صحيفة إسبانية: جيش الاحتلال ينضم للمستوطنين في الاعتداء على مزارعي الضفة

منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

وسط استمرار العدوان الوحشي على غزة، تتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على المزارعين في الضفة الغربية بتنفيذ من الجيش والمستوطنين.

وفي هذا السياق، يؤكد الفلسطينيون معاناتهم من هجمات المستوطنين حتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تاريخ انطلاق عملية طوفان الأقصى.

وهي معضلة تفاقمت بعد أن انضم جيش الاحتلال إلى المستوطنين في هجماتهم على الفلسطينيين، وفق ما تقول صحيفة إلباييس الإسبانية. 

نقطة تحول

وأضافت الصحيفة أن السابع من أكتوبر، مثّل نقطة تحوّل في الضفة الغربية أيضا وليس في غزة فقط.

فمنذ اندلاع هذه الحرب، تضاعفت الهجمات ضد المزارعين في مختلف أنحاء الضفة الغربية، مما منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، وجني الزيتون. كما أصبحوا مهددين بالقتل إذا اقتربوا أكثر مما ينبغي من حقولهم. 

تعليقا على ذلك، قالت فائزة، البالغة من العمر 62 عاما: "سأموت بالرصاص، ولكن ليس من الجوع". وقد دأبت هذه المرأة جني الزيتون منذ أن كانت صغيرة في بلدة سلفيت بالضفة الغربية، وهي المنطقة التي تملك أعلى نسبة إنتاج من زيت الزيتون في فلسطين.

ومنذ فترة، أصبحت فائزة وتسعة أفراد آخرين من عائلتها الوحيدين في المنطقة المجاورة الذين يعملون في بساتين الزيتون خلال موسم جني هذه الثمار. في الحقيقة، يشير كل شيء إلى أنهم سيكونون الأخيرين بعد الاعتداءات التي تكررت أخيرا. 

ونقلت الصحيفة أن مدينة سلفيت لم تسجل حالات قتل على يد الجيش والمستوطنين (كباقي مدن الضفة منذ 7 أكتوبر)، لكن كانت هناك مضايقات وسرقة للزيتون.

وفي هذا السياق، يروي جمال مصطفى أبو سليمة، وهو صاحب حقل زيتون يرى نفسه "محظوظا"، أنه "تمكن من جني حقل واحد من بين الحقول الخمسة".

في الحقيقة، تخلى المواطن الفلسطيني عن المحاولة في المناطق الأخرى - حوالي 200 هكتار في المنطقة ج، التي تسيطر عليها إسرائيل حصرا - المتواجدة في المنطقة المجاورة للمدينة بسبب مضايقات مستوطني روش، وهي مستوطنة إسرائيلية مجاورة. وقد كانت آخر محاولاته في نهاية أكتوبر.

خلال تلك الفترة، اتجه إلى أحد حقول الزيتون، في الصباح الباكر - في حدود الساعة الرابعة - لتجنب المضايقات، لكن محاولته كللت بالفشل.

وبمجرد أن بدأ العمال، الذين كانوا حوالي 12 شخصا، تجهيز معداتهم، حلقت طائرة دون طيار فوقهم على مسافة قصيرة جدا وانتهى الأمر بفرارهم. 

ونقلت الصحيفة أن أبو سليمة يحذر من الطائرات دون طيار التي تجوب المدينة من وقت إلى آخر، وأيضا من أشعة أضواء الليزر التي توجه نحوهم بشكل متكرر، لكن هذا الأخير لا يقلقه.

ولا يمكن رؤية المستوطنة من بستان الزيتون الذي يبعد عنها نحو 700 متر. ولهذا السبب تمكنوا من الذهاب إلى العمل لمدة أربعة أيام. ومع ذلك، فقد أحضروا المزيد من الآلات في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني لتسريع العملية. 

تهديدات متعددة

في هذا المعنى، يقول محمد سعيد الحسن، أحد العمال: "إنها مسألة وقت فقط قبل أن يأتوا إلينا أيضا، لذا علينا أن نتحرك بسرعة".

ويوضح أنه عندما بدأت الهجمات في حقول أخرى، اجتمعت العائلة وقررت عدم تعريض نفسها للخطر بالذهاب لجمع الزيتون، لكن بعد أيام قليلة غيّر والده رأيه.

ويشرح قائلا: "نحن 12 فردا في العائلة، ولا يمكننا التنازل عن مبلغ ألفي دولار نحصل عليه من جني الزيتون".  

ويعلق العامل الذي يتمثل مورد رزقه الوحيد في جني الزيتون، أن: "المستوطنين بصدد محاولة حرماننا من قوتنا اليومي، كي يتمكنوا في وقت لاحقا من افتكاك أرضنا منا". 

في المقابل، ترفض فائزة العمل بعجلة. وتقول: "بالطبع أخشى على حياتي، لكنني لن أبقى داخل منزلي وأغلق الباب، وهو ما يبحثون عنه".

وتؤكد أن ستة جنود من جيش الاحتلال قطعوا طريقهم أثناء مغادرتهم الحقل باتجاه منزلهم وعملوا على استجوابهم وتفتيشهم. 

لا تزال المرأة الفلسطينية تستحضر تفاصيل حادثة مؤلمة بالنسبة لها، حيث دخل الجيش بالجرافات في بعض الأراضي المجاورة، قبل هذا الحادث بـ 12 يوما فقط، لتدمير المحاصيل؛ كما تدخل ألوية من الجنود كل ليلة تقريبا إلى المدينة لتنفيذ مداهمات واعتقالات.

وعند مدخل بستان الزيتون مباشرة، يمكن رؤية ما تبقى من قرية بدوية مدمرة، حيث كان يعيش 40 شخصا فروا في منتصف أكتوبر، بعد أن دمر الجيش منازلهم.

وأوردت الصحيفة أن الجميع يتفق على أن موسم قطف الزيتون في سلفيت كان يسير بشكل طبيعي نسبيا قبل السابع من أكتوبر.

ويستنكر أبو سليمة قائلا: "منذ أن بدأ الإسرائيليون بمهاجمتنا، لم تفعل السلطة الوطنية الفلسطينية أي شيء. نحن وحدنا في هذا المأزق". 

الجيش مشارك

في مناطق أخرى من الضفة الغربية، لم تكن الأمور سلمية قبل هجوم حماس. وفي أماكن مثل قصرة، جنوب غرب نابلس، كان على مزارعي الزيتون إخطار جيش الاحتلال برغبتهم في حصاد أراضيهم.

وبحسب رئيس بلدية المدينة، محمد جابر، فإنه "مع اندلاع الحرب، أصبح جيش الاحتلال جزءا من الهجمات". نتيجة لذلك، لم يتمكن أحد في قصرة من جني الزيتون. 

ولم تقتصر اعتداءات جيش الاحتلال على مدينة قصرة، بل كانت سلفيت أيضا هدفا لهذا النوع من الهجمات.

وتقول فائزة إنهم اعتادوا الخوف من مستوطني روش، لكنهم الآن لا يعرفون حتى متى تأتي الهجمات منهم ومتى يقترفها  الجيش.

وتعلق: "يرتدي سكان المستوطنة ملابس عسكرية، وأحاول أن أميزهم بالكبة (القبعة اليهودية الصغيرة)".

ويوضح أبو سليمة أن الوضع تفاقم بالفعل خلال العامين الماضيين، منذ إنشاء هذه المستوطنة. 

ونقلت إلباييس عن أحد الفلاحين أنه لم يتمكن من الاقتراب من الحقلين اللذين يملكهما منذ أسابيع، ويتأسف بسبب "خسارته محصول هذه السنة".

وأكد أن آخر مرة حاول فيها جني الزيتون كانت في الأسبوع السابق (قبل منتصف نوفمبر)، عندما عمل على تحميل المعدات في الشاحنة.

حينها، ورده اتصال هاتفي من أحد الجيران حذره من أنه عندما كان بصدد جني الزيتون، جاء المستوطنون وهاجموه هو وزوجته تحت تهديد السلاح.

وأُجبروا حينها على وضع جميع المعدات والمحصول في شاحنة المستوطنين. لذلك، لم يكن يريد المخاطرة. 

وتقع أراضي هذا الفلاح على حدود الأراضي التي يحتلها مستوطنو روش بشكل غير قانوني، عند نقطة أعلى من حقول أبو سليمة الأكثر عرضة للخطر.

وفي ظل هذه الظروف، أصبح المواطن الفلسطيني غير قادر على حساب الأثر الاقتصادي الذي سيتركه هذا الوضع على أسرته وعماله.