تحالف الهند وإيران وأرمينيا.. هل يكون ثقلا موازنا لـ"العثمانية الجديدة"؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع أميركي التعاون المتنامي بين الهند وأرمينيا، مشيرا إلى أن تحالفهما معا، بالإضافة إلى إيران، قد يشكّل ثقلا موازنا للتحالف بين تركيا وأذربيجان وباكستان.

ونشر موقع "يوراسيا ريفيو" مقالا للباحث الكرواتي، ماتيجا سيريتش، قال فيه إن هناك نموا سريعا في التبادل التجاري بين الهند وأرمينيا.

ففي العام المالي 2022-2023، بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما 134 مليون دولار. وإذا ما أضفنا الأسلحة والمعدات العسكرية التي استوردتها أرمينيا من الهند، يرتفع هذا الرقم إلى حوالي 360 مليون دولار.

ومنذ عام 2020، تبيع الهند الأسلحة بشكل مكثف إلى أرمينيا، بما في ذلك قاذفات الصواريخ وأنظمة المدفعية والرادار والأسلحة المضادة للدبابات.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقعت شركة "كالياني" الهندية للأنظمة الإستراتيجية عقدا بقيمة 155 مليون دولار لتزويد أرمينيا بأسلحة المدفعية.

وفي مارس/آذار 2023، زار رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأرمنية الفريق، إدوارد أسريان، الهند والتقى برئيس أركان الدفاع الهندي، أنيل تشوهان، وبمجلس الأمن القومي الهندي.

حرب "قره باغ"

وقال سيريتش: "فيما يتعلق بإقليم قره باغ، اتخذت الهند موقفا واضحا في السنوات الأخيرة، حيث باعت الأسلحة للقوات الأرمينية وأدانت الأعمال العسكرية الأذرية".

ويؤكد الكاتب أن "هذا ليس من قبيل الصدفة؛ إذ يشكل الارتباط طويل الأمد لأذربيجان بباكستان تهديدا مباشرا للمصالح الهندية".

بالإضافة إلى ذلك، يعد جنوب القوقاز منطقة رئيسة حيث تخطط الهند لإنشاء طريق نقل مهم، وهو ممر الشمال–الجنوب (INSTC)، والذي من شأنه أن يسمح لها بالتواصل مع أوروبا وروسيا عبر الهضبة الإيرانية، وهو مشروع تتحمس له أرمينيا.

ومع ذلك، لم تفعل الهند الكثير تجاه أرمينيا، بعد أن انتصر الجيش الأذربيجاني وسيطر على الإقليم في العام 2023، بعد معركة بدأت عام 2020 وشهدت منذ ذلك الحين استعادة باكو أراضي واسعة.

وأكد الكاتب أن "الأمر غريب بعض الشيء؛ لأن دولا مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإيران أدانت أذربيجان رغم أنها لم تغير شيئا على الأرض".

بينما قالت الحكومة الهندية إنها تشجع الجانبين على ضمان السلام والأمن على المدى الطويل في المنطقة من خلال الحوار والدبلوماسية، والتي تشمل سلامة ورفاهية جميع المدنيين.

وتابع: "يبدو للوهلة الأولى أن سيطرة أذربيجان على قره باغ في عام 2023 تمثل كارثة على المصالح الاقتصادية للهند".

وعلل ذلك بأن تلك السيطرة "من المحتمل أن تعطل ممر الشمال– الجنوب، وهذا الوضع يعطي أفضلية لمنافسي الهند الرئيسين في المنطقة، الصين وباكستان".

وتتمثل الميزة الرئيسة لهذا الممر في أنه سيسمح للهند بتجاوز باكستان والوصول إلى الطرق البرية المؤدية إلى روسيا وآسيا الوسطى. ولهذا السبب تدعم إسلام أباد باكو في النزاع مع يريفان، بحسب الكاتب.

وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، فإن الممر هو أداة الهند لإخراج إيران من فلك الصين، وربما تجاوز مشاريع البنية التحتية الصينية في المنطقة".

واستدرك: "لكن بما أن حرب قره باغ جلبت إدانات دبلوماسية من المجتمع الدولي، فيبدو أن باكستان لن تقف بقوة أكبر إلى جانب أذربيجان؛ لأن إسلام أباد تعاني بالفعل من مشاكل في سياساتها الخارجية بسبب دعمها لنظام طالبان في أفغانستان".

الهند وإيران وأذربيجان

ويؤكد الكاتب أن "الهند لم تُدن العمل العسكري الأذربيجاني بلهجة أقسى، لأنها لا تريد حرق الجسور مع أذربيجان، التي طورت علاقاتها معها".

وذكر أنه "يمكن أن يمر ممر الشمال–الجنوب عبر الأراضي الأذربيجانية في منطقة بحر قزوين بدلا من مقاطعة سيونيك".

وأردف أنه "على الرغم من علاقات باكو السيئة للغاية مع طهران، فإن الفوائد الاقتصادية لممر النقل يمكن أن تكون دافعا للسلطات الأذرية للموافقة على إنشاء خط سكة حديد من إيران عبر أراضيها".

وشدد على أنه "في نهاية المطاف، يعد هذا الممر رئيسيا لحركة التنقل الدولية وسيستفيد منه جميع المشاركين، وهذا سيظهر في الممارسة العملية".

وقال سيريتش: "قد يكون انتصار أذربيجان في قره باغ مدعاة للقلق في نيودلهي بسبب التقارب المتزايد بين أذربيجان وباكستان وتركيا".

فقد أقامت الدول الثلاث علاقات عسكرية وسياسية وثيقة في السنوات الأخيرة، ودعمت تركيا وأذربيجان باكستان في قضية كشمير.

ويرى الكاتب أن "من الممكن أن تمهد هذه المخاوف الطريق أمام تعاون أمني أكبر بين أرمينيا والهند".

وتابع: "يمكن للهند أن تظل حليفا مهما لأرمينيا، دون الدخول في حرب دبلوماسية مع باكو".

وربط ذلك بأن السياسة الخارجية للهند في عهد رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، "مستقلة إستراتيجيا" وتثبت قدرتها على إقامة علاقات جيدة مع كل من الغرب والشرق والشمال والجنوب العالميين".

وأضاف أن "من الممكن أن يشكل تحالف نيودلهي وطهران ويريفان، فضلا عن تحالف الهند وفرنسا واليونان وأرمينيا، ثقلا موازنا جيدا للتحالفات التي شكلتها تركيا في عهد الرئيس، رجب طيب أردوغان، والتي تنتهج سياسة خارجية عثمانية جديدة".

وقال الكاتب: "أما بالنسبة لأرمينيا وبنيتها التحتية، فإن مشاريع ربط النقل الهندية داخل إطار ممر الشمال–الجنوب ستكون موضع ترحيب".

وأوضح أن "أرمينيا مركز مهم للنقل والطاقة، فهي موطن للعديد من المحطات الكهرومائية وتعمل كنقطة عبور لخطوط أنابيب الغاز مثل الخط بينها وبين إيران".

علاوة على ذلك، فإن "أرمينيا عضو في منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود (BSEC)، والتي تعمل على تعزيز التعاون الإقليمي في قطاعات التجارة والنقل والطاقة".

تحالف شامل

ويرى الكاتب أنه "من خلال الشراكة مع نيودلهي، فإن يريفان لا تثير غضب الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو روسيا نتيجة للسياسة الخارجية المتقلبة التي ينتهجها رئيس الوزراء ناريندرا مودي".

ويرى كذلك أنه "يمكن للهند أن تكون حامية ومروجة جيدة لوجهات النظر الأرمنية في العالم؛ لأنها طورت مؤسسات ديمقراطية وسمعة طيبة في جميع أنحاء العالم".

وأردف: "الكلمة الهندية ذات قيمة كبيرة، وفي المستقبل، يمكن أن تشهد العلاقات الهندية الأرمنية انتعاشا مفاجئا؛ لأن الإمكانات موجودة في مجالات التجارة والدفاع والتكنولوجيا والبنية التحتية والسياحة".

ويقول الكاتب الكرواتي إن "هذا التحالف يجب أن يصبح إستراتيجيا وشاملا". وأفاد بأنه "يمكن للهند توفير المعدات العسكرية الكافية والتدريب اللازم لتحديث القوات المسلحة الأرمينية".

"علاوة على ذلك، ينبغي أن يشمل التعاون الدفاعي إجراء تدريبات مشتركة، وتدريب عسكري للجيش الأرميني على يد خبراء عسكريين هنود، وتقديم المشورة بشأن الإصلاحات اللوجستية والفنية".

وأضاف أنه "بدلا من استيراد البضائع من الدول المعادية (مثل الملابس من تركيا والأرز من باكستان)، فإن بإمكان الأرمن شراءها من الهنود"، وفق تعبيره.

وأكد أنه "بالنظر إلى موقع أرمينيا الجغرافي (بين آسيا وأوروبا) والتوجه المناهض في الدول المجاورة (تركيا وأذربيجان) وقوة الهند السياسية والاقتصادية، ينبغي ويجب على نيودلهي أن تصبح الشريك الأرمني الأكثر أهمية".

ويختم بالتأكيد على أن "الهند هي التي يمكنها، إلى جانب إيران، مساعدة أرمينيا أكثر من غيرها على التقدم كدولة ومجتمع".