أويل برايس: هكذا تسيطر روسيا على نفط العراق وسوريا

12

طباعة

مشاركة

رصدت مواقع عدة ملامح الإستراتيجية الروسية للهيمنة على قطاعات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة العراق وسوريا. وأشار موقع "أويل برايس" الأمريكي إلى وجود معركة كبيرة للسيطرة على النفط العراقي بين قوى عدة، لكن روسيا تحقق أفضل التائج فيها حتى الآن. ولفت إلى أن العراق يعتبر رفض الولايات المتحدة تمديد الإعفاءات للدول المستوردة للنفط من إيران بمثابة تأييد ضمني له كي يضخ نفطه إلى أقصى حد.

وأوضح التقرير أنه برغم موافقة وزارة النفط العراقية على شروط أولية مع شركتي "إكسون موبيل" و"بترو تشاينا" لبدء مشروع الجنوب المتكامل "سي اي بي"، وهو مشروع مهم للبنية التحتية من شأنه أن يؤدي إلى درجة ما من زيادة الإنتاج، إلا أن مصدرا عراقيا لفت إلى أن هذه الصفقة غير مؤكدة، مضيفا: "الصفقة لا تتضمن بالضرورة عقد مشروع الإمداد بمياه البحر الشامل (سي اس اس بي)".

سيطرة روسيا

وبين "أويل برايس" أن هذا المشروع يشتمل على أخذ ومعالجة مياه البحر من الخليج العربي ثم نقلها إلى منشآت إنتاج النفط من أجل استخدامها لحقن المياه لزيادة الضغط في حقول النفط "الأربعة الكبار" في جنوب العراق: الرميلة والمجنون والزبير وغرب القرنة.

ويعتبر "سي اس اس بي" من قبل التجار والمحللين والسياسيين على حد سواء بمثابة المفتاح لإطلاق كل إمكانات النفط الهائلة في العراق، كي ينتج بحسب وكالة الطاقة الدولية 12 مليون برميل يوميا.

وأشار الموقع إلى أن روسيا التي ترغب في تعزيز موقعها في جنوب العراق، كانت تمكنت من السيطرة عبر وكيلتها "روزنفط" على صناعة النفط والغاز العراقية في الشمال، من خلال صفقة أبرمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 مع حكومة إقليم كردستان.

وتابع تقرير الموقع "في الأسبوع الماضي، أصدرت الشركة الروسية تعليماتها لأداتها الرئيسية في المنطقة - لوك أويل - لزيادة وتيرة تطوير حقل نفط القرنة 2 العملاق بشكل كبير، وتمتلك فيه حصة 75 ٪، بينما تمتلك الحكومة العراقية النسبة المتبقية من شركة نفط الشمال".

وذكر "أويل برايس" وجود ضغط سياسي هائل من الكرملين من أجل أن تحافظ شركات النفط الروسية على وجودها في جميع أنحاء العراق، بل والتوسع، في ضوء التحركات الأخيرة من قبل الشركات الأمريكية لإعادة تأسيس الوجود الأمريكي في جميع أنحاء البلاد، بحسب تصريح المصدر العراقي للموقع.

وأضاف المصدر، أن "روسيا تنظر للخطوات التي تتخذها الشركات الأمريكية في العراق بأنها تشبه الطريقة التي استخدم بها البريطانيون شركة الهند الشرقية لتعزيز قبضتهم الاقتصادية والسياسية على الهند".

وأردف الموقع: "كانت هذه الزيادة في الضغط نتيجة للاجتماع الأخير بين المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، ورئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي. وحضر هذا الاجتماع ممثلون كبار للسلطة الحقيقية في العراق، منهم رجل الدين مقتدى الصدر".

ونقل الموقع عن المصدر العراقي قوله: "سياسة الصدر هي اللعب بكل الأطراف ضد بعضها البعض، حيث أبرم صفقة مع إيران مؤخرًا لتنمية حقول النفط المشتركة مع السماح أيضًا بمشاركة شركة (إكسون موبيل) في مشروع الجنوب المتكامل (اس اي بي)، وتشجيع روسيا على زيادة وجودها في حقول النفط". وأضاف أنه بهذه الطريقة، يعتقد أنه سيحصل على الأفضل من كل منهما، وسوف يفي بوعده الانتخابي بعدم السماح للعراق بأن يصبح معتمداً على أي دولة واحدة مرة أخرى.

المنافسة الأمريكية

وأردف التقرير، حتى الآن، كان التقدم الواضح الذي حققته شركة "لوك أويل" متفاوتا، إذ استغرق الأمر وقتًا أطول مما توقعت الحكومة أن تصل إليه المرحلة الأولى، خاصة في ضوء الجيولوجيا السهلة نسبيًا المرتبطة بالحقل.

ومضى يقول: "على وجه التحديد، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تبلغ تكلفة التشغيل للبرميل في غرب القرنة 2 مبلغ دولارين للبرميل. ويشمل ذلك جميع النفقات التي تكبدها المشغل خلال عمليات الإنتاج اليومية، لكنه لا يشمل الضرائب أو الرسوم التي تفرضها الحكومة بالإضافة إلى التعويضات الأخرى للمشغل. التكلفة الرأسمالية لتطوير غرب القرنة 2 هي أيضًا منخفضة نسبيًا ، إذ تقدر بـ 7000-12000 دولار أمريكي للبرميل".

وبالنظر إلى هذه المعايير منخفضة التكلفة للغاية، بحسب التقرير، فإن أجر شركة "لوك أويل" للبرميل البالغة 1.15 دولار أمريكي تبدو مبررة. ومع ذلك، فقد تسبب هذا المعدل في خلافات مستمرة بين الحكومة في بغداد و"لوك أويل"، لأنها أدنى نسبة لأي تطوير حقل بهامش ما. وكان الأدنى التالي هو موافقة شل على تطوير حقل مجنون بقيمة 1.39 دولار أمريكي للبرميل، الذي انسحبت منه الآن.

وعلى النقيض المباشر، ولا سيما بالنسبة لشركة "لوك أويل"، فإن العقد الأصلي لشركة "إيكسون" لتطوير منطقة غرب القرنة المجاورة -مع نفس الجيولوجيا بالضبط- كان 1.90 دولار أمريكي لكل برميل.

وبحسب التقرير، جاء أحدث خلاف في أواخر العام الماضي، ووفقًا لأحد المصادر، اكتشفت وزارة النفط العراقية أن روسيا لم تصل إنتاجًا يبلغ 650 ألف برميل يوميًا فقط على امتداد فترات طويلة مختلفة في الشهرين السابقين، ولكن أيضًا كان يمكنها الحفاظ على إنتاج ما لا يقل عن 635 ألف برميلًا في اليوم؛ لكنها اختارت عدم القيام بذلك بسبب انخفاض معدل الأجر للبرميل.

وتابع مصدر الموقع قائلا: إنه "في هذه المرحلة، ونظراً لعدم وجود شركات نفط دولية أخرى ترغب في المشاركة بمعدل منخفض، وافقت وزارة النفط على تمديد الإطار الزمني للعقد إلى 25-30 سنة، مما يقلل فعليًا من التكلفة اليومية لرأس المال لكل برميل يتم استخراجه ويتيح لشركة لوك أويل خيار زيادة حصتها من 75٪ إلى 80٪ حاليًا".

وأضاف أنه "بالمقابل، وافقت شركة لوك اويل على استثمار 1.4 مليار دولار أمريكي إضافي على المدى القصير و3.6 مليار دولار أمريكي إضافية، اعتمادًا على المتغيرات بما في ذلك حصص أوبك ومستويات تصدير إيران ومواصلة تطوير الطاقة التصديرية في الجنوب".

وبحسب التقرير، فإنه رغم تشجيع "إكسون موبيل" الأمريكية على زيادة وتيرتها في مجال التطوير بعد مغادرة شركة "شل"، بحوافز مختلفة، فيما يخص الإنتاج من حقل غرب القرنة 1،  إلا أنه لم يتحقق أي تقدم في هذا المجال، مع عدم وجود علامات تقدم في الأفق.

ولفت "أويل برايس" إلى أن تحقيق إنتاج يبلغ 2.825 مليون برميل يوميًا في غرب القرنة 1 و1.8 مليون برميل يوميًا من غرب القرنة 2 أمر حيوي للغاية لخطط العراق طويلة الأجل للتغلب على السعودية كأكبر منتج للنفط في العالم، وهي خطط يستطيع تنفيذها.

ونقل عن المصدر قوله: "إذا لم تحقق شركة إكسون تقدمًا حقيقيًا قريبًا، فسوف تقدم وزارة النفط الحقل لشركة أخرى، ربما (لوك أويل) إذا كانت قد حققت نتائج جيدة في غرب القرنة 2. وسيكون هذا بمثابة تقدم رئيسي في سياسة روسيا المتمثلة في تعزيز وجودها في المنطقتين الرئيسيتين في قوس القوة الشيعي الذي يمتد من سوريا في الشمال، عبر العراق ثم إيران، ثم إلى اليمن في الجنوب".

مصالح في سوريا

ومن جهتها، قالت مجلة "انترناشيونال بوليسي دايجست"، المتخصصة في الشؤون الدولية، إن الحملة الأمريكية لتشديد العقوبات على إيران تمنح موسكو فرصة كبيرة في تعزيز إستراتيجية الطاقة الخاصة بها في شرق البحر المتوسط وشمال إفريقيا. وتابعت في تقرير لها، أن "العقوبات الأمريكية على طهران تسببت في قطع خطوط الإمداد بالخام التي كانت توفرها إيران لسوريا للحفاظ على نظام الأسد".

ولفتت المجلة إلى أن العقوبات على إيران أدت إلى نقص حاد في الوقود في حلب ودمشق ومدن رئيسية أخرى، خاصة مع انخفاض الإنتاج المحلي الخاضع لسيطرة الحكومة السورية من  380 ألف برميل في اليوم إلى 24 ألف برميل في اليوم.

ومضت قائلة: "كانت إيران تقدم لدمشق خطوط ائتمان لصادراتها النفطية، لكن الواردات من إيران توقفت فجأة هذا العام، تاركة دمشق دون أي بدائل لتوفير ما يقرب من 100 ألف برميل من الطلب المحلي".

ونوه التقرير بأن ذلك يدفع نظام الأسد إلى الاعتماد على حليفته روسيا الغنية بالنفط. وأوضح أن هذه الحاجة السورية للطاقة تمثل فرصة لمصالح الطاقة الخاصة بروسيا، مضيفا: "كمنصة للطاقة، تعد سوريا ضرورية لتطوير شبكات الطاقة الموجودة حاليًا في روسيا. وهذا الاتجاه واضح من اليونان إلى قبرص، ومن لبنان إلى إسرائيل، ومن مصر إلى المغرب". وتابع التقرير أنه "من الناحية الاقتصادية، كما تتعرض إيران لضغوط من أمريكا بفرض عقوبات صارمة، فإن روسيا تعاني من نفس المشكلة".

وأوضح أن هذا العامل يربط بين موسكو ودمشق في ساحة الطاقة الناشئة في شرق البحر المتوسط، مضيفا: "تتيح عقود إيجار مدتها 49 عامًا لميناء طرطوس السوري، والاستخدام غير المحدود لقاعدة الحميميم الجوية، لروسيا القدرة على حماية البنية التحتية الحالية والناشئة للطاقة، ومعظمها يقع في البحر في حقول ليفياثان وظهر في شرق البحر المتوسط".

وبحسب التقرير، فإنه يمكن لروسيا من سوريا عمل محور عبر بقية البحر المتوسط ومضيق جبل طارق باستخدام سلسلة من اتفاقيات الوصول إلى الموانئ والمطارات. وأوضحت المجلة أنه من سوريا يمكن لروسيا إبراز نفوذها بالأصول البحرية والجوية بطريقة تعرقل الملاحة لحماية المصالح الوطنية بموجب مفهوم السيادة الروسية. لكن أولاً وقبل كل شيء، تحتاج روسيا إلى دعم متطلبات الطاقة السورية.