محاولة لـ"شرعنة" الانقلاب.. رفض سوداني للاتفاق السياسي بين حمدوك والبرهان

12

طباعة

مشاركة

بمعزل عن الحاضنة السياسية وبعد قرابة شهر من انقلاب قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان على السلطة المدنية بالبلاد في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعاد العسكر تحت ضغوط دولية، عبدالله حمدوك رئيس الوزراء المعزول، رئيسا لحكومة جديدة تقود الفترة الانتقالية.

ووقع حمدوك والبرهان، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، اتفاقا سياسيا، حضر مراسمه قيادات عسكرية وسياسية محسوبة على نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، متجاهلين رأي الشارع وهتافهم المطالب بإنهاء حكم العسكر.

وتضمن الاتفاق 14 بندا، أبرزها "شراكة بين المدنيين والعسكريين هي الضامن لاستقرار وأمن السودان، وإجراء تحقيق في أحداث وقعت أثناء التظاهرات من وفيات وإصابات للمدنيين والعسكريين، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين".

غير أن ناشطين أفادوا بأن السلطات السودانية رفضت الإفراج عن معتقلين، بعضهم من قيادات إعلان الحرية والتغيير، بحجة أن لهم قضايا أمن دولة وجرائم موجهة ضد الدولة وإهانة الجيش، مؤكدين أنهم لن يغفروا الانقلاب والمجازر التي وقعت على خلفيته دون عقاب.

وحملوا عبر مشاركتهم في وسوم عدة، في مقدمتها #مليونية25نوفمبر، #حمدوك، #البرهان، #الاتفاق_السياسي، البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي" مسؤولية قتل الأبرياء من أبناء الشعب السوداني، داعين إلى محاكمتهما ورفض أن يكونوا جزءا من أي اتفاق سياسي.

كما أعلن ناشطون رفضهم للاتفاق الموقع بين البرهان وحمدوك، وعدوه لعبة سياسية من العسكر لامتصاص غضب الشارع المستمر في ثورته ورفضه للانقلاب، متهمين حمدوك بالرضوخ للعسكر دون الالتفات لرأي الشارع ومطالبه.

ورأى آخرون أن حمدوك خذل الشعب السوداني وتواطأ مع البرهان والفلول لتمرير الانقلاب على قوى ثورة ديسمبر المجيدة (19 ديسمبر/كانون الأول 2018)، مؤكدين أن خط الشارع سيواصل تركيزه على مطلبه الرئيس المتمثل في إنهاء حكم العسكر.

كذلك دعوا إلى الخروج في مليونية جديدة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، رفضا للاتفاق ومواصلة الحراك الثوري إلى أن تتحقق كل مطالب الثورة المتمثلة في إزاحة العسكر والفلول والحركات المسلحة.

رفض الاتفاق

الناشط الحقوقي أبا ذر حسن، رأى أن حمدوك بتوقيعه ذلك الإعلان غير المعترف به من قبل الشارع، شرعن الانقلاب للمجتمع الدولي، وهو ما كان يحتاجه الانقلابيون لمخاطبة المؤسسات الدولية وقد نجحوا في ذلك، يتبقى شرعية الشارع التي ستسقطهم جميعا.

من جانبه، قال محمد حمدان الله إن حمدوك بتوقيعه أصبح رئيس وزراء حكومة أحزاب الحوار الوطني (أحزاب الفكة، غالبيتها غير ثورية) والحركات المسلحة واعتصام القصر وشراكة المكون العسكري، مع استبعاد قوى الثورة الحقيقية الممثلة في الثوار والحرية والتغيير وتجمع المهنيين، كأنما استبدل الحاضنة الثورية بحاضنة الفلول (داعمي النظام السابق).

فيما رأى يوسف سكر أن بهذا التوقيع يكون حمدوك فاقدا للشرعية، وتساءل: "ألا تخجل يا حمدوك وأنت توقع على هذا الاتفاق وحولك فقط الفلول والأرزقية والعسكر ودماء ست النفور وبقية الشهداء لم تجف بعد؟".

واستطرد بالقول: "يا للعار".

وأكد الأكاديمي سيف الدولة إبراهيم أن ما حدث من  اتفاق بين  العسكر ممثلا في البرهان وبين حمدوك ممثلا لشخصه، لا يرقى لطموح الشعب السوداني في الخروج من الأزمة الراهنة.

الثورة مستمرة

فيما لفت ناشطون إلى أن الشعب السوداني في الأسابيع الماضية كان يدافع عن مدنية الدولة لا عن حمدوك، معلنين استمرار ثورتهم.

وقال حساب باسم حسام، إن التركيز في الأساس كان على تسليم المجلس السيادي للمدنيين، وتوقيع حمدوك مع العسكر لا يهم وليس وقته، لأن القضية الجيش والمدنية، وليست البرهان أو حمدوك.

بينما قلل أيمن من أهمية انتقال حمدوك من معسكر الثورة إلى معسكر الانقلاب، مؤكدا أن ذلك "لا يعني نهاية الثورة بل هو عثرة في الطريق، وهذا اللاعب يجب تعويضه".

رأى فيصل عبدالله أن حمدوك لا يحق له التوقيع على أي اتفاقية مع العسكر، مؤكدا أن الاتفاق باطل تماما.

تصعيد ثوري

في السياق، دعا المغردون إلى مواصلة الحشد والحراك الثوري المناهض لحكم العسكر، وأعادوا نشر جداول التصعيد الثوري تأكيدا على رفض الاتفاق السياسي.

ونشر سامح مبارك الجداول التي تبدأ بفاعليات في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بمخاطبات، ويتخللها ترتيبات معينة إلى أن تصل إلى مليونية ثورية في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

 

وصف الصحفي محمد عثمان، حمدوك بـ"سكرتير العساكر"، ودعاه إلى الإفراج عن سائر المعتقلين، وإلا فسيعتبره الثوار "مجرما مشاركا للعسكر في عمليات الإخفاء القسري"، على حد تعبيره.

فيما اعتبر ديل مختار، رفض إطلاق سراح كل من وجدي صالح، ومحمد الفكي، وخالد سلك، وناجي الأصم، وإبراهيم الشيخ، وجعفر حسين، وعمر الدقير، بحجة إهانة الجيش، دليلا على هيمنة العسكر والفلول على الحكومة، وما حمدوك إلا مجرد دمية أممية وإقليمية لتحقيق مصالح الخارج على حساب مصالح الشعب السوداني.