مقاومة بطولية.. هكذا أشادت صحيفة تركية بسلوك حماس على الأرض ومع الأسرى

في مشاهد راسخة، لفتت المقاومة الفلسطينية في غزة الأنظار خلال تسليمها الأسرى في أيام الهدنة الإنسانية، وسلوك أفرادها الحضاري والإنساني خلال فترة أسرهم بشهادة المفرج عنهم.
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أطلقت المقاومة الفلسطينية هجوما على مستوطنات غلاف غزة، أسرت نحو 239 شخصا، فيما شنت إسرائيل حربا مدمرة على القطاع خلّفت دمارا هائلا في البنية التحتية وعشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة.
ومنذ بدء هدنة إنسانية في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وعلى مدار 6 أيام تسلمت إسرائيل 70 أسيرا من النساء والأطفال مقابل الإفراج عن 210 فلسطينين من الأسرى النساء والأطفال أيضا في سجون إسرائيل بموجب صفقة تبادل بين الاحتلال وحركة "حماس".
فخر الإنسانية
وقالت صحيفة "يني شفق" التركية في مقال للكاتب محمد متينار، إن "الشعب التركي والعالم بأسره يفتخر بحماس لسببين، الأول، لأنهم أظهروا مقاومة بطولية غير مسبوقة في التاريخ ضد قوة إسرائيل العسكرية الضخمة التي يخاف منها الجميع".
وأضاف الكاتب التركي: "بمعنى آخر، لأنهم أظهروا مدى قوة الإيمان الخالص رغم عددهم القليل وعدم تلقيهم الدعم من الخارج، إلا أنهم بفضل إمكاناتهم الخاصة وثقتهم في الله فقط شكلوا خط دفاع بلا خوف رغم معرفتهم التامة بأن الموت هو نتيجة حتمية".
والسبب الثاني، لأنهم أظهروا مثالا للإنسانية "لا يمكن مقارنته في العصور الحديثة بالتزامهم بقوانين الحرب الإسلامية وأخلاقها دون شروط رغم كل الفظائع التي ارتكبها المحتلون".
وأكبر مثال على ذلك، بحسب متينار، هو "معاملتهم مع الأسرى، فرغم كل الغضب المكبوت الذي يحمله كل واحد منهم، وبينما تُدمر مدنهم وشعبهم أمام أعينهم في كل لحظة، إلا أن الرحمة والاهتمام الإنساني غير العادي الذي يظهرونه تجاه الأسرى اليهود يتجاوز كل التقديرات".
وقال "لمعرفة الجواب على التساؤل الاستنكاري (أليست حماس منظمة إرهابية دامية؟)، انظر إلى ما يفعله الإسرائيليون بالأسرى الفلسطينيين، سواء كانوا أطفالا أو شبابا أو كبارا في السن أو نساء وانظر إلى التخريب الذي يستند إلى أعداء الإسلام، والذي يتجلى في صرخات فرحهم حتى عند قصف المساجد".
وتابع: "ثم انظر إلى ما تفعله حماس مع الأسرى اليهود، وإلى الاهتمام والرحمة التي أظهروها لليهود"، مشددا "بالطبع الفرق واضح جدا!".
وواصل: "فإذا كانت حماس منظمة إرهابية دينية متعصبة، فهل هناك مثال واحد على مهاجمتها لكنيسة أو مكان عبادة؟ الجواب هو لا! لأنه وفقا للعقيدة التي تقوم عليها حماس يحظر المساس برجال الدين أو المعابد حتى أثناء الحرب".
وعلق الكاتب التركي: "عندما أنظر إلى الفيديو المتعلق بتبادل الأسرى أشعر بالفخر، فعندما أنظر إلى هؤلاء الشباب من حماس وهم يظهرون السلوك المثالي حتى في وجه أكثر الهجمات البربرية لا أستطيع التحكم في دموع فرحتي، وعندها أقول: هذا هو ما يختلف فيه المسلم".
واستطرد: "فالمهارة تكمن في عدم التشابه مع عدوك في الحرب، وهذا اختبار صعب للغاية، خاصة إذا كنت تقاتل ضد دولة إرهابية مثل إسرائيل، التي ليس لديها أي أخلاقيات حرب".
وتابع: "من المستحيل أن لا نفتخر بشجاعة رجال حماس الذين أظهروا اختلافهم للعالم بأسره رغم صغر سنهم".
واستطرد: "ألف تحية لشباب حماس الشجعان الذين لم يجعلونا فخورين بمقاومتهم الخالدة فحسب، بل جعلونا فخورين بموقفهم كنصب للإنسانية، وغير نظرة العالم إلى الإسلام!".
درس في الإنسانية
وقال متينار: "بغض النظر عما يقوله أحد، لقد صححت حماس صورة الإسلام التي تضررت من قبل (تنظيم الدولة) في نظر شعوب العالم بهذا السلوك المثالي".
علاوة على ذلك، فقد جعل الكثير من الناس مهتمين بالإسلام وحتى إنّهم اعتنقوا الإسلام.
لقد أدت مقاومة حماس الهادفة بإيمانها وشجاعتها إلى ثورة جديدة في الإنسانية وتجسيد للضمير العالمي".
ولهذا السبب ينظر إلى حماس على أنها عدو وتهديد يجب تدميره، فإن حماس بمقاومتها وحضورها الحاليين لا تشكل تهديدا لإسرائيل فحسب، بل أيضا للنظام الإمبريالي العالمي الذي يمسك بخيوط إسرائيل.
ولفت الكاتب التركي النظر إلى "الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم وامتنانهم لمعاملة حماس لهم، فقد كانت هناك المرأة اليهودية العجوز وتلك الفتاة اليهودية الشابة الذين كانوا ينظرون بمحبة إلى مجاهدي حماس".
وتساءل "فإذا كانت حماس معادية للسامية كما تزعم، أي إذا كانت معادية لكل يهودي لمجرد أنه يهودي، فهل ستعامل السجناء بهذه الطريقة؟ هل كان هؤلاء اليهود الذين تم تسليمهم إلى مسؤولي الصليب الأحمر سيعانقون جنود حماس بمحبة إذا تمت إساءة معاملة السجناء؟"
وتابع: "لو كانت حماس قد أساءت معاملة السجناء اليهود، ألم تكن الدولة الإسرائيلية ستجعلهم يتكلمون قبل أي شخص آخر؟ ألم يكونوا ليختاروا أن يعلنوا للعالم على شاشة التلفاز كيف تسيء حماس معاملة السجناء؟ "
واستدرك الكاتب: "لكن الواقع عكس ذلك، حيث تمنع إسرائيل هؤلاء السجناء، الذين هم من أتباع الديانات والمواطنين، من الكلام، لأنهم يعلمون أن هؤلاء السجناء سيخبرونهم كيف تعاملهم حماس معاملة إنسانية! كما روت المرأة اليهودية العجوز التي كانت أول من أُطلِقَ سراحه، لهذا السبب تفرض دولة الإرهاب الإسرائيلية حظرا على التعبير".
وقال متينار: "صحيح أن الإسلاموفوبيا في ازدياد، ولكن من غير الصحيح أن يتصاعد العداء للسامية، بالأحرى، فإن تعبير العداء المتصاعد للصهيونية على أنه عداء للسامية هو تصريح خاطئ".
وأوضح أن "العداء للسامية هو العداء لليهود، وليس لديه صلة بالصهيونية، حتى إذا كان لدى حماس عداء تجاه الصهيونية، فإنه ليس عداء تجاه اليهود بشكل عام".
لذلك فإن تفسير الاستجابة العالمية المتزايدة للدولة الإسرائيلية والصهيونية بأنها "ارتفاع في العداء للسامية" هو تفسير خاطئ ويعد نهجا يخدم مصالح إسرائيل بشكل غير عادل.
وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: "هناك غضب مبرر يتصاعد في العالم ضد الصهيونية وسياسات الاحتلال والإبادة الجماعية الإسرائيلية في شخص إسرائيل، لكن هذا الغضب ليس معاديا للسامية".
وشدد على أنه "من الضروري الجلوس والتحدث بشكل صحيح، وينبغي أيضا التخلي عن هذا الخطاب المعادي للسامية، لأن خطاب معاداة السامية يعمل كدرع لقمع الغضب ضد الاحتلال الإسرائيلي والإبادة الجماعية".