عبر قمة شنغهاي والاستعراضات العسكرية.. هكذا فشل ترامب بمواجهة الصين

منذ ١٦ ساعة

12

طباعة

مشاركة

"بين التباطؤ الاقتصادي، وعدم الاستقرار الاجتماعي، والعزلة الدبلوماسية عن الغرب، والطموحات الاستراتيجية بشأن تايوان، هل يخفي استعراض شي جين بينغ للقوة بنية أكثر هشاشة مما تبدو عليه؟"

سؤال طرحه موقع "أتلانتيكو" الفرنسي، مشيرا إلى أن الصين أبهرت العالم بعرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصارها على اليابان في الثالث من سبتمبر/ أيلول 2025. 

وتابع متسائلا: “ولكن، هل تحاول بكين، وراء هذا الاستعراض للقوة، إخفاء نقاط ضعف داخلية؟”

حققت أهدافها

وحسب الموقع الفرنسي، كان الهدف من الاستعراض العسكري المهيب، الذي أُقيم بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار على اليابان، هو ترك بصمة قوية في الأذهان. 

وبغض النظر عن الوضع الداخلي في الصين، يرى الموقع أن الصين حققت أهدافها من العرض، وذلك عبر 3 نقاط.

النقطة الأولى هي غياب الولايات المتحدة عن العرض. حيث زعم أن "الانتصار على اليابان لم يكن ممكنا إلا بفضل الجنود الأميركيين، وذلك دون التقليل من دور المقاومة الصينية في مواجهة الغزو الياباني".

وأردف: "ويجدر التذكير بأن الصين، رغم أنها كانت من الموقعين على وثيقة استسلام اليابان، فإن هذه الوثيقة استُلمت على متن البارجة الأميركية (يو إس ميسوري) الراسية في خليج طوكيو".

وتابع: "إن غياب الولايات المتحدة شكّل بالفعل علامة على جحود الصين ونكرانها للجميل. غير أن بكين حرصت على إظهار أن التاريخ يُكتب الآن من دون (العم سام)، على الرغم من استعراضات دونالد ترامب".

النقطة الثانية التي ميزت هذا الاستعراض، حسب الموقع، هو حضور نحو خمسة عشر رئيس دولة وحكومة، في مقدمتهم فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. 

وبذلك، يقول موقع "أتلانتيكو" الفرنسي: إن "الصين جمعت أمة من الديكتاتوريين لإبراز نموذج مضاد واضح في مواجهة الديمقراطيات الليبرالية. وبذلك واجه الغرب تحديا في الدفاع عن نموذجه". 

والنقطة الثالثة، من وجهة نظره، هي أن الصين أظهرت عزمها على غزو تايوان والسيطرة على بحر الصين، وذلك بعد الرفض القاطع الذي وُجه للأميركيين في ملف الرسوم الجمركية. ويرى أن هذه الرسائل الصينية "لا تبشر بخير".

فشل ترامب

وتساءل الموقع الفرنسي عما إذا كانت قمة منظمة شنغهاي للتعاون والعرض العسكري في بكين يعدان فشلا لدونالد ترامب.

والجواب، بحسب ما ورد، هو: نعم. حيث تعمد شي جين بينغ تحدي دونالد ترامب بشكل واضح، وأراد إبراز نقاط الضعف في نهجه.

وأردف: "فرغم كل مبادرات ترامب تجاه بوتين، لا سيما بعد لقائه به في 15 أغسطس/ آب 2025، لم ينجح في فصل روسيا عن الصين". 

لافتا إلى أن اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون، الذي عُقد قبل يومين فقط من العرض العسكري، كان مناسبة للإعلان عن بناء خط أنابيب غاز جديد روسي صيني، في إشارة ملموسة إلى المصالح المشتركة بين البلدين.

إلى جانب ذلك، تبرز بكين أنها "غير آبهة بالعقوبات المفروضة على المحروقات الروسية، فهي تضمن بشكل دائم إمداداتها وتمنح موسكو منفذا جديدا وعائدات مالية مهمة. وهو ما يمثل رابطا إستراتيجيا طويل الأمد بين البلدين سيكون من الصعب، بل من المستحيل، تفكيكه حتى لو رفعت العقوبات لاحقا".

وللتصدي لهذا الوضع، أوضح التحليل أن "ترامب أجبر الأوروبيين، في إطار الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، على شراء الغاز الأميركي بهدف تجفيف مصادر الإيرادات الروسية". 

وتابع: "وفي الوقت ذاته، يطالب بروكسل بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على الصين". 

لكن أوروبا، كما يشير التحليل، "لا مصلحة لها إطلاقا في الاستجابة لمثل هذه الخطوة القسرية".

وأضاف: "وبدلا من الدخول في حرب تجارية شاملة، وخاصة مع بروكسل، كان على ترامب أن يشكل جبهة موحدة مع الأوروبيين لمواجهة عدم احترام بكين لقواعد التجارة الدولية، ولا سيما ممارسات الإغراق النقدي والاجتماعي والبيئي".

وخلص إلى أنه "من خلال العرض العسكري وقمة منظمة شنغهاي، ذكّر الصينيون ترامب بأنه زعيم العالم الحر والغرب، وبالتالي فإن محاولاته إضعاف أوروبا لا تؤدي إلا إلى تقويض أسس قوته الذاتية".

وفيما يتعلق باليابان، فحتى إن تُوصل إلى اتفاق معها بشأن الرسوم الجمركية، يقول الموقع إنه "يتوجب على ساكن البيت الأبيض مراعاة طوكيو والحرص على بقائها إلى جانبه في معركته ضد بكين".

"أما فيما يخص رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، فقد ظهر في الصين، مثل فلاديمير بوتين، حريصا على الحفاظ على حياد تاريخي، رغم مساعدة ترامب له في التوصل إلى وقف إطلاق النار مع باكستان"، وفق الموقع. 

مشيرا إلى أن "الهند لم يرق لها النقاش حول الرسوم الجمركية، ولم تتردد في التعبير عن ذلك علنا، كما أنها تواصل شراء المحروقات الروسية، مهما كان موقف واشنطن".

واختتم بالقول: إن "الصينيين قدموا برهانا عمليا على عزلة دونالد ترامب. وبالتالي، فإن الرئيس الأميركي مطالب بإعادة تقييم سياسته بسرعة وإعادة بناء تحالفات قوية استعدادا للمواجهة المحتملة مع الصين".