عصام شموط.. رجل أعمال سوري سخر شركة طيرانه للتغطية على انتهاكات الأسد

مصعب المجبل | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

وراء ستار شركاته، بقي رجل الأعمال البارز محمد عصام شموط وهو أقوى شركاء رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، يتحرك تحت ظل مخلوف حتى الإطاحة بالأخير من قبل الأسد عام 2020.

لكن شموط استطاع أن يحني رأسه لعاصفة النظام، حينما قرر سيداه بشار وزوجته أسماء، تغريم كبار رجال الأعمال المقربين من النظام حصصا من ثروتهم التي جنوها على مدى عقد من الزمن عبر التهرب الضريبي.

طبقت الخطة جديدة آنذاك بحذافيرها دونما اعتراض من أحد، سوى من رامي مخلوف خازن ذلك القصر، الذي أصبح بين ليلة وضحاها خارج الأسوار المالية لعائلة الأسد.

كان شركاء مخلوف كثرا، ممن انشقوا عنه وانبطحوا للعبة الاقتصاد الجديد، ومنهم محمد عصام شموط (50 عاما)، الذي لم يكن مستثمرا سهلا بل ينتمي لعائلة تجارية أسست منذ عام 1965 مجموعة "شموط التجارية".

ونشطت منذ ذلك الحين بمجال الشحن والاستيراد والتصدير، وتوسعت أنشطتها لاستيراد الحديد والسيارات، وتشييد مصانع للأنابيب والأبراج الكهربائية.

دعم الأسد

ولد محمد عصام شموط في العاصمة دمشق عام 1971، وهو شريك مؤسس في "شركة شموط موتورز" وفي "شركة نورال لصناعة الألمنيوم"، وشركة "سكاي بلو بيرد" ومقرها في دبي.

كما يعد مديرا وشريكا مؤسسا في "شركة أجنحة الشام" الخاصة للطيران، والتي بدأت أولى رحلاتها عام 2007، وتصفها وسائل إعلام النظام بالناقل الوطني الثاني، بالإضافة إلى مؤسسة الطيران السورية الحكومية.

ووفقا لموقع "مع العدالة" السوري، فإن شموط قام بمساعدة نظام الأسد منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 على الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليه وخاصة في مجال الطيران الحكومي.

ومثلت "أجنحة الشام" البديل الأمثل للتغطية على الأنشطة العسكرية والانتهاكات التي ارتكبها النظام، إذ عمدت الشركة إلى نقل معدات لوجستية وأسلحة وذخائر عسكرية من إيران.

وكذلك لعبت "أجنحة الشام" دورا كبيرا في نقل عناصر من الحرس الثوري الإيراني إلى سوريا؛ للمشاركة في العمليات القتالية، وذلك من خلال تسيير رحلات إلى مطار النجف العراقي بشكل شبه يومي، لنقل عناصر المليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية إلى سوريا.

وفي عام 2016، أبرمت "أجنحة الشام" اتفاق تعاون مع شركة "ماهان" للطيران والتابعة للحرس الثوري، وذلك رغم إدراجها على لائحة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية عام 2011، وتشديد العقوبات عليها عام 2016.

وعمد "شموط" إلى مساعدة "ماهان" في شراء 9 طائرات، ثمان منها من نوع إيرباص A340، وطائرة إيرباص من نوع A320، ما دفع بالسلطات الأميركية لإدراج شركة "سكاي بلو بيرد" للطيران التي يرأسها شموط وتتخذ من دبي مقرا لها على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية عام 2015.

ذراع روسي

لقد عاد اسم "محمد عصام شموط" للظهور بقوة أخيرا على الساحة السورية، بعد تأكد تورط "أجنحة الشام" التي يملكها وشقيقه محمد أنور، في قضية نقل مئات اللاجئين السوريين من العاصمة دمشق إلى مطار مينسك في بيلاروسيا لزجهم على حدود بولندا وليتوانيا.

واستخدمت طائرات "أجنحة الشام" ضمن ما عرف بـ"الحرب الهجينة" في محاولة الضغط المقصودة ضد الاتحاد الأوروبي من قبل الرئيس الروسي فلادمير بوتين وحليفه البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو الذي يحكم بيد من حديد منذ 1994.

ويتهم الاتحاد الأوروبي لوكاشنكو بتنظيم تدفق آلاف اللاجئين إلى الحدود المذكورة، بسبب عدم اعتراف أوروبا بإعادة انتخابه، لذا لجأ إلى هذه الخطة باستخدام ورقة اللاجئين الذي ساعده فيها النظام السوري بهدف الانتقام من العقوبات المفروضة على بيلاروسيا بسبب قمعه المستمر للمعارضة منذ 2020.

وسبق أن ورد اسم شركة "أجنحة الشام"، وصاحبيها الشقيقين شموط، في تهم فساد وتهرب من سداد ديون، تقول حكومة الأسد إن التهرب منها يحرم الخزينة العامة للدولة مليارات الليرات.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، قررت وزارة النقل إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لشموط، وذلك جراء عدم تسديد الديون المترتبة عليهم لصالح "مؤسسة الطيران العربية السورية" وقيمتها 14.5 مليون دولار.

وخرج شموط الذي قيل إنه واجهة لمخلوف، واعتبر أن الحجز إجراء روتينيا يتعلق بمطالبة مالية معلقة أو قيد المعالجة، وأكد أن المبالغ التي تطالب بها وزارة النقل ليست ضرائب ورسوما وإنما هي أجور خدمات وتشغيل لصالح "المؤسسة العربية للطيران السورية".

وكانت هذه الحركة من شموط أكبر دليل على أنه يريد البقاء ضمن المنظومة المالية الجديدة، التي شعر أنها تريد أن تطيح بغطائه الرسمي مخلوف، وهذا ما حصل بالفعل.

وواصل شموط ثباته في السوق السورية ملبيا طلبات البديل لمخلوف وهو "يسار إبراهيم"، الشخص القادم من ردهات قصر النظام، وبتعيين مباشر من أسماء الأسد، بهدف ضبط "اقتصاد الحرب" وجعله يدار من غرفة واحدة.

وكانت أولى "إنجازات" يسار إبراهيم هي حصوله على 40 بالمئة من حصة "أجنحة الشام" العائدة لعائلة "شموط" والتي تمتلك أربع طائرات مدنية تعمل بمطار دمشق الدولي.

ولطالما رفض أبناء "شموط" مشاركة أحد في شركتهم لكن "إبراهيم" احتال عليهم بعد أن أصدرت وزارة النقل، قرارا بمنع بقاء أي طائرة على أرض المطار أكثر من ساعة وكل وقت إضافي ستدفع الشركة مصاريف إقامة بما يعرضها لخسائر كبيرة.

وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2021، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركة "أجنحة الشام"، بسبب دورها في نقل اللاجئين السوريين بين دمشق ومينسك، عبر تسيير العديد من الرحلات الجوية منذ مطلع عام 2021.

حضن إماراتي

وحاليا يصر شموط على التوسع الدولي للشركة انطلاقا من الإمارات، إذ افتتحت "أجنحة الشام" عددا من الخطوط الجديدة أخيرا، كما تأمل الشركة في تسيير رحلات إلى مدينة فرانكفورت الألمانية، رغم العقوبات الأوروبية.

ووفقا لمجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، في تقرير نشرته بتاريخ 27 يونيو/حزيران 2020، فإن "أجنحة الشام التي تشتهر بكونها مملوكة لرامي مخلوف، يرأسها رسميا رجل الأعمال السوري عصام شموط".

ويتمتع شموط بعلاقات وثيقة في الإمارات، حيث يقضي جزءا من وقته هناك.

ويصمم شموط على جعل "أجنحة الشام" واحدة من الشركات الرائدة في سوريا على الصعيد الدولي، وذلك بمساعدة أصدقائه في الإمارات، ولا سيما أن الشركة شاركت في الجناح السوري لمعرض إكسبو 2020 في دبي الذي انطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

كما شاركت في رعاية برنامج الغذاء العالمي (WFP)، والمعرض العالمي الثالث عشر للطيران الإنساني في دبي بين 26 و28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، رغم العقوبات المفروضة عليها والتقارير التي تأكد بأنها تقدم الدعم للمليشيات التابعة للأسد.

وعملت "أجنحة الشام" مع برنامج الغذاء العالمي وكيانات أخرى تابعة للأمم المتحدة، وتعهدت بـ"إيجاد حلول لنقل المساعدات الإنسانية بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي".

 كما افتتحت الشركة خطين جديدين، إلى أبو ظبي في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وإلى مدينة كراتشي الباكستانية في 15 ديسمبر/كانون الأول 2021.

ونجح شموط في التعامل مع منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، في 6 يناير/كانون الثاني 2020، عبر نقل "أجنحة الشام" 16 طنا من الأدوية والإمدادات والمعدات الطبية من مستودعات المنظمة في مدينة دبي الإماراتية إلى بنغازي الليبية.

وتؤكد مواقع سورية معارضة أن "أجنحة الشام"، ساهمت في نقل المرتزقة السوريين ومقاتلي شركة "فاغنر" الروسية الخاصة، من مطار حميميم الجوي في ريف اللاذقية للقتال في ليبيا إلى جانب مليشيا خليفة حفتر المتهم بارتكاب جرائم حرب ضد الليبيين.

وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأميركية، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2016، فإن رحلات أجنحة الشام" من دمشق إلى دبي كانت إحدى الطرق الرئيسة التي استخدمتها المخابرات العسكرية السورية لغسل الأموال في جميع أنحاء المنطقة.