النساء خلعن الحجاب.. لماذا تختلف الاحتجاجات المشتعلة بإيران عن سابقاتها؟

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع بي بي سي البريطاني عن المظاهرات التي انطلقت في إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني ومدى اختلافها عن الاحتجاجات السابقة.

ولخصت النسخة الفارسية ما جرى بعدة نقاط أساسية تحمل شعار: امرأة، حياة، حرية في الاحتجاجات التي استمرت هذه المرة لمدة 18 يوما.

وفي 16 سبتمبر/أيلول 2022، اندلعت احتجاجات بأنحاء إيران إثر وفاة الشابة أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء.

وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية في إيران، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.

مظاهرات مختلفة

وقال الكاتب فرزان رازي: "الاحتجاجات المنتشرة في إيران أصبحت ظاهرة وهي في ازدياد، ويمكن وصف المظاهرات الأخيرة بأنها مختلفة عن سابقتها من عدة نواحٍ". 

كانت الشعارات الرئيسة للاحتجاجات السابقة إما سياسية أو اقتصادية/معيشية أو كليهما، كما أن محورها تمثل في حقوق الإنسان والحقوق المدنية وخاصة حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.

"امرأة، حياة، حرية" الشعار الرئيس للاحتجاجات داخل إيران وخارجها، والتي تعد أفضل الأشكال لانعكاس هذا الأمر. 

باستثناء شعارات عدم الرغبة في نظام الجمهورية، وتلك التي تستهدف المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي (كما حدث في الاحتجاجات الأخيرة في يناير/كانون الثاني 2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2019)، كانت مطالبها تتعلق بماهية حقوق الإنسان والمواطنة وخاصة حقوق المرأة.

تابع الكاتب: بصرف النظر عن أن الاحتجاجات الأخيرة من حيث المطالب غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، ويمكن مشاهدتها في أماكن قليلة في العالم، ولكن يمكن تشبيهها باحتجاجات "حياة السود مهمة" والتي تفاقمت خلال جائحة كورونا بمقتل جورج فلويد في الولايات المتحدة.

 الأمر نفسه مع مهسا أميني اعتقلتها شرطة المدينة بسبب وهمي، ولم تخرج من هذا الاعتقال على قيد الحياة.

يقول الكاتب: "إذا وضعنا حركة الحقوق المدنية الأميركية جانبا والتي يعد محورها الرئيس القضاء على التمييز العنصري، ففي تاريخ الحركات الاحتجاجية المعاصرة نجد أن النساء أو حقوقهن هي المحور الأصلي للاحتجاجات".

وأردف الكاتب مستشهدا: فعلى سبيل المثال، مسيرة 20 ألف امرأة عام 1956 في جنوب إفريقيا للاحتجاج على التمييز العنصري والنوعي، حركة النساء الأصليات في البرازيل عام 2015، وحركة الأمهات في الأرجنتين (والتي يمكن تشبيهها بحركة الأمهات الشرقية).

ورأى أنه لم تستمر الاحتجاجات المتعددة للنساء العاملات في بريطانيا وأميركا كما استمرت احتجاجات إيران الأخيرة. 

حتى حركة القرن الماضي المعروفة بـ "سافرجت" في بريطانيا لم تتمتع بانتشار الاحتجاج، على الرغم من أنها شملت مطالب وكان الرجال موجودين إلى جانب النساء في التظاهرات، فمن ثم لم يكن لها الخصائص نفسها. 

وكذلك في "الربيع العربي" لم تكن مثل هذه الخصلات في خط المواجهة، وفق تقديره. وأيضا إعلان دعم النساء والحركات النسائية في الدول الأخرى قليل من حيث الانتشار مقارنة بما جرى في إيران.

استمرار غير معهود

والاحتجاجات المنتشرة سابقا في إيران لم تستمر طويلا. وأوضح الكاتب: "سواء كانت الحكومة غافلة أو على أهبة الاستعداد، فإنها تبدأ بالعنف والقمع".

وبين أن السلطات لا تنكر حق الاحتجاج إلا أنها ترى نفسها مسؤولة عن منع "الاضطرابات" و"التمرد" و"إفساد الممتلكات العامة"، خاصة أنها كانت بيد العدو على الدوام.

ولفت الكاتب إلى أنها تتهم دائما "أميركا إسرائيل، الغطرسة، الخصوم، المنافقين، المرتزقة، الخونة، المحافل الإعلامية، المقيمين بالخارج، وأخيرا العائلات المخابراتية، وغيرها هذه القائمة طويلة للغاية".

وبناء على ذلك كان النظام يظهر قدرته في شوارع المدن التي خرجت فيها الاحتجاجات.

 وبعد أيام عدة من الصمت (حيث كانت هذه المرة أطول من المعتاد)، تحدث خامنئي واستخدم العديد من المصطلحات الواردة بالأعلى في وصف "الأحداث الأخيرة".

وبعد ذلك تعطلت خدمات الهاتف والإنترنت، ووصل القمع والاعتقال والإغلاق إلى ذروته. وتقريبا كالمعتاد بعد أسبوع هدأت الاحتجاجات، وأعلن "النظام" أنه جرى تحييد "المؤامرة" و"الفتنة".

وكانت الاحتجاجات خارج إيران هذه المرة غير معهودة، من حيث عدد المدن إذ أفادت التقارير أنها 150 مدينة، وكذلك من حيث الاستمرار وعدد المشاركين، بحسب الكاتب.

وذكر الكاتب أن الجامعة بالمفهوم الحديث من بداية تشكلها في إيران الحالية كانت محتجة، وكذلك في الاحتجاجات الأخيرة كان طلاب الجامعة في الصف الأول كالسابق. 

لكن للمرة الأولى بعد ثورة 1979 انضمت المدارس إلى الاحتجاجات وخاصة ثانوية البنات، التلميذات خلعن الحجاب، ورفعن شعار "امرأة، حياة، حرية"، وطردن المسؤولين الرجال من المدارس. 

وبين الكاتب أن الأدب السياسي في إيران على وشك التغير سريعا، و"الحيادية" أصبحت من المصطلحات الجديدة والذي كان يشار إليه بـ "عدم التفرقة" سابقا.

المعنى الحقيقي لهذا المصطلح يمكن مشاهدته من خلال صحيفة كيهان التي سعت لأن توضح الأقلية والأغلبية. فالنظام لم يكن في الأقلية على الإطلاق، وللسبب نفسه صارت الحيادية صعبة. 

ولفت إلى أن المشاهير لم يعبروا عن احتجاجهم بشجاعة ولم يطالبوا بالدفاع في أبعاد كهذه أبدا من قبل.

وباستثناء المقربين من الحكم، ما حدث بشأن وفاة مهسا أميني هو من فعل النظام وأمر غير قابلة للدفاع عنه، بحسب الكاتب.

وتابع: لو قسّمنا قوات الأمن المسؤولة عن القمع إلى مجموعتين "المأمور والمعذور" و"المؤمن والمؤيد للنظام"، فإن عدد المؤمنين سيصل إلى الحد الأدنى، والمأمورين المعذورين يشعرون بالقرب من المحتجين.

وبين أنه في ظل حكم الجمهورية الإسلامية لا يمكن الحصول على الصدق والشفافية، وهناك علامات استفهام كبرى حول كثير من الأحداث.