تحقيق يكشف تورط "فرونتكس" الأوروبية في تعذيب مهاجرين بليبيا.. ماذا حدث؟

منذ ٥ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تحقيق دولي أثبت أن وكالة الحدود الأوروبية "فرونتيكس" تشارك موقع القوارب التي تحمل المهاجرين غير النظاميين مع خفر السواحل الليبي والمليشيات التابعة للانقلابي خليفة حفتر.

ونتيجة لذلك، يعترض خفر السواحل الليبي المهاجرين ويعيدهم إلى مراكز احتجاز "يحدث فيها جميع أنواع العنف والمعاملة اللاإنسانية"، وفقا لما أكدته منظمات، مثل "أطباء بلا حدود".

إعدام غير قانوني

وقالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، إن "خفر السواحل الليبي اعترض منذ بداية العام 2023 أكثر من 15 ألف مهاجر وسط البحر الأبيض المتوسط ​​وأعادهم إلى ليبيا، الدولة الغارقة في حرب أهلية منذ سنة 2011، وتعاني من فشل مؤسساتي عميق".

وتبقى هذه الأرقام أقل من تلك المسجلة عام 2022، حيث أعاد خفر السواحل حوالي 24 ألفا و700 مهاجر، بعد اعتراضهم في أعماق المتوسط.

وفي سنة 2021، تجاوز عدد العائدين 32 ألفا و400 مهاجر، وفقا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة.

وكشفت الصحيفة أن "هذا الانخفاض التدريجي في أرقام المهاجرين الذين يتم إعادتهم إلى ليبيا، يفسر حقيقة أن تونس حلت هذه السنة محل ليبيا وتحولت إلى نقطة رئيسة لمغادرة القوارب التي تحمل المهاجرين إلى أوروبا، من بين عوامل أخرى".

نتيجة لذلك، انتعشت أعداد المهاجرين الوافدين بشكل غير نظامي، وخاصة إلى إيطاليا، حيث تجاوزت 153 ألف مهاجر عام 2023، مقارنة بحوالي 105 آلاف مهاجر وصلوا عام 2022.

ومن بين الأسباب التي تفسر هذا التغيير، يمكن الحديث عن "الظروف غير الإنسانية التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا وصعوبة عبور البحر الأبيض المتوسط".

ونقلت الصحيفة أن "سياسة الهجرة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة ارتكزت على تمويل وتجهيز وتدريب ما يسمى بخفر السواحل الليبي- وحرس دول العبور الأخرى- حتى يتمكنوا من اعتراض أكبر عدد ممكن من القوارب قبل أن يتم إنقاذهم من قبل المنظمات غير الحكومية أو فرق الإنقاذ من الدول الأوروبية".

وينتهج الاتحاد الأوروبي هذه السياسات دون الاكتراث بالأدلة المتكررة على التعذيب والعبودية والعنف الجنسي والابتزاز والإعدام غير القانوني الذي يحدث في مراكز الاحتجاز الليبية.

وفي هذه المراكز يحتجز المهاجرون، بما في ذلك النساء والأطفال، من قبل مجموعات مسلحة مختلفة، لها صيغة مماثلة لخفر السواحل ولها صلات واضحة بشبكات الاتجار بالبشر.

فرونتكس والقراصنة

وكشفت الصحيفة أن المجلس الأوروبي بصدد إنهاء المرحلة النهائية من اتفاق الهجرة للاتحاد الأوروبي، الذي يراهن بشكل أكبر على سياسة إضفاء الطابع الخارجي على الحدود وتشديد سياسة الهجرة.

بالتوازي مع ذلك، أجرت العديد من وسائل الإعلام الدولية، بالتعاون مع مؤسسة "لايت هاوس ريبورتس"، تحقيقا يختبر التنسيق بين وكالة "فرونتكس" ومالطا مع مجموعة مسلحة ليبية لاعتراض المهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا، حيث يعانون مرة أخرى من دوامة العنف هذه. 

وكشف التحقيق، الذي يحمل عنوان "فرونتكس وسفينة القراصنة"، معلومات سرية ومحادثات لاسلكية.

وأزاح الستار عن حقيقة أن وكالة فرونتكس وحكومة مالطا تشاركان بشكل منهجي موقع القوارب مع المليشيا الليبية، "طارق بن زياد" ويقود هذه المجموعة المسلحة صدام حفتر، نجل الجنرال الليبي وأمير الحرب خليفة حفتر.  

وجاء في التحقيق "لقد وجدنا تقارير سرية تظهر أن دول الاتحاد الأوروبي على علم بالطبيعة غير القانونية للعديد من أنشطة مليشيا طارق بن زياد، بما في ذلك الاتجار بالبشر، وكشف تقرير للاتحاد الأوروبي أن المليشيا مدعومة من المجموعة العسكرية الروسية الخاصة فاغنر". 

في واقع الأمر، تعمل هذه المليشيا في البحر الأبيض المتوسط ​​منذ مايو/ آيار 2023 بسفينة تسمى أيضا "طارق بن زياد"، وبحسب التحقيق، فقد منعت السفينة أكثر من ألف مهاجر من الوصول إلى أوروبا وأعادتهم إلى ليبيا.

وعمل فريق التحقيق، بالتنسيق مع "لايت هاوس ريبورت"، بتحليل العديد من عمليات الاعتراض هذه، حيث قامت فرونتكس فقط بتنبيه سفينة طارق بن زياد أو السلطات الليبية في طرابلس بموقع القوارب، وفي جميع الأحوال، تتكفل هذه المليشيا بعمليات الاعتراض.

ورغم أن السفن التجارية أو قوارب الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية أقرب إلى القوارب من المليشيات الليبية، إلا أن فرونتكس أو مالطا أو إيطاليا؛ لا تطلب منهم في بعض الأحيان الاقتراب من المهاجرين المعرضين للخطر.

"ستموت هنا"

ونقلت الصحيفة أن الفريق الإعلامي التابع لهذا التحقيق تمكن من مقابلة سبعة ناجين من هذه السفن التي اعترضتها مليشيا طارق بن زياد.

وروى جميعهم حقائق حول التعذيب والعمل القسري وإجبارهم على دفع فدية أثناء عودتهم إلى ليبيا، وبعد ذلك، يتم حبسهم في "سجون كبيرة" وتعرضوا للضرب "بالهراوات والقضبان الحديدية".

يقول أحد المهاجرين الذين اعترضتهم المليشيا الليبية في يوليو/ تموز 2023: "ما فعلته هذه المجموعة بنا غير مسموح به بتاتا، لقد كان عبارة عن عبودية. لقد باعونا لرجال أعمال حتى نتمكن من العمل لديهم مجانا".

وتتوافق هذه القصص مع تلك التي جمعها موظفو منظمة أطباء بلا حدود، الذين قدموا الرعاية الصحية الأساسية منذ سنة 2016 في العديد من مراكز احتجاز المهاجرين في منطقة طرابلس الليبية، حيث تعمل مليشيات أخرى وخفر السواحل بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

في هذا السياق، قالت المنسق العام لمنظمة أطباء بلا حدود في ليبيا، فيديريكا فرانكو: "مازلنا مرعوبين مما رأيناه في مركزي الاحتجاز، أبوسليم وعين زارة". وتضيف: "لقد جرِّد الناس من إنسانيتهم ​​تماما، ويتعرضون كل يوم لظروف ومعاملة قاسية ومهينة".

وفي مركز احتجاز أبوسليم المخصص للنساء والأطفال، تتحدث الشهادات عن "الضرب، والاعتداءات الجنسية والاغتصاب" على يد الحراس والرجال، المسلحين في كثير من الأحيان، الذين يتم إحضارهم من خارج مركز الاحتجاز.

وتكشف شهادات حول نفس مركز الاحتجاز أن "حراس هذا السجن لا يكترثون للحالة الصحية للمعتقلين".

ونقلت إحدى المعتقلات أنه "لا يسمح لهن بالحصول على هواتف حتى لا يسجّلن الاعتداءات، حيث يتعرضن للضرب بالعصي، وعندما وصلت، اكتشفت أن امرأتين توفيتا بسبب سوء حالتهما الصحية، وانتحرت إحداهما بقطع شرايين يدها". 

إضافة إلى ذلك، في الفترة بين يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز 2023، وثقت منظمة أطباء بلا حدود ما لا يقل عن 71 حادثة عنف عالج فيها أطباؤها كسور العظام وجروح على مستوى الذراع والساق وإصابات على مستوى العيون ومشاكل في الرؤية.

وحصلت المنظمة غير الحكومية على معلومات حول خمس حالات وفاة على الأقل في مركز احتجاز عين زارة نتيجة للعنف أو عدم الحصول على الرعاية الطبية الضرورية، كما كشفوا عن نقص المياه والغذاء في المراكز، فضلا عن الظروف غير المواتية الأخرى.