سر علاقة الأسرى الإسرائيليين بحماس.. متلازمة ستوكهولم أم معركة إعلامية؟

أظهرت الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة، والتي استمرت 7 أيام انتهت مع نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مظاهر المودة من قبل الأسرى الإسرائيليين والأجانب تجاه عناصر المقاومة الفلسطينية.
وبعد سبعة أيام من الهدنة بين مقاتلي كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، عاد القصف على قطاع غزة مرة أخرى بعد توقف مؤقت لحوالي 51 يوما من القتال.
وخلال فترة التوقف هذه، جرى إطلاق سراح أكثر من 100 من المحتجزين في غزة كجزء من الاتفاق بين الجانبين، ولا يزال 140 آخرون داخل القطاع.
وضمن عملية التبادل هذه، أطلق الاحتلال الإسرائيلي سراح 150 فلسطينيا متهمين بعلاقتهم بحركة حماس وغيرها.
في الأثناء، سعت قطر ومصر والولايات المتحدة، التي لعبت دورا رئيسا في عملية الوساطة بين الطرفين، إلى تمديد الهدنة لمزيد من الأيام. ومع ذلك، استأنفت إسرائيل هجومها الشرس.
مظاهر الود
ونقلت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية أن من الحقائق المتناقلة في هذه الهدنة العابرة تبرز مظاهر المودة من جانب المحتجزين تجاه أعضاء القسام.
وتساءلت: هل هي متلازمة ستوكهولم؟ في الحقيقة، يمكن تعريفها على أنها إستراتيجية تواصل عسكرية وسياسية.
وقالت الصحيفة إن عملية تبادل الرهائن الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين سجلت عدة مشاهد لم تكن معهودة من قبل.
تحديدا، أظهرت مقاطع فيديو فتاة تودع عناصر المقاومة وهي تبتسم قبل أن تصعد إلى الجزء الخلفي من الشاحنة.
خلفها، كانت هناك امرأة أخرى تعانق عدة مرات عناصر المقاومة وتقلد حركات الشابة. وكرر الحركات ذاتها ستة أشخاص آخرين على الأقل.
ولوهلة، يتساءل كثيرون عما إذا كانت مشاهد لوداع دافئ بين الأصدقاء؟، غير أنها عملية إطلاق من احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول خلال عملية طوفان الأقصى.
لم نشاهد في يوم من الأيام، فلسطينيا يودّع سجانيه، يلوح بيده لعناصر الشاباص.
بينما في كل فيديو تنشره المقاومة، يظهر من تم تحريره من الأسرى الإسرائيليين ملوحا مبتسما لآسريه.
يُضاف ذلك إلى تقارير الصحافة الإسرائيلية نفسها التي قالت إنه لم يتم إساءة معاملة أي من الأسرى أو حتى التحقيق… pic.twitter.com/wzRKbp4Zho— Muath Hamed �� (@MuathHamed) November 25, 2023
وأردفت: في الكتاب العسكري القديم، فن الحرب، لصاحبه الصيني صن تزو، يشرح الدرس رقم 42 مزايا معاملة السجناء باحترام.
جاء في هذا الكتاب: "يجب أن يعلم جنود العدو أنه إذا ألقيت القبض عليهم فإنك ستعاملهم بشكل جيد، وأنهم قد يستفيدون حتى من تغيير الجهة التي يدعمونها".
في هذه الحالة، لم يجر أسرهم من الجيش، بل من المدنيين. وتستمر الرسالة: "اكتسب سمعة طيبة لمعاملتك العادلة لأسرى الحرب".
إهانة وضرب
في المقابل، فقد لعبت إسرائيل دور البطولة في العديد من الصور التي تهين وتضرب وترهّب الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.
في العديد من مقاطع الفيديو هذه، يمكنك أن ترى كيف يضع جنود جيش الاحتلال الأعلام الإسرائيلية على سجنائهم ويجبرونهم على غناء الأغاني التي تمجد دولتهم.
بالإضافة إلى وجود أدلة عديدة على أعمال عنف جسدي منتشرة على قنوات التلغرام الموالية للقوات الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة أن هذه الحقائق تكشف عن هزيمة سردية تكبدها الاحتلال الإسرائيلي. ومن هنا، يبدأ البحث عن الجناة لإلقاء اللوم عليهم.
وتحديدا، استهدفت الانتقادات التي برزت داخل حكومة الطوارئ الإسرائيلية والتي يرأسها بنيامين نتنياهو، وزارة الإعلام خلال المعركة التي تقودها إسرائيل لكسب الرأي العام على الساحة العالمية.
من جانبهم، يعترف أعضاء حكومة الطوارئ بأن إسرائيل افتقرت إلى التنسيق الملائم للعلاقات العامة خلال أوقات الحرب.
وعلى وجه التحديد بعد استقالة جاليت ديستل-أتباريان من منصب وزيرة الإعلام في حكومة نتنياهو بعد أقل من أسبوع على عملية طوفان الأقصى.
وبالمثل، شككوا في وزارة العلاقات العامة الإسرائيلية وطريقة تعاملها خلال المعارك المستمرة مع حماس، واعترفوا بأن خطتها لم تنجح كما كان متوقعا.
كسب الرأي العام
في الحرب من أجل الرأي العام والرواية التي انخرط فيها الطرفان، فإن كل صورة أو فعل أو لفتة لها أهميتها.
تمثلت إحدى الإستراتيجيات التي استخدمتها حماس في تصوير الجرائم التي لا يمكن إنكارها والتي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد السكان المدنيين.
وبفضل هذه الصور، أصبح العنف الإسرائيلي ضد فلسطين محدداً في سياقه، الأمر الذي يترتب عليه خسارة الدعم الدولي، مثل الانقسامات الداخلية التي حدثت في الأسابيع الأخيرة من جانب المسؤولين الأميركيين حول ما إذا كان ينبغي دعم إسرائيل أم لا؟
في هذا السياق، جاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي ومسؤولين كبار آخرين، قبل انتهاء الهدنة، في زيارته الثالثة للمنطقة.
وقال بيلنكن إنه إذا استأنفت إسرائيل الحرب وواصلت قصف جنوب غزة لملاحقة حماس، يجب عليها أن تفعل ذلك "بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي" ويجب أن يكون لديها "خطة واضحة" لحماية المدنيين.
وشدد أنه على الجهات الإسرائيلية أن تدرك أن "حجم النزوح الذي رأيناه في الشمال أمر يجب ألا يتكرر في الجنوب".
وحول ما كشفت عنه عملية إطلاق سراح الرهائن، وما يسمى بمتلازمة ستوكهولم، أوضح لصحيفة الكونفدنسيال الإسبانية محلل في إستراتيجية الاتصالات، فضّل عدم الكشف عن هويته، قائلا: "أعتقد أن الرهائن قد أبدوا مظاهر المودة هذه لأنهم عوملوا بشكل جيد".
وأردف: "بينما سقطت القنابل لمدة ثلاثة أسابيع متتالية، كان خاطفوهم هم من يعملون على حمايتهم، لقد اعتنوا بهم... وهذا يخلق، سواء أردت أم لا، عاطفة معينة".
وواصل: "إنها ردة فعل إنساني جاءت بعد صدمة مؤلمة. لقد سمعوا لسنوات أن حماس هي الشيطان والآن هم على قيد الحياة بفضلها".
في المقابل، جاءت رواية إسرائيل بشكل متناقض مع هذه الصور والمشاهد. وفي ظل هذا الوضع، والتضارب بين العواطف والشهادات، أصبح من الصعب تصديق طرف أو تكذيب آخر مع استمرار الحرب الإعلامية بين الطرفين من أجل كسب الرأي العام، وفق تقديرها.