمة تقارير تفيد بأن المملكة لديها القدرة الكافية لتزويد المفاعلات النووية بالوقود، ما يشجع دول مثل روسيا والصين على التعاون مع السعودية. 

ويمكن القول إن السعودية حريصة أيضا على أن تصبح مركزا إقليميا، ويمكن اعتبار سن قانون يشجع الاستثمار الدولي في قطاع التعدين تطورا في هذا الصدد، نظرا لأنه يمهد لخصخصة شركات التعدين. 

و"البورصة السعودية"، وهي شركة تعدين سعودية مملوكة للدولة، من بين الشركات التي تنتظر منعطفا في الخصخصة، وتسيطر على 70 بالمئة من سوق التعدين في المملكة. 

ويمكن النظر إلى خصخصة مثل هذه الشركة المهمة على أنه أكبر دليل على أن الدولة السعودية تولي أهمية كبيرة للخصخصة في قطاع التعدين.

حيث تهدف إلى جعل قطاع التعدين أكثر قدرة على المنافسة والسماح بدخول المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد. وفي هذا الإطار، تريد المملكة جذب 170 مليار دولار من الاستثمارات إلى البلاد.

وهناك هدف آخر هو الاستفادة من الكمية الكاملة من الاحتياطيات المعدنية، والتي تقدر بـ1.3 تريليون دولار. 

ووفقا لحسابات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، تمتلك السعودية احتياطات بقيمة 321 مليار دولار من الفوسفات، و229 مليار دولار من الذهب، و222 مليار دولار من النحاس.

وهذه خطوة مهمة نحو إنقاذ السعودية من سياسات الدولة المتشددة، لكن أكبر عقبة أمام السعوديين لتحقيق هذا الهدف هي أن الاستثمارات المتوقعة لا تتحقق بالكامل لأسباب سياسية. 

لذلك، من دون التحديث والديمقراطية، فإن جذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد هو التحدي الأكبر الذي يواجه السعودية.