إيران ونظام 3 يوليو بمصر.. علاقات "خفية" وتقاطعات مع رؤية السعودية

قسم البحوث - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

مؤخرا خاضت وسائل الإعلام العالمية في حدثين مصريين يتعلقان بسوريا، ويمثلان ملمحين من ملامح مخالفة مصر للخط الإقليمي الذي ترسم ملامحه القيادتان بالإنابة رسميا، الفعليتان عمليا، ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، فيما يتعلق بالترتيبات الإقليمية المتعلقة بسوريا.

الحدث الأول تمثل فيما نشره موقع "إنتليجنس أونلاين" من زيارة قام بها مدير جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء خالد فوزي مبكرا للعاصمة السورية دمشق، في 2015، وهي الزيارة التي كان لها بعد ذلك أثر واسع في تطوير الموقف المصري تجاه كل من سوريا وروسيا.

هذا بالإضافة لما نشر مؤخرا عن انسحاب مصر من "التحالف الأمني للشرق الأوسط" MESA، وهو القرار الذي أبلغت به مصر الولايات المتحدة خلال زيارة رأس إدارة 3 يوليو الأخيرة عبد الفتاح السيسي. فهل من رابط بين الحدثين؟ وما حدود الاستفادة المصرية من المواقف الجديدة؟

زيارة رئيس المخابرات المصري لدمشق

في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2017، نشر موقع Inteligance Online، خبرا عن زيارة "ثانية" قام بها اللواء خالد فوزي، مدير جهاز المخابرات العامة المصرية آنذاك للعاصمة السورية دمشق[1]، وبقدر ما أحيطت الزيارة الثانية بقدر عال من السرية جعل المتداول عنها في وسائل الإعلام المتخصصة محدودا، فإن الزيارة الأولى في 2015 كانت أكثر سرية، بحيث لم ينشر عنها آنذاك أية أنباء، غير أن قصور الأنباء عن الزيارة عوضه تناول محدود جدا لأنباء عن اتفاق ثلاثي روسي – مصري – سوري.

فبينما كانت المملكة تقدم الدعم المناهض لحكم بشار الأسد، وتستعد لافتتاح المؤتمر الجامع للفصائل السورية المعارضة في الرياض 8 ديسمبر/كانون الأول 2015، كان السيسي رأس إدارة 3 يوليو يوقع اتفاقا ثلاثيا مع موسكو ودمشق لدعم العلاقات الثلاثية، بحسب ما كشف عنه موقع "ديبكا" المقرب من جهاز المخابرات في الكيان الصهيوني.

الاتفاق أسفر عن استئناف الرحلات الجوية للمسافرين بين القاهرة ودمشق، وكانت أولى أنشطة الاستئناف هبوط طائرة تابعة لشركة "مصر للطيران" في مطار دمشق الدولي، ومنه إلى مطار حلب في 2 ديسمبر/كانون الأول 2015.

وهو ما اعتبر رسالة من مصر بأن التدخل الروسي، الذي تثني عليه، في المسرح السوري يجعل العاصمة السورية أكثر أمنا للتواصل العالمي ورحلات الطيران، وهي الرسالة التي أصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إرسالها قبيل انعقاد مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، وهو المطلب الذي استجابت له القاهرة.

في المقابل، أعادت روسيا استئناف الرحلات السياحية، وبدأ تدفق السياح الروس مجددا، وإن لم تكن شرم الشيخ هي مهبط الطيران الروسي[2].

التعاون الأمني بين القاهرة ودمشق توالى بعد ذلك، ما وجد تعبيرا عنه في الزيارات المتبادلة بين رئيسي الأجهزة الأمنية العليا، خالد فوزي وعلي مملوك. حيث زار رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا اللواء علي مملوك القاهرة أكثر من مرة.

ومع تجاوز الزيارات السرية التي توالت منذ 2014، فإن الزيارة العلنية الأولى التي قام بها "مملوك" للقاهرة كانت في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2016، برفقة وفد ضم 6 من المسؤولين الأمنيين السوريين.

الزيارة أكد مراقبون أنها تأتي لأجل التشاور حول الأوضاع الأمنية في الإقليم، وبخاصة فيما يتعلق برصد تحركات "تنظيم الدولة"، لافتين إلى أن مصر تريد اتخاذ إجراءات احترازية استباقية، تحسبا لانتقال عناصر التنظيم إلى مسارح عمليات أخرى أو عودتها إلى بلدانها[3].

كانت الزيارة متزامنة مع "عملية تحرير الموصل" التي كانت تمثل منطقة التمركز الأساسية للتنظيم في العراق، ما فتح الباب لمناقشة مرحلة ما بعد "تنظيم الدولة" أمنيا.

رد مدير جهاز المخابرات المصرية، خالد فوزي، الزيارة في أكتوبر/تشرين أول من العام التالي 2017. وتذكر تقارير غربية أن الفترة ما بين الزيارتين شهدت تكثيفا لنشاط مكتب المخابرات المصرية في دمشق، سواء عبر المشاركة في صوغ اتفاقيات وقف إطلاق النار، أو تلك المتعلقة بـ"خفض التصعيد"، بالإضافة لنشاط تبادل المعلومات حول "الجماعات المسلحة"[4].

وبعد عام تقريبا، قام "مملوك بزيارة غير معلنة لمصر، مع تغير مياه المخابرات المصرية بإقالة خالد فوزي وتكليف عباس كامل، مدير مكتب رأس إدارة 3 يوليو، بإدارة الجهاز، ما كان يعني ضرورة ترتيب زيارة لاستيعاب مسار التعاون الأمني المصري السوري، وبحث المستجدات التي أعقبت تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا.

وفي زيارة مملوك الأخيرة للقاهرة، في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، والتي أعقبت زيارة الرئيس السوداني (المعزول) عمر البشير للعاصمة السورية، أدلى وكيل جهاز المخابرات المصرية "حاتم باشات" بتصريحات إعلامية حول الزيارة موضحا أنها تعلقت ببحث الأوضاع التي قد تلي انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، والحديث عن القوات التي ستسد الفراغ الناتج عن انسحاب القوات الأمريكية، وما إذا كان الجيش السوري يمكنه السيطرة على المناطق، التي كانت تسيطر عليها القوات الأمريكية، في الوقت الراهن، خاصة أن من يملأ الفراغ قد يتطلب الرضى الأمريكي، خاصة مع وجود نوايا تركية بعملية كبيرة في سوريا  تعقب عملية الانسحاب[5].

وبقدر ما إنها المرة الأولى التي يدلي فيها وكيل جهاز المخابرات السورية بتصريحات إعلامية حول زيارة أمنية، بقدر ما إن التصريحات تضمنت قدرا عاليا من الصراحة حيال رؤية إدارة 3 يوليو للتهديد الأمني التركي حال التدخل في سوريا في أعقاب انسحاب أمريكي كان محتملا آنذاك.

إيران والانسحاب المصري من الناتو العربي

الموقف الآخر الذي شهده شهر أبريل/نيسان 2019 ما نشرته وكالة "رويترز" للأنباء باعتباره تقريرا حصريا، حول إبلاغ مصر الإدارة الأمريكية بانسحابها من التحالف الأمني المزمع تشكيله في مواجهة إيران، والمعروف إعلاميا باسم "الناتو العربي".

القرار لقي معالجات ذهبت في اتجاهين مختلفين، فبرغم تأكيد تقرير "رويترز" بأن القرار المصري غير قابل للمراجعة، فقد أكدت "معالجات إعلامية" أسندت لمصادر تحفظت عن ذكر اسمها أن القرار لا يعدو أن يكون لعبة تفاوضية، وأنه اتخذ من أجل تعزيز قدرة المفاوض المصري الذي تقدم بطلبات محددة للإدارة الأمريكية تتعلق بزيادة المساعدات العسكرية، ورفع الحظر عن انتقال نوعيات من الأنظمة المتطورة لمصر[6]، علاوة على دفع الولايات المتحدة لسحب فكرة معاقبة مصر لشرائها أسلحة روسية.

وعلاوة على هذا تضيف معالجة أخرى أن ثمة اعتراض من "القوات المسلحة" على مباشرة دور "المرتزقة"، بالإضافة إلى رفض مصر لتلميح خادم الحرمين بأن الدور المصري في ليبيا يجب ألا يقف عند التدريب والتأمين الجوي لقوات اللواء الليبي المتقاعد "خليفة حفتر"، وأنه ينبغي أن يكون فعالاً أكثر من هذا[7].

وكلا المعالجتين نسبتا إلى مصادر حكومية ما يزيد غموض الموقف المصري، حيث عللت إحدى المعالجتين التهوين من شأن تقرير "رويترز" بالتأكيد على "الطبيعة التفاوضية" للإعلان المصري، فيما عززت المعالجة الأخرى، وإن كانت بمبررات أضعف، تأكيد مصدرها على الطبيعة النهائية" للقرار المصري، وهي الطبيعة التي أكدت عليها وكالة "رويترز" في تقريرها.

أما عن رد الفعل الإيراني، فقد نشرت "وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية" ترحيب وزارة الخارجية الإيرانية بالقرار المصري. وفي 11 أبريل/نيسان الماضي صرح بهرام قاسمي للوكالة، بأن رسميين مصريين لم يؤكدوا صحة ما ورد بتقرير "رويترز"، لكنه سيكون موضع ترحيب إيراني لو أنه صحيح.

وتوسع "بهرام" في مجاملة إدارة 3 يوليو، واصفا مصر بأنها دولة قوية ومهمة في كلا العالمين العربي والإسلامي، وأن بإمكانها أن تلعب دورا رئيسيا في إقرار السلام والاستقرار والأمن في منطقة غرب آسيا[8]. ونشرت وكالة "سبوتنيك" أن إيران سوف تتحرى دقة ما نشر حول الموقف المصري.

الخلافات بين إدارة 3 يوليو والسعودية

يفتح الموقف المصري كما في الحدثين المشار إليهما الباب للتساؤل عن علاقة إدارة 3 يوليو بالكفيل السعودي. وهو ما يمكننا رصده على عدة محاور:

  • أ. فيما يخص إيران: كانت العلاقات المصرية الإيرانية تسير بوتيرة إيجابية منذ حدوث الانقلاب وحتى مارس/آذار 2016، أو ما يرتبط بوصول الصواريخ الإيرانية إلى العاصمة السعودية الرياض، واستمر مشهد الجفوة حتى شهد طفرة مفاجئة في يناير/كانون الثاني 2019.

فالقرار المصري بالانسحاب من "الناتو العربي"، ولو مؤقتا، والذي لقي ترحيبا إيرانيا مشروطا بصحة هذا الموقف، لم يكن بلا مقدمات ظرفية إيجابية تجاه "طهران".

في 11 فبراير/شباط الماضي، أقام "مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر" احتفالا، هو الأول من نوعه منذ سنوات، بذكرى الثورة الإيرانية، وأعلنت وسائل إعلام إيرانية أن مسؤولين مصريين حضروا الاحتفالية، من بينهم نائب وزير الخارجية المصري خالد ثروت. واعتبرت وسائل الإعلام الإيرانية هذا الموقف بادرة لاحتمال استعادة العلاقات المصرية الإيرانية الدفء المفتقد منذ نحو 40 عاما[9].

موقف إدارة 3 يوليو له أبعاد تاريخية متقلبة نسبيا، تعود لفترة ما بعد خلع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مباشرة في 11 فبراير/شباط 2011. فمن جهة، كان لافتا أن يسمح المجلس العسكري المصري في 21 فبراير/شباط 2011، بمرور سفينتين حربيتين إيرانيتين عبر قناة السويس في طريقهما إلى البحر المتوسط والعودة بعد أيام.

من اللافت ذلك التناقض الكبير بين تصريحات مسؤولين إيرانيين آنذاك صرحوا بأن السفينتين تتجهان إلى سوريا للقيام بمناورات وهي المهمة التي وصفتها إسرائيل آنذاك بأنها "استفزازية"، في حين أعلنت السلطات المصرية أن مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة "تقدم بطلب إلى وزارة الخارجية للسماح بمرور السفينتين"، وأن السلطات المصرية سمحت بعبورهما بعد تأكدها من "عدم حملهما أسلحة أو معدات عسكرية".

كانت الواقعة بمثابة المرة الأولى التي تعبر فيها سفن حربية إيرانية القناة منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران[10]، وهو ما بدا آنذاك رسالة للولايات المتحدة ضد دعم التغيير الذي قد يؤذن باهتزاز كثير من الثوابت في المنطقة بعد اشتعال الثورة في ليبيا بعد كل من تونس ومصر.

وتكررت نفس الواقعة بعد ذلك بنحو عام كامل، حيث سمحت السلطات العسكرية المصرية بمرور سفن حربية إيرانية كذلك، كانت متوجهة للسواحل السورية التي كانت قد شهدت قبل نحو عام اشتعال ثورة 15 مارس/آذار 2011[11].

وبعد الانقلاب العسكري في مصر، بدأت إدارة 3 يوليو مسلسل التقارب منذ ما بعد الانقلاب مباشرة، ما تمثل في دعوة الرئيس الإيراني إلى القاهرة لحضور حفل تنصيب رأس إدارة 3 يوليو وأدائه لليمين الدستوري[12]، وهي الدعوة التي لم يتمكن روحاني من تلبيتها، وأناب عنه فيها مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية والإفريقية "حسين أمير عبد اللهيان".

وفي يوليو/تموز 2015، ألغت إيران تأشيرات الدخول إلى أراضيها لمواطني 7 دول، هي: تركيا ولبنان وأذربيجان وجورجيا وبوليفيا ومصر وسوريا، كما منحت السلطات الإيرانية مواطني هذه الدول البقاء في إيران من دون تأشيرة لفترات متفاوتة.

من جهة ثانية، ورغم الموقف السعودي الرافض، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، في 2015، ترحيبها بالاتفاقية الإطارية التي توصلت لها مجموعة 5+1 حول مستقبل المشروع النووي الإيراني، وأكدت أن هذه الاتفاقية تعد خطوة في الاتجاه الصحيح باتجاه عقد اتفاق بين القوى الدولية وإيران، وتمنت الخارجية المصرية أن يفضي هكذا اتفاق إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة[13].

من جهة أخرى، أكد شريف إسماعيل وزير البترول والثروة المعدنية المصري (آنذاك)، أن قطاع البترول ليس لديه مانع من استيراد الخام الإيراني بعد رفع الحظر والسماح بالتصدير، مشيرا إلى أن خط "سوميد" تأثر كثيراً بالسلب بسبب الحظر على إيران وعدم تصديرها أي خام، وأنه يأمل في الفترة المقبلة وبعد السماح لإيران بالتصدير، أن تزيد إيرادات "سوميد" وتعوض خسائره في الفترة الماضية.

ومع نهاية يناير/كانون الثاني 2016، صرح أمير حسين مساعد وزير النفط الإيراني بأن هناك عرضًا مقدما من مصر لشراء النفط منها بتسهيلات كبيرة، وهو العرض الذي تجاهلته القاهرة آنذاك لإنهاء الجفوة المصرية – السعودية.

ورغم أن مسؤولين إيرانيين نفوا صحة ما نشرته وكالة مهر الإيرانية للأنباء شبه الرسمية من نبأ زيارة وزير البترول المصري طارق الملا لطهران في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهي الزيارة التي كان مقررا خلالها أن يعقد اجتماعا مع نظيره الإيراني لبحث التوسع في تجارة النفط الخام بين البلدين[14].

الزيارة المزمعة كانت متزامنة مع تعليق السعودية شحنات النفط لمصر عقب مقابلات "مملوك" و"فوزي" التي أسلفنا الإشارة إليها، إلا أن رئيس وزراء نفس الحكومة التي شهدت واقعة "الزيارة" كان قد سبق له حين كان وزيرا للبترول، أن صرح في نهاية يوليو/تموز 2015، بأنه لا اعتراض لدى الحكومة المصرية على استيراد النفط الخام الإيراني[15].

ورغم المبادرة الإيرانية، إلا أنه قد لحقتها فترة جفوة من الجانب المصري تجاه إيران. وتصاعدت هذه الجفوة مع تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري التي أكد فيها أن علاقات مصر بالمملكة السعودية تمتلك من الخصوصية ما يحول دون دخول أطراف أخرى وتأثيرها عليها.

شكري شدد على أنه "لا مجال حالياً لإطلاق أي حوار بين مصر وإيران"، مستدركا أن هذا لا يمنع مستقبلاً من إجراء مثل هذا الحوار إذا ما تم رصد تحقق عدة عناصر تتمثل في وجود تغيير في المنهج والسياسة الإيرانية إزاء المنطقة والسعي إلى بناء علاقات على أسس من التعاون والاحترام المتبادل والتكافؤ في المصالح واحترام استقلال وسيادة الدول العربية على أراضيها وعدم التدخل بها"[16]. ومع أوائل ديسمبر 2018، صرح شكري بأن مصر لا تقبل تهديد إيران لدول الخليج[17].

استمرت جهود إيران في فتح قنوات مع مصر رغم الحصار السعودي الإماراتي المسنود بتسريبات إخبارية سلبية الدلالة حول علاقات البلدين، إلا أن العلاقات بدأت تشهد قدرا من الانفراج بعد احتفال "مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر".

أعقب الاحتفال الذي حضره نائب وزير الخارجية المصري، حديث لوسائل الإعلام الإيرانية عن اتصالات مصرية – إيرانية لمناقشة إذابة الجليد بين الطرفين، وهو ما تبعه تخفيض مصري لمستوى التمثيل في اجتماع يخص "الناتو العربي" عقد في فبراير/شباط 2019، ثم غياب المفوض المصري عن الاجتماع الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض في 9 أبريل/نيسان الماضي[18].

  • ب. فيما يتعلق بسوريا: برغم الموقف السعودي الداعم للقوى الرافضة لإدارة الأسد، وجه جهاز المخابرات المصرية الدعوة لرئيس مكتب الأمن الوطني السوري، اللواء علي مملوك، لزيارة مصر، وهي الزيارة – غير المعلنة - التي تمت بالفعل في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2016، التقى فيها اللواء خالد فوزي، نائب رئيس جهاز الأمن القومي في مصر آنذاك، وهو ما أثار حفيظة السعودية.

حرصت إدارة 3 يوليو في حينها على تقديم "تسريبات" لوسائل الإعلام تؤكد وجود خلافات مصرية سعودية حول بعض الملفات، ومن بينها الملف السوري، نشرتها "قناة مكملين" المعارضة لنظام 3 يوليو من الخارج. هذا التوجه دفع إيران للنظر لمصر باعتبارها مصدر استقرار إقليمي، وكان ذلك وراء اشتراطها مشاركة مصر في "مؤتمر لوزان" لبحث المستقبل السوري[19]، وهو الموقف الذي تبعته زيارة علنية لمملوك إلى القاهرة لاحقا.

الملاحظ أن دول الخليج، بما في ذلك السعودية والإمارات، تبعت الموقف المصري بعد قرابة العامين. وتسلمت ملف "إعادة تأهيل الأسد" وتحركت به بأسرع من الإيقاع المصري.

التعاون الأمني لم يقف عند حدود التنسيق الأمني، بل تجاوزه للتعاون العسكري. فقد أمدّ الجانب المصري الجيش السوري بأنواع مختلفة من الأسلحة والذخيرة.

ورغم عدم إعلان الجانب المصري عن هذا الأمر، نظراً لمقتضيات السياسة الخارجية المصرية والوضع الإقليمي الراهن، إلا أن صوراً انتشرت في سوريا لصواريخ مصرية. وجرى الحديث عن أن مصر أمدت الجانب السوري، سراً، بأسلحة شملت صواريخ قصيرة المدى، تم استخدامها في عمليات السيطرة على مدينة الزبداني في 2015.

كما تحدثت وسائل إعلام عن وساطة شاحنات أوكرانية لنقل أسلحة مصرية من ميناء "بورسعيد" إلى ميناء "طرطوس" السوري، وتستخدم هذه الشاحنات في إطار الصفقات السرية والسوق السوداء.

وتداول نشطاء في المعارضة السورية، صوراً لصواريخ مصرية الصنع من نوع "صقر 18"، التي تنتجها مصانع "صقر" التابعة للهيئة العربية للتصنيع في مصر، وهي صواريخ من عيار 122 ملم برأس حربي يزن 19 كيلوغراماً، ويصل مداها إلى 20 كيلومترا.

ويشير خبراء إلى أن هذا الدعم العسكري بدأ منذ فترة حكم المجلس العسكري، وتوقف خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي، ثم عاود التواصل مجددا بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013[20].

رأس إدارة 3 يوليو برر لـ شبكة CNN الأمريكية الدعم المصري لبشار الأسد بقوله: "انهيار" الجيش السوري وسقوط بعض أسلحته في يد تنظيم الدولة ، أو جبهة النصرة قد يشكل خطرا على مصر"[21].

وفي سبتمبر/أيلول 2016، أقر وزير الخارجية المصري سامح شكري بوجود تباين في الرؤى بين القاهرة والرياض بشأن تسوية النزاع في سوريا، خصوصا فيما يتعلق بـ"ضرورة تغيير نظام الحكم أو القيادة السورية".

غير أن هذا التباين انقلب لخلاف حاد في الشهر التالي (أكتوبر/تشرين الأول 2016)، حيث صوتت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي بشأن الأوضاع في حلب، ما تسبب في انتقاد مندوب السعودية في مجلس الأمن عبد الله المعلمي خيار القاهرة التصويتي بقوله: "من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى موقف المندوب المصري، حيال مشروع القرار الروسي"[22].

أعقب ذلك إعلان وزير النفط المصري طارق الملا، أن شركة أرامكو السعودية للبترول أبلغت الهيئة المصرية العامة للبترول بالتوقف عن إمدادها بالمواد النفطية "لحين إشعار آخر"[23].

إلا أن هذا التوتر يبدو وكأنه قد بدأ في التغير، عندما بدا أن إيران تطرح نفسها كبديل لتزويد مصر بالنفط مقابل تسهيلات. وخلال فترة التوتر، نجحت مصر في الوصول إلى اتفاق مع "السلطات السورية" بالسماح بتزويد مدينة حلب بالمعونات والمساعدات الغذائية والطبية[24].

وفي ضوء أولوية العلاقات مع روسيا، اتجهت مصر لمعارضة التصور السعودي لإدارة الأزمة السعودية، بدأ بدعم النظام مقابل دعم السعودية للمعارضة، ثم دعم مصر لحل سياسي يشارك فيه بشار الأسد في مواجهة طرح سعودي يرى ألا مكان لبشار في سوريا المستقبلية.

ولاقى الموقف المصري قبولا لدى القيادة السورية[25]، أدى لاحقا لاشتراط إيران دعوة مصر للمشاركة في "مؤتمر لوزان" حول المستقبل السوري[26].  وصرح وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مقابلة تلفزيونية تعود لتشرين الثاني/أكتوبر 2015، أن التدخل الروسي في سورية "سيمنع انتشار الإرهاب ويوجه ضربة مميتة لتنظيم الدولة"[27].

وتدعم مصر مسار جنيف للتفاوض حول الحل السياسي في سوريا[28]، وهو ما يخالف توجهها بالتحرك دعما للموقف الروسي الذي يسلك مسارا آخر وفق تحالف ثلاثي روسي – تركي - إيراني.

وبرغم هذا الموقف المتمايز لإدارة 3 يوليو، يرى مراقبون أن القرار المصري حيال إيران ليس بيد قادتها، وأن مصر لا تحتمل مزيدا من الدفء في العلاقات مع إيران. ويعللون ذلك بعدة مبررات، أهمها أن الاقتصاد المصري الذي ما زال بحاجة لمساندة لا يمكنه أن يدير ظهره للثنائي الإماراتي السعودي، الذي يمكنه توفير مزيد دعم للاقتصاد المصري، في الوقت الذي تعاني فيه إيران من مشكلة العقوبات التي تجعلها غير قادرة على دعم مصر عبر استثمارات أو ما دونها من أشكال الدعم الاقتصادي. كما يرى مراقبون أن كل من السعودية والإمارات غير مستعدتين لخروج مصر من دائرتهم، ولن يسمحوا بذلك[29].

  • ج. الموقف من لبنان: لا يبدو أن الموقف المصري من لبنان يطابق الموقف السعودي وهو ما بدا واضحا منذ قمة شرم الشيخ في 2015، والتي دعا فيها رأس إدارة 3 يوليو الأطراف اللبنانية إلى الحوار دون التحيز إلى أي طرف دون آخر، في الوقت الذي يبدو فيه أن السعودية لها تحيزاتها المعروفة، ضد أي طرف ومع أي طرف[30].

ورغم أن وزير الخارجية المصري لم يصوت ضد قرار طرحته السعودية أمام مؤتمر وزراء الخارجية العرب في مارس/آذار 2016، على نحو ما فعلت لبنان والعراق، ما أدى لتصنيف حزب الله عربيا كمؤسسة "إرهابية.[31]

ورغم أن السعودية نجحت في دفع أحد "محاميي الثورة المضادة" (طارق محمود) لرفع دعوى قضائية في مصر لتسمية "حزب الله" على قائمة التنظيمات الإرهابية المصرية بعد ذلك بنحو أكثر من عام[32]، وذلك في أعقاب الأزمة السياسية التي تشهدها بيروت على خلفية استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري الذي ألقى باللائمة على حزب الله، إلا أن رأس إدارة 3 يوليو أعلن أن بلاده لن تتخذ إجراءات ضد حزب الله اللبناني، وأن بلاده تريد زيادة الاستقرار في المنطقة، وليس حالة عدم الاستقرار من خلال إجراءات أخرى، لافتا إلى أن "الاستقرار في المنطقة هش، في ضوء ما يحدث من اضطرابات في العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال ودول أخرى"[33].

ورغم وضوح الموقف، إلا أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حاول صياغة الخلاف بين السعودية ومصر عبر إلباسه ثياب التعدد ضمن وجهات احتواء حزب الله، حيث صرح الجبير بعد ذلك مباشرة، في حوار مع قناة "سي إن بي سي" بأن (تصريح السيسي) "يتماشى مع ما يفكر به الجميع في المنطقة، نقول إن علينا أن نجد طرقا للحد من نفوذ حزب الله وأضراره وعلينا أن نجد سبلا للضغط على أنشطة حزب الله الإرهابية ومشاركته في شؤون بلدان أخرى بناء على طلب إيران، وليس هناك تناقض في المواقف"[34].

ملاحظات على جانب المشهد

من المهم قراءة تقرير رويترز "الحصري" المشار إليه، حيث إن ما يتضمنه حول القرار المصري أكبر من المعالجة الإخبارية. فقد عكس التقرير اضطرابا في الرؤية المصرية حيال التكتل. فبينما ترى دول الخليج، التي تحصل على استشاراتها من أكبر مراكز التفكير في العالم ذلك التحالف واعدا، ترى مصر أنه غير جدي، وأنه ليس ثمة وثيقة تنفيذية تدعمه حتى الآن، وهو ما يشير لتردد مصري في لعب دور في الترتيبات المستقبلية للإقليم، أو إلى أجندة علاقات خفية مع إيران.

ومن جهة أخرى، يعكس التقرير نوعا من عدم ثقة الطرف الأمريكي في اللاعب المصري، لأن التقرير ذكر وجود وثيقة تنفيذية بالفعل، وأن إدارة "رويترز كانت قد اطلعت عليها من قبل، وهو ما يعني أن الطرف المصري لم يتم إشراكه في الرؤية العامة للتحالف، وربما اكتفى الطرف الأمريكي بتبعيته للاعب المركزي السعودي في هذا التحالف، وهو ما قد يمثل أحد مصادر الاستياء بين صفوف إدارة 3 يوليو والتي ربما دفعت رأس إدارة 3 يوليو للابتعاد عن هذا الملف الملتهب الذي قد يقود لحرب مستقبلية على أعتاب مصر، وهي الحرب التي ربما تتخوف مصر من الانخراط فيها مع اقترانها بتخوفاتها من احتمال عدم فوز الرئيس الأمريكي بفترة رئاسية ثانية.

ومن جهة ثالثة، فإن من أولى العوامل التي ساقها تقرير "رويترز" الإشارة لتخوفات الطرف المصري مما قد يؤدي إليه هذا التحالف من مزيد من اضطرابات عسكرية في المنطقة، وهي اضطرابات يمكن استيعاب احتمالاتها في ضوء تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد الجعفري، في 2016، بأن السعودية هي العدو الرئيس للجمهورية الإسلامية وليس إسرائيل، وهو التصريح الذي لم تنفه إيران عبر قنوات رئيسية، بل اكتفت بنفيه من خلال وكالة أنباء تسنيم، "شبه الرسمية"[35].

كان الجعفري قد أطلق هذا التصريح في إطار احتجاجات شهدتها العاصمة الإيرانية طهران أمام السفارة والقنصلية السعوديتين انتهت بإحراقهما، وهي الأحداث التي أتت كرد فعل على إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر.

يضاف لذلك تحذير فرنسا إلى "بيروت" عن نية إسرائيل عدم التسامح مع أي استخدام لأراضيها لتهديد أمن تل أبيب[36]، هذا فضلا عن تحركات الولايات المتحدة، وكان آخرها زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون للكيان الصهيوني لمناقشة التهديد الإيراني[37]، وهو التحرك الدبلوماسي المرافق لتحرك عسكري بعد استطلاع إيران لحاملة الطائرات الأمريكية "دوايت أيزنهاور" في الخليج العربي[38].

علاوة على تصريحات حسن نصر الله الأخيرة حول "حرب في لبنان" تخطط لها دول خليجية مع الكيان الصهيوني[39].

ربما تتخوف إدارة 3 يوليو من احتمال تكرار السيناريو اليمني في لبنان أو سوريا، وهو ما يحمل لمصر تهديدا جديا من إيران التي تطور صواريخا متوسطة المدى في قواعدها جنوب سوريا[40]. غير أنه وفق الثوابت التي ترسيها إدارة 3 يوليو فإن هذه الملامح من شأنها أن تدفعه للانخراط في المواجهة لا أن تدفعه للابتعاد وإيثار السلامة.

فمن ناحية، فإن تمركز مرتزقة في سوريا تتراوح أعدادهم ما بين 100 ألف إلى 200 ألف مقاتل[41] لابد وأن تثير مخاوف القاهرة التي لا تزال تشهد تحديا واضحا في السيطرة على سيناء رغم ما تلقاه من دعم إماراتي وصهيوني، فهذه الألوف من المرتزقة تقف على أعتاب الحدود المصرية في الوقت الذي شهدت فيه مصر تسربا هائلا.

من جهة أخرى، فإن التساؤلات تثار حول دلالة مشتريات السلاح الهائلة التي تباشرها إدارة 3 يوليو إذا كانت لا توفر رادعا يحميها من جهة، ولا تشكل استعدادا لمواجهة إقليمية، خاصة وأن مشتريات الأسلحة هذه تتضمن فرقاطات بحرية وغواصات وحاملتي الطائرات المسترال.

ومن جهة رابعة، فإن أحد أهم القضايا التي جعلت رأس إدارة 3 يوليو مضطربا حيال التحالف الجديد تلك الالتزامات الضخمة المتمثلة في قروض مع الممولين الصينيين، الذين يلتزمون برؤية وأوامر الدولة الصينية بطبيعة الحال في الدول السلطوية.

يأتي هذا في إطار ما تضمنه التقرير من أن التحالف المزمع ينطوي فيما ينطوي على رؤية للحد من النفوذ الإقليمي لكل من روسيا والصين، وهذه أحد ملامح ورطة السياسة الخارجية المصرية، أو رهن إرادة الدولة المصرية لقوى متنافرة، ويضاف إلى هذا ما يمكن أن يترتب على الدور المرتقب لمصر في "مبادرة الحزام والطريق" في شقها البحري[42].

المعضلة المرتقبة مع الصين لا يقل عنها عضالة تلك التي ستصيب العلاقات المصرية الروسية، والتي ترتبط معها مصر بعقود تسلح كذلك سيرتبط بها عقود توريد قطع غيار وصيانة وتدريب قد تتضرر جراء انخراط الدولة المصرية في علاقة تحالف تمس النفوذ الحيوي المرتقب لدولة مثل روسيا لم تنقطع طموحاتها بموطئ قدم لها في البحار الدافئة. ولا ننسى في هذا الإطار ترقب مصر للسياح الروس، ودور روسيا كمصدر دعم سياسي محتمل[43].

وفي نفس الإطار، صحيح أن ثمة رغبة مصرية في تطوير سياسة خارجية أقل اعتمادا على الحليف الأمريكي، والتحلل من ضغوطه وشروطه، واتقاء مزاجه المتقلب[44]، غير أن المؤسسة العسكرية المصرية لا يمكنها بحال أن تستغني عن المساعدات العسكرية الأمريكية التي تكفل لها قطع غيار ومستلزمات صيانة وأحيانا تتحول إلى عطاءات بأسلحة، وإن كان هذا أمر نادر، لكنه وارد.

جدير هنا أن نلفت إلى أن الكونجرس يضع قيودا كل عام على المساعدات العسكرية المصرية، لكنه يغض الطرف عن هذه القيود سنويا، فيما عدا عام واحد، عن تسليم هذه المساعدات، بناء على ما تحاجج به الإدارة الأمريكية بأنه مصلحة قومية أمريكية[45]. فماذا لو انقطعت المساندة التنفيذية الأمريكية؟ غير أن هذا السؤال يطرح نفسه بطريقة أخرى: ما الخدمات التي ستقدمها إدارة 3 يوليو لتخرج من هذا المأزق؟

غير أن الأمر الأكثر إثارة للانتباه في هذا الإطار أن المطلب الأمريكي بالحد من نفوذي روسيا والصين يثار كذلك لدى الاتحاد الأوروبي القلق بدوره من نفوذ هاتين الدولتين[46]، وقد يؤدي الانسحاب المصري إلى انتباه الاتحاد الأوروبي للتحركات المصرية المتقلبة بين أذرع قوى بينها "ما صنع الحداد".

خاتمة

كشف شهر أبريل/نيسان 2019 خبرين من الماضي لهما دلالات واسعة في الحاضر. فمن ناحية، كشف الشهر الماضي عن تبكير الأجهزة الأمنية المصرية بالتواصل مع نظيرتها السورية منذ فترة الانقلاب، ورغم سرية المبادرات المصرية، إلا أن انكشافها كشف معها اتفاقات سرية جرى توقيعها بتكتم وبعيد عن حلفاء عديدين. فزيارة مدير جهاز المخابرات العامة اللواء خالد فوزي إلى سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2015 أريد لها أن تكون تمهيدا لاتفاق ثلاثي، تمنح مصر بمقتضاه شرعية التدخل الروسي في سوريا، وتخترق العزلة العربية ضد سوريا، وتباشر التنسيق الأمني ضد التنظيمات الراديكالية، وذلك بسبب تهاوي الأجهزة الأمنية السورية بعد الثورة. لتحصل مصر على حصة من السياحة الروسية كمقابل، ووعود بتقديم أسلحة متى توفر تمويلها.

كما كشف الشهر عن قرار رأس إدارة 3 يوليو بالانسحاب من "التحالف الأمني للشرق الأوسط"، الذي تكتله الولايات المتحدة ضد إيران، وهو الانسحاب الذي رحبت به إيران شريطة أن يكون جديا، فيما كشف المراقبون أن ثمة احتمالات عالية أن يكون الانسحاب محض ورقة ضغط مصرية للحصول على تنازلات أمريكية في قضايا تتعلق بالتسلح، وضغط على السعودية لتحجيم رؤيتها للجيش المصري كمرتزقة، فيما يرى آخرون أن التورط في التحالف مع احتمال عدم التجديد الرئاسي لترامب سيضع مصر في ورطة مع وجود مرتزقة يعملون لصالح إيران في سوريا، وهو ما تخشاه مصر، ويعكس قلقا بشأن السيطرة على حدودها.

التدقيق في تاريخ علاقة مصر بالسعودية كشف عن تحركات مصرية للتقارب مع إيران، بدأت حميمة، وانتهت كذلك، وإن شابتها فترات جفوة بسبب تهور وضغوط الرعاة السعوديين والإماراتيين الذي يرجح أنهم متحكمون في قرار مصر، وأنهم لن يسمحوا لها بالخروج من تحالف الأمني للشرق الأوسط بعدما استثمروه في إدارة ما بعد الانقلاب.

كما كشف فحص التاريخ وثاقة العلاقة المصرية السورية برغم أنها علاقات تحركت عكس تحرك الكفيل السعودي، وربما تنتهي لجمع الطرفين في صالح مربع النظام السوري بإملاءات إسرائيلية ترى في إدارة بشار الأسد ضامنا لسلامتها، وهو ما يفسر الضغوط في اتجاه تطبيع العلاقات العربية مع سوريا، وضغوط احتوائها في النظام العربي.

وإلى حد أقل يباشر رأس إدارة 3 يوليو نفس السياسة مع حزب الله اللبناني، الذي أعلن رأس إدارة 3 يوليو أنه لا يريد حربا ضده، ولن يتخذ إجراءات ضده تؤدي لدعم موارد عدم الاستقرار في المنطقة، وذلك رغم ضغوط السعودية لاستصدار قرارات عربية وأمريكية بإعلان الحزب "تنظيما إرهابيا.

غير أن تقرير "رويترز" كشف عن وثيقة سرية تتضمن توريط "التحالف الأمني للشرق الأوسط" في أنشطة لتحجيم النفوذين الصيني والروسي في المنطقة، وهو ما يمثل مشكلة حقيقية لمصر التي تعتمد على الصين كممول، بقدر ما تعتمد على روسيا كمصدر للسلاح والسياح.


المصادر:
[1] Editor, Fawzi makes another trip to Damascus, Intelligence Online, Oct 4. 2017. http://bit.ly/2LlRnkp
[2] Editor, Under secret Moscow-Cairo deal, first Egyptair passenger flights to Damascus, Aleppo, Debka File,  Dec 7, 2015. http://bit.ly/2IVb1Sl
[3] المحرر، تعاون استخباراتي مصري سوري لمكافحة الإرهاب، موقع "وكالة سبوتنيك الإخبارية" الروسية، 18 أكتوبر 2016. http://bit.ly/2GT0ovR
[4] MOHANAD HAGE ALI, Dangerous Liaisons, Carnegie Middle East Center, March 05, 2018. http://bit.ly/2LnJZos
[5] بافل جولوفكين، وكيل جهاز المخابرات المصرية الأسبق يكشف هدف زيارة المملوك إلى مصر، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 25 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2vDE2cc
[6] المحرر، ما حقيقة انسحاب مصر من مشاورات "الناتو العربي"؟ صحيفة "العربي الجديد" اللندنية، 11 أبريل 2019. http://tiny.cc/mpb55y
[7] المحرر، الجيش قرر والسيسي نفذ.. تعرّف على أسباب انسحاب مصر من الناتو العربي، موقع "عربي بوست"، 14 أبريل 2019. http://bit.ly/2JfilHQ
[8] Editor - Agencies, Iran welcomes Egypt's reported withdrawal from 'Arab NATO' plan, Al Jazira Net, April 11, 2019. http://tiny.cc/bdb55y
[9] Editor, Speculation about an Iran-Egypt rapprochement, Midde East Monitor "MEMO", February 26, 2019. http://bit.ly/2GQfdQY
[10] المحرر، مصر: سفينتان حربيتان إيرانيتان تعبران قناة السويس، موقع "بي بي سي العربي، 22 فبراير 2011. https://bbc.in/2ZIQFR5
[11] وكالات، سفينتان حربيتان إيرانيتان تعبران القناة «يُحتمل توجههما إلى الساحل السوري»، صحيفة "المصري اليوم"، 18 فبراير 2012. http://bit.ly/2GK4VQY
[12] المحرر، مصر.. دعوة روحاني لحضور حفل تنصيب السيسي، موقع قناة "العربية"، 3 يونيو 2014. http://bit.ly/2H27pLZ
[13] Steven A. Cook, Neither Shocked nor Awed: The Arab Reaction to the Iran Deal, Council on Foreign Relations, April 9, 2015. https://on.cfr.org/2vswjhg
[14] المحرر، مسؤول نفط إيراني: لا صحة لتقرير وكالة مهر بشأن لقاء بين وزير مصري ونظيره الإيراني في طهران اليوم، صحيفة "الأيام"، 7 نوفمبر 2016. http://bit.ly/2GLLEyv
[15] Editor, Oil minister: No objections to Iranian oil, Mada Masr, july 29, 2015. http://bit.ly/2L8mxLS
[16] وكالات، وزير خارجية مصر: لا مجال حالياً لإطلاق أي حوار مع إيران، صحيفة "الوسط" البحرينية، 12 مايو 2017. http://bit.ly/2PKW6e3
[17] شوقي محمود، شكري: لا نقبل تهديد إيران للخليج وعلى قطر تعديل سياساتها، صحيفة "السياسة" الكويتية، 4 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2Vb8Y2M
[18] مراسلون، مصر و"الناتو العربي".. انسحاب فعلي أم تحفظ؟ (تحليل)، وكالة "الأناضول" للأنباء، 16 أبريل 2019. http://bit.ly/2vDjqkB
[19] محمد محمود، 5 تسريبات منسوبة للسيسي ووزير خارجيته أبرزها يؤكد وجود "خلاف" مع السعودية، وكالة أنباء الأناضول، 1 فبراير 2017. http://bit.ly/2GFUMoE
[20] عرفة البنداري، لماذا فضلت مصر دعم بشار الأسد وأغضبت المملكة العربية السعودية؟ موقع "رصيف 22"، 20 نوفمبر 2016. http://bit.ly/2PNAbTw
[21] المحرر، بينها القصف الروسي.. هذه نقاط الخلاف المصري السعودي حول سورية، موقع قناة "الحرة" الأمريكية، 12 أكتوبر 2016. https://arbne.ws/2Lj36jD
[22] المحرر، بينها القصف الروسي.. هذه نقاط الخلاف المصري السعودي حول سورية، موقع قناة "الحرة" الأمريكية، 12 أكتوبر 2016. https://arbne.ws/2Lj36jD
[23] المحرر، العلاقات السعودية المصرية: شرخ أم أزمة عابرة؟، موقع "بي بي سي" العربي، 8 نوفمبر 2016. https://bbc.in/2Yb7fYB
[24] Editor, Egypt Reaches Agreement with Assad Regime to Bring Humanitarian Aid to Aleppo, Syrian Observer, October 21, 2016. http://bit.ly/2vElcBP
[25] المحرر، هل زيارة المملوك لمصر نتيجة لتوتر العلاقات بين القاهرة والرياض؟ موقع قناة "العالم" الإيرانية، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٦. http://bit.ly/2Jd7k9S
[26] محمد محمود، 5 تسريبات منسوبة للسيسي ووزير خارجيته أبرزها يؤكد وجود "خلاف" مع السعودية، وكالة أنباء الأناضول، 1 فبراير 2017. http://bit.ly/2GFUMoE
[27] المحرر، بينها القصف الروسي.. هذه نقاط الخلاف المصري السعودي حول سورية، موقع قناة "الحرة" الأمريكية، 12 أكتوبر 2016. https://arbne.ws/2Lj36jD
[28] المحرر، مصر تصدر توضيحا بشأن تصريحات "مجتزأة" لوزير خارجيتها عن سوريا، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 21 مارس 2019. http://bit.ly/2vz5JDa
[29] Bahauddin Foizee, Why Egypt Cannot Afford Warmer Relations with Iran, The International Policy Digest, DEC 2, 2018. http://bit.ly/2VyuNZA
[30] المحرر، الخلاف المصري السعودي.. بين الحقل والبيدر، موقع "الوقت" الإخباري، 5 أبريل 2015.  http://bit.ly/2GOMCtS
[31] محمد عبد اللاه، جامعة الدول العربية تصنف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، وكالة "رويترز" للأنباء، 11 مارس 2016. http://bit.ly/2JdE2Yx
[32] أشرف عبدالحميد، مصر.. دعوى قضائية لإدراج حزب الله "منظمة إرهابية"، موقع قناة "العربية" السعودية، 15 نوفمبر 2017. http://ara.tv/jxt7m
[33] وكالات، السيسي يرفض التدخل العسكري ضد إيران وحزب الله، موقع قناة "روسيا اليوم"، 8 نوفمبر 2017. http://bit.ly/2DOipun
[34] المحرر، الجبير يعلق على تصريح السيسي.. ويلفت: حزب الله اختطف لبنان، موقع "سي إن إن" العربي، 10 نوفمبر 2017. https://cnn.it/2PNLsDk
[35] TAMAR PILEGGI, Iran denies top general called Saudi, not Israel, its enemy, The Times of Israel, 15 March 2016. http://bit.ly/2GDaHUA
[36]TOI STAFF, France said to tell Lebanon: Israel won’t tolerate Iranian-backed missile plant, The Times of Israel, April 20, 2019. http://bit.ly/2GMnlRo
[37]TOI STAFF, Israel’s national security adviser to meet with Bolton for Iran talks, The Times of Israel, April 15, 2019. http://bit.ly/2ZzgvqK
[38] Amir Vahdat | AP, The washington Post, Report: Iran Guard monitors US aircraft carrier with drone, April 27, 2019. https://wapo.st/2vsXvwp
[39] المحرر، نصر الله: هناك ما تدبره دول خليجية مع إسرائيل وأمريكا بشأن "الحرب على لبنان"، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية، 2 مايو 2019. http://bit.ly/2vBXZQJ
[40] Editor, Satellite images show Iran missile factory in Syria destroyed by Israel air strikes, Middle East Monitor, April 15, 2019. http://bit.ly/2J6RDB0.
[41] Joseph Colonna, Syria's Cold War: Iran readies to strike Israel, Egypt Today, Apr. 19, 2018. http://bit.ly/2UHRMNq
[42] Editor, China: Egypt enhance Archaeological Cooperation under Belt & Road, Belt & Road News, April 15, 2019. http://bit.ly/2GEdHjE
[43]Editor, Russian consul general: Strong relations bind Egypt, Russia, Egypt Today, April 27, 2019. http://bit.ly/2UHEWPe
[44] عارف عبد البصير، الصين على ضفاف النيل.. لماذا يغازل السيسي سلاح بكين؟ موقع "ميدان"، 3 اكتوبر 2018. http://bit.ly/2Vqzdi3
[45] Editor, US: Don’t Green Light Egypt’s Repression, HRW Website, April 9, 2019. http://bit.ly/2voSYLv
[46] BRUNO MAÇÃES, THE COMING WARS.. Russia to China: Together we can rule the world, POLITICO, Febraury 17, 2019. https://politi.co/2vskDuW

الكلمات المفتاحية