احتجاجات شح المياه.. هل تعيد إيران إلى الخطة المشتركة للبرنامج النووي؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت مجلة إيطالية أن ما يحدث في بعض المحافظات الإيرانية من احتجاجات على خلفية أزمة الجفاف يمثل استياء داخليا متزايدا تواجهه البلاد.

وقالت مجلة "فورميكي" إن أزمة شح المياه تعد نموذجا لمدى أهمية معالجة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لهذه المشاكل.

وتطرقت إلى اختيار رئيسي للبراغماتية فيما يتعلق بملف السياسة الخارجية الأبرز، أي خطة العمل الشاملة المشتركة للبرنامج النووي الإيراني، وذلك بغاية الحصول على أموال من إلغاء العقوبات الأميركية.

احتجاجات الجفاف

أدى جفاف نهر "زيانده رود" وأزمة شح المياه اللاحقة إلى موجة جديدة من الاحتجاجات في إيران منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

إذ خرج عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع في الأيام الأخيرة بمدينة أصفهان، وسط البلاد، على بعد حوالي 300 كيلومتر من طهران. 

ذكرت المجلة أن رد فعل الحكومة كان في البداية مقتصرا على اتخاذ  إجراءات مضادة تقييدية دأبت على تبنيها في هذه المواقف وأبرزها قطع شبكة الإنترنت. 

بحسب فورميكي، الهدف من هذا الإجراء ذو شقين، من ناحية، يحول دون توسع رقعة الاحتجاجات وإمكانية اندلاعها في أماكن أخرى تشهد مشاكل ذات صلة. 

ومن ناحية أخرى، حجب ما يحدث يخدم القدرة على التدخل بقوة قمعية أكبر دون أن تنتشر الصور وتصبح علنية وعالمية.

استمر الاحتجاج على أزمة المياه لفترة طويلة، على عدة موجات يؤجهها استياء عام من جزء من الشعب الإيراني، الذي ينتقد نظام المصالح الملتحف بغطاء مؤسسات وسلطات الدولة، وفق تعبير المجلة. 

وغالبا ما كانت ترفع لافتات وشعارات ضد المرشد الأعلى علي خامنئي وأخرى تنتقد الحرس الثوري. 

تشرح المجلة أن الجفاف مشكلة كبيرة يعزوها سكان المنطقة إلى القرارات التي اتخذتها السلطات لصالح الحرس الثوري، المتهم بالفساد لسنوات، وتنفيذ مشاريع فقط لمصالحه الخاصة في جميع مناطق البلاد.

بهذا الصدد، ذكرت أن الظروف البيئية ساءت في عام 2018، بخوزستان أيضا بسبب استمرار بناء السدود. 

وفي السنوات الأربعين الماضية في المقاطعة الجنوبية المطلة على الخليج العربي، جرى بناء أكثر من عشرة حواجز نهرية، أغلبها أنجزتها شركات ترتبط بالحرس الثوري. 

وخلال شهر أغسطس/آب، شهدت المنطقة المهمة للغاية لأنها غنية بالنفط، على الرغم من كونها أفقر المناطق في إيران، احتجاجات جرى قمعها من قبل السلطات. 

وكان المحتجون  قد اتهموا السلطة المركزية بتشييد البنى التحتية على أراضيهم لاستغلال الموارد لصالح مناطق وشركات مرتبطة بالنفوذ السياسي والديني والاقتصادي حول المرشد.

أشارت المجلة إلى أن مشكلة الجفاف مستمرة منذ عقود وتفاقمت أيضا بسبب تغير المناخ،  كما أضيفت إليها صعوبات أخرى يعاني منها المجتمع الإيراني الذي يلقي باللوم على النظام لسوء إدارة هذه المشاكل.

البيئة والديمقراطية

وخلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، قالت المجلة إن دعاية ظهرت حول القرار الذي أصدر بموجبه إبراهيم رئيسي تعليماته لمدير مركز الدراسات الإستراتيجية ببدء الدراسات العلمية لإنقاذ نهر زاينده رود، الذي أصبح جافا تماما الآن.

لاحظت فورميكي أن هذه الاحتجاجات تتمحور حول البيئة واستغلال الإقليم، دون أن ترتبط بشكل خاص بمطالب تتعلق بالديمقراطية، على الرغم من أن الخطاب حولها غالبا ما يذهب في هذا الاتجاه، ولهذا السبب تتسم بالأهمية وجديرة بالمتابعة.

بحسب المجلة، تندرج هذه الاحتجاجات في الواقع بسلسلة من الانتفاضات في إيران التي تتجاوز بكثير "المشتبه بهم المعتادين" في المناطق الحضرية المناهضة للنظام، لتشير إلى حقيقة أن سلطة رئيسي تشكو مشاكل واسعة النطاق وشائكة. 

واعتبرت أن نظام الرئيس الحالي مطالب بإنقاذ الميثاق الاجتماعي الذي يربطه بالمواطنين الإيرانيين. وأفادت بأن هذا مهم للغاية إذ ما جرى ربط المستوى المحلي بالدولي. 

وتابعت بالقول إن تداخل الأزمات الداخلية واسعة النطاق إلى حد ما يدفع الرئيس المحافظ رئيسي نحو البراغماتية في ملف السياسة الخارجية الأهم لطهران.

 وهو خطة العمل المشتركة الشاملة خاصة في ضوء استئناف المفاوضات (مع القوى الدولية) 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021. 

ونوهت فورميكي بأن إعادة صياغة محتملة لاتفاق البرنامج النووي الإيراني من شأنه في الواقع، بعد عودة طهران إلى الامتثال، رفع الكثير من العقوبات الأميركية خصوصا وأن طهران بحاجة إلى أموال للاستثمار في البلاد ومعالجة المشاكل الداخلية.

في الوقت الحالي، الطريق الوحيد لطهران للاستفادة من هذه البطاقات الاقتصادية هو العودة إلى الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة، لأن الشريكين الرئيسين، روسيا والصين، يدفعان أيضا في هذا الاتجاه، تشير المجلة الإيطالية.

على الرغم من أن القوتين المنافستين للولايات المتحدة يمكن أن تستخدم "الميادين الهجينة" للمفاوضات الجارية حول الاتفاق لعرقلة المصالح الأميركية، إلا أن هذا هدف تكتيكي قصير المدى، وفق تعبير المجلة.

من الناحية الإستراتيجية، تهتم كل من موسكو وبكين باستقرار كبير، وذلك لإبقاء طهران على اتصال بمحيطها الخاص، دون إزعاج الشركاء مثل دول الخليج وإسرائيل ولمنع نمو الاستياء الشعبي وهو ما من شأنه أن يتسبب في زعزعة الاستقرار في البلاد.