رغم انحسار تنظيم الدولة.. لماذا يعلو أنين الإيزيديين في العراق؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع ألماني الضوء على الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها منطقة سنجار التابعة لمحافظة نينوى شمالي العراق، ما أدى إلى نزوح ألف عائلة إيزيدية.

وذكر موقع صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، أن الإيزيديين في العراق أصبحوا كرة تتلاعب بها المليشيات صاحبة الأجندات السياسية بالمنطقة مثل "وحدات مقاومة سنجار"، ما يضعها في مواجهة مباشرة مع السلطات.

مواجهة جديدة

وأوضح الموقع الألماني أن الأيام الأخيرة شهدت اندلاع اشتباكات بين الجيش العراقي ومليشيا محلية في منطقة سنجار الموطن التاريخي للأقلية الإيزيدية، ما أدى إلى نزوح الآلاف قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وكان الجيش العراقي قد أطلق في 2 مايو/ أيار 2022، عملية عسكرية ضد ما يُعرف بـ "وحدات مقاومة سنجار" وهي مليشيا إيزيدية.

فيما أسفرت الاشتباكات والقتال العنيف في الأيام التالية عن مقتل جندي عراقي وعشرات من المسلحين الإيزيديين.

وأدت موجة القتال إلى نزوح وفرار حوالي ألف عائلة إيزيدية إلى إقليم كردستان شمالي العراق، فيما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن عدد النازحين وصل إلى قرابة عشرة آلاف شخص.

"عاصرنا بأعيننا كابوسا لا يصدق"، بهذه العبارة لخص مراد شنغالي (34 عاما) الوضع الذي تعرض له سكان منطقة سنجار في الأيام القليلة الماضية.

وأضاف: هاجمت قوات الأمن العراقية مليشيات محلية بالأسلحة الثقيلة. كنا ندرك أننا سنكون الضحايا القادمين".

وقال إنه قام وأسرته والكثير من الإيزيديين بجمع ما تمكنوا من جمعه من أوراق رسمية وملابس منطلقين صوب مخيم للنازحين بقضاء زاخو في إقليم كردستان العراق.

ورغم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق في5  مايو، إلا أن الآمال تتضاءل في أن السلام سيسود بالمنطقة.

إذ مازال يشعر الكثيرون بأن الوضع غير مستقر فيما توقع قائد قوات أمن إقليم كردستان "البيشمركة" قاسم شاشو، أن يكون وقف إطلاق النار هشا ما ينذر باندلاع مناوشات واشتباكات جديدة.

ظروف مريرة

ودفعت هذه الظروف شنغالي إلى البقاء في المخيم في الوقت الراهن حيث لا يحدوه الأمل في صمود اتفاق وقف إطلاق النار، وهو يشعر بالأمان في المخيم رغم صعوبة وقسوة النزوح.

وأعادت موجة النزوح الجديدة إلى أذهان الإيزيديين ذكريات مريرة من نزوحهم السابق عقب سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل عام 2014 حيث قتل مسلحو التنظيم آلاف الرجال من الإيزيديين، فيما تم سبي وخطف الآلاف من الأطفال والنساء.

وفي أعقاب سيطرة تنظيم الدولة على الموصل عام 2014، كان شنغالي محظوظا بعض الشيء، إذ تمكن من الفرار على عكس الآلاف من أقرانه من الإيزيديين الذين تعرضوا لويلات ومآسٍ وأهوال على يد مسلحي التنظيم.

ووفقا للأمم المتحدة، قُتل حوالي خمسة آلاف إيزيدي فيما تم خطف سبعة آلاف امرأة وطفل، ولا يزال الآلاف في عداد المفقودين.

وصنفت الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي الجرائم التي تعرض لها الإيزيديون كإبادة جماعية.

أما من نجوا من حقبة تنظيم الدولة المريرة فلا يزالون يعيشون في حالة صدمة مركبة، ما بين القتل على يد التنظيم وحقيقة مفادها فشل الجيش العراقي وقوات البيشمركة الذين كانوا يسيطرون على سنجار في ذاك الوقت، في توفير حماية لهم.

وفي ذروة اجتياح تنظيم الدولة عام 2014، استغل مسلحون تابعون لحزب العمال الكردستاني "بي كا كا" الذي تصنفه أميركا وتركيا "جماعة إرهابية" الوضع، من أجل وضع موطئ قدم بالمنطقة، تحت ذريعة الدفاع عن الإيزيديين.

وألقت الصراعات والتوترات الإقليمية بظلالها على الأمر، ما أثار استياء بغداد وأنقرة.

وعقب طرد تنظيم الدولة من سنجار عام 2015 قبل عامين من إعلان دحر التنظيم في العراق، بدأ مقاتلو "بي كا كا" في تدريب عناصر من مليشيا "وحدات مقاومة سنجار" الإيزيدية.

بيد أن هذه المليشيا لم تنجح إطلاقا في توفير الأمان لسكان منطقة سنجار، فضلا عن فشلها في التصدي لفصائل محلية أخرى حاولت السيطرة على المنطقة، وتحولت المنطقة إلى وكر للمسلحين.

فيما يشعر سكان سنجار أنهم أصبحوا كرة يتلاعب بها الآخرون ما بين مليشيات وفصائل وكيانات سياسية متناحرة.

وضع هش

وسلط الهجوم الأخير الذي قام بها الجيش العراقي، الضوء على الوضع الأمني الهش في الموطن التاريخي للأقلية الإيزيدية، ما زاد من مخاوفهم وقلقهم.

وعن ذلك، يقول شنغالي "لم نتمكن من العيش في هدوء بعد عودتنا إلى منازلنا، ونشعر الآن بالخوف من أن الوضع يزداد سوءا كما كان في الماضي وقد نصبح ضحايا مرة أخرى".

وبنبرة حزينة، يتساءل "ما الذنب الذي اقترفناه؟ هل لأننا عراقيون إيزيديون؟"

بدوره، حذر رئيس أكاديمية سنجار التعليمية مراد اسماعيل، من أن تؤدي حالة انعدام الأمن في سنجار إلى مشاكل وأزمات أخرى.

 

وقال إن السيناريو الأكثر واقعية يتمثل في "استمرار الوضع الراهن بما يشمل اندلاع اشتباكات متفرقة، وهو ما سيؤدي إلى عمليات نزوح جزئية أخرى".

الجدير بالذكر أن توقيت العملية التي استهدفت مليشيا "وحدات مقاومة سنجار" لم تكن وليدة اللحظة، بل إنها تأتي في إطار سلسلة من العمليات التي تستهدف إضعاف هذه المليشيا.

ففي مطلع أبريل/ نيسان، اتفق المشاركون في محادثات ثلاثية بين تركيا وحكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية المركزية على التعاون المشترك ضد حزب العمال الكردستاني ومليشيا "وحدات مقاومة سنجار".

وقبل عقد المحادثات وتحديدا في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أبرمت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان اتفاقا برعاية الأمم المتحدة، تضمن انسحاب مسلحي "وحدات مقاومة سنجار" من المنطقة، وهو ما رفضته المليشيا فيما لم يكن زعماء الإيزيديين طرفا في المباحثات.