فوز كبير.. ماذا يعني تحقيق مسلمي أميركا 82 مقعدا بالانتخابات النصفية؟

إسماعيل يوسف | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

زاد المسلمون في أميركا من حضورهم في عدة ولايات، مع عدم تحقيق تيار الرئيس السابق دونالد ترامب، المعادي لهم وللمهاجرين أغلبية في الانتخابات النصفية للكونغرس.

وحقق مسلمو أميركا رقما قياسيا جديدا في انتخابات الكونغرس ومجالس المحليات والولايات والمجالس الفيدرالية التي انطلقت في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وتستمر عملية فرز الأصوات في الانتخابات النصفية الأميركية فيما أبدى الرئيس الأميركي جو بايدن استعداده للعمل مع الجمهوريين بغض النظر عن النتائج، مستبعدا في الوقت ذاته هزيمة الديمقراطيين.

ولم يتضح بعد من سيسيطر على مجلس الشيوخ بينما اقترب الجمهوريون من نيل الأغلبية في مجلس النواب بعد يوم من تحقيق الديمقراطيين أداء أفضل من المتوقع وتجنبهم "موجة حمراء" من الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي.

نجح 82 مسلما ومسلمة في تحقيق انتصار انتخابي بشكل نهائي في المجالس المختلفة منهم ثلاثة فازوا بعضوية الكونغرس (مجلس النواب) و38 في مجالس الولايات التشريعية، وذلك مقارنة مع 71 فازوا في انتخابات 2020.

وغالبية الفائزين كانوا مرشحين عن الحزب الديمقراطي أو مستقلين والقليل منهم مرشح عن الحزب الجمهوري، بحسب رصد لمركز جيتباك (Jetpac) ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR).

وشهدت الانتخابات الأميركية تقدم 146 مرشحا أميركيا مسلما للمنافسة على المناصب المحلية والولائية والفيدرالية، منهم 51 مرشحا تشريعيا للولاية يتنافسون في 23 ولاية، لذا تعد نسبة الفوز ممتازة لأنها تعني فوز 56 بالمئة من المرشحين.

تفاصيل الفوز

فاز بشكل نهائي ثلاثة نواب مسلمون بمقاعد في الكونغرس (مجلس النواب) هم أندريه كارسون (ديمقراطي من إيل)، وهو المدعي العام لولاية مينيسوتا وعضو كونغرس منذ 2017 بإعادة انتخابه.

كما فازت إلهان عمر (ديمقراطية من مينيسوتا) ورشيدة طليب (ديمقراطية من ميشيغان)، للمرة الثانية.

فشل المرشح المسلم العلماني، مقدم البرامج التلفزيوني الأميركي الشهير والجمهوري "محمد أوز" الذي دعمه "ترامب"، في محاولته أن يصبح أول مسلم في مجلس الشيوخ الأميركي، وخسر بفارق ضئيل أمام الديمقراطي جون فيترمان.

وأبدي مسلمو أميركا ارتياحهم لسقوطه، كونه ورقة دفع بها ترامب، الذي سبق أن هدد بغلق مساجد البلاد، ويدين بصعوده السياسي لشخصية نشرت الإسلاموفوبيا على نطاق أوسع من أي رئيس أميركي آخر.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز في 9 نوفمبر 2022 عن مسلمين رفضهم انتخابهم لتبرؤه من جذوره الإسلامية، وميله للتعاليم العلمانية، منهم عبد الماغيس شودري، نائب رئيس الجمعية الإسلامية في مقاطعة تشيستر بفيلادلفيا.

لكن المرشحين المسلمين الآخرين وبعضهم سيدات محجبات بنسبة كبيرة نجحوا في حجز مقاعد مهمة بولايات مينيسوتا وإلينوي ولويزيانا وأيوا ميتشيغان ونيوهامبشاير وفلوريدا وكاليفورنيا في المسابقات وعززوا أصواتهم.

واللافت، أن ثلاثة من المرشحين المسلمين الفائزين، منهم اثنان في الكونغرس (رشيدة طليب وعبد الناصر رشيد)، وواحدة محجبة لعضوية مجلس ولاية جورجيا (رؤى رومان)، من أصول فلسطينية.

لذا يُعتقد أن هذا الفوز وزيادة عدد المسلمين والعرب في مجلس النواب، سيشكل صدمة للوبي الصهيوني، الذي ظل طوال السنوات الماضية يشن حملات كراهية ضد النائبتين عمر وطليب، وكل النواب الداعمين للقضايا العربية والإسلامية.

وكان أجمل تعبير عن هذا الإنجاز صدر عن النائبة "الهان عمر"، من أصول صومالية، عندما قالت في رد غير مباشر على ترامب المعادي للأجانب: "لا نرحب باللاجئين فقط بل نعيدهم إلى الكونغرس".

فيما عد المدير التنفيذي لمركز الرصد جتباك (Jetpac) محمد ميسوري ذلك الانتصار ثاني هزيمة انتخابية على التوالي لـ "الترامبية" كظاهرة تمثل تهديدا للديمقراطية.

وعلى مستوى الولايات، فاز 21 مسلما بمقعد مشرع (عضو برلمان) بالولاية، ثم انضم لهم 16 مرشحا مسلما صنعوا التاريخ ليرتفع العدد الإجمالي لهؤلاء المشرعين في الولايات الأميركية إلى 43 على مستوى أميركا كلها.

فازت مانا عبدي، ودقة دالك، وأمبورين رنا، كأول مسلمين ينتخبان في مقاعد مجلس الولاية والهيئة التشريعية لولاية "مين" شمال شرق الولايات المتحدة.

وفاز لأول مرة أيضا نواب مسلمون في ولاية "إلينوي" هم: عبد الناصر رشيد ونبيلة سيد. إضافة إلى أن سلمان بوجاني وسليمان لالاني.

والأخيران هما أول مسلمين ينتخبان للهيئة التشريعية في ولاية تكساس، التي تشهد عداءات واحتجاجات ضد المسلمين.

والنائبان المسلمان، سلمان بوجاني، وسليمان لالاني، اللذان فازا في انتخابات مجلس النواب في تكساس، مهاجران ينحدران من عائلات باكستانية مسلمة، بحسب ما نشرت صحيفة "تكساس تربيون" في 9 نوفمبر 2022.

و"نبيلة سيد"، أميركية هندية مسلمة تبلغ من العمر 23 عاما، وأصبحت عضوا في الهيئة التشريعية لولاية إلينوي، وفازت من منطقة الضواحي التي يسيطر عليها الجمهوريون وستكون أصغر عضو في برلمان الولاية.

وفي ولاية "أوهايو"، فازت منيرة عبد الله وإسماعيل محمد، لأول مرة في المجلس التشريعي للولاية، وفي جورجيا، فازت نبيلة إسلام، وهي أول امرأة مسلمة تُنتخب لعضوية مجلس شيوخ الولاية.

صعود لافت

وهنأ مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية مسلمي جورجيا المنتخبين في الانتخابات النصفية لعام 2022 بعدما وصل عددهم إلى أربعة بينهم سيدتان مسلمتان بعد فوز "نبيلة إسلام" و"رؤى رومان"، كأول امرأة محجبة تُنتخب في مجلس ولاية جورجيا.

وفاز فاروق موغال بمقعد في مجلس الولاية، وأعيد انتخاب العضو الحالي بمجلس الشيوخ "شيخ رحمان" مجددا.

وبذلك أصبحت في ولاية جورجيا ثاني أكبر عدد من المشرعين المسلمين في البلاد (أربعة)، بعد "مينيسوتا" التي انتخبت أول امرأة مسلمة في مجلس شيوخ الولاية أيضا، وهي زينب محمد، ومعها سمكاب حسين مما أعطى مينيسوتا ما مجموعه 5 نواب منتخبين في الولاية.

ونقلت صحيفة "أتلانتا نيوز فيرست" في 10 نوفمبر عن الفائزة المحجبة رؤى رومان في جورجيا، أنها تعرضت لهجمات إسلاموفوبيا عديدة بسبب عقيدتها.

حتى إن مدرس المدرسة الثانوية اتهمها بالإرهاب، وبعض الأطفال كانوا يشيرون إلى منزلها ويقولون إن هذا هو معمل القنابل.

ونشر موقع Salon تقريرا للكاتبة "صوفيا مكلنين" في 28 أغسطس/آب 2022 ذكرت فيه أن المسلمين يتعرضون لمستويات عالية من الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة، وأن الظاهرة أكثر من مجرد مشكلة تنميط سلبي.

وفي ميشيغان، فاز ألباس فرحات بمنصب ممثل الولاية، ليضاعف بذلك عدد المسلمين في مجلس الولاية. وفاز طارق خان بعضوية مجلس نواب بنسلفانيا ليصبح ثالث مسلم في المجلس.

وبحسب مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، تنافس في هذه الانتخابات 145 مرشحا أميركيا مسلما محطمين الرقم القياسي في الانتخابات العامة، منهم 48 مرشحا تشريعيا للولاية يتنافسون في 23 ولاية.

ووفقا لدراسة أجراها "معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم" 2022، قال 46 بالمئة من المسلمين في أميركا إنهم ينتمون للحزب الديمقراطي، و40 بالمئة "مستقلون"، و10 بالمئة فقط من المسلمين الأميركيين يرون أنفسهم "جمهوريين".

لكن مسحا أجراه مركز بيو للأبحاث 6 نوفمبر 2018 أظهر أن 66 بالمئة من المسلمين يميلون إلى الديمقراطيين.

أيضا جرى انتخاب خمسة من العرب الأميركيين من غير المسلمين كأعضاء في مجلس الشيوخ هم اللبنانيون: جيمس أبو رزق، جورج ميتشل، جيمس عبد النور، سبنسر أبراهام، واللبناني الفلسطيني جون إي سونونو.

وشغل 28 أميركيا عربيا أو من الشرق الأوسط مقاعد في الكونغرس منذ عام 1959، وانضم لهم في انتخابات 2022 ستة أميركيين عرب آخرين في مجلس النواب، بحسب ما نشر موقع "عرب نيوز" 10 نوفمبر 2022.

وهم: اثنتان مسلمتان (إلهان عمر ورشيدة طليب)، وأربعة غير مسلمين هم: آنا إيشو (آشورية)، وداريل عيسى (أميركي سوري لبناني)، وغاريت جريفز (لبناني)، ودارين لحود (لبنانية).

ماذا يعني الفوز؟

سلسلة الانتصارات الانتخابية التي حطمت الأرقام القياسية وصفها "نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية في بيان بأنها "شهادة على الصعود المستمر لمجتمعنا المسلم في السياسة".

رأى أن هذا "تحول سياسي" مهم للمجتمع المسلم الأميركي من النظر إليهم على أنهم مجرد "أصوات مهمشة" أو "جرى تهميشها" إلى "صناع قرار"، بحسب ما نشر موقع "كير" في 9 نوفمبر 2022.

الفوز وهذه "المكاسب التاريخية" لم تأت اعتباطا، ولكن بفعل سنوات من "بناء الجالية المسلمة بنية تحتية صلبة لتحقيق نجاح انتخابي مستدام"، وفق المدير التنفيذي لمركز الرصد جتباك (Jetpac) محمد ميسوري في بيان.

أكد أن "القرارات السياسية المتعلقة بالتعليم، والإسكان، والمناخ، والحقوق المدنية تتشكل من قبل الهيئات التشريعية للولايات، لذا من الأهمية بمكان أن يتم تمثيل صوتنا (كمسلمين) في عملية صنع هذه السياسات".

وجاء استمرار فوز المسلمين وتقدمهم في المناصب نتيجة نضوج إستراتيجية دخولهم الحياة السياسية وانتزاع حقوقهم وحمايتها بأنفسهم عبر المقاعد البرلمانية.

وهي نتائج جيدة تسمح للمجتمع المسلم في أميركا بالتقدم للدفاع بقوة عن المسلمين والوقوف ضد موجات الإسلاموفوبيا.

ونما إقبال الناخبين المسلمين على التصويت في الانتخابات الأميركية منذ انتخابات 2022 التي أدلى فيها ما يقرب من 1.1 مليون ناخب مسلم بأصواتهم وكانوا بأعداد كبيرة بما يكفي للتأثير في السباق الرئاسي بحسب ما نشر موقع "بوليتيكو" 26 أبريل/نيسان 2022

وسبق هذا تحقيق مسلمي أميركا "اختراقات تاريخية" في الانتخابات المحلية نوفمبر 2021، عندما وصل 11 منهم للمجالس البلدية، بينهم ثلاثة في منصب "عمدة"، بعدما فاز عام 2020، 57 مسلما أيضا في انتخابات الكونغرس والبلديات.

في سابقة هي الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، أصبح المجلس البلدي في مدينة "هامترامك" في ولاية ميشيغان كله من المسلمين، وعددهم ستة أعضاء، بمن فيهم رئيس (عمدة) المدينة عقب انتخابات 2021.

كما حقق مسلمو أميركا رقما قياسيا في الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر 2020، حين ترشح 111 منهم في 25 ولاية أميركية وفاز 57 منهم.

ورأت شبكة "بي بي سي" البريطانية في 16 نوفمبر 2021 فوزهم حينئذ "مؤشرا قويا على تغير المسلمين ومواجهتهم للتمييز ضدهم، بالنزول للحلبة السياسية متعددة الثقافات التي يشكلون فيها أكثر من نصف سكانها، وفرض رؤيتهم السياسية".

وشجع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، المسلمين على التصويت، وكشف أن استطلاعا أجراه بين أن 91.2 بالمئة منهم شاركوا في الانتخابات النصفية، وهي نسبة قريبة من نسبة مشاركتهم في انتخابات 2018 التي بلغت 95  بالمئة.

وأتاح المجلس عبر موقعه الإلكتروني لأول مرة صفحة خاصة لتعريف المسلمين بالمرشحين ومواقفهم من القضايا المختلفة، خاصة الحريات والإسلاموفوبيا وحظر التمييز وغيرها، ضمن ما سمي "بطاقة أداء مجلس النواب للكونغرس".

أيضا وفر "كير" نموذج أسئلة للمرشحين والمسؤولين الحكوميين، يشجع الناخبين المسلمين على طرح أسئلة عليهم حول قضايا مثل الحرية الدينية، والحقوق المدنية، ومكافحة التمييز.