قيادي بالجماعة الإسلامية في لبنان لـ"الاستقلال": 2023 عام حرب ضد إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

أكد رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية بلبنان علي أبو ياسين، أن عدو لبنان الأول كان وما زال الاحتلال الإسرائيلي، وأنه يستعد حاليا لحرب ضد لبنان ليضع حدا لتنامي قوة جماعة حزب الله.

وأضاف أبو ياسين، في حوار مع "الاستقلال"، أن العقل العسكري والأمني الصهيوني استكمل دائرة التحضير لحرب على الجبهة اللبنانية، و2023 هي سنة حرب ومؤشر وقوعها أكبر من أي وقت مضى.

وعن ترسيم الحدود مع الكيان الصهيوني، أوضح أن الدولة اللبنانية تجري مفاوضات غير مباشرة مع العدو الصهيوني عبر الوسيط الأميركي،  والأمور تسير حاليا باتجاه إنجاز هذا الملف وإبرام اتفاق.

اقتصاديا، لفت أبو ياسين إلى أنه لطالما تغنت لبنان وتفاخرت بين الدول العربية بمنظومة المصارف لديها، إلا أن الفساد أدى إلى انهيارها.

وأوضح السياسي اللبناني أن المودع يشعر أن أمواله قد بددت ولا قدرة لا للمصارف ولا للدولة على إعادتها، وبنفس الوقت لم تقم المصارف أو الدولة بطمأنته، لذلك يقوم البعض باقتحام المصارف.

وشدد على أن ما يعيشه لبنان هو حزمة من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي لها أبعاد داخلية وخارجية، وطالما لم تشهد المنطقة استقرارا، خاصة في سوريا والعراق وحتى اليمن، فمن الصعب أن يستقر الوضع بلبنان.

وأبو ياسين (48 عاما)، تربوي لبناني ويحمل ماجستير في الفيزياء النووية من جامعة بيروت العربية، وانتخب مسؤولا سياسيا للجماعة الإسلامية في البقاع وعضوا في المكتب السياسي منذ 2009، وعين بعد الانتخابات النيابية في ربيع 2022 رئيسا للمكتب السياسي للجماعة.

وبرزت الجماعة الإسلامية في لبنان بشكل رسمي عام 1964، ومن أهم أهدافها تبليغ دعوة الإسلام إلى الناس نقية صافية متصلة بالعصر ومشكلاته، وبناء مجتمع جديد يكون الإسلام فيه هو الميزان بتصرفات الأفراد.

حدود متوترة

ما موقف الدولة اللبنانية من ملف ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الصهيوني؟

الدولة اللبنانية تجري مفاوضات غير مباشرة مع العدو الصهيوني عبر الوسيط الأميركي أموس هوكشتين، وحصل أكثر من زيارة للوسيط إلى لبنان.

كما حصلت لقاءات معه في واشنطن على هامش مؤتمر الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والكلام الذي رشح عن هذه اللقاءات أن الأمور تسير باتجاه إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية.

ما ردود الفعل الشعبية والحزبية المختلفة إزاء هذا الملف؟

ردود الفعل الشعبية والحزبية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: الجماعة الإسلامية والنواب "التغييريين" ويعتبرون أن حق لبنان وحدوده البحرية هو الخط 29 الذي يمر بحقل كاريش ويعطي لبنان مساحة بحرية تصل إلى 1430 كيلو مترا مربعا جنوب الخط 23.

ونستند في ذلك إلى التقرير الفني للمكتب الهيدروغرافي البريطاني UKHO، وكذلك تقرير مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني الذي خلص إلى أن تكون الحدود البحرية الجنوبية هي الخط 29.

وبذلك يكون استخراج العدو الصهيوني الغاز من حقل كاريش قرصنة لغاز لبنان وثرواته.

الثاني: موقف حزب الله الذي يقول إنه وراء الدولة اللبنانية فيما تقرره بموضوع الحدود البحرية، لكنه هدد باستعمال القوة ضد العدو إذا ما باشر باستخراج الغاز من كاريش قبل إنهاء التفاوض وتوقيع الاتفاق. 

الثالث: غير مبالٍ يهمه أن تنجز السلطة ملف ترسيم الحدود ويبدأ لبنان بالتنقيب والاستخراج، لعلّ هذا الأمر يكون مساعداً في حلحلة الأزمة الاقتصادية الخانقة. 

إلى أين وصلت المناوشات المتقطعة على الحدود بين الكيان الصهيوني وحزب الله؟

دعني  أستبدل كلمة مناوشات باستنفار كبير على جانبي الحدود، وهذا سببه أن ثمة تقارير تقول إن العقل العسكري والأمني الصهيوني استكمل دائرة التحضير لحرب على الجبهة اللبنانية.

وذلك من ناحية العدة والمناورات التي أجراها داخل فلسطين المحتلة وخارجها، وهنا أتكلم عن المناورات أو المحاكاة الذي أجراها في قبرص الرومية.

والتقارير الإستراتيجية تقول إن 2023 هي سنة حرب ومؤشر وقوعها أكبر من أي وقت مضى، وهنا يجب ان أسلط الضوء على الآتي: 

أولا: العدو الصهيوني رافض لتوقيع اتفاق نووي مع إيران، وهو قلق جداً من تعاظم قوة حزب الله، ولاسيما صواريخه الدقيقة، والخبرات الميدانية التي اكتسبها في سوريا والعراق.

فضلا عن تنامي نفوذ حزب الله الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في لبنان، لذلك العدو يريد حرباً علّه يضع حداً لتنامي هذه القوة، أو يكرس قواعد اشتباك جديدة. 

ثانياً: بعد تورط نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الوحول الاوكرانية، من مصلحتهه إشعال جبهات جديدة بالوكالة عنه تستنزف الأميركان.

ثالثاً: بعد تعثر مفاوضات الملف النووي ترى إيران أن تضغط على الأميركان بتصعيد أو بحرب لكن ليس على أرضها، والجبهة اللبنانية قد تكون الأفضل والأجدى بالنسبة لها.

خاصة وأنها تدفع أثماناً باهظة بعد كل استهداف إسرائيلي لها في سوريا دون أي رد منها، فهي أيضاً بحاجة إلى تكريس معادلة جدية وقواعد اشتباك جديدة.

رابعاً: الأميركان يضغطون لنزع فتائل الحرب، لأنهم منشغلون بالملف الاوكراني ومتخوفون مما قد يجري بين الصين وتايوان.

وهم مالياً في أزمة وقد لجأوا مؤخراً إلى رفع الفوائد لمواجهة أزمتهم، لكن ثمة لوبي صهيوني يضغط في أميركا من أجل تغيير موقفها. بناء على ما تقدم هناك قرع لطبول الحرب واستنفار كبير.

أزمة اقتصادية

ما تقييمكم لظاهرة اقتحام البنوك، ومن يقف ورائها من وجهة نظركم؟

أولا: للمودعين حق عند البنوك، وشريحة المودعين عريضة جداً في المجتمع اللبناني، وحجم الودائع رهيب جدا قيل أنه يتجاوز 173 مليار دولار، وقيل 120 مليار دولار، بينما في حقيقة الأمر لم تخرج جهة رسمية لتعطينا رقماً دقيقاً.

ثانياً: الدولة اللبنانية قصّرت بإصدار قانون "الكابيتال كنترول" لمنع نقل الأموال من لبنان إلى الخارج، حيث نقل في عام 2020، 9 مليارات دولار وهي عائدة لبعض السياسيين ورجال الأعمال المحظيين وأصحاب مصارف.

ثالثاً: المصارف اللبنانية والمصرف المركزي والدولة قصّروا باتخاذ قرار يتعلق بالمقترضين الذين أخذوا قروضاً تجارية بقيمة 40 مليار دولار، تم تسديد حوالي 27 مليار دولار على سعر 1500 ليرة للدولار الواحد بينما قيمة الدولار الآن 37000 ليرة.

بناءً على ما سبق يشعر المودع أن أمواله قد بُددت ولا قدرة لا للمصارف ولا للدولة على إعادتها، وبنفس الوقت لم تقم المصارف أو الدولة بوضع خارطة طريق متوسطة المدى أو طويلة المدى من أجل طمأنة المودعين، لذلك قام البعض باقتحام المصارف للحصول على جزء من أمواله عنوةً.

لكن أعتقد ان الذي جرى في 16 سبتمبر/ أيلول مفتعل ومدبر، حيث حصل أكثر من عملية اقتحام في وقت واحد، مما ترتب على ذلك اضراباً للمصارف وتعطيلاً لمصالح المواطنين، مودعين وموظفين.

بينما المصارف مغلقة أبوابها لكنها تعمل لصالح الشركات الكبرى وكبار التجار، والدليل على ذلك حجم التبادل الذي يحصل على منصة صيرفة يومياً والذي يقارب 40 مليون دولار.

لذلك المطلوب من الدولة والمصارف خطة متكاملة لضمان حقوق المودعين بالتوازي مع خطة لضمان استمرارية عمل المصارف وتيسير أمور المواطنين.

ما حجم تعاطي المجتمع اللبناني مع هكذا ظاهرة؟ ولماذا؟ 

ينقسم المجتمع اللبناني حيال عمليات الاقتحام المتكررة بين فريقين، أحدهما يؤيد تلك الاقتحامات بذريعة حق المودعين في الحصول على أموالهم التي هي ملك خالص لهم ولا يستولون على أموال الآخرين.

وعلى الجانب الآخر هناك من يرفض تلك الاقتحامات ويعتبرونها نوعا من السطو المسلح والفوضى التي يجب تقييدها حفاظا على الدولة اللبنانية ومنعا لانتشار ذلك السلوك السلبي.

لاسيما وأنه في يوم واحد شهد لبنان سلسلة من الاقتحامات المرتبة لـ10 لبنوك مختلفة بمدن مختلفة في آن واحد.

ولطالما تغنت لبنان وتفاخرت بين الدول العربية المحيطة بها بمنظومة المصارف لديها، إلا أن الفساد أدى إلى انهيارها، الأمر الذي نتج عنه انهيار العملة اللبنانية أمام الدولار وزادت مساحة الفقر والعوز في البلاد.

ما تفسيركم لاستمرار هذه الأوضاع المضطربة في لبنان؟ 

لبنان بلد مكوّن من أقليات كبرى وصغرى، وهو يتأثر بشكل كبير بالاضطرابات في المنطقة، وطالما المنطقة لم تشهد استقراراً خاصة في سوريا والعراق وحتى اليمن، فمن الصعب أن يستقر الوضع في لبنان.

من جهة ثانية هناك تقاطعات دولية في لبنان وأي أزمة دولية تجد لها تأثيراً في البلاد، فمثلاً الصراع القائم في أوكرانيا وتداعياته على الأمن الغذائي وأمن الطاقة له ظلال ثقيلة على الاستقرار اللبناني.

كما أن لبنان ورقة مهمة جداً في مباحثات فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني، وكذلك هو على طاولة المفاوضات السعودية الإيرانية.

لهذا ما يعيشه لبنان حزمة من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي لها أبعاد داخلية وخارجية ذات بعد إقليمي و دولي.

أوضاع معقدة

ما آخر ما وصل إليه تحقيقات تفجير مرفأ بيروت؟

الملف مازال عالقاً بعد محاولة تنحية القاضي طارق بيطار وتكليف قاضٍ رديف، ورغم أن حادثة تفجير المرفأ مر عليها ثلاث سنوات ورغم ضخامة الفاجعة؛ إلا أن الطبقة الحاكمة الفاسدة لم تحاسب على تلك الجريمة النكراء التي أزهق أرواح الكثير.

وتمكنت للأسف هذه الطبقة الحاكمة عبر المناورة والتسويف من إبعاد شبح المحاسبة عن أشخاصهم بحجة من هنا وتبرير من هناك، ومرت ثلاثة أعوام كاملة ولا زال الملف عالقاً دون محاسبة لأحد.  

قضية الكلام عن إعادة السوريين إلى بلادهم وطردهم من لبنان .. ما تجلياتها الآن؟

بتصوري أن الموضوع يقارب حكومياً من جهة الضغط على الجهات المانحة، دولا ومنظمات، من أجل تخصيص جزء من الدعم للبنانيين؛ لأن الأزمة الاقتصادية أدت إلى تزايد نسبة وقوع اللبنانيين تحت خط الفقر بشكل كبير.

كما أن الحالة الاقتصادية في لبنان ما هي إلا انعكاس للواقع السياسي المتردي، فالفساد الكبير الذي اتصفت به السلطة الحاكمة أدى إلى انهيار المصارف في لبنان.

وماذا حول مستقبل المحاصصة الطائفية في لبنان اليوم رغم الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية؟

هذا أمر مستدام في مجتمع متعدد الطوائف والمذاهب.

وما مستقبل لبنان في ظل تفشي الفساد وكيف تواجه الحكومة الحالية تلك الأزمات؟

طلب صندوق النقد الدولي جملة من الإصلاحات قبل البت بأي مساعدات للبنان، لكن الحكومة عاجزة حتى اللحظة عن المضي بهذه الإصلاحات بسبب وجود أحزاب عميقة ومحسوبيات.

وللأسف الذين أوصلوا لبنان إلى هذا المأزق الاقتصادي هم أنفسهم عادوا وفازوا بالانتخابات النيابية.

الدور الفرنسي ما حجمه وطبيعته وتأثيره في الساحة اللبنانية؟

الدور الفرنسي هو دور تاريخي، ويعتبر الفرنسيون أنهم مؤسسون لبنان الكبير، وكذلك الدستور اللبناني مستوحى من الدستور الفرنسي.

 لكن الجديد بالدور الفرنسي واهتمامه بالملف اللبناني، سببه وجود الغاز والنفط والعمل على أن تكون شركة توتال من أكبر المستثمرين في هذا القطاع، بالإضافة إلى حاجة فرنسا وأوروبا إلى غاز شرق المتوسط خاصة بعد الحرب الأوكرانية. 

في ظل الهرولة العربية نحو التطبيع ومحاولات جر لبنان الى هذا المستنقع.. ما موقف الجماعة الاسلامية؟

نعتبر أن عدو لبنان كان ولا يزال العدو الإسرائيلي، الذي يواصل احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية، كما يحتل مقدسات إسلامية ومسيحية في القدس، وفي العديد من مناطق ومدن فلسطين المحتلة.

ونحن نحمل المجتمع الدولي مسؤولية استمرار هذا الاحتلال العدواني الذي يشكل تحديا للشرعية الدولية، وللحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني الشقيق، وبصورة خاصة للمقدسات الإسلامية والمسيحية. 

وندعو إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة، التي تنص على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى اعتبار مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، مدينة محتلة، ونرفض كل أشكال التطبيع مع هذا العدو، ونطلب من كل الدول وقف كل أشكال التطبيع والتنسيق الأمني معه.