حملات "طرد الشيطان".. تسريب وثائق تؤكد جرائم الصين بحق مسلمي الإيغور

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الوثائق والصور الجديدة المسربة من الشرطة الصينية عن احتجاز آلاف من أقلية الإيغور المسلمة والتنكيل بهم، تحت ذرائع ساذجة، من أبرزها ارتداء الحجاب للنساء وبروز اللحية للرجال.

وأوضحت صحيفة "إلباييس" أنه بحسب الوثائق المسربة، تسعى السلطات الصينية عبر هذه الحملات التعسفية إلى ما تسميه "غسل العقول، وتنظيف القلوب، وطرد الشيطان".

والوثائق المسربة حديثا تتضمن آلاف الصور لمعتقلين، بينهم نساء وقصّر ومسنون، وتقول وسائل إعلام دولية إنها وصلت أولا من مصدر مجهول إلى الباحث الألماني أدريان زينز.

وزينز هو أول من اتهم عام 2018 النظام الصيني باحتجاز أكثر من مليون من الإيغور في "مراكز لإعادة التثقيف السياسي"، وهو ما أكدته لاحقا تقارير استخبارية أميركية وأوروبية.

قمع منهجي

وذكرت الصحيفة أن المراهقة الإيغورية "راحيل عمر" اضطرت للتوجه يوم 20 مارس/ آذار 2018، بينما كانت تبلغ 14 عاما، لالتقاط صورة لها في مركز احتجاز في مقاطعة كونشير بمنطقة شينجيانغ غربي الصين، موطن أقلية الإيغور.

في الواقع، لم ترتكب عمر أي جريمة، لكن السلطات تراها خطرا محتملا بسبب روابطها العائلية؛ حيث جرى اعتقال والديها منذ أشهر من هذا التاريخ دون أسباب جدية.

وصورة هذه الفتاة واحدة من 2884 صورة لمواطنين محتجزين في معسكرات الإيغور، والتي تم تسريبها من أرشيف شرطة شينجيانغ أخيرا، وهي دلائل تسمح لأول مرة بالكشف عن قمع بكين الممنهج ضد هذه الأقلية المسلمة. 

وهذه الوثائق حصل عليها مصدر خارجي، فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، من خلال اختراق أنظمة الكمبيوتر التابعة للشرطة الصينية، المتعلقة بالمعتقلين في شينجيانغ. 

وتتضمن هذه الوثائق 454 جدول بيانات، يحمل معلومات مسجلة بين عامي 2017 و2018، لحوالي 301 ألف شخص.

ووفقا لعدد بطاقات الهوية الخاصة بهم، فإن 286 ألف شخص يقيم في مقاطعة كونشير، أي عمليا مجموع السكان في عام 2018. 

ومن بين جميع البالغين، تم تدوين معلومتين على الأقل حول ما يصل إلى 22.762 شخصا، تتعلق بدخولهم إلى نوع ما من مراكز الاحتجاز أو السجون، معظمهم بين عامي 2017 و2018؛ مثل تاريخ أو سبب الاعتقال، واسم أو موقع مكان الاحتجاز أو مدة أو نوع العقوبة المفروضة.

بمعنى آخر، تمثل الاستنتاج الأول للتسريب في أن ما لا يقل عن 12.3 بالمئة من السكان البالغين في كونشير عانوا من نوع من الاعتقال في مراكز إعادة التأهيل، خلال الفترة التي تحددها معلومات الملفات المسربة.

والتسريب يحتوي أيضا على 5074 صورة التقطت في مراكز الشرطة أو مراكز الاحتجاز بين السادس من يناير/ كانون الأول و25 يوليو/ تموز 2018، نُسبت 4989 منها إلى أشخاص تظهر معلوماتهم في ملفات شرطة شينجيانغ. 

وبشكل عام، جرى التحقق من عشرات الصور من قبل أقارب هذه المجموعة في المنفى قابلتهم وسائل إعلام دولية شاركت في هذا التحقيق.

استهداف مقصود

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن غالبية المعتقلين تقل أعمارهم عن 30 عاما (69 بالمئة)، أي ما مجموعه 2001 شخص- بما في ذلك 15 قاصرا.

كما أن النسبة الأكبر من حصة الرجال 2490 (86 بالمئة) مقارنة بالنساء، الذين وصل عددهم إلى 394 (14 بالمئة).

وعلى الرغم من صعوبة تتبع الملف الشخصي الكامل لهؤلاء المحتجزين جميعا بسبب نقص المعلومات، إلا أن البيانات تؤكد وجود أشخاص بين المحتجزين من جميع الأعمار (بين 15 و73 سنة) ومن جميع المستويات التعليمية. 

والتحليل المفصل للأسباب التي قدمتها السلطات الصينية لتبرير الاعتقالات يكشف عن الجانب التعسفي للاعتقالات والإصرار على ربط الإيغور المحتجزين بالتطرف الديني.

وقد يكون السبب ببساطة هو احتجاز أحد أفراد الأسرة في معسكرات الصين. وفي حالات أخرى، يتم استخدام تهم عامة مثل "الإخلال بالنظام الاجتماعي" أو "الذرائع الدينية، مثل قراءة القرآن أو لحية طويلة أو تغطية الرأس بالحجاب". 

والذرائع الدينية التي تهدف إلى تصوير الإيغور على أنهم متطرفون عديدة للغاية. ومن الأمثلة على ذلك تبرز حالة "اسميتها يولواس"، الذي كانت جريمته العيش في "أسرة ذات مناخ ديني قوي".

حيث لم يكن هناك تدخين أو شرب المشروبات الكحولية. وبحسب البيانات المسربة، فإن الدليل الآخر الذي يدعم هذا التطرف الديني المزعوم هو أن "شقيقاته الثلاث الصغيرات" كن يرتدين الحجاب. 

وهناك مثال "توهتي إيميت"، الذي اعتقل لأسباب مماثلة. إذ أدين هذا المواطن بالاستماع إلى خطب "مناهضة لاستهلاك التبغ والمشروبات الكحولية" وعن التزام النساء بارتداء النقاب.

ذرائع ساذجة

وفي مناسبات أخرى، تجاوز عمر "الإخلالات المزعومة" 30 سنة، مثلما حدث مع  "أسيغول يوسيب"، الذي "اشترى في عام 1984 كتابا دينيا مقابل يوان واحد في كشك لبيع الكتب" بالقرب من مسجد "لكي يتعلم الصلاة".

وفي عام 1992، "انتهك السياسة الوطنية لتنظيم الأسرة بسبب التطرف الديني وأنجب طفلا آخر".

بالإضافة إلى هذه الإدانات لأسباب دينية، تحتوي أرشيفات شرطة شينجيانغ على وثيقة أخرى تضم معلومات وصورا لحوالي 330 رجلا ألقي القبض عليهم بسبب أنشطة دينية تعد غير قانونية، مثل دراسة القرآن، ثم جرى تصوير أربعة منهم في وقت لاحق في كونشير.

هذه هي حالة "تورسون قادر"، الذي اعتقل في الثاني من أبريل/ نيسان 2017 وحُكم عليه بالسجن 13 سنة بتهمة استخدام "التطرف الديني لتقويض تطبيق القانون" وأيضا من أجل "جمع حشد من الناس وتعكير صفو النظام الاجتماعي".

ويجمع الأرشيف معلومات عن قادر منذ عام 1980، عندما، وفقا للبيانات التي جمعتها السلطات الصينية، "درس الكتب المقدسة بشكل غير قانوني".  

ومن بين التهم الموجهة إليه، يبدو أنه "من أغسطس/ آب 2014 إلى أبريل 2017، أطلق لحيته بسبب تأثير التطرف الديني"، وهي اتهامات تظهر في القضايا ضد رجال آخرين.

وتؤكد المقارنة بين صورتي قادر الموجودة في التسريب أنه بعد اعتقاله في كونشير، أصبح الرجل يظهر وهو حليق اللحية.

وبحسب التسريبات، تسعى الصين من خلال هذا المسار، أي الاعتقال، إلى "غسل العقول" و"تنظيف القلوب" وأيضا "طرد الشيطان"، على حد زعمها.