"يني شفق": ما شكل تحالفات تركيا الدولية الجديدة؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب ترك يلماز، سلط فيه الضوء على الاتفاقيات الجديدة التي عقدتها تركيا، والمحور الجديد الذي بدأ يتشكل حديثا، مشيرا إلى أهمية الانتخابات المحلية في البلاد وتأثيرها في رسم مستقبل التحالفات الخارجية.

وقال ترك يلماز في مقاله: إن "الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس/آذار كانت مهمة للغاية، واتضح ذلك مع حلول المساء. على الرغم من أن اتفاق الجمهور قد حصلت على اثنين وخمسين في المائة من الأصوات، إلا أن الخسائر على مستوى المقاطعات والمقاطعات كانت أكثر بروزا، وهذه حالة طبيعية".

أهمية الانتخابات المحلية

وأكد الكاتب، أن "الانتخابات المحلية ونتائجها تعد مهمة جدا من حيث مقارنة نتائجها بنتائج الانتخابات العامة التي جرت في 7 يونيو/حزيران 2015 من حيث أوجه التشابه بينها وفهم مراحلها والجهات الفاعلة".

وتابع ترك يلماز: "المشكلة ليست كما يشاع أن تركيا تعيش حالة من التغيير، أو تخشاه حتى، هذا أصلا وضع لا يمكن إنكاره، حيث العالم كله يتغير من حولنا وليس فقط على الصعيد التركي، إذ أن الاشتباكات والتغيرات، والقوى العظمة تعد من أهم العناصر التي توضح معالم هذا التغيير".

وأوضح الكاتب، إنه "وضع لا تكون فيه الحياة السياسية في تركيا منفصلة عن السياق العالمي، ففي كل فترة تتعرض تركيا لتدخلات مختلفة من طرف الجهات والقوى العالمية التي ترغب في تحديد الأتراك وقراراتهم، ليكون القرار الناجم عن تركيا منسجما مع مصالحهم ليس العكس. وهذا الأمر ليس مقتصرا فقط على الانقلابات العسكرية، ثمة وسائل أخرى قد تكون أكثر نجاعة وأكثر تأثيرا".

وأضاف: "ولذا، فإن السعي لأن تكون تركيا ضمن هذا المحور أو ذاك لم يتوقف يوما ما. حيث سعت واشنطن ضم تركيا لأن لمحورها على يد الرئيس التركي سليمان دميرل".

يشار إلى أن سليمان دميرل هو سياسي تركي ورئيس تركيا التاسع من 1993 إلى 2000. وقبل ذلك شغل منصب رئيس الوزراء لخمس مرات من سنة 1965 إلى 1993. وكان زعيم حزب العدالة من سنة 1964 إلى 1980. ورئيس حزب الحزب الديمقراطي من 1987 إلى 1993.

وتابع الكاتب: "اليوم، نحن نفهم بشكل أفضل التغير الفعلي في المجموعات الدينية والسياسية والاقتصادية. منذ عام 2000 عندما حكم حزب العدالة والتنمية، كان من المجدي أن نفهم أن النقاش حول محور تركيا وفي أي محور سيكون سيغدو أكثر حساسية وأهمية من أي فترة سابقة. حيث لم تكن الولايات المتحدة ترغب بأي شكل من الإشكال أن تنفصل تركيا عنها وأن يكون لها محور جديد أو حتى أن يكون لها فلكها الخاص بها".

"تأخذ سياسات تركيا وقراراتها من اهتمام المواطنين الأتراك حيزا جيدا. كيف لا وهو الذي سيشكل مصير حياتهم لاحقا، ووفقا لنتائج الانتخابات التي جرت في 7 يونيو/حزيران 2017 وهي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا، وكذلك الانتخابات التي جرت في 31 مارس/آذار 2019 يمكن أن نتحدث عن تداخل واسع جدا بين هذين الحديثين الأبرزين في الفترة الحالية وليس تداخلا بسيطا"، بحسب الكاتب.

وأردف: "في ستينيات وسبعينات القرن الماضي لم تكن لتركيا ميول للانفصال عن المحور الذي كانت تدور معه وهو المحور الأمريكي بالتأكيد، لكن، نتحدث اليوم عن تحول المحور الذي أثر على العالم كله".

ووفقا للكاتب، فإن "العالم الجديد يشير في وسط آسيا إلى تغيير أكثر عمقا، وهنا فإن رغبة تركيا في رسم المسار الخاص بها في هذه الحالة تبدو عملية طبيعية جدا. في سنوات الحرب الباردة، شكلت الانقلابات العسكرية بيئة سياسية جديدة وتشكيل محاور جديدة. وكان على وجه الخصوص انقلاب 28 فبراير/شباط، لا يشبه الانقلابات العسكرية الكلاسيكية. لقد تضمن المحاذير الدينية والسياسية والعرقية والاقتصادية في العملية وهو ما كان يطلق عليه انقلاب ما بعد الحداثة".

أهداف حزب العدالة

وأشار ترك يلماز إلى أن "الهدف الأول لحكومة العدالة والتنمية بعدها كان هو وجود مساحة أقل للعسكر التركي في الحياة السياسية"، وهنا يتساءل الكاتب: "هل كان ذلك يشير إلى تغيير تكتيكي أم تغيير جذري في الهوية المؤسسية للجيش؟ وهنا لم يكن لمنظمة فتح الله غولن أي تدخل مفهوم أو واضح حتى تلك اللحظة. ومع ذلك، فإن تحول الجماعات السياسية والدينية والاقتصادية والعرقية إلى وسيلة للتدخل في هذه الفترة كان مؤشرا هاما على موقع الجيش".

واستطرد قائلا: "في الحقبة الجديدة، كان من المفهوم أن الجيش لن يكون وسيلة مؤسسية للتدخل. لقد كنا شهودا حول الصراع العنيف بين العالمية وأدعيائها وبين القومية وأدعيائها في تلك الفترة، تلك المرحلة الجديدة التي بدأتها تركيا منذ زمن".

وواصل حديثه، بأنه "كان من الواضح أن أردوغان في الانتخابات التي جرت في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، قد فاز وحقق نجاحا منقطع النظير، لذا، فقد أظهر التغيير الخطير في الأصوات في مثل هذا الوقت القصير مدى الحصار المفروض على الإرادة الانتخابية".

وأضاف: إن "هذا الأمر أي التغيير الكبير في مسار الأصوات، يعطي فكرة عن تأثير المحور الأمريكي والأوروبي، بما في ذلك منظمة فتح الله غولن والتي كانت فاعلة في ذلك الوقت. وبالمثل، من حيث ردة الفعل تجاه تركيا، لم تكن ضعيفة. وكان لنتائج الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني عواقب وخيمة على الاتجاهات الجديدة في الحياة السياسية التركية".

يذكر أن تركيا شهدت، في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 انتخابات برلمانية مبكرة، انتهت بفوز حزب العدالة والتنمية وحصوله على نسبة 49.49 بالمئة، ليتمكن من تشكيل الحكومة منفردا. بعد حصوله على 317 مقعدا في البرلمان التركي، من أصل 550. وهو ما عجز الحزب عن تحقيقه في الانتخابات التي تلتها في 7 يونيو/حزيران الماضي.

ومضى الكاتب يقول: إن "التحالفات التي عقدت في 2015 مازالت مستمرة حتى يومنا هذا، وأدت المناقشات التي جرت للوصول إلى قرار بإعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول ما جعل هذه التحالفات أكثر وضوحا وبالتأكيد ستكون نتائج الانتخابات مؤشرا هاما للغاية، حيث ستحدد محور تركيا من خلال هذه الانتخابات".

في هذا الصدد، شدد الكاتب على ضرورة أن "نولي الاهتمام للتدخل في صناديق الاقتراع. أولئك الذين لا يستطيعون تغيير إرادة الناخبين عن طريق الحصار وأدواته الثقيلة، يريدون تغيير تركيا وإرادتها عن طريق صناديق الانتخابات".

ويختم الكاتب مقاله، بالقول: "لقد كان قرار تجديد الانتخابات في غاية الأهمية من هذه الناحية فسوف نرى النتائج في 23 يونيو/حزيران".