مفترق طرق.. لهذا تترقب الدول الأوروبية نتيجة الانتخابات الفرنسية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

حذرت صحيفة إيطالية من كابوس كبير ينتظر الدول الأوروبية كافة، حال تعرض الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون لهزيمة في جولة الانتخابات الثانية في 24 أبريل/ نيسان 2022، لصالح زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان.

وأكدت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو"، أن نتيجة هذه الجولة من الانتخابات قد تفتح صفحة جديدة ليس في تاريخ فرنسا وحسب، بل بالنسبة لتاريخ أوروبا كاملة.

جولة حاسمة

وذكرت الصحيفة أن ثمة مخاوف كبيرة في أوروبا من أن فوز لوبان في الانتخابات قد يغير ترتيب التحالفات في الحرب الدائرة بأوكرانيا وقد يدفع نحو انسحاب فرنسا من عضوية حلف شمال الأطلسي "ناتو".

وعقدت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 10 أبريل 2022، وانتهت بتصدر ماكرون بحصوله على 27.8 بالمئة من الأصوات.

فيما حلت زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان ثانية بفارق قليل عنه بحصدها 23.2 بالمئة من الأصوات، يليها اليساري جان لوك ميلينشون بـ22 بالمئة.

وستكشف الجولة الثانية عن اسم الرئيس الجديد لفرنسا، وبالنظر إلى الفارق الضئيل بين المرشحين، لا يستبعد أي احتمال، ترجح الصحيفة الإيطالية.

وتشير بعض استطلاعات الرأي  إلى أن ماكرون قد يفوز بنسبة 54 بالمئة لكن 12 بالمئة ممن تمت مقابلتهم قالوا إنهم ما زالوا مترددين.

وهذه الفئة بالتحديد هي التي أصبحت أساسية في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، ويحاول المرشحان الحصول على أصواتها.

هذا أيضا على هامش التصريحات المختلفة التي أدلى بها من لم يتمكن من عبور الجولة الأولى، يتقدمهم جان لوك ميلينشون، الذي حصل على 22 بالمئة من الأصوات والذي سيكون بالتأكيد السياسي الأكثر وزنا في الوقت الحالي، وفق الصحيفة.

وعلى الرغم من أن ميلينشون دعا ناخبيه لاتباع ضميرهم ووصف الموقف بالاختيار "بين شرين"، إلا أنه ذكرهم مرارا وتكرارا بـ "عدم التصويت لصالح لوبان".

من جانبه، دعا إريك زمور، مرشح يميني متطرف آخر، ناخبيه الذين بلغت نسبتهم 7 بالمئة إلى دعم لوبان.

على العكس من ذلك، طلبت فاليري بيكريس مرشحة حزب الجمهوريين المحافظ، وآن هيدالغو عن الحزب الاشتراكي، ومرشح حزب الخضر يانيك جادوت دعم ماكرون في الجولة الثانية.

وعدت الصحيفة الإيطالية الصورة السياسية الراهنة مختلفة تماما عن صورة عام 2017، ليس فقط بسبب مخاوف  من صعود لوبان إلى السلطة، ولكن أيضا لأن ماكرون لم يعد "وجها جديدا" والعديد من الناخبين غير راضين عن أدائه في فترة ولايته.

مصير مجهول

وتشرح الصحيفة بأن حملة لوبان الانتخابية كانت مختلفة تماما عن تلك التي كانت في عام 2017 حيث تميزت بتراجع مستوى العنف اللفظي، وأدركت هذه المرة بأنه من أجل الوصول إلى الفرنسيين، الذين سئموا من الوباء والحرب في أوكرانيا، عليها تغيير طريقتها.

هذا أيضا نتيجة للصورة السيئة التي ارتبطت بلوبان بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، نظرا لأنها لم تخف أبدا إعجابها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لذلك قامت بتغيير إستراتيجيتها لكي لا تخسر الإجماع من حولها.

وكانت قد انتقدت لوبان ارتفاع الأسعار والتقت بأشخاص خلال الحملة الانتخابية لتبرز وقوفها "إلى جانب الشعب"، بينما كان ماكرون مشغولا خارج فرنسا بعقد اجتماعات مختلفة مع رؤساء الدول الأوروبية بشان الحرب في أوكرانيا.

ومع ذلك، ذكرت الصحيفة الإيطالية أن حملة لوبان الانتخابية تشير إلى توجه في السياسة الخارجية نحو فكرة  الانسحاب من حلف الناتو في حال وصولها للحكم لكي لا تظل "عالقة في حروب لا تعنيها"، وهو ما يفقد الحلف عضوية الدولة الأوروبية الوحيدة التي تمتلك رادعا نوويا مستقلا.

علاوة على ذلك، ثمة نقاط مختلفة في مقترحاتها تنص على التضييق على حرية التنقل في أوروبا منتهكة بذلك أحد أهم مبادئ شنغن.

وقالت الصحيفة إن لوبان تحاول بعد نتائج الجولة الأولى، أن تقدم نفسها على أنها البديل المعارض تماما لماكرون، في محاولة لاستقطاب أصوات الأطراف التي أخفقت في بلوغ الجولة الختامية.

وهذا يعني أنه يتعين عليها أيضا تقديم وعود ما للناخبين المختلفين للغاية، لذلك وعدت الناخبين اليساريين بخفض ضريبة القيمة المضافة وكذلك تقليص الخطاب الأكثر عدوانية بشأن الهجرة لجذب المحافظين المعتدلين، توضح الصحيفة.

في المقابل، تصرف ماكرون بشكل مختلف تماما، حيث أعلن عن ترشحه متأخرا قبل شهر واحد فقط من الجولة الأولى، ورفض المشاركة في المناظرات التلفزيونية ضد المرشحين الآخرين.

وأوضحت الصحيفة الإيطالية بأنه يعلق آماله على حصيلة ما أنجزه خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في إدارة مجابهة الوباء والانتعاش الاقتصادي.

مستقبل مقلق

دوليا، أكدت الصحيفة الإيطالية أن جميع الدول الأوروبية تراقب الانتخابات الفرنسية بقلق وفضول.

وأوضحت أن الحرب في أوكرانيا أثارت خوف سكان القارة، كما أن تصريحات لوبان بشأن الناتو وضعت دولا أخرى في حالة تأهب.

وتستعد ألمانيا لفوز ماكرون بولاية ثانية متجاهلة فرضية انتصار زعيمة اليمين المتطرف خصوصا وأنه سيتعين على البلاد التعاون مع فرنسا في مجالات مختلفة، مثل التحول البيئي ومشروع ماكرون لزيادة القدرة الدفاعية الأوروبية.

وبينت الصحيفة بأن الدفاع الأوروبي لا يزال عنصرا رئيسا في السياسة الخارجية في الأشهر المقبلة.

وعدت أن نشاط ماكرون في الأزمة الأوكرانية كان أساسيا حتى الآن، وعمل بالتعاون مع المستشار الألماني شولتز على إيجاد حل دبلوماسي.

بينما ستركز إيطاليا بشكل أساسي على الجوانب الاقتصادية، بالنظر إلى أن رئيس وزرائها ماريو دراغي وماكرون كانا قد التزما بتغيير السياسات المالية في نهاية عام 2021.

من جانبهما، تأمل إسبانيا وبولندا في فوز الرئيس الحالي، بالنظر إلى أن الأولى مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتكامل الأوروبي الذي قد يهدده صعود لوبان، في حين تقع الأخيرة على الحدود مع أوكرانيا.

وتحتاج بولندا إلى الدعم في استقبال اللاجئين وكذلك الدفاع عن أراضيها، لذلك خروج فرنسا المحتمل من الناتو قد يكون "قاتلا" بالنسبة لها.

من جهتها، تتوقع المملكة المتحدة أيضا إعادة انتخاب ماكرون على الرغم من وجود توترات في الماضي بسبب البريكست ومفاوضات لندن وبروكسل، لكن الحرب أعادت البلدين إلى التعاون من خلال تنسيق جهود الناتو.

وبالتالي،  تستنتج الصحيفة الإيطالية بأنه يمكن أن تعزز هذه الانتخابات علاقات فرنسا مع الدول المجاورة، أو قد تعرض تلك التي أقيمت في السنوات الماضية للخطر.

وأكدت أنه على الرغم من أن التوقعات تشير إلى فوز ماكرون، إلا أنه يمكن للوبان الاعتماد على استياء جزء من السكان، وفي حال نجحت في الفوز ستكتب صفحة جديدة في التاريخ الفرنسي والأوروبي.