إخراج الدب الروسي من نظام "سويفت".. هل يهدم المعبد على رؤوس الجميع؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "لاراثون" الإسبانية أن الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة تواجه مهمة حساسة للغاية عبر قرارها إخراج عدد من البنوك الروسية من نظام سويفت العالمي، الذي ينظم المعاملات الدولية بين البنوك والدول.

وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطوة ستكون عواقبها مدمرة على الاقتصاد العالمي، نظرا لتمتع روسيا بموارد عديدة تعتمد عليها غالبية الدول، ما يعني أن خنق الاقتصاد الروسي، سيخنق جزءا كبيرا من عمليات الإنتاج الغربية.

وفي 26 فبراير/ شباط 2022، تبنت الدول الغربية حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا ردا على غزوها أوكرانيا تشمل استبعاد عدد من البنوك الروسية من نظام "سويفت"، مهددة بمزيد من العقوبات إذا تطورت الأوضاع.

معنى "سويفت"

وذكرت الصحيفة أن عبارة "سويفت" هي الاسم المختصر لـ"جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك"، والتي تشير إلى الشركة المسؤولة عن توجيه وإدارة الاتصالات بين البنوك في جميع أنحاء العالم.

ويُستخدم نظام سويفت من قبل أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة، وهي تعاونية مقرها بلجيكا يديرها مجلس مؤلف من 25 عضوا، بما في ذلك إيدي أستانين، رئيس مركز المقاصة الطرفية المركزي في روسيا.

ويعمل نظام سويفت على زيادة الأمان في المعاملات الدولية، وبالتالي يقلل من الوقت الذي يستغرقه تنفيذها ومقدار العمولات التي يجب دفعها.

وأشارت الصحيفة إلى سابقة شهد خلالها العالم عزل إيران، في مارس/ آذار 2012، عندما سحبت سويفت البنوك الإيرانية من نظامها بالتزامن مع تشديد العقوبات الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي.

وخلال ذلك الوقت، أدت هذه الخطوة إلى خسارة البلاد نصف عائداتها من صادرات النفط و30 بالمئة من عائدات التجارة الخارجية، وفقا لمركز أبحاث كارنيغي موسكو.

وأُسس نظام سويفت في عام 1973، في بروكسل مع أكثر من 200 كيان، وفي عام 1976، كان للشركة بالفعل أكثر من 500 عضو في أكثر من 15 دولة، لكنها كانت لا تزال في مهدها ولم يبدأ إرسال الرسائل الأولى حتى 1977.

وبعد عشر سنوات، كان لديها 2161 عميلا في 61 دولة وأرسلت بالفعل أكثر من 192 مليون رسالة، واليوم لديها أكثر من 9000 عضو في جميع أنحاء العالم.

عموما، يتمثل السبب الرئيس الذي يجعل نظام سويفت منتشرا عالميا، هو كونه عبارة عن رمز دولي يوفر لأعضائه خدمة رسائل مشفرة تتيح تحويل الأموال دوليا.

مخاطر الطرد

ونوهت الصحيفة بأن استبعاد الكيانات المالية الروسية من نظام سويفت، سيجعل عملياتها المصرفية معقدة بشكل خطير؛ لأنها لن تكون قادرة على إجراء مدفوعات دولية أو استلام الأموال من باقي الكيانات التي تستخدم هذا النظام.

وفي جميع الأحوال، سيكون هناك حظر على التحويلات المصرفية مع الدولة، والذي سيكون له آثار جانبية، لأن أي شركة أجنبية تحتاج إلى سداد مدفوعات في روسيا لن يكون لديها خيار القيام بذلك بهذه الطريقة.

ونقلت الصحيفة عن مارتين بيكيراس، الخبير في الإستراتيجية الرقمية في شركة جارتنر للاستشارات والبحوث التكنولوجية، تحذيره من أن "روسيا ستحاول إيجاد بدائل حتى تتمكن بنوكها من الاستمرار في إجراء التحويلات الدولية إذا تم طردها من نظام سويفت".

ويواصل الخبير قائلا: "يمكن لروسيا استخدام نظام المدفوعات الصيني الدولي، المعروف باسم "CIPS"، ويسمى أيضا نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود، والذي بدأ العمل به في عام 2015 مع 19 بنكا صينيا وأجنبيا تم تأسيسه في الصين".

ويضيف أن "هذا النظام البديل يضم 176 مشاركا غير مباشر يغطون ست قارات و47 دولة ومنطقة". لكن، يفرض هذا البديل على عملائه شرط أن تكون المدفوعات والتحويلات الدولية باليوان.

وأوضحت الصحيفة أن قرار طرد روسيا من نظام سويفت لا يمكن الاستخفاف به.

وتعليقا على حزمة العقوبات ضد روسيا، صرح وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، بعد اجتماع مجلس الشؤون الاقتصادية والمالية غير الرسمي الذي عقد في باريس حيث نوقش هذا الموضوع، أن "سويفت هو السلاح النووي المالي".

ولم تتوافق جميع دول الاتحاد الأوروبي بشأن طرد روسيا من نظام سويفت، استجابة لطلب رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، منتقدا تردد ألمانيا في المصادقة على القرار بسبب العلاقات التجارية التي تقيمها مع روسيا.

شلل اقتصادي عالمي

من جانبها، نوهت صحيفة "دياريوز دي مايوركا" الإسبانية بأن روسيا واحدة من المنتجين الرائدين للمواد الخام والطاقة في العالم، وبالتالي فإن الحصار التجاري للبلاد قد يؤدي إلى شل الصناعة العالمية.

وذكرت في مقال للمحلل لوكاس بروتو، مثالا على الألمنيوم، الذي تعتبر روسيا ثاني أكبر منتج له في العالم.

وأوضحت أنه في عام 2018، اضطرت الولايات المتحدة إلى التراجع عن سلسلة من العقوبات التي كانت قد فرضتها على شركة روسال، وهي شركة تصنيع معادن صناعية يسيطر عليها الأوليغارش أوليغ ديريباسك، المقرب من بوتين.

وبعد الإعلان عن الإجراءات، ارتفع سعر الألمنيوم بشكل كبير، ووصل إلى 30 بالمئة. في ذلك الوقت، كانت الفوضى سيئة للغاية لدرجة أن العقوبات استمرت 17 يوما فقط.

عموما، سيتكرر نفس السيناريو إذا توقفت روسيا عن تصدير النفط أو الغاز أو الأسمدة، ومن المفارقات، سيتكرر التوازن المشؤوم الذي حدث بالفعل خلال الحرب الباردة: ما يفرض إستراتيجية "التدمير المتبادل المؤكد".

بمعنى آخر، إذا ضغط أحد المتنافسين على الزر النووي، فقد كان يعلم مسبقا أنه سيتم تدميره تماما أيضا.

يحدث الشيء نفسه اليوم: إذا خنقنا الاقتصاد الروسي، فستخنق روسيا جزءا كبيرا من عمليات الإنتاج الغربية.

باختصار، أمام الغرب مهمة حساسة للغاية ليقوم بها: احتواء وحصر الوحش دون تدمير استقرار العالم بمخالبه.