أبو علي البصري.. مسؤول عراقي تورط في قضايا رشوة فتولى مكافحة الفساد

بغداد - الاستقلال | a year ago

12

طباعة

مشاركة

عاد إلى الواجهة مجددا في العراق، المسؤول الأمني الغامض عبد الكريم عبد فاضل حسين المكنى بـ"أبو علي البصري"، بعد قرار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تعيينه "رئيسا للفريق الأمني الساند لهيئة العليا لمكافحة الفساد"، التي شكلها في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

وأوضح مكتب رئيس الحكومة أن "السوداني وجه بتشكيل فريق ساند بصلاحيات واسعة، لتقديم الإسناد الكامل للهيئة العليا لمكافحة الفساد في فتح تلك الملفات"، مشيرا الى أن "الفريق يترأسه المدير العام في وزارة الداخلية عبد الكريم عبد فاضل".

مسؤول أمني

وعلى ضوء تعيين البصري، نشرت شبكة "ذا ناشيونال نيوز" الأميركية تقريرا في 17 نوفمبر ذكرت فيه أن الفريق الجديد لإنفاذ عمليات مكافحة الفساد يرأسه عبد الكريم عبد فاضل، مدير عام وزارة الداخلية، الرئيس السابق لوحدة استخبارات "خلية الصقور" السرية.

وتعد "الصقور" خلية أمنية عملت عن كثب مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ونظر إليها لاحقا على أنها قريبة من المليشيات الشيعية المدعومة من إيران، ما أثار مخاوف بشأن تسييس الجهود الجديدة لمكافحة الفساد.

وأوضحت الشبكة الأميركية أن فاضل، المعروف باسمه الحركي أبو علي البصري، كان أحد مؤسسي خلية الصقور عندما تم إنشاؤها في عام 2009 تحت إشراف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وعملت الخلية، التي تلقت تدريبا مباشرا من وكالة المخابرات المركزية وجهاز الاستخبارات البريطاني، بشكل مستقل، وكانت تتلقى توجيهات مباشرة من المالكي الذي تولى رئاسة الحكومة بين 2006 - 2014.

ولفتت الشبكة إلى أن فاضل كان قد أقيل من منصبه في وزارة الداخلية كجزء من تعديل واسع في الجيش والشرطة وقيادة المخابرات بعد التفجيرات الانتحارية المتتالية في بغداد التي أسفرت عن مقتل 32 شخصا، وإصابة أكثر من 100 في أوائل عام 2021.

وعد قرار رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، بإقالة فاضل محاولة لإضعاف الأحزاب المرتبطة بإيران ووضع خلية الصقور تحت سيطرته، حيث كان قد تعهد بكبح جماح المليشيات الشيعية المدعومة من إيران عندما تولى منصبه في مايو 2020.

وإثر ذلك، شنت شخصيات موالية لإيران وتابعة لقوى الإطار التنسيقي الشيعي، هجوما حادا على الكاظمي، واتهمته بأنه "أبعد شخصا نزيها وبطلا طالما حارب الإرهاب".

رئيس الجواسيس

وفي 2 فبراير/ شباط 2021، وصف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أبو علي البصري بأنه "رئيس الجواسيس"، وكان مديرا لخلية الصقور وأحد مؤسسيها.

وأوضح الموقع نقلا عن مصدر عراقي مطلع لم يسمه، أن الكاظمي قال بوضوح بعد عزل البصري إن "الدول الأجنبية تعرف ما يقوم به البصري، لكن الحكومة العراقية لا فكرة لديها عما يفعله".

وأفاد بأن البصري لم يقدم تقارير عن عمله لوزارة الداخلية أو نائب مدير الاستخبارات المسؤول عنه، وكلاهما قدما تقارير سلبية عنه.

وأضاف الموقع البريطاني: "قال الكاظمي إن الاستخبارات كانت تراقب حركات ضابط مخابرات أجنبي واكتشفت لقاء البصري معه".

ولفت إلى أن نوري المالكي جعل "خلية الصقور" المرتبطة إداريا بوزارة الداخلية بمثابة جهاز تنفيذي يقدم خدمات للشخصيات البارزة، حيث جرى اختيار عناصر الخلية بعناية ومن الشيعة الموالين للمالكي وهادي العامري زعيم منظمة بدر، ولم يتم الكشف عن هذه الولاءات حتى لا ينقطع الدعم الغربي لها.

وأكد أن المالكي كان أول من استخدم الخلية ضد منافسيه السياسيين بمن فيهم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي (قيادي سني)، والذي اتهم في ملفات إرهاب، وصدر أمر باعتقاله في ديسمبر/ كانون الأول 2011، وحكم عليه غيابا بالإعدام شنقا.

واستهدفت الخلية أيضا وزير المالية السابق رافع العيساوي (قيادي سني) الذي حكم عليه غيابيا بالسجن سبعة سنوات بتهم فساد عام 2012.

وأكد الموقع البريطاني إن المالكي استخدم الخلية لاستبعاد منافسيه كما استخدمها عادل عبد المهدي (رئيس وزراء سابق) ضد متظاهري الحراك الشعبي عام 2019.

وصور أبو علي البصري نادرة على شبكة الإنترنت، وأغلبها ما جرى نشره في عام 2016، أثناء زيارة قام بها إلى البطريركية الكلدانية في منطقة المنصور غرب بغداد.

وذكرت البطريركية على موقعها آنذاك، أن مدير عام جهاز الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، من دون ذكر اسمه، زارها، وتحدث عن "وضع البلد وسبل محاربة الإرهاب وتفكيك الفكر التكفيري ليعيش المواطن في أمان بعيدا عن الطائفية وكذلك أهمية نشر الفكر المعتدل".

مهرب سجناء

عبد الكريم عبد فاضل حسين البالغ من العمر قرابة 55 عاما، هو من أهالي منطقة التنومة بالبصرة.

وفي عقد التسعينيات هرب إلى إيران إبان عهد الرئيس الراحل صدام حسين، ثم لجأ إلى السويد عام 1996 وتمكن من الحصول على الجنسية السويدية، ويلقب أيضا بـ"أبو علي البصري السويدي".

ولا تتوفر معلومات شخصية كثيرة عن أبو علي البصري، سوى أنه من قيادات حزب الدعوة الإسلامية الشيعي، وأحد أبرز المقربين من رئيسه نوري المالكي.

وعادة ما يحدث لبس لدى وسائل الإعلام بين صور أبو علي البصري الرئيس السابق لخلية الصقور، وصور شخصية أخرى أيضا تكنى بـ"أبو علي البصري" والذي يشغل منصبا قياديا في هيئة الحشد الشعبي.

وشغل "أبو علي البصري" سابقا منصب مدير الأمن في مكتب المالكي.

وخلال فترة عمله رئيسا لخلية الصقور، اتهم بـ"التواطؤ" في عمليات هروب سجناء، إحداها وقعت في البصرة عام 2011، تمكن خلالها العديد من قادة تنظيم القاعدة من الهروب.

ووقعت الحادثة في 15 يناير/ كانون الثاني 2011، حيث جرى تهريبهم بصورة رسمية وأخذهم بسيارات خاصة مظللة، تابعة للجهاز الأمني لمكتب نوري المالكي، بحجة نقلهم إلى بغداد والتحقيق معهم هناك، وذلك من مقر معتقل يتبع خلية الصقور، حيث يقع ضمن مجمع القصور الرئاسية بالبصرة.

وتطال أبو علي البصري اتهامات بتعذيب للسجناء من الموصل؛ والمعتقلين بشكل سري من بغداد والمحافظات في سجن سور نينوى، وذلك بتوجيه ملازم أول عمار الفريجي، الذي يعد الذراع الأيمن لـ"البصري"، كونه يملك صلاحيات بالدخول إلى السجون.

طائفي وفاسد

ويعد أبو علي البصري المسؤول الأول عن اعتقال المئات من شباب المناطق ذات الغالبية السنية في بغداد، ومنها: "العامرية، اليرموك، والحارثية".

وكذلك متورط في أخذ فدية مقابل كل سجين لا تقل عن 100 ألف دولار للإفراج عنهم، وإذا لم تدفع المبالغ تلفق لهم تهم إرهاب، ليتم بعدها سجنهم وتعذيبهم.

ويعرف عن رجل "المالكي" المقرب أيضا اعتماده على إثارة الحقد الطائفي في نفوس أهل جنوب العراق، وفق وسائل إعلام محلية.

 إذ نقل موقع "كتابات" في 23 يناير 2020 عنه قوله لهم: "إذا ذهبت أنا فإن السنة سيقتلونكم، فلولاي ما كانت هناك حياة"، وبهذه الحجة كان يتم تعذيب السجناء السنة وتلفيق تهم لهم.

ويتهم أبو علي البصري، مع الضابط في الجيش علي فاضل، بالقتل والخطف وتسليب محلات في منطقتي الحارثية والمنصور، ورعاية العديد من بيوت الدعارة في عدد من مناطق العاصمة بغداد.

وعن إحدى حوادث الابتزاز، أمر أبو علي البصري بإيقاف العمل في جسر كان قيد التشييد بمنطقة اليرموك غرب بغداد، لابتزاز المقاول المسؤول حتى يعود إليه لنيل موافقته، بحجة أن الجسر مخالف للشروط الأساسية للبناء.

وكذلك سيطر أبو علي البصري على سيارات التجار المحملة بالمواد المستوردة من سوريا أو الأردن ولم يتركها تمر وحجز عليها بحجة احتوائها على مادة "سي فور" المتفجرة، وفي هذه الحالة لا يمكن استرجاع السيارات إلا بإرسال الهدايا إليه لكي يعطي الأمر للضابط علي فاضل لتمريرها.

ومنذ سنوات يخيم على العراق جدل واسع بلا جدوى، من أجل فتح ملفات الفساد المالي والسياسي والأمني بأثر رجعي منذ عام 2006، وهو عام تولي المالكي للسلطة بالعراق والتي استمر بها لأكثر من ثماني سنوات عاشت خلالها البلاد أسوأ أيامها، وفق مراقبين.