رغم خطابها ضدهم.. هل تتقارب هاريس مع المستبدين حول العالم؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

في خطابها خلال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، انتقدت المرشحة الرئاسية، كامالا هاريس، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب؛ بسبب سياساته الخارجية خلال ولايته وبالأخص تقربه من المستبدين.

وقالت هاريس: "لن أتقرب إلى الطغاة والديكتاتوريين من أمثال (رئيس كوريا الشمالية) كيم جونغ أون، الذين يشجعون ترامب؛ لأنهم يعرفون أنه من السهل التلاعب به بالمجاملات والمحسوبيات".

المحافظون الجدد  

وفي مقال له، نشرته مجلة "ريسبونسيبل ستيتكرافت" الأميركية، أوضح الكاتب "جاك هانتر" أن التفاوض مع الخصوم ليس "تقربا من الطغاة"، على عكس ما أشارت إليه هاريس في خطابها خلال المؤتمر الوطني، الذي عُقد بين 19 و22 أغسطس/آب 2024.

وأضاف هانتر أن ​​رئيس وزراء بريطانيا الشهير، ونستون تشرشل، عندما قال "إن تحريك الأفواه أفضل دوما من تحريك الجيوش"، كان يعني بوضوح أن النقاش أفضل من الصراع المسلح.

وقد قالت هاريس في كلمتها: "إنهم يعرفون أن ترامب لن يُحمّل المستبدين المسؤولية؛ لأنه نفسه يريد أن يكون مستبدا".

واستطردت: "كرئيسة، لن أتردد أبدا في الدفاع عن أمن أميركا ومثلها العليا، لأنني أعرف أين أقف حيال الصراع الدائم بين الديمقراطية والاستبداد، وأعرف أين تنتمي الولايات المتحدة".

لكن يرى الكاتب الأميركي أن "المحافظين الجدد لطالما تبنوا وجهة نظر معاكسة، فالدبلوماسية قد تمنع الحرب، التي هي في الأصل هدفهم الأساسي، لذا فمن الأفضل تجنب الدبلوماسية".

وأوضح أن “إحدى الطرق المجربة لمنع الدبلوماسية هي اتهام أي شخص يسعى إليها بالانحياز إلى أعداء أميركا، وما عليك هنا سوى أن تسأل الرئيس الأسبق، باراك أوباما”.

ففي عام 2015، اجتمع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد سبق له أن فعل ذلك، وهو أمر ليس غريبا على الرؤساء الأميركيين.

وحينها، أصر المرشح الرئاسي الجمهوري لعام 2016 السيناتور، ماركو روبيو، على أن قرار أوباما عزز موقف روسيا.

أيضا، قال المرشح الجمهوري لعام 2008 السيناتور جون ماكين: "إن قرار أوباما لقاء بوتين خطأ جسيم بقدر ما هو غير ضروري، إنه يخدم مصلحة الرئيس الروسي بشكل مباشر".

وأضاف ماكين: "في نهاية المطاف، فإن الرد المناسب على تصرفات روسيا في أوكرانيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى ليس لقاءً ثنائيا مع بوتين".

 إضفاء الشرعية

وعندما التقى ترامب بالزعيم الاستبدادي للقوة النووية كوريا الشمالية، أشار الرئيس الأميركي السابق إلى نيته إجراء محادثات حول الأسلحة.

أما هاريس، بدورها، فقد استحضرت أسلوب "تشيني"، قائلة إن هذا يعني فقط أن ترامب "يتودد" إلى المستبدين.

وعندما التقى الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، بنظيره السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، عام 1985 لمناقشة خفض التصعيد النووي، وصف الرئيس الأسبق لمجلس النواب، نيوت جينجريتش، هذه القمة بأنها “الأكثر خطورة”.

وقال جينجريتش وقتها إن هذه القمة هي "الأخطر على الغرب منذ التقى الزعيم النازي أدولف هتلر برئيس وزراء بريطانيا الأسبق، نيفيل تشامبرلين، عام 1938 في ميونيخ".

وأكد الكاتب أن "الجمهوريين الأكثر تشددا في أيام ريغان كانوا يكرهونه بشدة؛ بسبب دبلوماسيته مع روسيا، التي هي في الأساس أعظم إرث خلّفه".

"وعندما زار الرئيس أوباما كوبا عام 2015 من أجل دفعها نحو الليبرالية، انتقد الجمهوريون اجتماعه مع الديكتاتور، راؤول كاسترو".

فقد تساءل حينها حاكم ولاية فلوريدا الأسبق، جيب بوش، قائلا: “لماذا نضفي الشرعية على ديكتاتور وحشي ونظام قمعي؟”

كما قال السيناتور تيد كروز: "لقد اختار أوباما إضفاء الشرعية على نظام كاسترو الفاسد والقمعي من خلال تواجده على الجزيرة".

بينما قال "روبيو" إن التغيير لن يأتي إلى كوبا “بإثراء وتمكين الديكتاتورية”.

دبلوماسية الجمهوريين

ونوه الكاتب إلى أن "في الواقع، كان الجمهوريون لا يزالون في حالة من التمسك بنمط المحافظين الجدد الذين هيمن على حزبهم قبل صعود ترامب، وبالتحديد من إدارة الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، ونائبه ديك تشيني".

واتهم هؤلاء الجمهوريون أوباما -الذي ترشح عام 2008 كديمقراطي مناهض للحرب وقادر على تجاوز إرث بوش- بأنه كان متعاطفا مع الطغاة طوال ولايتين رئاسيتين.

ورد أوباما على منتقديه الجمهوريين، مهاجما مَن يتبنون "تصورا للقوة يُحدَّد بمدى معارضة الأعداء القدامى والخصوم المزعومين".

وأضاف أوباما مستنكرا: "نسمع حججا مفادها أن القوة الوحيدة التي تهم الولايات المتحدة هي الخطاب العدواني واستعراض القوة العسكرية، زاعمين أن التعاون والدبلوماسية لن ينجحا".

وأشار الكاتب إلى أن ترامب أعلن أنه سيلتقي ببوتين لإنهاء النزاع في أوكرانيا سريعا، وهذا بالنسبة لهاريس، يجعله متعاطفا مع الطغاة".

حتى الجمهوري المتشدد، ليندسي غراهام، عبّر عن نفس الرأي بعد لقاء ترامب ببوتين عام 2017، حيث رأى أن الرئيس الأميركي السابق يضر نفسه "بعدم اعترافه بأن الزعيم الروسي شخص سيئ حاول تقويض ديمقراطيتنا، ويفعل ذلك في جميع أنحاء العالم".

وأضاف أن زيارة أوباما لكوبا كانت "واحدة من أكثر الرحلات المخزية التي أجراها رئيس أميركي إلى أي مكان في العالم".

وأوضح الكاتب أن "لقاء الرؤساء الأميركيين بزعماء استبداديين معادين للولايات المتحدة ليس بالأمر الجديد".

"قد فعل ذلك ريغان، وأوباما، وجون كينيدي، وبيل كلينتون، وحتى جورج بوش الابن، على الرغم من أن الجمهوريين في معسكر الأخير كانوا تقليديا أعلى الأصوات ضد القيام بخطوة كهذه".

وتابع: "لقد فعل ترامب نفس الشيء، بينما تقول هاريس إنها لن تفعل، لكن -كما قال تشرشل- فإن "تحريك الأفواه أفضل دوما من تحريك الجيوش".

وهذا أمر -بحسب الكاتب- يجب على أي شخص يتطلع إلى رئاسة الولايات المتحدة أن يتعلمه الآن.

ويعتقد أن "نفور هاريس من المستبدين أقرب إلى بوش منه إلى أوباما"، ما يعني أنها وإن استنكرت التقارب مع المستبدين، إلا أنها ستفعل ذلك في نهاية المطاف.