"قطعنا أجنحة العصافير".. رواية فرنسية تحكي قصة وأد الثورة المصرية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة لوموند الفرنسية الضوء على رواية أصدرتها مراسلتها في مصر "ماريون جينار"، تحدثت فيها عن وقائع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، والتحديات التي مرت بها إلى أن وصلت إلى الوضع الحالي المرير.

وذكرت الصحيفة أن المؤلفة التي عاشت في مصر لمدة عشر سنوات، وغطت ثورة يناير، كشفت في روايتها "في الربيع.. قطعنا أجنحة العصافير" عن الذاكرة الجماعية للمتظاهرين في ميدان التحرير في مزج بين السياسة والعاطفة.

الصحفي الروائي

وأشارت الصحيفة إلى أن الصحفي عندما يصبح روائيا فإن الواقع غالبا ما يتفوق على الخيال، ورواية "في الربيع.. قطعنا أجنحة العصافير"، ليست استثناء من القاعدة وذلك أمر جيد.

واليوم وبعد أحد عشر عاما من الثورة، تعيد رواية جينار للذاكرة ذلك الزخم المكسور، وتلك الأحلام المكبوتة، من خلال رحلة عديد من شخصيات اخترعتها داخل روايتها.

من قبيل كوثر ابنة وأخت أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وهي في نفس الوقت ناشطة مؤيدة للديمقراطية.

ومريم، المحامية الباريسية التي ولدت لأبوين مصريين، والتي اختفت بين عشية وضحاها.

وكذلك أنطوان رفيق مريم الذي يذهب للبحث عنها بعد اختفائها دون سابق إنذار.

كما تذكر الرواية أشرف، وحليم، وأمل، وعمار.

وعمار بالمناسبة يذكرنا بفنان الشارع عمار أبو بكر الذي تزين أعماله غلاف هذه الرواية.

ويستحق واقع القاهرة، وفق الصحيفة، عملا أدبيا من طراز "رواية 1984" للبريطاني جورج أورويل.

ومن الممكن أن يأخذ في هذا العمل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مكانة الأخ الأكبر في رواية أورويل، فالواقع في الأخيرة ومصر العسكر عبارة عن حرب دائمة.

وحتى إذا لم تتمكن جينار من إنقاذ ذكريات تاريخية عن الحراك في ميدان التحرير من 25 يناير إلى 11 فبراير/ شباط 2011 (تاريخ تنحي حسني مبارك)، وما تلاه من وصول للرئيس المنتخب محمد مرسي إلى السلطة في يونيو/ حزيران 2012 ثم الإطاحة به على يد الجيش بعد ذلك بعام.

إلا أنها تمكنت من رسم الشخصيات التي تأثرت بعمق بفشل الثورة وعنف الدولة.

تلك الشخصيات المحرومة والمعزولة، التي تنحى البعض منها تحت نيران الديكتاتورية، في حين بقي الآخرون ينتظرون شرارة الثورة لتستيقظ من جديد.

وذلك شأن كوثر، التي قررت ذات يوم بيع جهاز التلفزيون خاصتها "لوضع حد لهذا الانهيار الذي لا يمكن السيطرة عليه بقيادة النظام".

وتكتب المؤلفة وتقول إن مريم "لن تسمح له (التلفزيون) بعد الآن بدخول غرفة معيشتهم أو التغلغل في رؤوسهم. لن تسكن صوره أحلامهم بعد الآن".

والتلفاز أداة دعاية الدولة، التي تستبدل التهديدات الإرهابية بالمثل الثورية وتطلعات الحرية وضرورات الأمن.

الاختفاء القسري

 وعن قضية الإخفاء القسري، ذكرت الصحيفة أن الرواية تتناول هذا الملف الذي يأخذ جانبا آخر، غير مرئي وملموس بشكل رهيب.

ويشرح حليم الأمر في الرواية، وهو ثائر تحول إلى مدافع عن حقوق الإنسان بالقول: "يختفي الناس وسط الشارع، وبعد العمل، وخلف بوابات المدرسة، وفي غرف معيشتهم".

ويضيف: "يتركون وراءهم إيماءة، كلمة معلقة، صرير باب، سيجارة مشتعلة، كتابا مفتوحا، زوجا، زوجة، أصدقاء، أطفالا".

ويؤكد: "هذا هو منطق الإخفاء، هو موجة ضخمة يبلغ ارتفاعها عدة أمتار دمرت أحلامنا وآمالنا، تقوض بصمت ما يخصنا، وتفصلنا عمن نحبهم، تأخذ كل شيء منا دون أن ندرك ذلك".

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم محو آثار الثورة حاليا من الأماكن العامة، وشهداء الثورة يغطي عليهم خطابات العسكر، ويتم إعادة صياغة الذاكرة الجماعية بشكل عميق كل يوم".

وهذه هي الذكرى التي تحاول جينار استعادتها، عبر تكريم الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قتله الأمن المصري، والمخرج والمصور شادي حبش الذي نكل به ومات بالسجن.

وكذلك هي تكريم لأولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة، الذين يواصلون، من خلال الفن والنشاط، نفخ رياح الربيع تحت نيران النظام المصري.

وكان قد أكد تقرير خاص بلجنة برلمانية إيطالية أن أجهزة الأمن المصرية مسؤولة عن خطف وتعذيب وقتل ريجيني عام 2016 في القاهرة، ورمي جثته المشوهة بعد أيام من ذلك في ضواحي القاهرة.

وكان ريجيني يجري أبحاثا عن النقابات العمالية المصرية وهي قضية سياسية حساسة للغاية، وأدت هذه القضية إلى تسميم العلاقات بين القاهرة وروما.

أما حبش فمات متسمما في سجن طرة المصري في 2020 بعد أكثر من عامين على اعتقاله بسبب مشاركته في إعداد أغنية سياسية ساخرة.

وتنتقد الأغنية السيسي وتشكك في جدوى سياساته ومشاريعه الاقتصادية.